أخبار

ماذا لو خيّرت بين أن أكون صحافياً أو موسيقياً؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يسألني الزميل الأثير المثير، سلطان القحطاني، لو خيرت بين أن أكون موسيقياً، أو صحافياً، فما الذي سوف أختار؟

سؤال وجيه كوجاهة مستقبل صاحبه.

الإجابة: بالطبع لا احلم أن أكون موسيقياً. الموسيقيون يخلقون توارثاً تحت ظلال الأشجار، وبين خرير المياه، وفوق هامات، ومرتفعات الجبال، وجيرة الشتاء. كل ما أحلم به هو أن أكون متابعاً للموسيقي، بشرط واحد فقط، وهو أن تبدا الحياة معي، أوائل القرن الثامن عشر، وسيكون جميلاً لو أنها تمتد حتى القرن الواحد والعشرين، أو فبما بعد.

لنفترض انك فعلاً حزمت حقائب السفر إلى ألمانيا، "لايبزغ"، لتصيغ السمع إلى باخ Bach .

سيكون باخ - أب الباخات الخمسة- سعيدا بوجودك، وأنت ترتقي معه إلى الأعمدة العليا، حتي تفاجأه بالسؤال: "كيف تدعو ربك اللوثري، كل يوم، كي يموت أحد في القرية، وتُطلب للعزف ؟".

ستغادر هذا الموسيقي الوحيد الذي لم يغادر منطقته، حتي مات، بينما موسيقاه تسافر معنا حتي تنقلها مركبة فضاء أميركية، لتقول للعالم، الذي لا نعرفه: ها نحن سكان الأرض أحياء في أرضنا نرزق.

لاحظ سيدي انهم لم يحملوا أي كتاب معهم، أسود، أو أزرق، أو أبيض، أو رمادياً، أو احمر، أو أخضر. أمر مثيرٌ للذهول أنهم لم يحملوا الكتاب الأخضر، بل "سي دي" صغير، قذفوه في أحشاء الكون، فغاص عميقاً، عميقا، وعميقا حتى حين.

ما رايك يا صديقي أن تأخذ حصاناً، لأنك لا تستطيع أن تركب جملاً بالطبع. لحظتها أنت في حاجة إلى حصان، ومن ثم مركباً صغيراً لتحط عربتك في bond st في لندن، وتلتقي وجها لوجه مع "جورج هاندل" George F Handel.

آه كم هو جميل ذلك العملاق ! ولأننا في منتهي السرعة فما زلنا نهيم في لندن، ونتنفسها، ولا حرج أن تسمع في رحلة نهرية، تلك السمفونية النافذة للآذن، مهما اتسعت أو ضاقت، water Music .

لنخرج سريعا من لندن. قبل أن يموت "هاندل"، كان إشعاعاً يختلس أذن، وأحاسيس البشرية، لتسطع أنواره في فسيح الآفاق، بينما كان لحظتها "موزارت" يولد في النمسا. لاشك أنه الأغلى، والأحلى، والأنفس، والأجمل، والألذ. لم يطل مقامه. استجاب لنصيحة أبي العلا المعري، فمر على الدنيا كما الهواء حفيفاً. كن معه حتى يمر، فلقد مر، كما فعل بعده شوبارت، ماندلسون، شوبان... كلهم لم يتحدوا حاجز الأربعين ! فعليك يا فتى أن تقفز هذا الحاجز البغيض ، وبعدها لا تخف، ولا تحزن.

إن عشتُ كما أتمنى، فسأكون مع العباقرة الباقين، أمرّ بهم واحدا، واحد. أراهم أحياء، أحياء، كما هم الآن، والى ما بعد الآن، والحديث طويل، مديد، عميق .

نسيت القول، أو أردت نسيانه، حتى الأخير:أيهما أتمنى أن أكون؟

بالطبع سأغادر شيبي "موجع القلب باكيا"، كما تخيل عمك، أبو محسّد، المتنبي. سأتمنى أن أكون موسيقياً. ليس لأن الموسيقى نبل، وتفوق، وتهذيب، ورقي بالعقل، والقلب، والروح معاً. ليس لإنها الإنتاج الإنساني الفريد، مثله مثل الفن، والرقص، والمسرح، الذي يتجاوز شواطئ، وبحار، الإنسان، وفضاءاته، وعوالمه، الصغيرة، إلى آماد ارحب، واعلى، وأغلى. ليس لا نها لا تعترف بالقيود، والحدود، والسدود، التي تحيط بمنسم عقل الإنسان، وتتحكم في قلبه، وغرائزه .

وما أنكى يا صديقي، بل وما أقسى، إنني كلما قرأت، ونقبت في تاريخ الموسيقيين الكلاسيكيين منذ أواخر القرن السابع عشر حتى الآن: من برس مع أستاذه، أو خطابات باخ إلى زميله هاندل، أو المناجاة الصوفية بين موزارت، وأستاذه هايدن، أو حتى التقدير المفتعل من بيتهوفن لأستاذه - رغما عنه - هايدن، أو الحب الإلهي بين برامز، وكلارا، وزوجها شومان، وجدت العجب العجاب، أما الوفاء فحدث ولا حرج، والجوانب الخيرة، والإنسانية فأمرها طويل.

دعني أذكرك بما فعله الفتي اليهودي الجميل، ماندلسون، لباخ بعد أن كاد يُنسى. أو الأمير المجري الأجمل فرانز ليستمر لبيتهوفن، أو الرقي بين التشيكي دوفجاك، وكل من مالر، وبرامز، والقائمة تبدأ، ولا تنتهي.

لا أريد أن أطيل عليك، أو أن أتحدث لك عن أفعال الخير لهاندل، بل أصمت عندما ترى كيف يتعامل الصحافي المتوسطي مع أستاذه، أو زميله، أو صديقه، أو منافسه .

اللهم لا شماته، ولا استغابه، ولا نميمة، ولا كتابة تقرير. نعم كتابة تقرير يدخل السجن، أو يؤدي إلى الإعدام المعنوي، وكل من فوق رأسه بطحا فليتحسسها.

عمت خوخاً، وقمحاً، و...عنباً.

* منقول من صحفة إيلاف على فايسبوك

http://www.facebook.com/note.php?note_id=198570720166044

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
wow
hana -

wow

مقطوعة
محمد حسين -

عودا حميدا استاذنا ومعلمنا الاكبر

ممتاز
وليد العبر -

عثمان شخص لا يمكن ان نعرف ماذا سيفعل وفاجاآني بمقالة عن الموسيقى، ماذا سيفعل بعد؟

ليتك
وليد العوادنه -

ليته يكتب زاوية متخصصة عن الصحف العربية

شنشنة تعرفها من أخزم
عبود الليح -

ما هذا الهراء !؟

أفكار عصرية
Queen -

جيد أنك اخترت أن لا تصبح ;سي دي; صغير بعد اجتياز الأربعين بل من سكان الأرض حيا وتركب حصانا

wake me up zzzz
نورا الاصلية -

يسألني الزميل الأثير المثير، سلطان القحطاني، سؤال وجيه كوجاهة مستقبل صاحبه. hahaahahahah نكتة الموسم.:))))))

مسا الخير
ana -

جدا جميل

جميل جدا
محمود نبيل -

إن عشتُ كما أتمنى، فسأكون مع العباقرة الباقين، أمرّ بهم واحدا، واحد. أراهم أحياء، أحياء، كما هم الآن، والى ما بعد الآن، والحديث طويل، مديد، عميق ...... لك العمر الطويل والصحة الوفيرة واتمنى من ايلاف التركيز على آخبار الآحواز

سؤال
سليمان الجبران -

لماذا لا تغطون اخبار سوريا بحيادية .... ام انك لا تحب نظامها؟ لابد توضيح

من هو
واحد من الناس -

مين سلطان القحطاني ا عاوز اشوف صورته

حلو مرره
لينا -

مقال مختلف

عثمان
محمد السلمان -

لايمكن الحديث عن عثمان العمير بسهولة لكنه في هذا التحقيق عمل شي جديد ومختلف لا بد نتوقف عنده كثير ولابد ان نفهم بالتفصيل ماريد الكلام عنه ولكم الشكر

in london
razan -

مخالف لشروط النشر

يتوقف طويلا !
شريفه -

صاحب التعليق 13 يريد أن يتوقف طويلا أمام المقال ليدرك بالتفصيل ماذا يراد بالتحقيق!! وانا ماذا لو خيرت أن أكون السيد عمير أو كلارا نتيالي !؟ الأمر سيان.

موهبة الكذب والنفاق
Othman -

الموسيقى تحتاج للموهبة أما السياسة فهي شغلة الذي ليس له شغلة اللهم يحتاج السياسي الى موهبة الكذب والنفاق.

لي طلب
صديق ايلاف -

لماذا لاتضعون مقاطع موسيقية للفنانين الذي ذكرهم الكاتب في المقالة خصوصاالامير المجري وماهي قصته واين بريد الكاتب للتواصل

لغة الالهة
lea -

الموسيقى هي لغة الالهة منحها الله موهبة جميلة للبعض .انها عالم جميل اخاذ تتحد فيه عبقرية الانسان مع عطاء الاله لتخلق انسانا مثاليا ينشد الكمال ليصبح يوما على صورة الله ومثاله.

الموسيقى
une lectrice -

الموسيقى فن جميل ياخذنا الى عالم من الفرح والسعادة انه عالم المثل والخير والجمال.

la musique
perla -

la musique nous conduit vers l''ideal;le parfait ,elle est la joie spirituelle qui evoque celui des dieux.

ياسلام
Drum -

.........

c''est superbe
mira -

عمت خوخاً، وقمحاً، و...عنباًجميلة جدا هذه العبارة

سمفونية من كلمات
رودي -

سمفونية رائعة حملتنا الى قرون غابرة لنعيش الفرح الغامر في عالم موزارت وشوبان وبيتهوفن وكل موسيقيي ذلك العصر الغابر انه عالم الجمال الالهي .

انها الموسيقى
une lectrice -

انها الموسيقى تلك اللغة الرائعة التي صنعها الهام عبقري زار عالمنا ليقدم لنا الفرح والحب عبر نوتات سحرية لطالما الهمتنا وحملتنا بعيدا عبر اثيرها الجميل الى هناك حيث الله والحب والجمال.

انها الموسيقى
une lectrice -

انها الموسيقى تلك اللغة الرائعة التي صنعها الهام عبقري زار عالمنا ليقدم لنا الفرح والحب عبر نوتات سحرية لطالما الهمتنا وحملتنا بعيدا عبر اثيرها الجميل الى هناك حيث الله والحب والجمال.