انتقام سجن طرة... عنوان لحقبة جديدة تعيشها مصر

يواجه الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وكذلك علاء وجمال مبارك، اتهامات بالفساد والكسب غير المشروع والتحريض على القتل، وتم احتجاز نجلي الرئيس في سجن طرة، فيما يُحتجز مبارك نفسه في المستشفى الذي يعالج فيه.

إذا كان من الممكن تحديد درجة تحضر أحد المجتمعات عن طريق دخول سجونها، مثلما سبق أن قال الأديب الروسي الكبير دوستويفسكي، فإن نجلي الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، علاء وجمال، جنبًا إلى جنب مع كبار المسؤولين السابقين، سيحصلون الآن على فرصة للتفكير في الآثار التي كانت سترافق مغادرتهم لمصر.

كان ذلك تعليقًا استهلت به مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تقريرًا تناولت من خلاله الأنباء التي تحدثت يوم أمس عن اقتياد نجلي الرئيس المصري السابق، علاي وجمال، إلى سجن مزرعة طرة، حيث يُحتجز هناك أيضًا عدد آخر من الشخصيات التي كانت تحظى بنفوذ وسلطة في عهد والدهما. هذا إضافة إلى احتجاز مبارك نفسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات في إحدى مستشفيات منتجع شرم الشيخ السياحي، بعد تعرضه لأزمة قلبية خلال استجوابه من جانب المحققين. ووجه للرئيس ونجليه اتهامات متعلقة بالفساد والتحريض على استخدام العنف ضد المتظاهرين والثوار خلال الانتفاضية الشعبية التي انتهت إلى اقتلاع نظامهم من السلطة.

ومضت المجلة تقول إن ذلك يمثل تحولاً مذهلاً للأحداث بالنسبة إلى آل مبارك - وهو التحول الذي تم تأكيده من خلال المكان الذي يتم احتجازهم فيه. وأشارت إلى أن سجن طرة- وهو ذلك المجمع الذي يتكون من خمسة سجون ويقع على بعد 14 ميلاً جنوب القاهرة - كان موطنًا لبعض أبرز أعداء النظام السابق، بما في ذلك زعيم المعارضة أيمن نور، ومؤسس تنظيم القاعدة والمنشق في وقت لاحق، سيد إمام.

كما كان سجن طرة ساحةً لبعض أسوأ الجرائم التي ارتكبت في عهد النظام الفائت. فعلى سبيل المثال، انتقد تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية عام 1997 نقص الرعاية الطبية التي يلقاها المساجين المحتجزين في المجمع. وفي العام 2001، ألقي القبض على 52 رجلاً كانوا على متن ملهى ليلي عائم لمثليي الجنس، يطلق عليه مركب الملكة، وتم اقتيادهم إلى سجن طرة. ووصفوا الطريقة التي كانوا يُعامَلوا بها هناك لمنظمة هيومان رايتس ووتش بأنها أقذر طريقة ممكنة، حيث كانوا يضعون أكثر من خمسين شخصًا منهم في غرفة واحدة، ولا يمنحوهم بطاطين، أو أي شيء، بينما كانت ترتع الحشرات والفئران في كل مكان داخل تلك الغرفة. وقالوا أيضًا إنهم كانوا يتعرضون للضرب على يد نزلاء آخرين وليس على يد الحرس. كما كان يتم إغلاق باب الزنزانة لمدة شهر بأكمله، حتى يتم عزلهم تماماً عن العالم الخارجي. ولم تكن تتوافر لهم المياه إلا لمدة ساعة ونصف فقط مساء كل يوم. وكانوا يدخلوا في نزاعات وشجارات عند دخول الحمام وغسل الملابس.

وتابعت فورين بوليسي بقولها إن الولايات المتحدة متورطة للأسف هي الأخرى في عمليات التعذيب بسجن طرة. فمجمع السجون هذا كان مكانًا معروفًا لتسليم المتشددين المشتبه فيهم كي يتم استجوابهم من قِبل السلطات المصرية. وهو ما أكده الشيخ المصري أبو عمر في شهادة أدلى بها للمسؤولين في منظمة ريبريف (REPRIEVE) وهي منظمة خيرية حقوقية تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، حيث قال إنه تعرض للتعذيب في طرة لأكثر من عام، بعد اختطافه العام 2003 من إيطاليا.

وأشار أيضًا إلى أنهم جردوه من ملابسه ثم وضعوه في غرفة شديدة البرودة، ثم نقلوه إلى زنزانة شديدة الحرارة. وأوضح أنه تعرض للتعذيب بالصدمات الكهربية في كافة أنحاء جسمه، وهو ما سبب له صعوبات في المشي. وختمت المجلة بقولها إنه يؤمل الآن أن يتم التخلص من تلك الأساليب في الحقبة الجديدة التي بدأتها مصر، وألا تتعرض أسرة مبارك والمقربين منها للمعاملة نفسها التي كانوا ينتهجونها مع أعدائهم.