تأجّج السجال بين المستقبل وحزب الله: هذه جذوره وحيثياته

بدا جليًا الدور الكبير للعامل الاقليمي على الساحة السياسية الداخلية، وسط اسئلة مقلقة، عن التوقيت والمدى الذي يمكن ان يذهب اليه انفجار السجال الحاد بين رئيس حكومة تصريف الاعمال رئيس تيار المستقبل سعد الحريري من جهة، وحزب الله من جهة ثانية.

بيروت: يقول النائب عمار الحوري ( تيار المستقبل) لإيلاف هناك اختلاف في نظرتين الى واقع الامور، نحن ننظر الى الامور من منطق الدولة وهم ينظرون من منطق الدويلة، حاولنا في العام 2005 من خلال الانتخابات النيابية إيجاد تعايش ما بين المنطقين، في محاولة للوصول الى منطق الدولة، فشل هذا التعايش، الى ان انفجر في 7 ايار/مايو 2008، ذهبنا الى الدوحة، دخلنا في تسوية، الفريق الآخر لم يحترمها، استمر في استعمال السلاح في الداخل، استمر في استعمال لغة التخوين والتهويل، استقال من الحكومة وأخلّ بكل التزاماته، ثم توج هذا من خلال الانقلاب الدستوري الذي حصل عندما اسقط حكومة الرئيس سعد الحريري واتى من جديد بالرئيس المكلف نجيب ميقاتي، تفاعلت كل هذه الامور، مع مزيد من التدخل الايراني، سواء في الداخل اللبناني او الداخل البحريني او الكويتي أو الاماراتي او السعودي او المصري، مما جعل الامور تصل الى ما وصلت إليه، ووصلت الامور إلى مكان لا يمكن السكوت عنه، فوضع الرئيس سعد الحريري النقاط على الحروف من خلال مواقفه الاخيرة.

ماذا وراء اتهام الحريري بالتدخل الايراني في كل الامور؟ يجيب حوري:" حزب الله لا ينفي ارتباطه بايران، عقائديًا وسياسيًا، وعبّر عن هذا الموضوع في مواقف كثيرة وفي كل أدبياته السياسية، لذلك هذا الموضوع لم يعد سرًا، وكما قلت حين نتحدث عن هذا الموضوع نحن نصف واقعًا، ولا نتحدث عن شيء غير موجود.

ولدى سؤاله الا تعتقد ان رهانات لبنان يجب ان تكون للداخل وليس للخارج؟ يقول حوري:" هذا ما نأمله دائمًا وعندما نتحدث عن منطق الدولة يعني منطق الحرية والسيادة والاستقلال، منطق بعيد عن اي اجندة إقليمية، رأينا في الفترة الاخيرة على سبيل المثال، من خلال مثلاً تشكيل الحكومة الحالية، حجم الزيارات التي يقوم بها الفريق الآخر إلى الخارج، لبحث تشكيل الحكومة، نحن من يصر على صفحة جديدة، ندخل من خلالها إلى قرار لبناني حقيقي.

السجال اليوم بين حزب الله وتيار المستقبل ينطوي على حساسية الحملات المتبادلة بين ايران ودول الخليج ما مدى صحة ذلك؟ يجيب:" نحن نقول نحن عرب في النهاية ونلتزم بقضايا العرب، ايران دولة جارة للعالم العربي ومن مصلحتنا جميعًا ان تقوم افضل العلاقات بيننا كعرب وايران، ولكن على قاعدة عدم التدخل بالشؤون الداخلية، إيران ما تقوم به هو تدخل سافر بالشؤون الداخلية، وهذا ما لا يمكن أن نقبله.

ويرفض حوري مقولة ان هذه السجالات تؤخر تشكيل الحكومة، ويضيف:" لأن هذا التأخير فيه من الاسباب ما يكفيه للتعطيل، هناك اسباب داخلية مرتبطة بظروف الإنقلاب الذي حصل، هناك الزلزال الإقليمي الذي حدث في اكثر من بلد في المنطقة، والذي انعكس سلبًا على تشكيل الحكومة لفقدان هذا الاحتضان الإقليمي ربما، وبالتالي تعثر تشكيل الحكومة فيه اسباب ذاتية ما يكفي ولا يحتاج الى اسباب إضافية لكي يتعطل.

ويتابع حوري: "هناك ملفات حياتية يجب ان تبحث بدل السجالات، حين قام الفريق الآخر بانقلابه واسقط الحكومة كان عليه ان يعي ان هذا الانقلاب سيؤدي الى الكثير من تعطيل قضايا الناس، والتأخير في إيجاد حلول لكثير مما يعانيه اللبناني، وما قام به ادخل نفسه والبلد في دوامة.

اما هل يمكن لهذا السجال ان يندلع خلافًا في الشارع برأيك؟ يقول حوري:" استبعد اي تطور باتجاه الشارع لانعدام الظروف الموضوعية لهكذا مواجهة، الظروف السابقة المتعلقة باستعمال الشارع غير موجودة موضوعيًا، كما استبعد ان يتطور الامر الى فتنة سنية شيعية.

حزب الله

النائب السابق في حزب الله اسماعيل سكرية تحدث ايضًا لإيلاف واعتبر ان الخلاف موجود اصلاً، وهو خلاف على النهج السياسي ومحوره النظرة للصراع مع اسرائيل، حيث حزب الله لديه مقاومة، يلتقي فيها مع ايران وسوريا، اما تيار المستقبل يلتقي مع السعودية واميركا.

ويتابع سكرية:" انه امتداد لاشتعاله في منطقة الخليج والبحرين، والمواجهة مع مجلس التعاون الخليجي، ويضيف:" هناك تصعيد للصراع داخل لبنان، وامتداد للماضي، هناك فريقان في المنطقة ونهجان لا يلتقيان.

ويرى سكرية انه يجب ان نهتم بالشأن الداخلي ونحصِّنه، واحياء الحوار، وتخفيف لغة التصعيد، لأن وضع البلد حساس جدًا، وصعب في كل المعايير، السياسية والامنية.

ويؤكد سكرية ان هذا السجال سيبقى سياسيًا ولن يتحول الى صراع سني شيعي ولن نرى تردداته على الارض او الشارع، عمقه موجود وليس جديدًا لكنه يتطور بين الفترة والاخرى. ويرى سكرية ان هذا السجال يؤخر تشكيل الحكومة من خلال تصعيد الامور، والخيارات تصبح اصعب، مهما كان شكل الاختيار او القرار.