كرم صابر ومجموعته "أين الله؟": العودة إلى قضايا الحسبة

تقدم أحد المصريين ببلاغ إلى مكتب المحامي العام ببلاغ يتهم فيه كرم صابر مؤلف المجموعة القصصية "أين الله؟" بالإساءة إلى الذات الإلهية والسخرية من الطقوس الدينية. وأكد الكاتب الروائي أنها ليست رؤية دينية، واصفًا ما حدث بالشيء الخطر الذي عانته مصر مراراً.

القاهرة: قال الكاتب والناشط المصري كرم صابر في تصريح خاص لـ"ايلاف" إن أحد المصريين تقدم ببلاغ إلى مكتب المحامي العام في بني سويف، يعتبر فيه أن المجموعة القصصية "أين الله ؟"، التي قام صابر بتأليفها، تحمل إساءة إلى الذات الإلهية.

وأضاف "ليس لدي خلفية عن مقدمي البلاغ، ومن هم َمن يقومون باستهدافي، وهل قرأوا المجموعة أم لا؟، الا أنّ المحامين قرأوا البلاغ وإطلعوا عليه، وأكدوا لي أن فيه اتهامات من مقدم البلاغ، باعتباري أعيب وأسخر من الطقوس الدينية"، مشددًا على "أنه لم يطلع على البلاغ".

وأشار إلى "أنّ مجال نقد المجموعات القصصية النقد الأدبي من ناحية الزمان والمكان والشخوص، أي نقدها في سياقها، وفي اتصالها بالإبداع من أجل تطوير قدرات المبدع". وأكد أنها ليست رؤية دينية، واصفًا ما حدث بالشيء الخطر الذي عانته مصر مراراً.

وتمنى "أن تتغير الأمور بعد الثورة، وأن تعيد الأخيرة تطوير الأوضاع السياسية والثقافية والاقتصادية"، وقال إن فكرة المجموعة القصصية هي عبارة عن صرخة، ولسان حال أبطالها يقول "يارب أغثنا وأنجدنا في ظل الجبروت والظلم في عهد السلاطين والحكام". هذا ولدى صابر عشر مجموعات قصصية وأربع روايات.

من جانبه اعتبر المحامي محمد حجازي سليم محامي كرم صابر في تصريح خاص لـ"ايلاف" أن أحد الراغبين بالشهرة تقدم ببلاغ ضد الروائي والناشط الحقوقي كرم صابر، ولفت الى أنّ بطل القصة يحلم أن الله خطف حبيبته، ثم يصحو من النوم ويستعيذ بالله.

ورأى أنه "كأن هناك من يفتش في العقول، وكأن محاكم التفتيش قد عادت، لافتًا إلى أن البلاغ مازال في النيابة، ولم يُبتّ فيه، لأن البلاغ يعتبر من قضايا الحسبة، التي لا تتوافر لمن يتقدم بها الصفة في تقديمها". وأضاف "أن النيابة والقضاء جهة محايدة"، مؤكدًا سوف نتخذ الاجراءات القانونية ضد مقدم هذا البلاغ.

وقال "إنه مجرد حلم في قصة"، وتساءل "هل الحلم ممنوع عن الناس؟، خاصة أن الكاتب معظم ما يؤلفه تجد فيه أبطالاً ملتصقين بالله ومؤمنين، والدين فضيلة لدى كل أبطال قصصه".

من جانبه قال المحامي محمد زارع رئيس المنظمة العربية للاصلاح الجنائي في تصريح خاص لـ"ايلاف" ان قضايا الحسبة كانت تتحرك أمام المحاكم، وتم وقف مثل هذه القضايا، ليتم تحريك الدعوى عبر بلاغ للنيابة العامة، ولا يجوز للاشخاص العاديين في مصر أن يتقدموا مباشرة بقضايا حسبة لأنهم لا يمثلون المجتمع. واعتبر "أن قضايا الحسبة نوع من أنواع السيطرة على عقل الناس ومطاردتهم في افكارهم، مع أن كل شخص من حقه أن يبدع ويتفرغ لعمله، طالما أنه لا يضرّ الآخرين".

ولفت الى "أن دعاوي الحسبة كانت منتشرة في مصر في الثمانينات والتسعينات، وكان فيها تطرف وغلو، ومحاولة تكفير المجتمع وهي ارتداد إلى الخلف، وشيء مرفوض".

محاكمة العادلي: الحكم عادي
من جانب آخر اعتبر المحامي محمد حجازي سليم في تصريحاته لـ"ايلاف" أن الحكم على وزير الداخلية السابق حبيب العادلي بالسجن 12 عامًا هو حكم عادي، مبررًا "ان الذي اصدره قاضي جنائي عادي لم يتأثر بغضب الثورة، وانما طبّق القانون تطبيقًا مجردًا، وان كان هذا الحكم لمواطن عادي سرق هذه الملايين لكانت العقوبة مختلفة"، موضحًا "ان العقوبة كانت ستكون أكبر لأنه في جرائم المال والتربح وغسيل الأموال معظم الاحكام 15 عامًا، وكانت المحاكم تعطي أحكامًا قوية لسرقة مبالغ أقل من المليون، لذلك هذا الحكم عادي، وكان القاضي منذ البداية متراخيًا، اذ حجب رؤية المتهم، وقرر عدم ظهوره للرأي العام، وكأن العادلي فوق القانون، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على أن القاضي راعى أن العادلي في الامس القريب كان ذا نفوذ وسلطة".

وأضاف "لا يوجد أي سبب أمني لكي لا يرى الجمهور العادلي داخل القفص، لأننا لا نحاكم أشباحًا، وانّ ما نشر في وسائل الاعلام بأن القاضي أحال أحد المحامين الى النيابة لأنه قام بتصوير العادلي داخل القفص يوضح هذا الاجراء".

واعتبر انّ عدم حياد القاضي عند نظر هذه القضية والسماح بالحصانة للمتهم، حتى وان كانت حجب رؤيته عن الجمهور، فان هذا الامر يعدّ انتقاصًا من العدالة لأن خالد جمال عبد الناصر، وهو َمن هو، صوروه وهو ُيحاكم في قضية تنظيم ثورة مصر، و لا أحد فوق القانون، ولا قداسة لأحد، ولا حصانة لأحد، حتى القضاة أنفسهم والحصانة والقداسة فقط لقيم العدالة.

فيما قال المحامي محمد زارع" أن المحكمة الأهم هي محاكمة العادلي في قتل المتظاهرين وتعذيب عشرات المصريين في السجون ومراكز مباحث أمن الدولة اضافة الى تزوير الانتخابات".

وأكد "أن الجزء المهم لم يأت بعد، لأن الشعب عندما ثار في ثورة يناير ثار على مسلمات كان يعانيها الشعب المصري"، وحضّ على" فتح كل القضايا المتعلقة بالحريات في وزارات الداخلية المتعاقبة، لأن المصريين يتطلعون لمحاسبتهم جميعًا".

تعيين أبناء القضاة
حول رأيه في تعيين أبناء القضاة كقضاة، وهو ما شهدنا اعتصامًا ضده من أوائل كلية الحقوق، قال المحامي محمد حجازي سليم "ان المسألة ليست توريث، وكذلك المطالبة بإعفاء أبناء القضاة المتخرجين من كلية الشرطة من سداد الرسوم والمصاريف التي تكلفتها وزارة الداخلية على تعليمهم وتدريبهم، لمجرد أنهم سوف يعينوا في القضاء، فنحن أمام مصيبتين، المصيبة الاولى عسكرة القضاء، وهو أن يتولى ضابط شرطة القضاء، وفي الوقت نفسه يعفى من الرسوم والمصاريف، ويحصل ابن القاضي على وظيفتين في وقت واحد، وظيفة ضابط شرطة، ويحرم أبناء المواطنين العاديين دافعي الضرائب ودافعي رواتب الشرطة والأمن من الحصول على فرص متكافئة في الجيش والقضاء والشرطة، وفي الوقت عينه يحصل على فرصة العمل كقاضي أو وكيل نيابة فيكون قد حرم كمواطن اخر من الحصول على وظيفة".

واعتبر "أنّ هذه التجاوزات والحصانات شبه الالهية ستتجاوزها الثورة، وتعيد الحقوق الى أصحابها، ولن يكون هناك استثناءات الا في دولة الطواغيت".

بدوره قال المحامي محمد زارع إن توريث القضاة المنصب إلى أبنائهم "هو كارثة بكل المقاييس"، معربًا عن أسفه لأن هذه المطالبات تصدر من قاضي، مؤكدًا "كفانا توريث في كل الأماكن والمناصب، وكفانا ما عانته مصر جراء ذلك".