أخبار

تونس: حقوقيون يدعون لتجاوز إشكاليّة الدين والدولة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تونس: حاولت أطراف من المجتمع المدني في تونس في إطار ندوة دولية حول الإنتقال الديموقراطي في تونس تجاوز الخوض في القضايا الشائكة التي يدور الجدل حولها هذه الأيام في تونس وبينها مسألة علاقة الدين بالدولة، مركزين في توصياتهم على "الأولوية الدستورية للمعايير الدولية".

وشدد المشاركون في ندوة "الانتقال الديموقراطي في تونس" التي نظمت في العاصمة نهاية الاسبوع الماضي في أول توصياتهم على "الاولوية الدستورية للمعايير الدولية التي يجب ان تلقى تطبيقا مباشرا في التشريع الداخلي".

كما شددوا على "الاحترام المطلق لحرية الاعتقاد الامر الذي يقتضي استقلال المجال العام ازاء المعيار الديني دون ان يعني ذلك نكرانا لوجود الدين نفسه". وتعكس هذه التوصيات موقفا معروفا بين النخب العلمانية التونسية الحاضرة بقوة في جمعيات المجتمع المدني، يدعو الى فصل الدين عن الدولة وضرورة الانسجام مع المعايير الدولية لحقوق الانسان والغاء اي تمييز من اي نوع كان بين المواطنين تطبيقا للمعاهدات الدولية.

واكدت بعض هذه الاطراف بعد ثورة 14 كانون الثاني/يناير التي اطاحت بنظام زين العابدين بن علي، على ان يتم حذف الاشارة الى دين الدولة في الدستور الجديد الذي ستتم صياغته من قبل المجلس الوطني التاسيسي بعد انتخابه في 24 تموز/يوليو 2011.

وينص الفصل الاول من دستور تونس لعام 1959 على ان "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الاسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها". واوضحت الناشطة الحقوقية التونسية خديجة الشريف والمسؤولة في الفدرالية الدولية لحقوق الانسان خلال مؤتمر صحافي الاثنين عرضت فيه توصيات الندوة الدولية "تناولنا في احدى ورشات عمل الندوة موضوع العلمانية الحساس وقلنا انها لا تعني ان نكون ضد الدين وانما فصل الدين عن الدولة او فصل الدين عن السياسة".

واضافت ان "الخلاصة التي خرجنا بها ليست ملزمة ولكنها هامة، وصلنا الى خلاصة هامة وهي انه لا يجب المساس بالفصل الاول من الدستور وكان هذا موقف تبنته حتى بعض الاطراف التي كانت ترى سابقا انه لا يجب ان يتضمن هذا الفصل الاشارة الى الدين".

واضافت "بيد ان هناك اقتراحات اخرى خصوصا حول (حقوق) المراة وعلاقتها بالدين تصب في كيفية تعزيز هذا الفصل من الدستور ليكون واضحا اكثر"، لكنها لم تعط تفاصيل اضافية بهذا الشأن.

وتابعت الشريف "اردنا اثارة هذا الموضوع على حساسيته خصوصا بعد خروج تظاهرات عفوية بعد ثورة 14 كانون الثاني/يناير تطالب بالعلمانية" مشيرة الى انه "كان يقال لنا ان العلمانية تعني الالحاد وهذا غير صحيح بالمرة ونحن لا نريد ان نخوض اكثر في هذا الموضوع لانه قد يقسمنا ونخير ان نتوحد من اجل المضي في البناء الديموقراطي حتى يتمكن المجلس التأسيسي من صياغة دستور جديد نريد ان ياخذ في الاعتبار النقاشات التي تثور في المجتمع للتوصل الى حل يرضي الجميع".

واكدت سناء بن عاشور رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات من جانبها ان قضية علاقة الدين بالدولة "كلمة حق اريد بها باطل من الطرفين، ممن يتمسك بالدولة الدينية ومن يتمسك بالعلمانية، هناك نوع من التعصب جعل البعض خصوصا الشباب ليس لديهم فهم صحيح لهذه الفكرة القائمة على فصل الدين عن المجال السياسي او مجال الدولة ومهما كانت المصطلحات المستخدمة فانه من الواضح لدي ان العلمانية ليست معادية للانتماء الديني".

واضافت "الاشكال اليوم هو ان الدولة هي التي تهمين على الدين، وانا اريد ان يقع انهاء هيمنة الدولة على الدين او هيمنة الدين على الدولة وهذا يتماشى مع الديموقراطية التي تتطلب حدا ادنى لا يمكن النزول تحته اذا اردنا الوصول الى الديموقراطية (..) ودولة القانون واحترام الحريات والمساواة للجميع وبين الجميع". وحرصت بن عاشور على التاكيد ان "هناك ارضية تسمح لنا ان نستمر باريحية حتى وان كنا لا نملك نفس التوجهات، هناك تنافس ديموقراطي".

وتشهد تونس الرائدة عربيا واسلاميا في مجال حقوق المراة والمعروفة بتياراتها الاصلاحية الضاربة في القدم وبانها بلد اول دستور في العالم العربي والاسلامي (1861)، جدلا واسعا حول كيفية بناء مؤسسات جديدة للدولة تلبي طموحات ثورة شعبها. ولا تخفي الاوساط العلمانية فيها مخاوفها من ان يؤدي الحراك الديموقراطي الى هيمنة افكار ماضوية تلغي مكاسب تحققت في تونس منذ اكثر من نصف قرن.

وكان رئيس الوزراء التونسي المؤقت الباجي قائد السبسي اكد الاسبوع الماضي ان "شعبنا كافح طويلا من اجل الاستقلال وبنى دولة تونسية عصرية يؤكد دستورها ان تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة الجمهورية نظامها والعربية لغتها والاسلام دينها. هذا بالنسبة لي لا محيد عنه وخط احمر لا يقبل زيادة ولا نقصانا" مضيفا ان "تحرير المراة التونسية مكسب لا رجوع عنه".

من جهة اخرى اعرب المشاركون في الندوة الدولية التي نظمتها الشبكة الاوروبية المتوسطية لحقوق الانسان والفدرالية الدولية لحقوق الانسان عن تضامنهم مع الانتفاضات الشعبية التي يشهدها عدد من الدول العربية وادانتهم لتصدي الانظمة لها، ودعوا المؤسسات الدولية الى رصد "جرائم قمع" هذه الاحتجاجات.

وتناولت الندوة التي تبعتها ورشات عمل حول حاجات المجتمع المدني التونسي، محاور بينها بالخصوص مراحل التحولات الديموقراطية على الصعيد الدولي واطار التحول الديموقراطي في تونس.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف