سقف الحرية ينخفض فوق رؤوس الصحافيين في فلسطين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أكدت نقابة الصحافيين الفلسطينيين ما ورد في تقرير هيومان رايتس واتش حول تعرّض الصحافيين لمضايقات واعتداءات، مشيرة إلى أن هذه الإنتهاكات تمارسها القوات الإسرائيلية من جهة، والأجهزة الأمنية في الداخل من جهة أخرى، بينما الأخيرة تنفي وجود مثل هذه المضايقات.
أكد نقيب الصحافيين الفلسطينيين عبد الناصر النجار في لقاء خاص مع "إيلاف" أن ما أورده تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بمراقبة حقوق الإنسان حول العالم، في ما يتعلق بتعرض الصحافيين الفلسطينيين لمضايقات يحمل في طياته جوانب عديدة من الصحة.
في المقابل، قال الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري في اتصال هاتفي مع " إيلاف": "إن المؤسسة الأمنية مستعدة للتحقيق بأي تجاوزات فردية، واتخاذ كل الإجراءات القضائية في حق مرتكبي الانتهاكات، إن وجدت مثل هذه المضايقات".
وقال عبد الناصر النجار نقيب الصحافيين الفلسطينيين في لقاء خاص مع "إيلاف": "إنه مما لا شك فيه أن هناك اعتداءات تمارس بحق الصحافيين، لافتا إلى أنه سبق وأن تحدث عن مثل هذه الاعتداءات".
وأضاف: "هذه الاعتداءات تأخذ طابعين، حيث يتمثل الطابع الأول في اعتداءات القوات الإسرائيلية على الصحافيين ومنعهم من القيام بواجبهم المهني"، لافتًا إلى "إصابة أكثر من خمسة وستين صحافي فلسطيني خلال تغطيتهم الأحداث والمواجهات، لاسيما قرب الجدار خلال الأشهر القليلة الماضية".
وأكد أن الجزء الثاني من الاعتداءات يتمثل في الاعتداءات الداخلية، وقال "بمعنى آخر هناك اعتداءات وإجراءات ضد الصحافيين تحدّ من حريتهم وتحدّ من إمكانيتهم في نقل المعلومات للجمهور في الضفة والقطاع".
وأوضح أنه في الضفة الغربية كان هناك احتجاز واستجواب لمجموعة من الصحافيين من قبل الأجهزة الأمنية، مشيرًا إلى أنه في معظم الأحيان كانت الأجهزة تبين أن هذا الاحتجاز والاستجواب لم يكن على خلفية العمل الصحافي.
وأكد النجار أن النقابة لطالما أكدت في مختلف المحافل أن حرية الصحافة مصانة، ويجب منع هذه الاحتجازات والتوقف عن مصادرة معدات الصحافيين ومنعهم من التغطية،مبينًا أن النقابة نجحت إلى حد كبير في التخفيف من هذه الإجراءات في الضفة الغربية.
بالنسبة إلى الوضع في قطاع غزة قال النجار: "إن الوضع أخطر بكثير، وخلال الأسابيع الماضية كانت هناك سياسة ممنهجة في الاعتداء على الصحافيين، والحدّ من حرياتهم، خاصة خلال الحراك الشعبي والشبابي لإنهاء الانقسام، حيث أصيب في اليوم الأول أكثر من اثنين وثلاثين صحافي، بينهم صحافية طعنت في ظهرها، وكانت في وضع خطر".
وأكد أن الاعتداءات في القطاع تواصلت خلال الفترة الماضية، ما يدلل على وجود سياسة ممنهجة لمنع نقل المعلومات للجمهور.
وقال نقيب الصحافيين: "إنه ومهما كانت الاعتداءات إسرائيلية أو داخلية فإنها مدانة بأشكالها كافة، لكونها تتسبب في خفض سقف الحريات لدرجة مرعبة، وبالتالي لا بد للنقابة والمؤسسات الحقوقية والإنسانية والسلطة الوطنية العمل من أجل التأكيد على حق الوصول للمعلومات ونشرها والتأكيد على حرية الرأي بشكل كامل لكي يكون إعلامنا إعلامًا ساعيًا قادرًا على إحداث التغيير وإيصال المعلومات الصحيحة".
تجاوزات في الحصول على معلومات
في ما يتعلق بتقويم النقابة للحريات الإعلامية في الواقع الفلسطيني قال النجار: "إنه لا توجد رقابة، وهذا أمر معروف"، لافتًا في الوقت عينه إلى "وجود تجاوزات تتمثل في صعوبة حصولالصحافيين والإعلاميين على المعلومات من مصادرها المختلفة، بمعنى أن كثيرًا من هذه المصادر تخفي المعلومات، ولا ترغب بتزويد الصحافيين بها، وهذا جزء من الاعتداء على الحريات، لأن من حق الصحافي الحصول على المعلومات".
وأضاف: "بالنسبة إلى وسائل الإعلام الموجودة فهي تقوم بواجبها على كامل وجه، وتحاول إحداث التغيير رغم الظروف الموجودة، منوهًا إلى أن المشكلة ليست في مناقشة القضايا الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية، فهي قضايا لا توجدحولها إشكاليات بالمطلق".
وتابع: "المشكلة تكمن في تغطية القضايا السياسية، خاصة بعد الانقسام الذي أثر كثيرًا على الضفة والقطاع، وأصبحت تغطية الواقع السياسي بما يمسّ الوضع في الضفة أو القطاع بمثابة الأمر غير المرغوب فيه، وبالتالي أصبح الصحافي يتعرض للمساءلة والملاحقة إذا ما كتب أو انتقد الوضع القائم وعلى غير ما ترغب به الجهة الحاكمة".
وذكر النجار أن الإشكالية السياسية هي الأساس، مشيرًا إلى أن وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية لا توجد فيها إشكاليات، ولكن المشكلة تكمن في المواقع الالكترونية وعدم القدرة على متابعتها نظرًا إلى ما تنشره وتكتبه بشكل غير أخلاقي.
عن دور نقابة الصحافيين في تخطّي هذه العقبات التي يتعرض لها الصحافيون، أكد النجار أن النقابة تحاول جاهدة الدفاع عن حقوق الصحافيين، كما تابعت قضاياكل الذين احتجزوا في الضفة، وتصدت لمثل هذه الاحتجازات، وساهمت في عدم مصادرة المعدات".
وقال نقيب الصحافيين: "قد نكون نجحنا بنسبة 90%، وهي خطوة على الطريق الصحيح، وللأسف في قطاع غزة لم نتمكن من العمل جيدًا لأن الحكومة المقالة لا ترغب بالتعاون معنا، وبالتالي عند تطور الأوضاع في القطاع ليس لنا إلا الاتحاد الدولي للصحافيين واتحاد الصحافيين العرب لمتابعة هذه القضايا، وأحدثنا تغييرًا ما خلال الفترة الماضية في قطاع غزة".
وعن مدى مساهمة الثورات العربية في إحداث تغيير في الحريات الصحافية الفلسطينية ومنحها هامشًا أوسع من الحرية قال النجار: " هذا مؤكد، حيث لعب الإعلام دورًا مهمًا في هذه الثورات وفي تفعيلها، وبعد أيام عدة سيكون هناك مؤتمر دولي في الرباط من أجل التأكيد على الحريات الإعلامية في منطقة الشرق الأوسط، وستشارك النقابة في هذا المؤتمر، حيث سيكون لها مداخلة، وستطالب بضرورة رفع درجة سقف الحريات إلى أعلى درجة ممكنة، ليكون الصحافي قادرًا على العطاء".
وأكد جاهزية النقابة لمتابعة أي قضية تعترض عمل أي صحافي، حتى وإن لم يكن عضوًا في النقابة، لافتًا إلى أن النقابة تنظم مسيرات واعتصامات في حال وقع أي اعتداء، كما عملت النقابة على تأسيس موقع الكتروني حديث، وقدمت مبادرة لجميع الصحافيين لنشر أي مادة لم يسمح بنشرها في أماكن عملهم.
وعن تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، قال النجار: "لا شك أن هناك جوانب عديدة صحيحة في هذا التقرير، ونتمنى على المسؤولين وصانعي القرار قراءة التقرير بتعمق، والعمل على إيجاد تغيير حقيقي، وأن لا يكون هناك في المستقبل مثل هذا التقرير".
الأجهزة الأمنية تنفي التعرض للصحافيين
بخصوص ما أورده تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" الذي نشر يوم الأربعاء الماضي في ما يتعلق بتعرض الأجهزة الأمنية الفلسطينية للصحافيين، فقد نفى الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري في اتصال هاتفي مع "إيلاف" وجود أي تعرض أو ملاحقة للصحافيين على خلفية سياسية أو مهنية.
وقال الضميري: "إن الحالات التي يتم الاعتقال فيها تكون على خلفية المسّ بالأمن أو ارتكاب الجنح"، مؤكدًا في الوقت نفسه "استعداد الأجهزة الأمنية التحقيق في أي تجاوزات فردية، واتخاذ كل الإجراءات القضائية في حق مرتكبي الانتهاكات، إن وجدت".
وطالب منظمة هيومان رايتس بضرورة تقديم الأدلة والحالات التي إدّعت فيها بتعرض صحافيين لانتهاكات من قبل أجهزة الأمن للتحقيق فيها، ورفع هذه القضايا إلى المحاكم والقضاء.
وبيّن الضميري أن السلطة الوطنية ليس لديها نهج للمسّ بحرية الصحافة والصحافيين، مشددًا على أن حرية الصحافة مكفولة في إطار القانون، الذي يحترم حرية التعبير والصحافة، ويجرم أي انتهاك في هذا الجانب.
ودعا الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية منظمات حقوق الإنسان إلى الموضوعية في عملها، وعدم إصدار أي تقرير من دون العودة إلى الجهات ذات العلاقة وسؤالها، رافضًا المقارنة بين أداء المؤسسة الأمنية في الضفة الغربية، والتي تشهد تطورًا كبيرًا، وما تقوم به حماس في قطاع غزة.
"هيومان رايتس": اعتداءات في الضفة وغزة
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بمراقبة حقوق الإنسان حول العالم، كشفت في تقرير لها أصدرته أخيرًا، عن تعرض العديد من الصحافيين الفلسطينيين لـ"مضايقات"، سواء من قبل أجهزة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، أو من جانب حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في قطاع غزة.
وقالت المنظمة، في تقرير أصدرته الأربعاء الماضي بعنوان "لا خبر لا قلق: انتهاكات أجهزة الأمن الفلسطينية لحقوق الصحافيين"، إن "المضايقات الحادة من قبل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية وحماس، التي استهدفت الصحافيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كان لها أثر على شلّ حرية التعبير وتقييدها".
ودعت "هيومن رايتس ووتش" السلطات الفلسطينية في الضفة والقطاع إلى محاسبة قوات الأمن على ما وصفتها بـ"الانتهاكات الممنهجة والجسيمة"، كما دعت المانحين الأجانب للسلطة الفلسطينية إلى "ربط تقديم المساعدات لقوات الأمن، باتخاذ إجراءات ملموسة للمحاسبة".
وتضمن التقرير، الذي جاء في 35 صفحة، توثيقاً لحالات ذكر أن قوات الأمن لجأت فيها إلى "تعذيب وضرب واحتجاز الصحافيين تعسفاً، ومصادرة معداتهم، ومنعهم من مغادرة الضفة الغربية، أو قطاع غزة".
يلقي التقرير، الذي يستند إلى مقابلات مع صحافيين فلسطينيين، وممثلين عن نقابة الصحافيين، ومسؤولين من السلطة الفلسطينية، الضوء تحديداً على سبع حالات لصحافيين أساءت إليهم قوات أمن السلطة الفلسطينية، كما يوثق حالتين لإساءات بحق صحافيين في غزة، ارتكبتها عناصر من الأمن الداخلي التابع لحماس.
وذكر التقرير أنه منذ استيلاء حركة حماس على السلطة في قطاع غزة، في يونيو/ حزيران 2007، فإن غالبية الانتهاكات ضد الصحافيين، سواء في الضفة الغربية أو غزة، مرتبطة بالتوترات والخلافات بين حركتي التحرير الوطني الفلسطينية "فتح"، والمقاومة الإسلامية "حماس".
وقالت المنظمة: "إن الأيام الأخيرة شهدت انتهاك أجهزة الأمن الداخلي، التابعة لحماس، بشكل متكرر لحق الصحافيين في تغطية التظاهرات الشعبية في غزة، وهي التظاهرات التي تحتجّ على الخلاف السياسي بين حماس، والسلطة الفلسطينية بقيادة فتح".
ونقل التقرير عن "مركز التنمية والحريات الإعلامية"، أن عدد الاعتداءات البدنية، والاعتقالات، والاحتجاز، والمصادرة التعسفية للمعدات، وغيرها من خروقات حقوق الصحافيين، على يد قوات الأمن الفلسطينية، هو في زيادة، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، مشيراً إلى أن الزيادة في عام 2010 جاءت بواقع 45 % أكثر من معدلات العام السابق.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: "أصبحت قوات الأمن الفلسطينية معروفة باعتدائها على الصحافيين وترهيبهم، فيما يحاولون أداء عملهم لا أكثر، السلطة الفلسطينية في الضفة، وحماس في القطاع، عليهما وضع حد لهذه الهجمات على حرية التعبير".
يذكر أن الرئيس محمود عباس كان قد أكد في لقاءات سابقة أن حرية الصحافة هي شيء مقدس، وقال: "ليس هناك في صحفنا وهيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية أية رقابة، وأن هناك فرقًا بين النقد البناء وبين الإسفاف في الإساءة".
بدوره، لطالما أكد رئيس الوزراء المكلف الدكتور سلام فياض خلال لقاءات عدة على حرية الرأي والتعبير، موضحًا أن حرية الصحافة تشكل جزءاً من المنظومة الأساسية لدولة فلسطين التي ستقوم في المستقبل.