أخبار

"قبر يوسف"... صراع فلسطيني – إسرائيلي بقالب ديني

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مقام يوسف كما يطلق عليه الفلسطينيون... أو ضريح يوسف كما يحلو للإسرائيليين تسميته... نقطة صراع متجددة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث بات كالمسمار الذي غرس في خاصرة نابلس.

جانب من المواجهات التي اندلعت عند المقام

نابلس: يعد المقام نقطة خلاف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث يعتبره الفلسطينيون مقاما إسلاميا في حين يعتبره الإسرائيليون ضريحا للنبي يوسف عليه السلام ويسعون جاهدين للسيطرة عليه تحت حجج دينية.

وقال عبد الله كلبونة، مدير عام إدارة المواقع والتراميم في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية في لقاء خاص مع "إيلاف": "إن مقام يوسف يقع عند المدخل الشرقي لمدينة نابلس وبجوار مدينة شكيم الكنعانية وينسب إلى النبي يوسف بن يعقوب عليه السلام".

وأكد كلبونة تضارب الروايات التاريخية بنسب هذا المقام إلى النبي يوسف، منوها في الوقت ذاته إلى أن في فلسطين يقوم هناك ما يفوق ستمائة مقام إسلامي بحيث تكاد لا تخلو قرية أو سهل أو جبل من هذه المقامات.

وفيما يتعلق بتعريف المقام وأشكاله، أوضح كلبونة أن المقام حسب مفهوم عامة الناس هو كل مكان تعتقده العامة وتقدسه إما لنبي مر من عنده أو ولي صنع فيه إحدى عجائبه أو لأي سبب آخر مجهول.

وبحسب كلبونة فإن المقام إما أن يكون مبنيا أو عبارة عن مغارة فيزيائية أو شجرة وليس بالضرورة احتواء هذه المقامات على أية رفات، وقال على هذا الأساس فإن: "المكان الموجود في منطقة بلاطة البلد هو مقام إسلامي وليس ضريحا كما تدعي إسرائيل".

وذكر مدير عام إدارة المواقع في وزارة السياحة والآثار أنه وكما يعرف الجميع فإن النبي يوسف هو شخصية يؤمن بها ويقدسها أتباع الديانات الثلاث.

روايات إقامة المقام

ولفت إلى أن التوراة تشير إلى أن النبي موسى حين هرب من مصر مع أتباعه حملوا رفات النبي يوسف التي لم يكونوا على علم بمكان وجودها وأن امرأة عجوز دلتهم على مكانه، وتتابع الرواية التوراتية أنه تم دفن رفات النبي يوسف في هذا المقام.

وأكد كلبونة أن الأبحاث والدراسات التاريخية والأثرية لم تثبت صحة هذه الرواية خاصة وأن أحد العلماء المصرين قال إنه اكتشف مومياء للنبي يوسف في مصر عام 1988، إضافة إلى التحليلات التي تؤشر إلى أن موسى وأتباعه خرجوا من مصر خائفين فكيف لهم أن يقوموا بالتنقيب عن رفات ونقله.

وأوضح أنه تمت الإشارة إلى هذه المنطقة بأنها مقام النبي يوسف في العهد الروماني حيث أقيم هذا المقام تخليدا لنبي الله يوسف وبتأثير من الرواية التوراتية.

وبين كلبونة أنه وفي العهد الإسلامي يبدو أنه تمت دراسة المقام جيدا حيث أقام المسلمون مقاما للنبي يوسف بتأثير الرواية التوراتية رغم اختلاف بعض المؤرخين في العصر العباسي من حيث نسبة المقام إلى النبي يوسف فيما أشار بعضهم إل وجوده في الخليل.

وفيما يتعلق برواية أحد المؤرخين بأنه يعود إلى شيخ من عائلة دويكات، قال كلبونة: "لا صحة لذلك". موضحا أنه مهما يكن فإن هذا الموقع يعتبر مقاما إسلاميا اعتنى به المسلمون ومارسوا فيه طقوسهم وعباداتهم وتقاليدهم لاسيما أهالي مدينة نابلس الذين كانوا يصلون به ويقرؤون فيه سيرة المولد النبوي خاصة في شهر شعبان ويحتفلون به لختان أولادهم ويوفون نذورهم إضافة للمواسم الخاصة بالنابلسيين التي كانت تؤدى به خلال فصل الربيع.

الناحية المعمارية لمقام يوسف

المقام من الداخل بعد الترميم

وبخصوص الناحية المعمارية لمقام يوسف أكد مدير عام إدارة المواقع في وزارة السياحة والآثار أن المقام يقوم على مساحة تعادل 661 متر مربع وكان في البداية عبارة عن قبر بسيط فوقه قبة ضحلة مفتوحة الجوانب الأربعة.

ولفت كلبونة إلى أنه وفي أواخر العهد التركي العثماني تم إغلاق هذه القبة وبناء سور حولها، وفي عام 1927 تم إضافة غرف إليه لاستعماله كمدرسة لأهالي المنطقة وكان له حارس بصفته أحد الأوقاف التي تديره دائرة الأوقاف الإسلامية في نابلس.

وأشار إلى أنه وفي عام 1987 تم الاستيلاء عليه من قبل السلطات الإسرائيلية ثم حول إلى مدرسة دينية وأصبح محاطا بالجيش الإسرائيلي ولا يسمح الاقتراب منه وفي انتفاضة الأقصى الثانية شهد المقام وقوع اشتباكات عنيفة أدت سقوط شهداء فلسطينيين وقتلى يهود دفعت الجيش الإسرائيلي لاحقا إلى الانسحاب من المكان.

المقام بؤرة توتر

وقال محافظ نابلس اللواء جبرين البكري في لقاء خاص مع "إيلاف": "إنه لا توجد اتفاقات واضحة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل فيما يتعلق بمقام يوسف، ولكن وحسب اتفاقية أسلو وموضوع القبر كان هناك اتفاق على دوريات مشتركة ترتب عمليات الزيارة له".

وأضاف: "حدث في السابق عدة مشاكل وكان مقام يوسف بؤرة توتر للطرفين حيث سقط العديد من الشهداء الفلسطينيين والقتلى الإسرائيليين إثر المواجهات التي كانت تندلع في محيطه وهو بؤرة توتر دائمة".

وفيما يتعلق بآليات الزيارات لهذا القبر أو المقام، أكد البكري أن المنهجية التي يتم التصرف بحسبها هي أن نابلس كلها تحت الاحتلال، منوها إلى أن العرف المتبع في هذا الموضوع رغم عدم الرضا الفلسطيني عنه يتمثل بأن الجيش الإسرائيلي خلال زياراته برفقة المستوطنين إلى المنطقة يطالب بعدم تواجد قوات الأمن الفلسطينية ويعمل على تأمين زيارة المستوطنين.

وشدد المحافظ على ضرورة أن يكون هناك تفاهمات لزيارة الإسرائيليين لقبر يوسف وأن لا يبقى لليهود فقط بل لكافة الطوائف وكل من يريد أن يزور هذا المكان التاريخي، مؤكدا أن هذا الموضوع بحاجة إلى حالة تفاهم وتوافق ليكون هذا الموقع مكانا تاريخيا يسمح للجميع بدخوله دون أية مشاكل.

وقال البكري: "إن تأمين القبر هو من ضمن مسؤولياتنا كونه يقع في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وتحت السيادة الفلسطينية، مؤكدا أنه وفي السابق حضر مسؤولون إسرائيليون إلى المكان بسياراتهم تحت حماية الأمن الفلسطيني وهذا يؤكد أن السلطة قادرة على تنظيم هذا الموضوع دون أية مشاكل".

وبين أن عنجهية الاحتلال وسلوكه على أرض الواقع وعمله تجاه هذه القضية بحجة أنه يريد أن يؤمن الزيارات للمستوطنين والمتدينين اليهود هي التي تخلق المشاكل وتؤجج التوتر في المنطقة.

ودعا المحافظ أهل نابلس خاصة أولئك القاطنين قربه إلى ضرورة النظر إلى هذا المقام باحترام، مشددا في الوقت ذاته على أهمية أن لا يبقى هذا المكان بؤرة للتوتر.

وقال البكري: "أعتقد أن كل الطوائف سواء المسلمين أو المسيحيين أو السامريين أو اليهود تنظر إلى هذا القبر والمقام باحترام كمكان تاريخي وديني، لذلك يجب أن يكون هناك احترام لقدسية هذا المكان ولا يجوز أن يكون هناك محاولات لتخريبه أو تحويله لبؤرة توتر حتى لا ينعكس ذلك على كل المحافظة".

وأضاف: "لا نريد أن يكون هذه المقام بؤرة توتر كي لا يعمل دعاية مضادة ضد الفلسطينيين بحجة عدم احترام الاتفاقات ومحاولة التغيير والتبديل فيه".

يذكر أن السلطة الوطنية قامت قبل عدة أشهر بإعادة ترميم المقام كونه يقع تحت سيطرتها في المناطق المصنفة "A" ويعد موقعا أثريا إسلاميا وسياحيا.

تخوفات من المستقبل

بدوره قال غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية في اتصال هاتفي مع "إيلاف": "إن مقام يوسف تحول إلى مسمار جحا للمستوطنين داخل مدينة نابلس بحيث يؤمونه بصورة متكررة بحجة الصلاة فيه وأداء طقوس دينية بحماية الجيش الإسرائيلي".

وأضاف دغلس: "أن اقتحام المستوطنين مقام يوسف يأتي من باب "إرضاء" الاحتلال لكبار المستوطنين، محذرا في الوقت ذاته من خطورة تكرار اقتحام المكان والمتمثلة بتحويله إلى منطقة دينية يهودية كما حصل في قبة راحيل ومسجد بلال ببيت لحم، وفرض الوقائع على الأرض".

وكان الأمين العام للجبهة الإسلامية المسيحية للدفاع عن المقدسات حسن خاطر أشار إلى أن "مقام يوسف" سيكون من بين 150 موقعاً ينوي الاحتلال ضمها إلى ما يسمى "قائمة التراث الوطني.

وفي تصريح صحافي أعرب الجيش الإسرائيلي، عن امتعاضه من تصرفات المستوطنين لا سيما أتباع الحاخام بارتسلاف والذين يقتحمون الأراضي الفلسطينية خلسة ومن وراء ظهر الجيش بحجة الصلاة في القبر في نابلس أو غيرها من المقامات الفلسطينية الأمر الذي تسبب في وقوع مواجهات كان آخرها مقتل مستوطن وإصابة ثلاثة آخرون.

وأورد تلفزيون إسرائيل القناة الثانية على لسان المحلل الأمني المقرّب من قيادة أركان الجيش، أن قيادة الجيش تبدي امتعاضها من سلوك المستوطنين الذين لا يكفوا عن التسلل للأراضي الفلسطينية رغم انف الجيش، مؤكدا في الوقت ذاته، أن أكثر من 3000 مستوطن يهودي دخلوا نابلس وصلّوا في قبر يوسف تحت حماية الجيش في غضون السنة الماضية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف