أخبار

قطاع غزة.. تطرف ديني وسياسي يغذّيه الإنقسام الداخلي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ينقسم الموقف حول تقويم الوضع في غزة، حيث يعتبر البعض أنها تعيش مرحلة تراجع النضال الوطني وانقسام حاد أنتج ثقافة تعصّب حزبي، فيما يرى آخرون أن سرعة كشف الأجهزة الأمنية عن قتلة المتضامن الإيطالي مؤشر على استقرار الوضع فيها منذ بسط حركة حماس السيطرة على القطاع.

غزة: يعتقد كثيرون أن قطاع غزة الآن يمر في مرحلة تزمّت ديني وسياسي وسلوك عدواني غير مسؤول، في حين يرى آخرون أنها مستقرة منذ أن سيطرت حركة حماس على الحكم.

ويعزون ذلك إلى معرفتها بخبايا الأمور وإطلاعها على كل صغيرة وكبيرة داخل غزة، وهو الأمر الذي أكدته سرعة كشف الأجهزة الأمنية عن قتلة المتضامن الإيطالي. في المقابل، يتساءل فيه الناس عن شكل الأيام المقبلة ودور التنظيمات الفلسطينية والسلطات الحاكمة في حماية المتضامنين وإعادة رسم صورة حسنة عن غزة في أذهان العالم.

يحاول محللون وحقوقيون وسياسيون في ظل الوضع الراهن، الإمساك بطرف الخيط للوصول إلى كل من يحرك أحجار الدومينو في غزة كي تسوء سمعتها في المحافل الدولية، ولتصبح في موازاة مناطق الإرهاب حول العالم، وهو ما تريده إسرائيل، حسب اعتقادهم.

إهمال قوى الشباب أدى إلى تطرفهم

صلاح عبد العاطي محامي وناشط مجتمعي قال في حديث لـ"إيلاف" إن "المجتمع الفلسطيني كان في السابق مجتمعاً متسامحاً ويجمع بهويته كل التيارات والآراء، وكان هناك تعايش عال وقبول للآخر، باعتبار أن المعركة الأساسية كانت مع الإحتلال. ولكن أخيرًا وعند تراجع مسيرة النضال الوطني الفلسطيني وانقسام المجتمع الفلسطيني على أثر أوسلو، أصبحت هناك ثقافة ولغة جديدة تدخل للمجتمع الفلسطيني، وهي ثقافة التعصب الحزبي".

وأضاف "رغم أن مجتمعنا ليس طائفيًا بتركيبته العامة، لكن أصبحت هناك فئوية جديدة غيّبت قيم الحوار والتسامح والمساواة لحساب لغة العنف والعسكرة والتطرف، ودخل على ذلك فشل الأحزاب السياسية في إنجاز مشروع الوحدة وبناء نظام سياسي حقيقي، ذلك أدى إلى إيجاد بيئة ثقافية واقتصادية وسياسية تسمح بتنامي كل مظاهر التطرف والعنف، خاصة في ظل ممارسات الإحتلال الإسرائيلي التي أضافت عبئًا كبيرًا على المجتمع الفلسطيني، وأدت إلى قطع السياق التنموي التطويري".

وبيّن عبد العاطي قائلاً إن "هناك لغة استقطاب عالية تنامت مع الإنتفاضة الثانية، وبالتالي بدأت بدخول ثقافات متعددة، مضافاً إليها ظهور لحركات الإسلام السياسي وحركات المد الأصولي التي حملت في جوانب منها مخاطر التطرف والعنف، وانقلبت حتى على أفكار الحركات التي تنادي بالإعتدال السياسي وغيره".

وأشار إلى أن "إنقسام المجتمع الفلسطيني أدى إلى غياب استراتيجية وهوية موحدة، وبدأ ينتشر صراع المال والسلاح وقوى العولمة. وكل ذلك أوصلنا إلى خلطة عجيبة أدت إلى إهمال قوى الشباب، وبالتالي بدأت لغة التعصب والتربية الحزبية الفئوية التي أسست لثقافة متطرفة في الرأي والرأي الآخر.

كماأدت إلى صراع واقتتال على السلطة وصل إلى حد الإستعانة بالشيطان بحلفاء في الداخل والخارج، وأدت إلى إيجاد بيئة اجتماعية وسياسية واقتصادية منقسمة أثّرت بالسلب على كل الحالة الفلسطينية، وبالتالي شاهدنا تنامياً لجماعات أصولية تستخدم العنف عبر تفجير الكافتيريات ومحال الإنترنت، وهذه الحالة تمت مواجهتها لكونها تبعد عن الإسلام المعتدل والمتنور".

مجتمع غزة مرتبط ومتأثر بالثقافات المحيطة

وأوضح أن "فشل مشروع التفاوض القائم، وغياب مشروع السلام الحقيقي، وعدم انصياع الاحتلال لقرارات الشرعية الدولية، وكذلك صعود بوش المحافظ الأصولي وهجومه على الإسلام في فترة حكمه، كل ذلك ساعد في إيجاد ثقافة معادية وراديكالية عالية، أدت إلى تنامي الموجة الأصولية في العالم، وبالتالي بدأ صدام الحضارات وفق نظرية صموئيل هنتنغتون، فبدأنا نشهد صراعًا طائفيًا وعرقيًا وصراعًا ما بين علماني وأصولي، وهي صراعات تم إنباتها، وتم تغييب القضايا الحقيقية، وهي الإحتلال والإستعمار وسرقة النفط والمال وأزمة الإقتصاد الكوني".

ورأى عبد العاطي أن "المجتمع فقد وتيرة رشده ونمائه، وارتبطت حركته بحركة غيره من المجتمعات، فأصبحنا متأثرين بالثقافات المحيطة كموجة القاعدة وغيرها التي تركت أثر لدى بعض الشباب في مجتمعنا الفلسطيني".

وذكر أن "حركة حماس قطعت الطريق على الجماعات التكفيرية التي تحاول أن تأخذ القانون باليد، وقامت باستئصال موضعي، لكنها لم تقم بعملية معالجة فكرية أو معالجة البيئة من خلال إنهاء حالة الإنقسام السياسي".

وأكد عبد العاطي أن "قتل فتوريو وجوليانو سيؤثر على حركة التضامن بلا شك، لاسيما أن دولة الإحتلال هددت المتضامنين مرات عدة، وبثت دعاية مسمومة كثيرة في معظم دول العالم، ولذلك لابد من حماية وحراسة هؤلاء في ظل المخاطر المحدقة بالشعب الفلسطيني".

رسالة القتلة "غزة غير آمنة"

من جهته قال المحلل السياسي الدكتور ناجي شراب إن وراء كل جريمة سياسية فكر وإيديولوجية، وكل فكر وأيديولوجيا نتاج لثقافة ومنتج لها في الوقت نفسه، وأن الثقافة والفكر المحرض على القتل هو أحد عوامل القتل في الجريمة السياسية.

وأضاف في حديث لـ"إيلاف" أنه "إذا استمرت حالة الإنقسام ووقف المقاومة ستكون الضفة وغزة مفتوحة أمام عمليات العنف، وكذلك فإن اليأس والبطالة وحالة الفقر هي عوامل تساعد على خلق حالة من التطرف في الشارع الفلسطيني".

ورأى شراب أن جريمة اغتيال فيكتوريو اريغوني في غزة من طرف جماعة تركب موجة التدين والأسلمة لها دلالاتها وتداعياتها الخطرة، إذا وضعناها في سياقها الزماني والمكاني. وأضاف: "زمنيًا تأتي الجريمة في الوقت الذي فيه الفلسطينيون في أمس الحاجة لدعم وتأييد الرأي العالم العالمي لمواجهة استحقاقات الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة من جانب، ولتكثيف الضغوط على إسرائيل لفكّ الحصار نهائيًا عن القطاع، وتأتي وفي الوقت الذي يخوضون فيه (الفلسطينيون) معارك سياسية ودبلوماسية وقانونية في المحافل الدولية وعند الرأي العام العالمي لكشف الجرائم الإسرائيلية ومحاكمة قادة الحرب الإسرائيليين.

وتابع: "أما مكانيًا فتحدث جريمة الاغتيال في قطاع غزة، حيث يشد المتعاطفون مع عدالة قضيتنا الرحال ليعبّروا عن تضامنهم مع عدالة القضية، وكان فيكتوريو أحد هؤلاء الذين كسروا الحصار، حيث تعايش مع فلسطينيي غزة لثلاثة أعوام".

وأشار شراب إلى أن قتلة فيكتوريو كانوا يوجهون رسالة إلى الشعب الإيطالي لردعه عن التعاطف مع الشعب الفلسطيني وإظهار أن الفلسطينيين ليسوا أوفياء لمن يساعدهم، وأن قطاع غزة أرض غير آمنة للأجانب، وهي نفسها الرسالة التي تحاول إسرائيل توصيلها إلى العالم، ويضيف: "أيضًا تأتي الجريمة في الوقت التي تدّعي إسرائيل أن غزة باتت وكرًا لتنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات المتطرفة".

الانقسام ووقف المقاومة يزيد من ارتداد العنف داخليا

وبيّن شراب أنه "لا يكفي أن نشير بأصابع الاتهام لإسرائيل لكونها مستفيدة من جريمة اغتيال فيكتوريو، ففي غزة تتشكل بيئة من التطرف والانغلاق الديني تسمح لجماعات أن تمارس القتل باسم الدين، وأن تفتي محرمة ومحللة، كما يحلو لها، بحيث بات كل مواطن من خارج ظاهرة التدين الشكلاني والسياسي يشعر بالخوف والقلق على نفسه وأسرته وعلى مستقبل قطاع غزة".

وتابع: "لقد سبق وأن تم تفجير محال حلاقة سيدات ومقاه للشباب ومحال بيع أشرطة تسجيل والتعرض لفتيات بتهمة التبرج، وفي كل شوارع وأزقة غزة تنتشر اللافتات والشعارات الدينية متضمنة كل ما لا يخطر على بال من فتاوى التحليل والتحريم والوعد والوعيد، وكل شعار يعكس رؤية جماعة من الجماعات العديدة التي تتنافس على استقطاب شباب انغلق أمامهم أفق التعليم والعمل، بل وصل الأمر إلى مداهمة مكتبات ومصادرة كتب بحجة مخالفتها للشريعة".

وأوضح شراب أنه "عندما تلتقي ممارسات بعض الجماعات التي تنسب نفسها للإسلام، كالتي قتلت فيكتوريومع أهداف إسرائيلية، وعندما تتغذى هذه الجماعات من بيئة وثقافة تشجعها السلطة القائمة أو تشكل المرجعية الأيديولوجية لهذه السلطة، آنذاك يجب دق ناقوس الخطر والالتفات إلى الوضع الداخلي ومحاولة تحصينه، ليس فقط أمنيًا، بل ثقافيًا وديمقراطيًا".

وأكد أن"عملية التضامن مع غزة تراجعت، حيث لم تعد الوفود تأتي كما كانت سابقًا، لأنهم يعتقدون أن الحصار وأشياء أخرى تغيرت، وذلك يتطلب تغيير مفهوم التضامن مع غزة، لينتقل إلى تضامن مع القضية الفلسطينية بشكل عام".

التنظيمات مسؤولة عن تطرف الشباب

الدكتور إبراهيم حمد المتخصص في علم الإجتماع قال لـ"إيلاف" إن الأمن في غزة يلعب دورًا كبيرًا في التوجيه والحفاظ على الرعايا الأجانب، لاسيما في الظروف الفلسطينية الأخيرة.

وأكد حمد أن التنظيمات الفلسطينية هي المسؤولة عن تطرف الشباب وسلوكهم، وليس الأهل، وأشار إلى أن حل المشكلة مرتبط بإصلاح التنظيمات الفلسطينية لنفسها، والوحدة الوطنية بين شقّي الوطن.

وبيّن أن تبرئة الشعب الفلسطيني وتخفيف حدة مقتل المتضامن الإيطالي بالنسبة إلى الأجانب لابد أن يكون من خلال توجيه الرأي العام بشكل أصوب وأعمق للدفاع كذلك عن القضية الفلسطينية وكشف الحقائق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مأساة غزة
د محمود الدراويش -

ما الذي نقوله لشعبنا المحاصر في غزة لاطفالنا ونسائنا ,, لسكان مخيمات البؤس والشقاء والفقر والكبرياء والكرامة ,,, ما الذي يمكن قوله لهؤلاء القابضون على الجمر , الواقفون بين انياب التنين وامام نيران اسلحته , ما الذي يمكن قوله عن غزة الذبيحة التي تامل جسدها النازف الدامي العاري كثر من ابناء الامة دون نخوة وحمية ومروءة وشرف ,,, غزة التي تحوم في سمائها غربان الموت ,, وتفوح منها رائحة الدم والبؤس والشقاء ,, غزة اليوم رمز للامة ومدينة للكرامة بلا منازع ,, تحفر غزة في صخر الحياة بايدي عارية واجساد نحيلة, وجباه عالية وتصميم وثبات ملفت للنظر , تتسلح وتتشبث بعقيدة وبقايا كرامة ومروءة وشرف ,لم تستسلم ولم تساوم ولم تفرط ولم تنحني للقتلة والمجرمين واللصوص وقطاع الطرق والافاكين باسم الثورة والتحرير ,,لم تستسلم لمشردي شعبنا وقتلته , قاتلتهم غزة وتصدت لهم ومنذ اليوم الاول لنكبة 1967 وكارثته ,, قاتلت ببسالة ,صارعت العدو وجها لوجه ,, ادمته والحقت به ضررا ولم توفر له عناصر هدوء او امن ولم تيسر له سرقة الارض والاعتداء على حرمات الناس ,,, قارعت غزة المحتلين برجولة وجرأة واباء , قدمت الشهداء والدماء بسخاء ,, والعالم يعرف هذا ويعرف معدن غزة وسرها العميق ,ويعرف تاريخا قديما ماجدا وعظيما في مواجهة الغزاة والطامعين تفتخر به غزة وتفاخر ,,, عاد اليها الثوار عودتهم المشؤومة ,وبدأ مسلسل الضياع والعبث وتسميم روح غزة والعبث بكرامتها وامنها والتنكر لقيمها وانجازات اهلها ,,, والقصة معروفة لنا تماما ,,عمم الثوار في غزة روح الفصائلية والشللية والفساد وبسطوا الشرور في شوارع غزة وازقتها دون رادع او ضمير وهتفوا في كل حين وبمناسبة او غير مناسبة باسم فصائلهم لا باسم فلسطين وغزة الكبيرة, هتفوا بفجور كاذبين مدلسين ملفقين باسم امجادهم الوهمية بفجور وتضليل وخسة ,,, وكنت اسمع في جنبات غزة اصواتا مقيتة لا تمت لشعبنا بصلة على شاكلة هذه وهي كثيرة جدا ( انا ابن فتح ما هتفت لغيرها ) لم يهتفوا باسم فلسطين ولم يحملوا علمها بل اخذوا يرددون ترهاتهم وهرائهم في كل مكان , ويخلقون بهذا جوا من العزلة والعصبية والتعالي والتقسيم والتصنيف للناس , بل والاسفاف والحطة والوضاعة في مجتمع عرف تضامن افراده ونخوتهم وانتمائهم لوطنهم وعقيدتهم وشعبهم ,, لقد ادار هؤلاء الصبية العابثون ظهر المجن لشعبهم ووطنهم ويمموا صو