أخبار

تقرير حقوقيّ مصريّ يرصد تزايد الإحتقان الطائفي والمذهبي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان تقريره السنوي تحت عنوان "جذور الثورة" كاشفا عن العديد من الانتهاكات التي تحصل في دول عربية، الإحتجاجات السلمية في البحرين
القاهرة: قال التقرير السنوي لمركز القاهرة لحقوق الإنسان أن وضعية حقوق الإنسان في البلدان العربية ظلت تعاني من تدهور هائل، سواء في البلدان التي تنعم ظاهريا بدرجات من الاستقرار السياسي أو التي تعيش تحت وطأة النزاعات المسلحة مثل العراق واليمن والسودان، أو في ظل الاحتلال والانقسام السياسي الحاد، كما في الحالة الفلسطينية، أو في ظل الوضع الفريد لازدواج السلطة كما في لبنان.
وسجل التقرير الذي أعلن ظهر الثلاثاء في مقر المركز، إستمرار الإفتقار إلى الإرادة السياسية لدى نظم الحكم المختلفة في النهوض بأوضاع حقوق الإنسان في بلادها، وهو ما يعبر عنه بشكل خاص جمود التطورات على مستوى التشريع، بل وإتجاه غالبية التدابير التشريعية ذات الصلة إلى المزيد من تقييد حقوق الإنسان والحريات العامة، فضلا عن استمرار النهج السلطوي في تأمين الحصانة، والإفلات من العقاب على الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، خصوصاً عبر اعمال للقتل خارج نطاق القانون والإختطاف والإختفاء القسري والإعتقال التعسفي والتعذيب.
ولاحظ التقرير تزايد حدة الإحتقان الطائفي والمذهبي في عدد من البلدان، خصوصاً في البحرين والسعودية ومصر، بصورة تنذر بتزايد معدلات العنف، في ظل سياسات تكرس التمييز والإقصاء للأقليات، وتتنافى مع مسؤوليات هذه الدول في حماية حقوق الأقليات والحريات الدينية.
كما سجل التقرير استمرار التراجع في وضعية حقوق الإنسان، حتى في بلدان كانت مرشحة قبل بضع سنوات لإحداث بعض الإصلاحات، مثل المغرب والبحرين، وهو الأمر الذي لا يبدو منفصلا عن تراجع قوة الدفع على المستوى الدولي باتجاه المقرطة في المنطقة العربية، وأيضا إتجاه الأطراف الدولية ذات القدرة على التأثير كالولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي بصورة متزايدة إلى تغليب اعتبارات المصالح النفعية على حساب اعتبارات حماية حقوق الإنسان والدفع باتجاه الديمقراطية.
وأشار التقرير إلى أن الانتخابات العامة في العالم العربي ظلت تمثل تجسيدا للإخفاق المزمن وغياب الإرادة السياسية اللازمة لتطبيق التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة.
وقال التقرير أن أبرز ملامح التدهور في وضعية حقوق الإنسان خلال الفترة من أيلول سبتمبر 2009 حتى منتصف كانون الأول ديسمبر 2010 تمثلت في ظل السلطات في غالبية البلدان العربية متمسكة ببنية قانونية قمعية، تصادر الحريات الأساسية، وتؤمن احتكار السلطة والتلاعب بإرادة الناخبين في انتخابات يفترض أن تجري بحرية، حيث جاءت غالبية التطورات في هذا السياق تدفع بنصوص تشريعية أكثر إنتقاصاً لحقوق الإنسان، لافتاً إلى أن حالات الطوارئ الاستثنائية والمعلنة ظلت سارية في كل من سوريا والجزائر وشمال السودان وإقليم دارفور، بينما جددت الحكومة المصرية سريان حالة الطوارئ لعامين إضافيين.
من جهته قال الدكتور بهي الدين حسين رئيس المركز لـ"إيلاف" ان التقرير يأتي راصدا لكل المراحل التي مرت بها المنطقة العربية خلال فترة الرصد، مشيرا إلى ان الجهات التي تعاونت مع مركز القاهرة في إعداد التقرير تأكدت من كل البيانات والمعلومات الواردة فيه وبدقة. وأكد على أن تراجع الاهتمام بأوضاع حقوق الإنسان لعب دوراً هاماً في الثورات التي تشهدها المنطقة العربية راهناً، مؤكدا على أن هذا التراجع صاحبه زيادة الغضب الشعبي نتيجة تزييف الإرادة السياسية في الانتخابات التي جرت في مختلف الدول التي رصدها التقرير.
البحرين.. صمت تجاه الإنتهاكات
عن البحرين قال التقرير أن المملكة اتخذت التدابير التشريعية اللازمة لتأسيس هيئة وطنية لحقوق الإنسان، لكن الهيئة تظل محلاً للإنتقادات التي تطعن في استقلاليتها، وخاصة بالنظر إلى طبيعة تشكيلها ذي الطابع الحكومي، فضلا عن صمتها تجاه الانتهاكات التي تشهدها المملكة بصورة متزايدة.
وأشار إلى أن السلطات استبقت إجراء الانتخابات النيابية بحملة اعتقالات واسعة النطاق، استهدفت معارضيها السياسيين، ومنعت في ظلها نشرات لجمعيات سياسية. وطالت إجراءات الإعتقال مدونين، كما أغلق المزيد من المواقع الإلكترونية فضلا عن استهدف مرسومان تشريعان إحكام القبضة على وسائط الإعلام الإلكتروني.
وأشار التقرير إلى أن المدافعون عن حقوق الإنسان أصبحوا هدفا لصور شتى من القمع، شملت اعتقال العديد منهم وتعرضهم للتعذيب، وتزايد الحملات الأمنية والإعلامية التي تستهدف التشهير بالمدافعين عن حقوق الإنسان، وتسعى إلى وصمهم بدعم الإرهاب. فضلا عن قيام السلطات بحل مجلس إدارة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان التي كان ينظر إليها باعتبارها المنظمة المستقلة الوحيدة المعترف بها قانونا. وتحت وطأة القمع الراهن اضطرت اثنتان من المنظمات الحقوقية المستقلة إلى نقل مكاتبهما إلى أوروبا.
وقال التقرير أن السلطات البحرينية استمرت في سياسة التمييز والتهميش المنهجي بحق السكان الشيعة في البحرين، رغم أنهم يمثلون نحو 70% من مجمل السكان، الأمر الذي زاد من حدة التوترات والمصادمات مع أجهزة الأمن في المناطق الشيعية، وبات من الواضح أن القمع الأمني المتزايد لاحتجاجات الشيعة، واستخدام الرصاص الحي وطلقات "الشوزن" في التصدي لهذه الاحتجاجات. وأشار إلى أن القمع الأمني يدفع تدريجيا إلى تنامي ممارسات العنف المضاد، فيما حاولت السلطات توظيف بعض مظاهر العنف المضاد، بشن حملة واسعة النطاق استهدفت بالاعتقال والتعذيب رموزا بارزة من المعارضة الشيعية، وإحالتهم إلى المحاكمة بدعاوى تشكيل تنظيم إرهابي، وذلك قبل وقت قليل من إجراء الانتخابات البرلمانية.
ولفت التقرير إلى أن السلطات وظفت قانونها لمكافحة الإرهاب في اعتقالات واسعة النطاق، طالت مئات الأشخاص وشملت معارضين سياسيين معروفين بنهجهم السلمي وعددا من المدونين ومدافعي حقوق الإنسان، وقد تعرض بعضهم لتعذيب شديد، وأحيل 23 منهم إلى المحاكمة.
وأوضح أن السلطات البحرينية استبقت إجراء الانتخابات البرلمانية بشن أشرس حملة قمعية، طالت المئات من المعارضين في أوساط الشيعة والتيار الليبرالي، وعددا من مدافعي حقوق الإنسان، واستخدمت قانون مكافحة الإرهاب في تقديم بعضهم لمحاكمة جائرة، في التوقيت ذاته الذي جرت فيه الانتخابات. وجاءت هذه الحملة مكملة لترتيبات أخرى أهمها "التجنيس السياسي"، وذلك لزيادة وزن الطائفة السنية في قوام الهيئة الناخبة، لقطع الطريق على احتمالات تمثيل الشيعة في البرلمان بنسبة تتسق مع كونهم يشكلون غالبية السكان في البلاد. كما عمدت الحكومة إلى تقسيم الدوائر الانتخابية وفقا لإعتبارات سياسية ترمي لتحقيق الهدف ذاته، مشيرا إلى أن المناخ القمعي أفضى إلى تراجع نسب المشاركة في التصويت، بما في ذلك لدى الأوساط الشيعية ومن ثم فقد نجحت السلطات في ألا يتجاوز الشيعة 45% فقط من مقاعد البرلمان.
السعودية.. تمييز بحق الشيعة الإحتجاجات في المناطق الشيعية تضامناً مع جيرانهم السعوديين في السعودية رصد التقرير تواصل سياسات مماثلة للتمييز المنهجي بحق الشيعة في المملكة مشيرا إلى أن عام 2010 شهد مزيدا من أعمال التوقيف والمداهمات، ضد منافذ التعبير العلني للشيعة.
وقال التقرير أن الممارسة أظهرت نزوعا متزايدا لحرمان أبناء الطائفية الشيعية من حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية وإظهار عقيدتهم، حيث واصلت وزارة الداخلية إغلاق العديد من المساجد التي تخص الشيعة في المنطقة الشرقية، متذرعة باعتبارات أمنية ومذهبية لم تفصح عنها. وطالت اعتقالات عددا من الشيعة على خلفية رعايتهم للشعائر الحسينية وإقامتهم صلاة الجماعة في منازلهم.
سوريا.. طليعة قامعي الناشطين
قال التقرير أن سوريا حافظت على موقعها الأمامي في قمع المدافعين عن حقوق الإنسان، وطالت محاكمات تفتقر لمعايير العدالة عددا كبيرا من النشطاء الحقوقيين، وكان أشدها وطأة عقوبات بالسجن لمدة ثلاث سنوات بحق إثنين من أبرز مدافعي حقوق الإنسان في سوريا، بينما ظل الغموض يحيط بمصير الحقوقي البارز نزار رسنتناوي، وتزايدت المخاوف حول احتمالات أن يكون قد لقي مصرعه داخل محبسه في سجن صيدنايا، إبان المذبحة التي جرت قبل نحو ثلاثة أعوام داخل السجن. ورصد التقرير تواصل حرمان المنظمات الحقوقية من المشروعية القانونية، مثلما تواصلت إجراءات المنع من السفر بحق عدد واسع من قيادات وأعضاء هذه المنظمات.
وجاء في التقرير أن سوريا حافظتت على موقفها العدواني الذي لا يعرف أدنى تسامح مع حريات التعبير وظلت الترسانة القانونية المعادية لحرية التعبير، كفيلة بملاحقة وسجن الصحافيين والنشطاء السياسيين حيث منعت توزيع عدد من الصحف والدوريات، وواصلت إجراءاتها في مصادرة المطبوعات، وحجب المواقع الإلكترونية على نطاق واسع.
ولفت إلى تزايد الشكوك في سوريا تجاه تزايد حالات الوفاة بين المجندين الأكراد، والتي تعزوها السلطات إلى الإنتحار أو الحوادث، في حين ترجح مصادر حقوقية وبعض عائلات الضحايا، أنه نتيجة لعمليات قتل متعمدة من جانب الحكومة، والتي لا تقيم اعتبارا للمطالب المتزايدة بإجراء تحقيق نزيه في هذه الحالات، والتي بلغت خلال عام 2009 وحده ما لا يقل عن 18 كرديا.
لبنان..ضغوط على الإعلاميين
وفي لبنان قال التقرير أنه بدا واضحا تصاعد نزعة عدم التسامح مع الكتابات الناقدة للجيش أو لسلطات الحكم أو لرئيس الجمهورية، عبر عنها عدد من الملاحقات القضائية بحق صحافيين ومدونين، ودخول أجهزة الاستخبارات إلى جانب أجهزة الأمن في ممارسة الضغوط على الصحافيين وعلى الإبداع والأنشطة الثقافية، مشيرا إلى أن الحكومة اللبنانية تسعى إلى تمرير مشروع قانون لتنظيم الإنترنت يرتب -في حال إقراره- انتهاكا شديدا للحق في الخصوصية، وقيودا واسعة على حرية تداول المعلومات وإخضاعها للمراقبة.
السودان.. إعتقالات بالجملةقال التقرير أن السلطات في السودان استبقت الانتخابات العامة باستصدار قانون جهاز الأمن الوطني، الذي منح صلاحيات واسعة النطاق في القبض والاعتقال والتفتيش، ومصادرة الأموال والممتلكات، من دون أي رقابة قضائية، وأضفى حصانة تكاد تكون مطلقة لأعضاء الجهاز حيال أي تجاوزات أو انتهاكات يمارسونها في إطار هذه الصلاحيات،وأشار إلى أن المدافعون عن حقوق الإنسان كانوا هدفا للاعتقال التعسفي أو الملاحقة القضائية التي أفضت إلى صدور حكم بالسجن لمدة عام بحق رئيس منظمة السودان للتنمية الاجتماعية "سودو"، فيما سجل التقرير اتساع الهجوم على الحريات الصحافية، وبعض وسائل الإعلام المرئي والمسموع من قبل شريكي الحكم في الشمال والجنوب، مشيرا إلى أن الاعتقال طال معارضين سياسيين وقيادات حزبية معارضة لنظام البشير، أو منشقة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان.
ولفت إلى أن السلطات استخدمت في أكثر من مناسبة القوة المفرطة في قمع تظاهرات تطالب بإصلاحات وتوفير ضمانات مناسبة لإجراء الانتخابات العامة. كما مورست ضغوط شديدة على الحركة الإضرابية للأطباء، اعتقل خلالها عدد من الأطباء ومن طلاب كلية الطب الذين تضامنوا معهم، فيما جرى توظيف قانون مكافحة الإرهاب في إجراء محاكمات استثنائية بحق متمردي حركة العدل والمساواة، وانتهت هذه المحاكمات حتى إعداد هذا التقرير إلى إصدار أكثر من مئة حكم بالإعدام.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف