الجزائر: عيد الصحافة تحت وطأة واقعٍ مهني مزرٍ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
استقبل الصحافيون الجزائريون عيد الحرية والتعبير تحت وطأة واقع مهني وصفوه بالمزري. وبالمناسبة أطلقت مجموعة مستقلة من الصحافيين الجزائريين، حملة "الكرامة من أجل الصحافيين" التي عبّرت عن احتجاجها على ظروفهم السيئة.
الجزائر: احتفلت الأسرة الإعلامية في الجزائر اليوم، بالعيد العالمي لحرية التعبير والصحافة، على وقع الاحتجاج على واقع مهني واجتماعي، يصفه الكثير من منتسبي المهنة بـ"المزري"،فمهنة الصحافة في الجزائر، حسب هؤلاء، "لن تجني على صاحبها سوى المتاعب، والديون".
بهذه المناسبة، أطلقت مجموعة مستقلة من الصحافيين الجزائريين، حملة "الكرامة من أجل الصحافيين"، وكان من المقرر أن تنظم إضرابًا وطنيًا اليوم، لكنها تراجعت عن هذا القرار، واكتفت بتنظيم اعتصام، للتنديد بالواقع المعيشي الصعب للصحافيين في الجزائر.
تتصدر المطالب الاجتماعية أولوياتهم، بحيث يبلغ عدد الصحافيين الذين لا يمتلكون سكنًا أكثر من 60 %. ويلجأ هؤلاء إلى الاقامات الجامعية، لعدم قدرتهم على دفع تكاليف استئجار الشقق. كما إن الأجور المتدنية تشكل الهاجس الأكبر، لأنمعظم الصحافيين لا يتقاضون أكثر من 20 ألف دينار، وهو أجر لا يكفي حتى لإستئجار شقة في العاصمة لمدة شهر.
من جهة أخرى، يعاني بعض الصحافيين مشاكل صحية، مما يساهم في تردي الإنتاجية الصحافية. ورغم تعدد النقابات الصحافية، إلا أنها لم تتمكن من تغيير هذا الواقع، الذي ساهمت فيه السلطة إلى حد بعيد، من خلال غياب نوايا حقيقية لتحسين قطاع الإعلام. وتكمن الخطوة الأولي للإرتقاء بمستوى المهنة ومزاوليها، في تنصيب ما يسمى بهيئات الضبط والتنظيم الذاتي للمهنة.
وحسب حديث رئيس الفيدرالية الجزائرية للصحافيين، الإعلامي عبد النور بوخمخم، لـ"إيلاف"، فإن الصحافيين في الجزائر يواجهون تحديات عدة من أجل الحفاظ على كرامتهم، والاستجابة لمطالبهم، ويعتبر أن "تعدد النقابات المدافعة لن يعالج المشكلة، إذا لم يتم إيجاد أوراق وبدائل لتحقيق الأهداف والأولويات".
وقال بو خمخم إنه من "بين الأولويات بالنسبة إلى الصحافيين الجزائريين، ضرورة التكتل لدفع الحكومة والسلطة السياسية من أجل إعطاء الضوء الأخضر لتنصيب هيئة الضبط والتنظيم الذاتي للمهنة، والممثلة في المجلس الأعلى للإعلام، ولجنة البطاقة المهنية للصحافيين".
وأوضح أن العمل بهذه الهيئات مجمّد منذ إعلان حالة الطوارئ، والآن تم إيقاف العمل بهذا القانون، و"يفترض" أن تسمح السلطة أو الحكومة للصحافيين بتنظيم أنفسهم، وانتخاب تركيبة الهيئتين، الأمر الذي سيعطي قوة حقيقية للنقابات الصحافية.
أما التحدي الثاني فيتمثل في "ضرورة تكتل الإعلاميين الجزائريين من أجل الضغط على الدولة لإنهاء الاحتكار على القطاع السمعي البصري، فاحتكار الدولة له أفرز إنتاجًا رديئًا في القطاع العمومي، في المقابل تم حرمان المئات من الطاقات الجزائرية من إنشاء قطاع سمعي بصري مستقل".
استغرب بوخمخم لوجود عراقيل تحول دون إنشاء الصحافيين عناوين صحافية جديدة، رغم أن قانون 90 ينص صراحة أن كل صحافي يملك الحق في إصدار عنوان، لكن في الواقع ممثلي السلطة في الولايات ووكلاء الجمهورية " تغلق الأبواب "أمام أية محاولة في هذا الصدد، من دون مبررات قانونية أو دستورية". أما التحدي الرابع فيرى بوخمخم انه "من الضروري على الصحفيين التآزر لإجبار الحكومة على إنهاء احتكار الدولة للإشهار العمومي"، لأن هذا الاحتكار"حوّل الكثير من الصحف إلى دكاكين تتقاسم ريوع الإشهار العمومي".
هذه الأولويات والتحديات كلها تتماشى، حسب رئيس الفدرالية للصحافيين الجزائريين، جنبًا إلى جنب لتحقيق المطالب المهنية والاجتماعية المشروعة للصحافيين، وإيجاد اتفاقية جماعية لتنظيم العلاقات المهنية، وتحديد الأجور للحفاظ على كرامة الصحافيين. واعتبر أن إطلاق حملة من أجل كرامة الصحافيين الجزائريين هي "خطوة مهمة جدًا ومبادرة طيبة يجب دعمها ".
وحول إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تعديل قانون الإعلام، اعتبر بوخمخم أن ما جاء في خطاب بوتفليقة الأخير لم "يستجب لما نسبته 10 %من مطالب الصحافيين، والنقطة الايجابية الوحيدة التي يمكن تثمينها هي ما يتعلق برفع التجريم عن العمل الصحافي، لكن كل المطالب الأخرى، خاصة إعادة تأسيس المجلس الوطني للإعلام واللجنة الوطنية للبطاقات المهنية، لم تلبّ".
أما في ما يتعلق بمطالب سابقة رفعها صحافيون طالبوا بإقالة وزير الاتصال ناصر مهل، فاعتبر بوخمخم أن "المشكل ليس في شخص الوزير أو الوزارة في حد ذاتها، لأن الأمر يتعلق بإرادة سياسية على أعلى مستوى. وإذا ما توافرت الرغبة لدى الرئيس بوتفليقة أو الحكومة بفتح قطاع الإعلام، فإن الوزير لن يعارض الأمر"، لكن حسب خطاب الرئيس الأخير رأى بوخمخم أن "السلطة لم تبد رغبة ونية حقيقة في فتح القطاع الإعلامي في الجزائر".
علّق بو خمخم على المبادرات التي تعلن عنها الدولة بين حين وآخر، مثل فتح قنوات تلفزيونية موضوعاتية، إلى جانب إعلان الرئيس اليوم عن مبادرة حكومية "قريبًا" لتكوين وتحسين مستوى الصحافيين والممارسين مهن الاتصال، وقال إن "هذه المبادرة تريد الدولة أن تسوّقها على أساس أنها تعددية إعلامية، لذلك فهي لا تعني شيء بالنسبة إلى الصحافيين،وأضاف أن "أية مبادرة تأتي مباشرة من السلطة دون إشراك الصحافيين عن طريق فتح نقاش عام حقيقي، فمصير تلك المبادرات دائماً الفشل".