مقتل بن لادن يجدد النقاش بشأن جدوى أساليب التعذيب الأميركية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
جاءت العملية التي استطاعت بموجبها مؤخراً قوات أميركية خاصة أن تقتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، لتثير الكثير من التساؤلات حول جدوى أساليب التعذيب والاستجوابات الوحشية التي تتم مع من تعتقلهم واشنطن بتهم متعلقة بالإرهاب.
وتساءلت في هذا السياق اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية " هل أسفرت الاستجوابات الوحشية عن معلومات استخباراتية أدت لمقتل بن لادن ؟". ثم قالت إنه ومع كشف مسؤولو الاستخبارات عن درب الأدلة التي قادت إلى المجمع الذي كان يختبأ به بن لادن، هبَّ مسؤولون من إدارة الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، ليدافعوا عن سياستهم المتعلقة بأساليب الاستجواب المتطورة مثل أسلوب محاكاة الغرق.
ومن بين هؤلاء المسؤولين، جون يو، أحد المسؤولين السابقين بوزارة العدل الذي سبق له أن قام بكتابة مذكرات قانونية سرية في محاولة من جانبه لتبرير الاستجوابات الوحشية. وقال مؤخراً " بمقدور الرئيس أوباما أن يكون ممتناً بالفعل نظراً للنجاح الذي تحقق اليوم. لكنه يدين بذلك للقرارات الصعبة التي اتخذتها إدارة بوش".
لكن بالتدقيق في أساليب الاستجواب التي كانت تتبع مع السجناء، يمكن ملاحظة أن الأساليب القاسية لعبت دوراً صغيراً على الأغلب في تحديد مرسال بن لادن الموثوق به والكشف عن مخبأه. وقد قدَّم أحد المعتقلين الذي تعرض على ما يبدو لمعاملة صعبة نوعاً وصفاً بالغ الأهمية لهذا المرسال، بحسب ما ذكر مسؤولون سابقون وحاليون اطلعوا على سير التحقيقات. في حين قام سجينان آخران ممن تعرضوا لجانب من أقسى أنوع المعاملة - بمن فيهم خالد شيخ محمد - الذي تعرض لأسلوب محاكاة الغرق 183 مرة - بتضليل محققيهم مراراً وتكراراً بشأن هوية المرسال.
ومضت الصحيفة الأميركية تقول إن المناقشة التي أثيرت حول الطريقة التي أدت إلى مقتل بن لادن قد أحيت من جديد النقاش الوطني بشأن التعذيب الذي سبق وأن احتدم خلال سنوات حكم الرئيس جورج بوش. وكانت هناك قناعة لدى الرئيس الأميركي السابق وعدد كبير من المحافظين على مدار سنوات بأن القوة كانت ضرورية لإقناع العناصر التابعة لتنظيم القاعدة بالتحدث. وهي الأساليب التي قالت عنها جماعات حقوق الإنسان إنها تخون المبادئ الأميركية لثمة شيء قليل أو عديم القيمة.
وفي مكالمة هاتفية مع الصحيفة، قال غلين كارل، ضابط متقاعد كان يعمل بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وكان يشرف على عملية استجواب أحد المعتقلين البارزين عام 2002، إن تلك الأساليب القسرية لم تقدم مفيدة ومجدية وجديرة بالثقة. وأضاف " وفي وقت يدافع فيه بعض زملائي عن تلك التدابير، فإن الجميع كان قلقاً للغاية، وشعر معظم الأشخاص بأن ذلك لا يمت بصلة لأميركا وأنه لم ينجح".
وحاول مسؤولو إدارة الرئيس أوباما، الذين عزموا على الاحتفال بغارة يوم الاثنين الماضي الناجحة على بن لادن، أن يتجنبوا إعادة إشعال معركة حزبية حول التعذيب. وفي نفس السياق، قال شارلز ستيمسون، كبير مسؤولي البنتاغون لشؤون المعتقلين في الفترة ما بين 2004 إلى 2007 " كنا نعلم أنه من المحتمل في حالة تمكنا من الوصول لابن لادن، أن يرجع ذلك إلى ارتكازنا على ثمة شخص قريب منه ويثق به".
وبعد إلقاء القبض على خالد شيخ محمد، المخطط الرئيسي لهجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر عام 2001، في آذار/ مارس عام 2003، خضع لأشد وأصعب عمليات الاستجواب، بما في ذلك محاكاة الغرق. ووفقاً لما ذكره مسؤول أميركي كان مطلعاً على عملية استجوابه، فقد سُئِل خالد شيخ محمد في البداية عن ذلك الشخص الذي يعرف بـ " أبو أحمد الكويتي" في خريف عام 2003، وهو الشخص الذي كان يوصف بـ "مرسال القاعدة"، وذلك بعد أشهر من إخضاعه لأسلوب محاكاة الغرق. واعترف محمد بأنه يعرف هذا المرسال، لكنه "تقاعد" ولا يحظى بأهمية.
ورغم الكشف عن تفاصيل أخرى مغايرة لتلك الرواية بخصوص "أبو أحمد الكويتي" من جانب عنصر آخر كان ينتمي لتنظيم القاعدة ويعرف بـ "حسن غول"، وتباين الروايات التي تحدثت عن طبيعة المعاملة التي كان يلقاها غول وغيره من أتباع القاعدة، إلا أن النيويورك تايمز أكدت أن المعلومات الاستخباراتية التي تم تجميعها بشأن "الكويتي" قد أقنعت مسؤولي السي آي إيه بأن يتقفوا أثره، وهو ما أدى إلى الكشف عن اسمه الحقيقي - الذي لم يعلنه المسؤولون الأميركيون - وكذلك الأماكن التي يتواجد بها. وقد قاد الكويتي، عن غير قصد، وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى مخبأ بن لادن، حيث كان الكويتي وشقيقه من بين الأشخاص الذين لاقوا حتفهم في تلك الغارة التي استهدفت رأس تنظيم القاعدة.