أخبار

بعطور: غياب أي تمثيل للتيار الليبرالي في تونس يطرح نقاط استفهام

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في حوار خصّ به (إيلاف) من تونس، ينقل منير بوعطور أمين عام حزب الأحرار حديث التأسيس، هواجس الليبراليين تجاه ما يتردد عن إقصاء متعمّد لهم من الحياة السياسية على غرار استبعادهم من تركيبة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة. ويهاجم بوعطور كذلك التيار الأصوليّ معتبرا إياه خطرًا على الديمقراطيّة.

منير بعطور الأمين العام لحزب الأحرار التونسي

تونس: ندد منير بعطور الأمين العام لحزب الأحرار التونسي خلال حوار مع "إيلاف" بتغييب التيار الليبرالي عن الساحة السياسية في تونس واستبعاده من تركيبة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي خلال هذه المرحلة المصيرية في تاريخ تونس، كما أكد أن حركة النهضة تمثل خطرًا على الديمقراطية في تونس.

واعتبر بعطور أنّ أي إقصاء لحزبه من تقلد منصب في فترة الرئيس المخلوع لا يمكن إلا للقضاء المستقل أن يبت فيه.

وفي ما يلي نصّ الحوار كاملا:

في البداية لو تقدمون حزب الأحرار التونسي وبرامجه؟

حزب الأحرار التونسي تكوّن في مؤتمر 6 فبراير/شباط 2011 من خلال تحالف بين ليبراليين مستقلين وحزب التجمع من أجل مغرب عربي موحد للشاذلي زويتن ومنشقين عن الحزب الاجتماعي التحرري، وهو ذو توجه ليبرالي يميني ينتمي إلى المنظومة الليبرالية الدولية، ويدعو إلى تحرير الاقتصاد والخوصصة وعدم تدخل الدولة سوى في القطاعات الإستراتيجية كالأمن والصحة والتعليم ...ولا مركزية حقيقية عن طريق انتخاب مجالس جهوية لها سلطة فعلية، كما ندعو إلى قراءة حداثية للدين الإسلامي، ونعتبر أن تونس بنيت على نظرة حداثية ويجب المواصلة في هذا النهج.

كما ندعو إلى العدالة الجبائية ومقاومة التهرب الضريبي واحترام حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية نيويورك لمقاومة التمييز ضد المرأة والمحافظة على مكتسبات مجلة الأحوال الشخصية، ونؤكد أنها لا تتعارض والدين الإسلامي، وندعو إلى الدفاع عن حقوق الطفل، ومن بينها التبني، وعلى المستوى الاقتصادي رؤيتنا تقوم على المبادرة الخاصة، ويجب خلق الثروة قبل توزيعها، ومن هنا ندعو إلى تخفيض قيمة الفائض المعتمد من البنك المركزي لتمكين المؤسسات والباعثين الخواص من الاقتراض بشروط فائض مُيسّر حتى يقع تحريك عجلة الاقتصاد.

ونقول إن المؤسسة الاقتصادية الخاصة هي عماد الاقتصاد، لذا يجب أن تسير بشكل ديمقراطي عن طريق إشراك العمال في أخذ القرارات التي تهمّ مصير المؤسسة، وكذلك ندعو إلى مرونة التشغيل والعقود التي تنظمه وإشراك العمال في النتائج الاقتصادية والأرباح التي تحققها المؤسسة، ويجب على الدولة أن تقوم برصد إعتمادات اكبر للمناطق المحرومة خلال الفترة السابقة، في إطار التعديل الوطني، ونرى أن النظام الليبرالي هو النظام الوحيد الذي يمكن إتباعه. فمن يدعو إلى الشيوعية أو الاشتراكيةما زالوا يعيشون في القرون الوسطى، فالقطاع العام لا ينتج غير الفساد والرشوة والمحسوبية، وبطبيعة الحال نحن ندعو إلى رفع القيود على الحريات الفردية، ما لم يكن فيها مسّ بحرية المجموعة.

وبالنسبة إلى طرحكم السياسي ؟

نحن من دعاة نظام برماني مختلط، بمعنى أن تكون الحكومة هي من تملك السلطات ومنبثقة من برلمان تملك فيه الغالبية، لكن مع وجود رئيس دولة غير منتخب انتخاب مباشرًا، إنما من قبل كبار الناخبين كأعضاء البرلمان والمجالس الجهوية ورؤساء المجالس البلدية كي لا يتمتع بشرعية الانتخاب المباشر وتكون سلطاته محدودة كتعيين السفراء وكبار العسكريين، وله الحق في حلّ البرلمان مرة واحدة خلال مدته النيابية لفرض التوازن بين السلطات.

كما ندعو إلى مجلس أعلى للقضاء منتخب بصفة كلية، وضد ترأس رئيس الدولة هذا المجلس، لإضفاء استقلالية أكثرعليه، ونحن في حزب الأحرار التونسي من دعاة اللامركزية الفعلية، وديمقراطية محلية، مع المحافظة على كل مكتسبات تونس الحداثية من حقوق وحريات المرأة والطفل، وضد أي تيار رجعي ظلامي، يمكن أن يمس ويهدد هذه المكتسبات.

كمنشقين عن الحزب الاجتماعي التحرري، الذي نشط في عهد بن علي،لماذا لفترة ما بعد الثورة لم تنفصلوا عن هذا الحزب، رغم تصنيفه من طرف المتابعين كحزب موال للسلطة؟

نحن لم ننتظر 14 يناير/ كانون الثاني، فالخلاف نشب بيننا منذ أكثر من سنتين في صلب الحزب، وطالبنا بمؤتمر استثنائي، وتغيير سياسة الحزب، وقمنا باعتصامات أثناء الثورة للمطالبة بالإطاحة بقيادة الحزب، باعتبارها موالية لبن علي، وتحركنا مع أول نفس للحرية، ودعونا إلى مؤتمر خارق للعادة، لكن القضاء لم ينصفنا، والحكم الصادر في حوزتنا الآن، ويمكن لمن يريد الإطلاع عليه.

الهوية التونسية أو الفصل الأول من الدستور القديم مثل محور جدل بين مختلف الأطياف السياسية والحساسيات الفكرية. ماهو موقفكم بالضبط من هذا الفصل؟

أحزاب ليبراليّة تونسية تسعى إلى البروز بعد الإطاحة ببن علي
زمرّدة دلهومي محمّدي من تونس

لو كانت الدولة تصوم وتحجّ، لقلنا إن دينها الإسلام، إنما تركيبة الفصل نفسه "تونس دولة عربية، دينها الإسلام"، هي مسألة هوية، وليست دينًا بالمعنى العقائدي، فالدولة لا معتقد لها، وهذا بالنسبة إلينا لا نعتبره موضوع نقاش.

فـ99% من التونسيين يعتبرون أن هويتهم عربية إسلامية، ومن أثار ويثير مثل هذه المسائل لا يمسّ أي من الموضوعات التي تشغل فكر التونسي العادي الحداثي، الذي يعيش في دولة مدنية منذ قرون، ولم يكن في تاريخ تونس أي تسلط للدين على السياسة، بل العكس، فالسياسة من تحاول تطويع الدين، ومثل هذه المعضلة كانت مطروحة في فرنسا،حيث كانت الكنيسة تسيطر على الحكم، ونحن نعتبر أن الفصل الأول يحدد الهوية، والإشكال الذي يطرحه البعض مستورد، ولا نعيش في تونس تسلطًا للسياسة على الدين.

هذا بالضبط ما شهدته مساجد فيمناطق عدةمن خلال الدعوة إلى انتخاب أشخاص أو أحزاب معينة دون غيرها. كيف ترون مثل هذه الممارسات؟

هذا مطروح خارج إطار الفصل الأول، ونحن نعتبر أن الأحزاب ذات الخلفية الدينية تحاول استغلال المساجد وإضفاء صبغة دينية على العمل السياسي، ونحن نقول إنّ المقدس يجب ألاّ يدنّس بالسياسة، ويبقى قاسمًا مشتركًا بين جميع التونسيين، وليس لحزب سياسي أن يكون ناطقًا باسم الدين أو الإسلام، وإن كان كذلك فليتفضل ويرينا التفويض الإلهي الذي يخوّل له لعب هذا الدور،فالدين مسألة عقائدية، ويجب على الدولة حماية حرية ممارسة الشعائر الدينية والمعتقد وحق الأقليات كالمسيحيين واليهود واللا دينيين...ولكن إقحام الدين في السياسة مرفوض وغير معقول.

هل تقصد حركة النهضة ؟

نعم، مثلا حركة النهضة تتميز بخطاب مزدوج، حيث تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، التي تتمثل في اجتهادات لفقهاء زمانهم، مثل تحريم التبني الذي نعتبره حقًا من حقوق الطفل، وإن ولد خارج إطار الزواج، وفي بعض الأحيان تستعمل قيادة هذا الحزب خطابًا حداثيًا، ويتقبلون الرأي المخالف، ويعترفون بحقوق المرأة وما أقرته مجلة الأحوال الشخصية، ولكن حين نتابع خطاباته بإمعان، نستشف أن كل ما وقع اكتسابه وتحقيقه خلال أكثر من 50 سنة ينوون هدمه كليًا، لكن بصفة تدريجية، لذا فنحن نعتبر أن حركة النهضة خطر على الديمقراطية.

ماهو تقويمكم لطريقة تسيير دواليب الدولة وقرارات الحكومة المؤقتة الحالية؟

الحكومة الانتقالية لم تتجاوز فترة إمساكها بزمام الأمور شهرين، لذا لا يمكن الحكم عليها وعلى أدائها بصفة قطعية، لكن ما نعتبره الاستحقاق الأول هو الملف الأمني، سواء كانت هذه الحكومة أو غيرها.

المهم هو تجنب الفراغ السياسي، مع التأكيد أن هذه الحكومة لا لون سياسي لها، ومن هنا لا يمكننا اتخاذ موقف منها، سواء كان بالمعارضة أو التأييد، لأن دورها انتقالي، تصريف أعمال وإدارة عجلة الاقتصاد والخروج من هذه المرحلة الدقيقة، خاصة أن نسبة النمو لهذا العام ستكون صفرًا، حسب ما توقعه متخصصون.

هل يمكن حسب رأيكم فرض استتباب الأمن وهيبة الدولة بإتباع سياسة أمنية بحتة؟

ما يهمّ هو إعادة الأمن سواء بالقوة، الحوار أو الإقناع، فدولة لا أمن فيها، لا يمكن أن تنتقل إلى الديمقراطية، ونحن نرى أن الأمن يجب أن يتحقق بكل الطرق.

وبخصوص الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، مار أيكم في المقترحات التي ترفعها إلى الحكومة ودورها عمومًا خلال هذه المرحلة؟

هذه الهيئة لا تمثل الشّعب التونسي بكل تأكيد، فهي ليست منتخبة، وتعيينها وقع بطريقة عجيبة ومثيرة للريبة، فنجد في صلبها أحزاب ممثلة في ثلاثة أشخاص، ونجد الزوج وزوجته، بينما لا يوجد أي طرف يمثل التيار الليبرالي في تونس الحداثية.

وهنا لا اقصد حزب الأحرار التونسي فحسب، بل التيار الليبرالي عمومًا، الذي غُيّب من هذه الهيئة، التي تتخذ قرارات متطرفة، وهذا يعود إلى تكونها من يساريين وإسلاميين متطرفين، والتيار المعتدل في صلبها ليس له أي تأثير.

هل تقصد مقترح إقصاء التجمعيين وكل من تقلد منصب خلال حكم الرئيس المخلوع من انتخابات المجلس التأسيسي؟

نعم، ليس من المعقول أن تصدر مثل هذه الممارسات دون اللجوء إلى القضاء/ الذي نعتبر أنه الوحيد المخوّل له أن يحرم أي تونسي من حقوقه المدنية، ولكن ليس هيئة لا تمثل التونسيين.

وبالنسبة إلى مبدأ المناصفة الذي وافقت عليه الحكومة المؤقتة؟

هذا القرار لا طعم له، وهو في الأصل مقترح الهيئة، ويثبت أن معظمهم غير واع بالعمل السياسي، فغالبية الأحزاب غير قادرة على احترام هذا الشرط، خاصة في دواخل البلاد.

وهذا إقصاء من نوع آخر، فكل حزب له حرية ترشيح من يرى أنه مناسب وأكثر إشعاعًا في منطقته أو دائرته الانتخابية، فالدانمرك مثلاً لم تمر إلى المناصفة إلا بعد 50 عامًا من تطبيق نظام الكوتا لإدماج المرأة تدريجيًا في العمل السياسي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف