إهدار للمال العام وفساد داخل الموساد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كشف المراقب العام الإسرائيلي، القاضي المتقاعد ميخا ليندشتراوس عمليات فساد مالي وإداري داخل المؤسسة الاستخباراتية الاولى في اسرائيل "الموساد"، وطالب المراقب رئيس الموساد تامير بردو بضرورة تفادي هذه الجرائم والعمل على دراسة الأسباب التي أدّت لها واستقاء الدروس المستفادة منها حفاظاً على المال العام.
القاهرة: في سابقة هي الاولى من نوعها كشف المراقب العام الاسرائيلي القاضي المتقاعد ميخا لندشتراوس عن وجود فساد في المؤسسة الاستخباراتية الأولى في اسرائيل "الموساد"، وتدور مؤشرات الفساد بحسب صحيفة يديعوت احرونوت العبرية حول مجاملة عدد من المقاولين، واسناد عمليات بناء عدد من المباني التابعة للمؤسسة الاستخباراتية اليهم، دون الالتزام بشروط العطاءات، وبما يخالف القانون، ما ادى الى اهدار ملايين الشواكل من ميزانية اسرائيل العامة.
مئات الملايين من الشواكل
ووفقاً لمعطيات نشرتها الصحيفة تبلغ تكلفة المباني التابعة للموساد في مناطق متفرقة من اسرائيل مئات الملايين من الشواكل، غير انه اتضح ان المؤسسة الاستخباراتية الاسرائيلية لا تجري مناقصات بين المقاولين والشركات العقارية لتنفيذ مشروعاتها، الامر الذي نتج منه زيادة ملحوظة بنسبة 30% عن التكلفة الطبيعية للبناء حال الاعلان عن مناقصة.
وفي عدد من المشروعات لا توجد ميزانية محددة، ويتم تنفيذ عمليات بناء المواقع اقتصاراً على تعليمات وحدة التخطيط والبناء فقط، الامر الذي تشوبه أخطاء فادحة تودي في نهاية المطاف الى عدم القدرة على تحديد الهدف من بناء المبنى او المشروع اصلاً، ما يؤدي الى خسارة المؤسسة الاستخباراتية الاسرائيلية ملايين الشواكل.
على الرغم من ذلك بحسب تقرير المراقب العام الاسرائيلي القاضي المتقاعد ميخا لندشتراوس، دعا الموساد الى اقامة احد المباني التابعة للمؤسسة في مدينة تل ابيب، ورغم تقدم سبعة مقاولين بعطاءات، وفقاً لكراسة شروط وضعتها ادارة الشؤون المالية في الموساد، الا انه قبل ان تبدأ ممارسة المناقصة "مغلقة الاظرف"، بدأ احد المقاولين الذي كان قد نفذ مشروعاً سابقاً لصالح الموساد في تجهيز معداته، وقادها الى ارض المشروع، كأنه يعلم نتيجة المناقصة، وأن اجراءها مجرد تحصيل حاصل. الاكثر إثارة وفقاً للصحيفة العبرية انه بعد اجراء المناقصة حصل المقاول ذاته على امتياز تنفيذ المشروع، رغم ان العطاء الذي قدمه يزيد عن نظرائه من المقاولين، ووصلت تكلفة المشروع الذي يدور الحديث عنه 3.7 ملايين شيكل.
وكتب المراقب العام الاسرائيلي في تقريره ان عمليات بناء المقار التابعة للموساد عامة، ولا تنطوي على برامج او خطط عقارية محددة، الامر الذي يترتب عليه اهدار مبالغ كبيرة من الاموال، ولا يرتبط الامر بمدى احتياج المؤسسة الاستخباراتية الاسرائيلية للمبنى، وانما يُحسم البدء في المشروع اذا كانت هناك علاقة صداقة بين كوادر الموساد القائمة على المشروع وبين المقاول الذي يعتزم تنفيذه.
فساد مالي واداري
ولم تقتصر عمليات الفساد على بناء المقار التابعة للموساد، وانما طال الفساد المالي والاداري ايضاً بحسب تقرير لندشتراوس، عمليات استئجار الوحدات والعقارات والمباني لصالح المؤسسة الاستخباراتية، ومن خلال معطيات اطلع عليها لندشتراوس ونشرتها يديعوت احرونوت، اتضح ان احدى وحدات الموساد تستأجر أرضاً بالقرب من احد مكاتبها تبلغ مساحتها 350 متراً منذ عام 2006، ولا يستغلها الموساد في اي نشاط، وقبل هذا التاريخ بعام واحد كان الموساد يستأجر مساحة اخرى من الاراضي لمدة عشر سنوات في الوقت الذي لم يكن في حاجة اليها، واعتبر المراقب العام الاسرائيلي ان ذلك يدخل في اطار الإسراف وإهدار المال العام.
وفي وحدة المواصلات التابعة للموساد، رصد المراقب العام الاسرائيلي مخالفات مالية وادارية غير مسبوقة في تاريخ المؤسسة الاستخباراتية، إذ ابرم الموساد مع وزارة المالية الاسرائيلية بروتوكولاً يقضي بمنح سائقي السيارات التابعة للموساد حوافز مقابل ساعات العمل الاضافية، وذلك بعد الانتهاء من ساعات العمل الاساسية، واوضح ليندشتراوس وفقاً ليديعوت احرونوت، ان ساعات العمل للسائقين في المؤسسة الاستخباراتية تبدأ وفقاً للقانون من الساعة الثامنة صباحاً حتى الخامسة والنصف، غير ان ما يجري يخالف القانون، إذ تبدأ ساعات عملهم من الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة والنصف. وفي نهاية تقريره طلب المراقب العام الاسرائيلي من رئيس الموساد "تامير بردو" العمل بشكل سريع على تفادي اهدار المال العام داخل المؤسسة الاستخباراتية، بتقصي حقائق الاسباب المؤدية اليه، واستقاء الدروس المستفادة منها بشكل شخصي.
ويعد الموساد "مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة" احدى المنظمات الحيوية في الجهاز الامني الاسرائيلي، وواحدة من خمس هيئات بالغة الحساسية الامنية في الدولة العبرية، وتعتبر عمليات جمع المعلومات هي المهمة الاولى لتلك المؤسسة، بالاضافة الى تنفيذ عمليات استخباراتية خارج حدود اسرائيل، وإجراء العديد من الابحاث المتعلقة بأمن اسرائيل، وتقدير الموقف السياسي والامني والاجتماعي لمختلف دول العالم الصديقة قبل المعادية للدولة العبرية، وعلى العكس من الجيش وجهاز الأمن العام الاسرائيلي، لا يخضع نشاط الموساد او صلاحياته لأي قانون في اسرائيل، كما ان الجهات المسؤولة عن عمل هذه المؤسسة لا يجوز الكشف عن هويتها في وسائل الاعلام، وتعد محاولة خرق هذه السرية من الجرائم المخلة بأمن اسرائيل القومي وتدخل في اطار الخيانة العظمى لاسرائيل.