ولادة الحكومة في لبنان تنتظر اتضاح صورة التغيرات الإقليمية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: يترقب اللبنانيون منذ شهرين ونصف شهر الاعلان عن ولادة حكومة جديدة، يرى خبراء انها تتاخر بانتظار اتضاح الصورة الكاملة للتطورات في منطقة الشرق الاوسط المشغولة بحركات الاحتجاج في بعض دولها.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت هلال خشان لوكالة فرانس برس ان "لعبة توزيع الحصص في لبنان غالبًا ما تعرقل تشكيل الحكومات، خصوصًا وان الفرص السياسية قليلة مقارنة مع اعداد الطامحين اليها".
ويضيف "غير انه ليس هناك من شك بان تاخر ولادة الحكومة حاليا مرتبط، الى جانب العراقيل التي تفرضها لعبة المحاصصة (...) بالوضع الاقليمي وبترقب ما سيحدث". ويتابع خشان "المنطقة متوترة جدا حاليا، حيث يغلب عليها الترقب والحذر، لذا فالوضع في لبنان دخل تلقائيا مرحلة الانتظار".
ومنذ تكليفه في 25 كانون الثاني/يناير اثر سقوط حكومة سعد الحريري، يخوض نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء السابق ورجل الاعمال الثري، مفاوضات شاقة مع الاطراف السياسية تستهدف الاتفاق حول صيغة الحكومة المقبلة وتوزيع الادوار فيها.
وكانت القوى السياسية التي سمت ميقاتي لتاليف الحكومة، وابرزها حزب الله والتيار الوطني الحر، توقعت في البداية ان تولد الحكومة في غضون اسبوع او اسابيع قليلة، على اعتبار ان الفريق الذي يدعمها يملك اليد العليا فيها بعد رفض فريق رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الانضمام اليها.
ويرى الكاتب والباحث رغيد الصلح ان تشكيل الحكومة في لبنان "يحتاج عمليًا اتفاقًا بين العواصم العربية والدولية". ويشير الى ان "الاتفاقات الخارجية حول لبنان غالبًا ما تتعامل مع ادق التفاصيل، كما شهدنا في اتفاق الدوحة مثلا"، الذي انهى عام 2008 ازمة سياسية محتدمة وحدد شكل الحكومة التي شكلت في ما بعد ووزع الادوار فيها".
الا ان تكليف ميقاتي تزامن مع انطلاق حركات احتجاجية في المنطقة للمطالبة بالاصلاح السياسي والاجتماعي، امتدت من المغرب العربي الى الخليج، وشملت تونس ومصر والجزائر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا.
وتمكنت هذه الحركة من اسقاط نظامي الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك، فيما دفعت نحو تظاهرات غير مسبوقة مؤيدة للاصلاح في البحرين، الممكلة الخليجية الاستراتيجية، وخصوصًا سوريا، جارة لبنان. ويقول خشان ان "ميزان القوى في المنطقة يتحكم بالتوزان السياسي في لبنان".
ويوضح "بما ان التوازن الاقليمي مخلخل، وهناك ترقب لما سيؤول اليه، اذا فالوضع غير مستقر في لبنان لانه من غير المعلوم بعد كيف ستتبلور المنطقة سياسيا". وتلعب سوريا دورًا مهمًا في الحياة السياسية اللبنانية، رغم انسحابها العسكري منه اثر اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005، بعد حوالي ثلاثين سنة من الوجود العسكري فيه.
ولسوريا حلفاء اقوياء في لبنان، على راسهم حزب الله، القوة العسكرية المسلحة الى جانب الدولة، والذي يخوض مواجهة سياسية محتدمة مع فريق رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، المدعوم من السعودية.
من هذا المنطلق، يتابع اللبنانيون عن كثب تطورات الحركة الاحتجاجية في سوريا المتواصلة منذ حوالي ثلاثة اسابيع، وتداعياتها المحتملة على الوضع في بلدهم. ويرى خشان ان "سوريا غائبة حاليًا عن لبنان، بمعنى انها غير مكترثة كثيرًا لما يحدث في موضوع الحكومة".
ويتابع ان "المنطقة كلها غائبة بكاملها عن لبنان، ما يفيد بان الصراع المحلي على اشده". والى جانب سوريا، تمارس السعودية نفوذا سياسيا في لبنان، يستند الى القاعدة السنية التي يمثل سعد الحريري احد ابرز اركانها.
وبحسب الصلح، فان العلاقات بين سوريا والسعودية اللتين حاولتا قبل اشهر ان تلعبا معًا دور الوسيط بين الفرقاء اللبنانيين "يشوبها نوع من الفتور حالياً، احد اسبابه الاختلاف بين الجانبين حول شكل الحكومة اللبنانية".
وتبدو الرياض حاليًا منشغلة بتطور الاوضاع في البحرين التي يربطها جسر بالمنطقة الشرقية السعودية الغنية بالنفط، والتي شهدت في شباط/فبراير واذار/مارس حركة احتجاجية قررت على اثرها السعودية، الى جانب قطر والامارات، ارسال قوات اليها.
كما يشهد اليمن الذي يحد السعودية مطالب شعبية متصاعدة بإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح الذي يحكم البلاد منذ 32 عاما. ويقول الصلح ان "السعودية منشغلة بالبحرين واليمن، وتطور الامر يؤثر على العلاقات الاقليمية والدولية، وبالتالي على الاوضاع السياسية في لبنان".
ويعتبر خشان من جهته ان دول الخليج العربية "حسمت امرها بالدخول في مواجهة مع ايران في البحرين" من خلال قرارها ارسال قوات الى هناك.
ويشير خشان بذلك الى مساندة ايران للمعارضة الشيعية في الممكلة الخليجية التي تسكنها غالبية شيعية، وتحكمها اسرة آل خليفة السنية منذ حوالي 200 عام. ويتابع ان "المفتاح في لبنان بيد سوريا، حلفية ايران، التي تبدو وكانها تنتظر ما ستؤول اليه المواجهة بين دول الخليج وطهران" التي تدعم حزب الله.
ويرى ان نتائج المواجهة الخليجية الايرانية "قد تتطلب، تماشيًا مع ميزان القوى الاقليمي، ان يعود الحريري الى رئاسة الحكومة"، بدلاً منميقاتي. ويقول خشان إن "الزلازل السياسية في لبنان على كل حال، تحدث من دون انذار، مثل الزلازل الجيولوجية".