من هم "الرجال السبعة" الذين ثأروا للمراكشيين من بن لادن؟

قد تكون لساحة جامع الفنا في المغرب شهرة وطنية ومحلية وعالمية، لكن المراكشيين، الذين يعيشون في مدينة تعجّ بالأساطير، لديهم ارتباط ذهني كبير بـ "الرجال السبعة"، الأولياء الذين يعتقد في المتخيل الشعبي أنهم "حرّاس" عاصمة النخيل، وحصونها المنيعة.

مراكش: رغم أن الأيادي الجبانة والظلامية امتدت إلى المدينة الحمراء "مراكش"، وفجرت أحد مقاهيها في ساحة جامع الفنا، ما أسفر عن مقتل وجرح عشرات الأبرياء، معظمهم سياح أجانب، إلا أن المراكشيين يعتقدون أن "الرجال السبعة لم يسكتوا، وثأروا لهم من الجهات التي طعنتهم غدرًا"، بعد مقتل أسامة بن لادن، في عملية خاصة على يدي القوات الأميركية في باكستان.

هذه "الحراسة المعنوية" التي يؤمن المراكشيون بأن "الرجال السبعة" يوفرونها لهم جعلت قيادات المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الاستخبارات الداخلية) تطلق على عملية التحريات التي قامت بها من أجل الوصول إلى المتهمين المفترضين في الاعتداء الإرهابي، الذي استهدف مراكش بعملية "السبعة رجال"، في إشارة فهِم منها البعض أن رجال هذا الجهاز هم "الحراس العمليون" للبلاد.

وأشهر هؤلاء "الرجال السبعة"، الذين يعتبرون من أكبر علماء المغرب، أبو العباس أحمد بن جعفر الخرجي السبتي، الذي ولد سنة 524 هـ /1129م في مدينة سبيتة، إذ إنه من أكثر أولياء المدينة دعوة إلى الخير والصدقة، حسب ما جاء في كتاب "سبعة رجال" للدكتور حسن جلاب.

يتعلق الأمر كذلك بيوسف بن علي الصنهاجي، المبتلى المعروف بصاحب الغار، لأنه كان يعيش في كهف بعدما ابتلي بالجذام. وتفيد كتب التراجم أنه ولد في مراكش، ولم يغادرها، وهو عربي يمني. أما بالنسبة إلى عياض بن موسى اليحصبي، الذي ولد سنة 476 هـ / 1083م في مدينة سبتة، فقضى 20 سنة في القضاء في سبتة وغرناطة، وكان مثالاً للقاضي النزيه العادل.

في ما يخص أبو عبد الله محمد بن سليمان الجزولي، فيرجع المؤرخون نسبه، حسب المؤلف، إلى علي بن أبي طالب، وبعد موته نقل جثمانه إلى مراكش، التي لم يزرها، إلا مرة واحدة في حياته.

وكان للشيخ الجازولي تلاميذ، أبرزهم عبد العزيز بن عبد الحق التباع، الذي تلقى تكوينه العلمي في فاس، وعند عودته إلى مراكش، بنى زاويته في حي القبابين (النجارين).

أما بالنسبة إلى محمد عبد الله بن عجال الغزواني، فينتسب إلى غزوان قبيلة من عرب تامسنا (الشاوية)، وهو وارث سر التباع، في حين أن عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الضرير، فينسب اسمه إلى سهيل، وهو واد في الأندلس، في مدينة مالقة التي ولد فيها سنة 508 هـ.

وقال عبد المجيد فنيش، المتخصص في التراث الشعبي المغربي، "يجب أن نشير في البداية إلى أن كل الحضارات أوجت لنفسها مجموعة من الأدبيات، التي تحيط بها، وتعينها على شرح بعض مظاهر الكون، أو التعامل مع الحياة اليومية بأفراحها ومساراتها، وغيرها".

وأضاف عبد المجيد فنيش، في تصريح لـ "إيلاف"، إن "مراكش الحضارية لن تكون استثناء من هذه الظاهرة، ألا وهي أن توجد لنفسها مجموعة من الأدبيات، سواء الفنية أو الشفاهية، أو غيرها من الأشكال التعبيرية"، مشيرًا إلى أنها "تندرج في هذا الإطار، ولها الكثير من أدبياتها المتعلقة بطبيعة المدينة، وحرمتها، وسيادتها".

وأوضح المتخصص في التراث الشعبي المغربي أن "المراكشيين يرددون كثيرًا قول إن المدينة محروسة بفضل "سبعة رجال". ومعروف أن الرجال السبعة المقصودين بهذا الحديث هم دفناء المدينة من كبار العلماء والصالحين والأولياء، وفي مقدمتهم القاضي عياض، أبو العباس أحمد بن جعفر الخرجي السبتي، وعبد الرحمن بن عبد الله السهيلي، ومحمد بن سليمان الجزولي".

وذكر عبد المجيد فنيش أن "هؤلاء معروفين بعلمهم الواسع، وفتاويهم الدينية، وبركاتهم، وبحلقة الذكر والدروس"، مبرزًا أنهم "رجال عظام، لأنهم تركوا الكثير من المجلدات والمؤلفات، وارتبطت بهم مجموعة من الحكايات، التي يندرج في بعضها أشياء عجائبية وغرائبية، تفوق حدود طاقة الإنسان، لما يعتبر من الخوارق، أو ما نسميه نحن في ثقافتنا الشعبية بالكرامات".

وتابع "عندما يقول المراكشيون إن المدينة محروسة من قبل سبعة رجال، فإنهم لا يقصدون أن هؤلاء يشكلون حراسة عملية، بقدر ما يقصدون بأن وجود مراقد لمثل هؤلاء الرجال في مراكش هو عامل صيانة وحراسة معنوية في الدرجة الأولى. كما يقال في مدن أخرى إن الأولياء الذين يوجدون فيها هم من يحرسونها".

واعتبر أن "هذه العملية مرتبطة بكل الحضارات، فعند المصريين يقال إن مصر كلها هبة النيل، وإن حرمة الفراعنة، في حياتهم وبعد مماتهم، من حرمة أبي الهول، وإن أبا الهول هو الذي يضمن حرمتهم إلى الآن"، مشيرًا إلى أن "المدن المغربية اختارت لها نماذج لتختزل فيها حرمتها. فكل مدينة تجدها مرتبطة بولي صالح".

كما رأى أن "وجود عامل الدين الإسلامي في تشكيلة هويتنا يحيلنا في التعامل مع الأمكنة والأزمنة مباشرة إلى حيث يتجسد هذا الدين، كما هو الحال بالنسبة إلى الأولياء الصالحين، إذ جاء في القرآن الكريم بأنه (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون). وسبعة رجال من بين هؤلاء، وهناك من لهم إشارات بدخول الجنة، لذلك فإن هذه المدن ذات الرمزية المعنوية مصانة من طرف هؤلاء الكبار".