جدل في تونس حول القانون الأنسب لانتخاب المجلس التأسيسي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
طفا على سطح الأحداث السياسية في تونس مؤخرا جدل يتعلق بالقانون الانتخابي الخاص والنظام الذي سيقع اعتماده لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي المقرر في الرابع والعشرين من تموز المقبل لتتسع رقعة الاختلاف حول النظام الأنسب لانتخاب هذا المجلس الذي سيضطلع بمهمة سنّ دستور جديد.
تونس: كان من المقرر أن تعد ما يعرف بـ"الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي" في تونس، قانونا انتخابيا خاصا بانتخابات المجلس التأسيسي قبل نهاية آذار/مارس الحالي غير أنها لم تتقدم إلى الآن سوى بمقترح لمشروع القانون المنظم لهذه الاستحقاقات الانتخابية يتكون من 70 فصلا، ويقدم مشروع هذا النص التشريعي طريقتين للانتخاب، الأولى عن طريق الاقتراع على الأفراد، والثانية تتمثل في الاقتراع على القائمات وفق قاعدة النسبية مما أثار جدلا يتعلق بالنظام الانتخابي الذي سيقع اعتماده.
وفي نفس السياق أعدّت مجموعة من فقهاء القانون الدستوري في تونس مشروع قانون يبلور عملية إجراء الانتخابات المقبلة، والنظام الانتخابي الممكن اعتماده خلال انتخابات المجلس التأسيسي في ضوء النقاشات المطروحة حاليا بخصوص هذا الموضوع.
ويطرح مشروع هذا القانون الذي نشر عبر وسائل إعلام محلية وتم تقديمه وتوضيحه خلال ندوة حضرتها (إيلاف) ونظمها "مركز تونس للدارسات الاستشرافية" الذي أسسه ثلة من الأكاديميين، صيغة الاقتراع على الأفراد.
ويؤكد مقترحو هذا القانون ان تلك الصيغة هي الأنسب لتونس في هذه المرحلة، والأكثر جدوى وتمثيلية للتونسيين بعد ثورتهم التي لم تقدها زعامات أو أحزاب والذي عارضه (مشروع هذا القانون) سياسيون بشدة.
وقال قيس سعيّد، أستاذ القانون الدستوري في الجامعة التونسية، ومتخصص في النظام الانتخابي وأحد معدّي هذا القانون لـ(إيلاف): "هناك عديد الأسباب التي تدفعنا للدعوة لاعتماد الاقتراع على الأفراد، فالثورة لم تكن وراءها أي قيادة أو حزب سياسي كما أن هذا النظام الانتخابي سيمكن الأحزاب السياسية الصغيرة من المشاركة في الانتخابات بكامل الدوائر الانتخابية مثلما هو الحال بالنسبة للمستقلين وهذا الأمر سينتفي في صورة الاقتراع على القائمات لأنه يقتضي تشكيل قائمات تحتوي على عدد من المترشحين يساوي عدد المقاعد المتنافس عليها وهنا لن يتمكن المستقلون وبعض الأحزاب من تشكيل قائمات في كل الدوائر الانتخابية".
وتابع المختص في النظام الانتخابي قائلا:" الاقتراع على الأفراد يقتضي أن تكون الدوائر الانتخابية ضيقة مما يمكن الناخب من معرفة المرشح ومسائلته ويمكن أيضا محاسبته خلال الفترة النيابية عكس الاقتراع على القائمات الذي يستوجب أن تكون الدائرة الانتخابية على مستوى محافظة في اغلب الأحيان إضافة لكونه يؤدي إلى هيمنة الأحزاب الكبرى على المشهد السياسي وهو ما يتنافى مع أهداف الثورة إضافة إلى مصادرة حق الناخب في اختيار مرشحيه دون أن يكونوا بالضرورة منتمين لأي تيار أو حزب سياسي".
وشدد سعيّد على أن المرحلة الحالية تقتضي أن يكون الاقتراع على الأفراد خاصة أن التونسيين لا يعرفون أغلب الأحزاب ولا يثقون فيها، وكذالك لتلافي عودة الرموز الموجودة في السابق في حالة تحالف الأحزاب إثر الانتخابات، وان الاقتراع على القائمات في ظل الأوضاع القائمة في تونس سيؤدي فضلا عن إقصاء المستقلين إلى تحالفات لن تظهر حقيقتها إلا حين يظهر النواب الجدد بألوان مختلفة في البداية ولكن تحت عباءة واحدة بعد أن تقاطعت المصالح.
وخلال لقاء مع (إيلاف)، قال منجي اللوز عضو المكتب السياسي بالحزب الديمقراطي التقدمي وممثله في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي:" نحن في الحزب الديمقراطي التقدمي ندعم مبدأ اعتماد التمثيلية النسبية في انتخابات المجلس التأسيسي لأنه السبيل الأضمن لتواجد جميع الأحزاب في هذا المجلس والديمقراطية الحقيقية لا تبنى إلا بوجود الأحزاب السياسية وبالنسبة للمستقلين الراغبين في الترشح بإمكانهم التحالف فيما بينهم وتشكيل قائمات أو بعث حزب سياسي يضمهم".
وأكد اللوز أن الاقتراع على الأفراد سيفتح المجال لتحكم رؤوس الأموال والأشخاص النافذين ببعض المناطق والمحافظات في تونس وتفتيت وحدة التونسيين".
وفي نفس السياق أكد محمد الكيلاني رئيس الهيئة التأسيسية للحزب الاشتراكي اليساري خلال إفادته لـ(إيلاف) أن النظام الانتخابي القائم على الأفراد سيضرب المجتمع السياسي، ويقضي على إمكانية تألفه في مقابل الاقتراع على القائمات والتمثيل النسبي الذي سيمكن كل الأحزاب والتشكيلات السياسية من التواجد داخل المجلس التأسيسي بتمثيلية أوسع وأشمل".
وأضاف الكيلاني:" التمثيل النسبي هو الأضمن والأكثر ملائمة لديمقراطية ناشئة ونحن خلال هذه المرحلة في حاجة لتشكيل المجتمع السياسي والمدني ومع كامل احترامي لأساتذة القانون الدستوري هم غير متمكنون من الشأن السياسي إضافة إلى أنه لا يمكن الحديث على مجتمع مدني وديمقراطية دون أحزاب سياسية، فالديمقراطية لا تبنى على الأفراد أو أشخاص والاقتراع على الأفراد سيقضي على آمال نشأة مجتمع سياسي ومدني بالمفهوم المعاصر والعلمي في تونس".
ودعا دعا "حزب العمال الشيوعي" في أول مؤتمر صحافي له بعد حصوله على ترخيص قانونيّ اثر ربع قرن من الحظر، إلى تأجيل موعد انتخاب المجلس التأسيسي إلى أكتوبر/تشرين الأول.
وأكدت دراسة قام مكتب الإحصاء التونسي "ميديا سكان" أن 37% من التونسيين فقط ملمّون بالمهمة الموكلة للمجلس التأسيسي والمتمثلة في إعداد دستور جديد للبلاد.
وأعلن الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع في وقت سابق أن مهامه والحكومة المؤقتة المكلفة بتسيير دواليب الدولة تنتهي فور مباشرة المجلس التأسيسي المقرر انتخابه في 24 جويلية / تموز المقبل لأعماله.
الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة توسع تركيبتها وتبدأ بحث الملفات الحساسة
اجتمعت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي السبت للاتفاق على توسيع تركيبتها تعزيزا لتمثيليتها، وبدأت مناقشة الملفات الحساسة التي تركزت خصوصا على مواصفات الهيئة التي ستشرف على انتخابات المجلس التأسيسي في 24 تموز/يوليو، بحسب مشاركين في الاجتماع.
وبين أهم هذه الملفات المتعلقة بالهيئة الانتخابية حياد الإدارة وأعضاء الهيئة وأيضا تحييد دور العبادة لجعلها بعيدة عن الدعاية الحزبية.
وبعكس الاجتماعات الصاخبة السابقة فان اجتماع السبت "كان هادئا والمداخلات كانت رصينة ومسؤولة والكل عبر عن رأيه" بحسب كمال الجندوبي رئيس الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان العضو في الهيئة التي تعد ابرز هيئات الانتقال الديمقراطي في تونس بعد الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي.
وكانت تركيبة الهيئة مثار جدل في الجلسات السابقة ويبدو ان الامور تتجه نحو الحلحلة بهذا الشأن بعد ارتسام توافق على توسيع تركيبة الهيئة وتعزيز صفتها التمثيلية.
وكان عياض بن عاشور رئيس الهيئة أعلن في تصريحات للصحافيين على هامش الاجتماع انه "تلافيا للاتهامات بالإقصاء سيتم توسيع تركيبة الهيئة من 71 عضو حاليا إلى نحو 130 بهدف تمثيل أوسع للأحزاب السياسية والجهات والشخصيات الوطنية".
واقر بأنه "كان هناك إقصاء لكنه غير متعمد والكل يخطئ والعبرة بمراجعة الخطأ".
وأوضح انه "سيتم توسيع تمثيل الأحزاب ليزداد عدد الأحزاب الممثلة في الهيئة وعدد ممثليها من واحد إلى ثلاثة" مشيرا إلى ضرورة ان تكون جميع القوى ممثلة "من إسلاميين ويساريين وقوميين عرب".
كما سيتم توسيع تمثيل المنظمات وخصوصا الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) وعمادة المحامين لتمثل كل منها بأربعة مندوبين.
وسيتم تمثيل الجهات ب24 ممثلا أي بواقع ممثل عن كل ولاية "بعد ان يقترح الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أسماء على الهيئة العليا بالتنسيق مع مجالس حماية الثورة في الجهات".
وفي السياق ذاته ستتم مراجعة لائحة الشخصيات الوطنية المستقلة في الهيئة "زيادة ونقصانا" خصوصا بهدف "استبعاد من كان دعا إلى مساندة ترشح (الرئيس المخلوع) زين العابدين بن علي لانتخابات 2014".
واكد بن عاشور انه "تم الاتفاق بالتوازي مع ذلك على أن تستمر الهيئة في عملها ولا تبت في شيء نهائي الا بعد اكتمال تركيبتها".
من جهته قال نور الدين البحيري ممثل حركة النهضة الإسلامية في تصريح لوكالة فرانس برس ان "رئيس الهيئة وبالتنسيق مع رئاسة الوزراء، بصدد ضبط التركيبة النهائية للهيئة حذفا وإضافة وبانتظار الإعلان عن التركيبة النهائية نتفاعل ايجابيا ونشارك بملاحظاتنا".
وأضاف أن النقاش تركز في جلسة السبت على مشروع الهيئة العليا للانتخابات التي ستشرف على انتخاب المجلس التأسيسي.
وأوضح ان حزبه قدم في هذا السياق ملاحظات على المشروع المقترح "وتحفظات بشأن التمويل الأجنبي للهيئة الانتخابية باعتبار ان ذلك يشكل مساسا بسيادة الدولة، وكل مساهمة اجنبية يجب ان تكون عن طريق الدولة. كما تحفظت النهضة على عدم التنصيص على ضرورة ان يكون اعضاء الهيئة الانتخابية من حملة الجنسية التونسية دون سواها"، على حد قوله.
كما دعت النهضة الى "منع كل من مارس مسؤوليات سياسية وادارية في السنوات الخمس الأخيرة من عضوية الهيئة الانتخابية، والى السعي لان تكون الهيئة محل ثقة الجميع وتختار من أعضاء هيئات محترمة على غرار عمادة المحامين مثلا".
وقال عدد من المشاركين ان النقاش طال أيضا "تحييد المساجد" وجعلها بمنأى عن النشاط السياسي والدعاية الانتخابية ما يعكس مخاوف من استخدام الإسلاميين المساجد للدعاية لهم.
ولاحظ البحيري في هذا السياق انه "يجب تحييد الإدارة، اما تحييد اماكن العبادة فهذا سنناقشه مع البت في القانون الانتخابي للمجلس التأسيسي" بيد انه اضاف "سبق واكدنا ان أماكن العبادة يجب ان تخصص لما اعدت له فقط اما الأحزاب فان مكان نشاطها هو مقراتها والاماكن العامة الاخرى وليس المساجد او غيرها من دور العبادة".
وقدم بن عاشور في مستهل الجلسة عرضا عن مشروع القانون الانتخابي الخاص بانتخابات المجلس التأسيسي المقررة في 24 تموز/يوليو المقبل حيث قدم الذي عرض على الهيئة للبت في النظام الانتخابي : على الافراد او القائمات مع النسبية.
وسيكلف المجلس التأسيسي خصوصا بوضع دستور جديد ل "الجمهورية الثانية" في تاريخ تونس المستقلة ليحل محل دستور سنة 1959 مضيفا انه "سيتم الانتهاء من ذلك في نهاية آذار/مارس او بداية نيسان/ابريل على اقصى تقدير".
وكانت السلطات الانتقالية في تونس أعلنت أن هذا القانون سيصدر قبل نهاية آذار/مارس.
وتعقد الهيئة العليا جلستها القادمة الثلاثاء المقبل.