تحركات شباب لبنان من اجل اسقاط الطائفية تتصاعد

يتصاعد التحرك الذي اطلقته مجموعة شابية لبنانية عبر فيسبوك تحت عنوان "اسقاط النظام الطائفي" وانضمت اليه بعض هيئات المجتمع المدني، ليتحول الى تظاهرة شعبية.

بيروت: انطلقت صباح اليوم الاحد من ساحة ساسين في منطقة الاشرفية شرق العاصمة بيروت، مرورا بالمناطق التي شكلت خط تماس خلال الحرب الاهلية اللبنانية في العام 1975 ووصولا الى مبنى وزارة الداخلية اللبنانية في منطقة الصنائع غرب العاصمة.

ويكتسب التحرك تأييدا متزايدا في الاوساط الاجتماعية اللبنانبة على انواعها، حيث تميزت التظاهرة الاخيرة بوصول العدد الى ما يقارب الخمسة وعشرين الفا، وانضمت اليهم الكثير من الشخصيات الثقافية والفنية والاعلامية والسياسية، ولكن تحت علم واحد وهو العلم اللبنابي وعنوان بناء الدولة العلمانية الديمقراطية في لبنان.

وانطلقت التظاهرة على ايقاع اغاني الفنانين مارسيل خليفة وزياد الرحباني وفيروز وجوليا بطرس، والهتافات على ايقاع اغاني "الراب" واللافتات والشعارات التي تندد بالنظام الطائفي في لبنان الذي أفسد كل سيء ومنها "النظام الطائفي نظام عنصري " و "من اجل دولة ديمقراطية علمانية " و"لقحوا اولادكم ضد النظام الطائفي " ولافتة امتدت لامتار عدة كتب عليها "الشعب يريد اسقاط النظام الطائفي ".

يعترف احمد حوري القادم من بلدة العين في البقاع الشمالي بان الاكثرية الساحة من اللبنانين تؤيد القوى الطائفية، ولكن الاهم هي ارادة المقاومة للنظام الطائفي لدى المؤمنين بذلك، لانه اصبح سببا لتدمير لبنان كمجتمع ودولة، واعتبر بان ما يحصل هو اول خطوة على طريق "الثورة من اجل الغاء النظام الطائفي الفاسد في لبنان "وابدى حوري تفاؤله بالحركة التي انطلقت، لانها تزداد يوما بعد آخر، واعتبر ان سلمية التحرك هي اهم ضمانة لاستمراره وتطوره، ونزول المؤمنين بتغير هذا النظام الى التظاهرات الداعية لذلك دون تردد واصطحاب جميع افراد اسرهم.

ويلفت المدرس نوفل غرباوي الى انه اصبح من الضرورة ان يدرك الشعب البناني فساد هذا النظام الذي تسبب بالحروب الاهلية، واعاد رموزه التجديد لانفسهم والتحكم برقاب الناس، وقد تكرر النزول الى الشارع منذ 2005 تحت عناويين طائفية دون ان يتغير شيء، مما يعطي لهذا التحرك اهمية استثنائية، والمزيد من التأييد اسبوعيا، حيث تبقي الضمانة في الوصول الى تحقيق هدفه، المشاركة به دون اي خلفية طائفية او حزبية، بل بصفة شخصية، والتجرد من الانتماء الطائفي والمذهبي.

واعتبر غرباوي ان هناك تنوعا في هيئات المجتمع المدني الداعية للتحرك مع طغيان اللون اليساري للشباب الداعين اليه، وهو ما يميزهم عن العلمانيين واليساريين الاخرين الذين التحقوا بالقوى السياسية الطائقية، وباتوا مجرد ادوات وديكور لديها من اجل تحقيق بعض المكاسب المادية البسيطة، واذا ما استمر التحرك فانه سيعيدهم الى مواقعهم الوطنية والاجتماعية الاصلية.

واعتبر المحامي جاد رزق بان ما يحصل هو بداية تحرك لتحقيق التغيير الديمقراطي في لبنان الذي يعززه وعي بدا يتكون لدى الشعب اللبناني حول عقم النظام الطائفي، وضرورة الانتقال الى المجتمع الديمقراطي العلماني الذي يبدا باقرار قانون انتخاب خارج القيد الطائقي، وقانون مدني للاحوال الشخصية، واعتماد سياسات اقتصادية تاخذ بعين الاعتبار الاوضاع الحياتية للطبقات الفقيرة.

وتبدي انطوانيت التي تقطن في الاشرفية وهو الحي الذي انطلقت منه التظاهرة وصادف مرورها في المكان، بان البلد سيبقى كما هو، وتتمنى السفر خارج لبنان، وتستدل على عدم تحقيق اي نتيجة للتحرك، من خلال العدد المحدود للاشخاص المشاركين في التظاهرة، وتستعيد قصة حياتها وولادتها خلال الحرب الاهلية، وتجربة عائلتها التي عاشت الحرب، وتتساءل: لماذا لا يقومون بتخفيض الاسعار التي تزداد كل يوم؟ وتتمنى لو ان المتظاهرين يعطون الاولوية لهذه الهموم المعيشية التي يواجهها اللبنانيون، وجددت تاكيدها بان ما يحصل دون نتيجة.

ويقول زكريا (العامل في احد مطاعم الاشرفية) الذي تزامن مروره بالقرب من التظاهرة، بعد ان تم اقفال المطعم الذي يعمل به بسببها، عائدا الى منطقة الشياح، "ان الغاء الطائقية الان سيكون لمصلحة الشيعة الذين يمكنهم بسبب زيادة عددهم ووجود السلاح بيدهم من الاستلاء على الدولة"، وراى ان التظاهرة غير مجدية حاليا لان الاقليات الموجودة في لبنان ستدفع ثمن هذا الامر، واكد بانه لا بد من مسار طويل والسير خطوة خطوة نحو الغاء الطائفية، وخصوصا بعد ان يصبح السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها.

وتمنى بائع الجرائد الستيني ابو ياسر شقير لو ان عمله قد سمح له بالمشاركة في التظاهرة، ويتذكر تاريخه في احد التنظيمات اليسارية والدرس الذي تعلمه من تلك التجربة، وهو ان تحقيق اي هدف لا بد ان يتم الوصول اليه خطوة خطوة، وابدى تفاؤله بالوصول اى الغاء الطائقية، وان كان ذلك هدفا بعيد المنال، ولكنه ابدى المزيد من الامل بالوصول الى تحقق هذا الهدف دون الانتظار طوبلا، لان ما يميز العصر الراهن هو التطور الاجتماعي والسياسي الذي اصبح اسرع من السابق بكثير، نتيجة وجود الانترنت والاعلام الحديث الذي ينقل الحدث في نفس اللحظة الى اخر مكان في العالم، وخصوصا لان النظام الطائقي هو اشبه بثوب بال يجب رميه في سلة المهملات.

ويوزع النظام اللبناني السلطة بين الطوائف ويقوم على المحاصصة في الوزارات ووظائف الفئة الاولى، وهو نظام، وان كان يحفظ حقوق الاقليات، الا انه غالبا ما يشجع المحسوبيات والفساد ويغذي الازمات السياسية، بحسب خبراء.

ويرى خبراء ان معركة تغيير النظام الطائفي في لبنان، حتى وان اتسع نطاقها، لن تكون سهلة بسبب النظام المعقد الذي يضمن توازنا دقيقا بين الطوائف المسيحية والمسلمة ال18 في البلاد.