أخبار

طبول الحرب الأهلية تقرع متعالية في جنوب السودان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يقترب موعد انفصال جنوب السودان وإعلانه دولة مستقلة، في ظل طبول الحرب التي تقرع منذ أسابيع، حين اندلاع المعارك بين حكومة الجنوب وخصومها من الميليشيات ما تسبب بمقتل المئات. ويتهم الجنوب السلطة في الشمال بالتآمر لإسقاطها. جنود تابعون لحكومة الجنوب خلال المعارك الدائرة
تزداد المخاوف من أن تكون ولادة دولة جنوب السودان ولادة عسيرة مضرّجة بالدم بسبب المعارك المستمرة منذ أسابيع بين حكومة الجنوب وخصومها. وقُتل مئات في المواجهات بين سلطات جنوب السودان والميليشيات المتمردة. وأفادت تقارير أن خمس جماعات متمردة في ولايات الجنوب العشر إتحدت تحت اسم الحركة الديمقراطية لجنوب السودان، وقيادة واحدة بزعامة جورج اطور.
وقال اطور في اتصال مع مجلة تايم من مكان مجهول "من الضروري أن يعرف العالم مَنْ نحن" مؤكداً أن برنامج الحركة الجديد سيُعلن قريباً.
ويشير مراقبون إلى أن أهداف اطور وأتباعه معروفة حتى قبل نشر البرنامج. وكان اطور انشق العام الماضي عن الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب، حيث تولى منصب نائب قائد الجيش الشعبي لتحرير السودان جناحها العسكري. وانسحب مع رجاله إلى الأحراش بعد فشله في انتخابات محافظي الولايات.
وفي شباط ـ فبراير الماضي قُتل أكثر من 200 شخص غالبيتهم مدنيون في هجوم شنته قواته على قرية جنوب شرقي جنوب السودان. ومن بين أعوانه زعماء حرب باعوا خدماتهم في السابق لحكومة الخرطوم ضد الجنوبيين، وقاموا بإخلاء القرى القريبة من حقول النفط. ومن المتوقع أن يكون تحالفهم مع اطور فضفافاً ورخواً مثل ولاءاتهم المصلحية السابقة.
الإستفتاء يقسم الجنوبيين
حين صوّت الجنوب بأغلبية ساحقة في كانون الثاني ـ يناير لصالح الاستقلال عن الشمال راودت غالبية الجنوبيين آمال بفتح صفحة جديدة بعد عقود من الحرب. وسيكون إعلان الاستقلال المقرر في تموز ـ يوليو المقبل ذروة اتفاق السلام الشامل الذي توصل إليه الفرقاء عام 2005 بدعم من الولايات المتحدة لإنهاء نصف قرن من النزاع بين الشمال والجنوب. ولكن فرحة الاستقلال بعد استفتاء كانون الثاني ـ يناير لم تدم طويلاً بل كان الإستفتاء إيذاناً ببدء جولة جديدة من أعمال القتل بين الجنوبيين أنفسهم هذه المرة، بعدما استيقظ زعماء الحرب من سباتهم وظهر معارضون جدد تعاظمت قوتهم.
لكن الانتهازية ليست وحدها دافع المتمردين الجنوبيين على حكومة الجنوب. وإذا أرادت هذه الحكومة ان تحقق السلام حقا فعليها ان تعالج عددا من الانقسامات العميقة. وفي مقدمة هذه الانقسامات هيمنة قبيلة الدنكا أكبر قبائل الجنوب على السلطة.
ونقلت مجلة تايم عن القائد العسكري بابيني مونيتويل الذي انضم إلى قوات اطور هذا الشهر انه انضم إلى جيش الخرطوم بعد إتفاق 2005 بدلا من الجيش الشعبي لتحرير السودان لأنه من قبيلة النوير. واضاف "ان كل شيء في الجنوب تحت سيطرة الدنكا" مؤكدا ان الدنكا لا تريد مشاركة النوير في السلطة.
ويرد زعماء الدنكا ان رجالا من النوير يتولون مناصب مهمة في الجيش الشعبي لتحرير السودان وحكومة الجنوب على السواء. ولكن عندما قرر رئيس جنوب السودان سيلفا كير الذي ينتمي إلى الدنكا تشكيل لجنة لمراجعة الدستور في شباط ـ فبراير كان 15 من اعضائها الـ 24 ينتمون إلى قبيلته. وما يزيد العداوة مرارة تفشي الفساد في أجهزة الحكم ومصادرة الاراضي. واشار الجنرال مونيتويل في حديثه إلى مجلة تايم إلى غياب التنمية في الجنوب منذ عام 2005 رغم مئات ملايين الدولارت من المساعدات ومليارات اخرى تلقتها حكومة الجنوب من عائدات النفط. ولفت جون تمين مدير برنامج السودان في معهد السلام الاميركي إلى ان "المظالم القديمة والجماعات المسلحة السابقة عادت إلى السطح بعد الاستفتاء".
جنوبيون "عملاء" للشمال
يتهم الجيش الشعبي لتحرير السودان المتمردين الجنوبيين بالعمالة للشمال. وفي 12 آذار ـ مارس قرر الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باغان اموم تعليق المحادثات مع الخرطوم بشأن الانفصال في الصيف متهما حكومة الرئيس عمر حسن البشير بالسعي إلى إسقاط حكومة الجنوب. لكنه عندما قدم وثائق على دعم الشمال لحركة اطور رفضها خبراء مستقلون بوصفها تزويراً مفضوحاً. ولا تنكر الخرطوم من جهتها سعيها في الماضي إلى إضعاف حكومة الجنوب. ولكن عضو وفد المؤتمر الوطني الحاكم إلى المفاوضات الدرديري محمد احمد قال لمجلة تايم ان ما فعلته الخرطوم ليس اسوأ من دعم الجنوب لمتمردي دارفور في الغرب. ودعا إلى وقف هذه المناورات وفتح صفحة جديدة.
ويؤكد خبراء ان القضية الأساسية تبدو انقسامات بين الجنوبيين انفسهم وليس دعم الشمال لأي جماعة متمردة في الجنوب. وقالت كارول بيرغر الخبيرة المختصة بدراسة الجيش الشعبي لتحرير السودان والعسكرة ان عدد المنخرطين في صفوف حركة اطور وحلفائه آخذ في التزايد، وان اعمال العنف التي تنتشر في مناطق عديدة من الجنوب هي بالأساس نتيجة صراعات داخل الجيش الشعبي لتحرير السودان نفسه.قبل اشهر قليلة بدا انفصال الجنوب سلميا من الانتصارات الدبلوماسية النادرة في افريقيا. والآن إذ يقترب موعد الانفصال في 9 تموز ـ يوليو يبدو من المرجح ان تكون الاحتفالات اقرب إلى المأتم. ومن الخرطوم التي انتقل اليها الجنرال مونيتويل يقرع القائد العسكري الجنوبي المتمرد طبول الحرب معلنا "اننا نتعامل مع مشاكلنا الآن بعد ان انتهى الاستفتاء".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف