دولة تنطلق من الأمم المتحدة.. حلم فلسطيني ينتظر التحقيق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تتباين ردود فعل المحللين والكتاب الفلسطينيين إزاء الخطوات التي تقوم فيها السلطة الفلسطينية على الصعيد الدولي، استعدادًا للمطالبة باعتراف عالمي بالدولة الفلسطينية من خلال الأمم المتحدة، ويعتقد البعض أن مقوّمات الدولة غير متوافرة حتى الآن.
تمضي السلطة الفلسطينية في خطوتها الرامية إلى الحصول على اعتراف عالمي بالدولة الفلسطينية، متخذة من الأمم المتحدة نقطة الإنطلاق نحو هذا الاعتراف المنشود، إلا أن مراقبين يشككون في جدوى هذه الخطوة وفاعليتها.
فيما رحّب آخرون بالخطوة، وأكدوا أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية سيكون إيجابيًا وتحديًا للسياسية الإسرائيلية الرامية إلى مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية ومدينة القدس.
وفيماتتواصل دعوات الفلسطينيين وإظهار تحدياتهم لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967، ووقف الاستيطان،إضافة إلى "الحل العادل لعودة اللاجئين"، وبحث سبل التفاهم في ما يتعلق بالقضايا العالقة التي تعوق تطبيق قيام هذه الدولة، فإن إسرائيل تبدي حذرًا إزاء الخطوة الفلسطينية، وتسعى إلى إحباطها عبر حملة دبلوماسبة واسعة.
في هذا الوقت، يرى محللون سياسيون أن أدوات هذه الدولة لم تنضج، خاصة في ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والسياسية، والتي أعلنت السلطة الفلسطينية عنها وأكدت أنها جاهزة، لكنها، بحسب مراقبين، فقد بدت في نظرهم لا تخرج عن إطار الشكلية المتواضعة، وأنها في "بحر من الخيال". وتحدث محللون سياسيون وباحثون إعلاميونلـ " إيلاف" حول ماهية هذه الدولة، مؤكدين أن الواقع الفلسطيني وما يعيشه الفلسطينيون من احتلال وصراع متطور وأحداث ميدانية يومية يشكل عقدًا كثيرة وخريطة مختلفةتصب في مصلحةإقامة هذه الدولة.
ولا يخفي البعض من أن للفلسطينيين القدرة على إقامة الدولة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية لها ما تقوم به إزاء هذه الخطوة.
وتشتد معضلة إقامة هذه الدولة بشكل اكبر في هذه المرحلة، التي تم التوصل فيها إلى اتفاق لإنهاء الانقسام ما بين حركتي فتح وحماس، وهذا الاتفاق لإسرائيل، والتي بدأت تتوعد السلطة بعقوبات ومقاطعة، من شانه أن يعوق التقدم في تنفيذ خطوات قيام الدولة.
الدولة في مدر وجزر
الكاتب الفلسطيني عبد السلام الجمل قال لـ "إيلاف" إن قيام الدولة في الفترة الحالية سيكون غير متوازن، خاصة أن الظروف الدولية المحيطة تؤثر بشكل كبير في قيامها، وكذلك إسرائيل، التي تشكل العقدة في المنشار أمام هذه الدولة المنشوردة، على الرغم من أن المقوّمات واعتراف المؤسسات الدولية جاهزة، لكن لا يخفى على احد أن الولايات المتحدة وإسرائيل تبقى مانعًا لهذه الدولة.
وأضاف "إذا كان هناك التزام دولي واعتراف رسمي تجاه هذه الدولة وتقديم الدعم وآلية التنفيذ لإتمام إقامتها فمن الممكن أن يطبق الموضوع على ارض الواقع من دون أن نجد عوائق هدامة، وان وجدت فمن السهل تجاوزها. أما في ما يخص الاتفاق على الوحدة بين حماس وفتح، فمن شانه أن يجعل إسرائيل ترفض إقامة الدولة الفلسطينية بوجود وحدة وطنية.
وأوضح أن هناك إمكانية بأن تكون إسرائيل بمعزل عن إعاقة قيام الدولة الفلسطينية، في وقت تضغط فيه الدول بقوة عليها، وتهددها بعلاقاتها الإقليمية معها، وإلا فان الدولة الفلسطينيةلن تشرق شمسها في أيلول/سبتمبر المقبل، ولن يكون لها أية معالم، بل على العكس، من الممكن أن تنقلب الأمور رأسًا على عقب مع إسرائيل، وغالبًا سيتم إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
أما الكاتب والإعلامي سعيد أبو معلا فأكد لـ "ايلاف" أن ذلك هو خرافة الدولة الفلسطينية قائلاً: أولاً، لا نرى في تحضيرات إقامة الدولة الفلسطينية إلا طحنًا بلا طحين، عمليًا لا نرى مقومات بناء دولة فلسطينية على أبسط المقومات، ومن أبرز مقومات الدول الأرض، حيث لا نرى أرضًا لها حدود ومعابر وسيادة ... الخ، نرى شعبًا يعيش على أرض مقسمة على كانتونات، وتحكمها وتسيطر عليها يد الاحتلال، وبالتالي عندما تفتقد أي دولة أحد أهم المقومات، يكون طرحها مجرد لعبة أو دعاية ليست بجدية".
وأضاف أبو معلا: "لو افترضنا أن الأرض ومأزقها حلّ بأي طريقة كانت، هل لدى مناطق السلطة الفلسطينية أي موارد اقتصادية، كيف لنا بدولة فعليًا... في ظل اعتمادنا على 90% من موارد السلطة المالية هي نتاج مساعدات غربية وضرائب من المواطنين".
وتابع قائلاً: "أرى أن كل شعارات التي تؤكد أن مشروع إقامة الدولة الفلسطينية جاهزة لإطلاقها هي مجرد وهم وإشغالنا كفلسطينيين عن صراعنا الأساسي، وهو مقاومة الاحتلال الصهيوني، تتشكل الدولة في اللحظة التي يهزم الاحتلال عبر مقاومتنا، وليس عبر تصالحنا معه، وكأن مشكلتنا في شق الطرق وبناء مؤسسات ومقار أمنية ووزارات ليس من أمرها شيء".
أين مقومات الدولة
ويتساءل المحلل السياسي محمد جودة حول وجود مقومات الدولة، مؤكدًا لـ "إيلاف" أن ما يحيط بهذه الدولة هو خيال واسع، خاصة أنها تفتقد الاقتصاد والسياسة، والشعب الفلسطيني أصبح يعتمد على الدعم الخارجي بديلاً من الصناعة والزراعة، وهذا ما من شانه أن يضعف الدولة، لا بل لا يجعل لها كيانًا على الإطلاق.
ويشير جودة إلى أن "الاحتلال يسيطر بشكل كبير على الأرض الفلسطينية، والتي هي من أساسيات الدولة، التي لا يمكن أن يوافق الاحتلال على التخلي على أقسام منها أو كلها لمصلحة الدولة الفلسطينية، وكذلك الدولة يصعب التواصل فيها لوجود المستوطنات، بمعنى أن الضفة وغزة لن تكونا صالحة لدولة على هذا النمط الموجود، فالجدار والحواجز والمستوطنات عوامل هدامة للدولة الفلسطينية".
غزة والدولة الفلسطينية
كان لقطاع غزة من خلال الإعلامي فادي عبيد من قطاع غزة رأي مختلف، فقال لـ"إيلاف": بالنسبة إلى موضوع إعلان الدولة، من حيث المبدأ، يحمل في طياته العديد من الأمور الإيجابية، لكونه نجح في إحراج إسرائيل، وجعلها تجند طاقاتها الدبلوماسية المختلفة لعرقلة حدوث ذلك، وهذا أمر لم يعد سرّاً، كما إن مسألة إعلان الدولة أعاد تسليط الضوء على انحياز الغرب لإسرائيل، ووضع النقاط على الحروف".
وأضاف: "لكن هذه الدولة هل ستلبّي طموح الفلسطينيين؛ فأنا أعتقد أنها ستنجح إلى حد ما في ذلك، لكن الأهم هو البناء على هذه الخطوة، واستغلال الظروف الإقليمية الراهنة، لجعل هذه الدولة ذات معنى ومضمون". لافتًا إلى"بالنسبة إلى قطاع غزة، فهو أضحى جزءاً رئيساً في هذه الدولة، خاصة بعد التغيرات التي حصلت في مصر، ونحن اليوم بتنا نجد تماهي مصريًا مع أهالي القطاع، وإصرارًا على التخفيف عنه. إن الدولة بطبيعة الحال ستقاممن دون اتفاق مع الاحتلال، وبالتالي فإن التواصل مع قطاع غزة من الممكن أن يكون مؤقتاً من خلال معبر رفح فقط".