"مناضلات عاريات الصدور" ضد البغاء والسياحة الجنسيّة

"مناضلات عاريات الصدور"، هكذا تسمي ناشطات منظمة "فيمن" أنفسهن. وتقوم هذه المنظمة بحملة ضد البغاء والسياحة الجنسية في أوكرانيا التي أصبحت بلداً مرتبطاً بالدعارة. وتتظاهر الناشطات الأوكرانيات عاريات الصدر لكي يُسمعن صوتهن.

أسفرت خصخصة المناجم والمعامل في مقاطعة دونيتسك شرقي اوكرانيا بعد انهيار الشيوعية عن نشوء أقلية من الأثرياء وغالبية من الفقراء. وتحلم نساء كثيرات بحياة أفضل في العاصمة كييف أو الغرب، فيما تقع أعداد كبيرة منهن فريسة وعود كاذبة لينتهي بهن المآل عاهرات في مواخير.

ولم تتخلف وكالات السفر عن استغلال هذه الظاهرة فأخذت تعلن عن "رحلات رومانسية" باللغتين الالمانية والانكليزية الى شرق اوكرانيا. وفي كييف يتصل السماسرة بغرف الضيوف الأجانب في فنادق المدينة ليعرضوا عليهم "قضاء وقت ممتع مع فتاة". ويبين استطلاع ان 70 في المئة من طالبات العاصمة الاوكرانية قلن إن أجنبياً فاتحهن طالبا ممارسة الجنس معهن لقاء مبلغ من المال.

وتنقل مجلة شبيغل اونلاين عن ناشطة حقوقية ان منظمتها "فيمين" تقوم منذ عامين بحملة ضد السياحة الجنسية والدعارة في اوكرانيا التي اصبحت بلدا حتى محرك البحث غوغل يربطه بوكالات السمسرة الجنسية "والنساء". فالاعلانات التي تظهر مع نتائج البحث عن اسم اوكرانيا تتحدث عن "سيدات اوكرانيات عازبات" أو "نساء من اوكرانيا" أو "البحث عن شريكة من اوكرانيا".

وكانت ناشطات نصف عاريات اقتحمن قبل عام مركز الاقتراع الذي كان المرشح الرئاسي فكتور يانوكوفيتش يدلي بصوته فيه احتجاجا على "اغتصاب الديمقراطية". وبعد فوز يانوكوفيتش بالرئاسة فرض قيودا على حرية التعبير والصحافة والقى معارضين في السجن. وحاولت الأجهزة الأمنية ترهيب الناشطين الحقوقيين ضد البغاء والسياحة الجنسية الذين اتهموا السلطات بتهديد الناشطة التي ترأس منظمة "فيمين" "بكسر ساقيها" إذا لم تتوقف عن انتقاد الحكومة.

وتنقل مجلة شبيغل اونلاين عن النائب المستقل في البرلمان الاوكراني تارس تشورنوفل ان الدولة تخاف من هذه المنظمة لأنها تلاحق حكومة الرئيس يانوكوفيتش بالانتقادات. وقال ناشط في المنظمة هو واحد من الذكور القلائل الأعضاء فيها ان اسباب الكثير من مشاكل اوكرانيا ذات جذور عميقة ولكن منظمة "فيمين" تركز على البغاء لأن "اوكرانيا كلها ماخور".

وتقول ناشطات منظمة "فيمين" النسوية إنهن "مناضلات عاريات الصدور". واتخذن من حانة داخل قبو ذي انوار خافتة في وسط كييف مقرا لهن. ويوفر المقر الذي أُطلق عليه اسم إله الرغبة الروماني كيوبيدون ابن إلهة الحب فينوس وإله الحرب مارس، خدمات مجانية لاستخدام الانترنت والبريد وبيع القهوة بأسعار مخفضة للناشطين.

تقود هذه الحركة آنا هوتسول وهي اقتصادية في السادسة والعشرين من العمر توجه ناشطات المنظمة بواسطة الهاتف الخلوي والانترنت. ومنذ تولي يانوكوفيتش الرئاسة ازداد اهتمام الأجهزة الأمنية بنشاط المنظمة.

وفي صيف 2010 اقتحم عناصر المخابرات الاوكرانية منزل رئيستها ليلا وهددوها بكسر ذراعيها وساقيها بعد "محادثات وقائية" معها. واستدعى مسؤولو احدى الجامعات في كييف عدة طالبات لاستجوابهن بسبب انخراطهن في نشاطات المنظمة، وخاصة عن مصادر تمويل المنظمة.

وتنظر نساء من المدرسة القديمة باستغراب الى اساليب منظمة "فيمين" وناشطاتها "عاريات الصدور". وكتبت الباحثة ماريا ديمترييفا انهن يلبسن ملابس العاهرات وان تعرية الصدر سواء من اجل قضية أو من دون قضية لا يشجع على فتح حوار اجتماعي بشأن ظاهرة البغاء.

وتعترف رئيسة المنظمة آنا هوتسول بأن ناشطاتها يختلفن عن غيرهن. وقالت انهن لكي يُسمعن صوتهن عليهن ان يتصرفن كالرجال. "ولكننا نريد ثورة نسوية حقيقية وان احتجاجاتنا العارية جزء من النضال من أجل تحرر المرأة ومن حقنا ان نستخدم اجسادنا سلاحا. فالرجل هو الذي حوَّل الصدر الى سر مغلق". وتقول الناشطة آنا شيفتشينكو إن "الرجل يحب صدر المرأة ولكنه لا يحب صدرها حين يكون لدى المرأة وجهة نظر أيضا".

النساء التقليديات لسن وحدهن اللواتي اعربن عن تحفظهن إزاء الأساليب التي تتبعها منظمة "فيمين" بالكشف عن صدور ناشطاتها خلال الحملات الاجتماعية بل ان موقع فايسبوك حجب صفحة المنظمة للاشتباه في انها صفحة اباحية خليعة. وقررت أم آنا مقاطعتها وطلبت منها ألا تتصل بها ثانية.

وفي ذكرى كارثة تشرنوبل النووية الشهر الماضي التقط صحافي صور ناشطات من منظمة "فيمين" يرتدين الجزم والملابس الداخلية وكمامات الغاز فقط اثناء تظاهرهن في موقع الكارثة. ومن المقرر ان تُنشر الصور في الطبعة الايطالية لمجلة "جنتلمان" الفصلية الموجهة الى الرجال والتي تميل، في ايطاليا على الأقل، الى الإكثار من نشر صور نساء عاريات واعترافات نساء مشهورات.

ولكن منظمة "فيمين" لا ترى مشكلة في اساليب عملها هذه. وتقول آنا إن المنظمة تريد أن تبين للعالم الطابع الانثوي الجديد. وتعتزم آنا السفر الى سويسرا وايطاليا لاقامة علاقات ونشر رسالة "فيمين" في كل البلدان.