حماية البيئة السعودية تستجيب وتعيّن ضابطًا للاتصال البحري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
طلبت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة السعودية من جهات حكومية عدة إدراج ضابط اتصال لتدارك أي تلوث للبيئة البحرية مستقبلاً، بعدما ناشد متخصصون بحريون الجهات المعنية للمحافظة على الحياة البيئية، حيث أصبح التلوث سمة لبحر جدة.
جدة: طلبت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة من عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية، إدراج مايسمّى بـ ضابط اتصال في كل جهة، بهدف سرعة تدارك أي تلوث بحري آتٍ، في وقت طالب عدد من المتخصصين والمهتمين بالبيئة البحرية، من خلال تقرير موسع نشرته إيلاف في السابع والعشرين من شهر تموز/ يوليو 2010 الماضي، يناقش التلوث البحري، طالبوا بضرورة التدخل السريع من قبل الجهات ذات العلاقة للحفاظ على الحياة الفطرية، التي تلوث البيئة البحرية في البحر الأحمر، إضافة إلى تكثيف العمل للقضاء على التلوث، الذي بات سمة لا تنفصل عن سمات بحر جدة.
وأكدت المتخصصة في التقنية الحيوية للملوثات البيئية وعضو جمعية البيئة الدكتورة ماجدة أبو راس لـ"إيلاف" في يونيو/حزيران من العام الماضي أن جمعية البيئة السعودية تقدم برامج منوعة تهتم بالتثقيف البحري والتوعية العامة حول السواحل البحرية والمشاكل التي توجد فيها، وتعنى بهواة الصيد، و"نشرح لهم كيفية الصيد وضرورة الابتعاد عن الشعب المرجانية في كل مدرسة"، وأشارت إلى أنه تم تخصيص جزء كامل منهامن أجل حماية البيئة البحرية من خلال الشراكة مع القطاعات المختلفة.
بدوره، أوضح مدير مركز أبحاث الثروة السمكية في مدينة جدة طلال أبو شوشه في حديث "لإيلاف" أن التلوث موقعي، وليس متفرعًا، تنقله التيارات البحرية والأنهار التي تمارس عمل نشر الملوثات، مشيراً إلى أن الإنتاج السمكي من البحر الأحمر تأثر 30% إلى 40%، وهو انخفاض ملحوظ جداً.
وأضاف: "لا ننكر أن جدة ملوثة بالفعل، وهذا لا يحتاج دليلاً، فهي عروسة من الخارج فقط"، وتحدث عن خطورة التلوث البيئي الذي ينتج من عملية البناء تحت البحر لكون تلك العمليات البنائية تتأثر بها الشعاب المرجانية بالسلب التي تعتبر "الرئة، والمعدة والمتنفس للبحر الأحمر"، فإن وجدت "الردميات" فهي خانقة للبحر على حد وصفه. وأوضح أبو شوشه أن الشركات والأفراد الذين يمتهنون صيد الأسماك وصلت خسائرها إلى ما لا يقل عن 40%، ولا يزيد عن 60%. وحمّل أبوشوشة الجهات الحكومية كافة المسؤولية عن هذا التلوث.
من جهته، أوضح كبيراختصاصيي الثروة السمكية في مركز أبحاث الثروة السمكية في جدة الدكتور فيصل بخاري في حديثه "لإيلاف" ما ذهب إليه أبو شوشة، وقال إن السبب وراء انخفاض معدل المخزون السمكي يكمن في التلوث البحري المهول، إضافة إلى الردم الحاصل، وتابع: "للأسف إن التلوث وصل إلى وسط البحر الأحمر حتى تخطّى المناطق الساحلية التابعة، وتعدّى مدينة جدة، حتى مدينتي الليث والقنفذة (جنوب جدة)".
وأضاف الدكتور بخاري أن المنطقة الساحلية تمثل حضانة طبيعية للأسماك والكائنات البحرية الأخرى، بهدف زيادة المساحة الساحلية إلى داخل البحر،وهذا خطأ تسبب في هجرة الأسماك إلى بيئة بحرية أخرى لتكون حضانة لصغيراتها من اليرقات.
وأشار، وفق ما أكدته التقارير الإحصائية الصادرة من وكالة الثروة السمكية، إلى أن الأسماك المصطادة انخفضت بنسبة 20% (خمس سنوات ما قبل عام 2000 والسنوات الخمسالتي تلته) في منطقة مكة المكرمة ككل، وبنسبة 30% في منطقة جدة فقط.
مبيناً أن هناك تقارير رفعت إلى الجهات المعنية، وأمانة جدة ورئاسة الأرصاد، وحماية البيئة على علم بذلك لأجل الرغبة في مناقشة هذه المشكلة. وأرجع السبب وراء تأخير البتّ فيها إلى أكثر من عامين إلى أن المعالجة الفعلية تتطلب وقت طويل حتى يُقدّم حل جذري للمشكلة. وعن الشكاوى التي ترده أكد أنها تأتي من قبل الصياديين الأفراد لكون منطقة وسط البحر الأحمر هي منطقة خاصة فيهم على الغالب لأن الشركات توجد في جنوب البحر الأحمر ناحية مدينتي جازان والقنفذة.
وتطرق رئيس لجنة الصياديين وعضو مجلس إدارة جمعية الصياديين في منطقة مكة في حديث أمين عبدالجواد "لإيلاف" إلى التلوث الحالي في البحر الأحمر، حيث جزم بأنه يسهم بقتل أكثر من 90% من الكائنات الحية الموجودة فيه، محمّلاً أمانة جدة الذنب الأكبر في تصريف مياه الصرف الصحي في البحر، فتدهورت التربة، والكائنات البحرية باتت ميتة، والأخرى ملوثة. وأضاف إن "لم يعد البحر الأحمر سوى شبيه بالبحر الميت". وتساءل عبدالجواد عن دور الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية.
إلا أن المهندس محمد التميمي، الذي يشغل منصبي مستشار أمين محافظة جدة ومدير عام تنفيذي لمشروع وادي عسله في شركة جدة لتنمية والتطوير العمراني المشرفة على تصريف مياه الصرف الصحي، نفى حينها لإيلاف بأن يكون ما يصبّ في البحر الأحمر هو تصريف "للمجاري"، حيث أكد أنه لا صحة لما يتناقل لدى العامة بأن مياه الصرف الصحي تصبّ في البحر الأحمر لكون ما يتم صبّه هناك ما هو إلا مياه الأمطار فقط.
وأعلن التميمي أن هناك مشروعًا سينفذ قريبًا يبدأ من الكورنيش الشمالي، الذي بات في مرحلة تطور، حيث تمر تلك المرحلة بالكورنيش الأوسط، وتنتهي عند الكورنيش الجنوبي. وشدد على أن أمانة جدة تهدف من هذا المشروع إلى تخفيف التلوث إذ لم يكن إزالته تماماً.
وحول دور أمانة جدة في الرقابة على البناء داخل البحر ومنع الردم ودفن الشعاب المرجانية التي ينتج منها تلوثات عدة، أوضح أن هناك عقوبات للمخالفين حول كل مشروع، ويتم اكتشافهم من خلال أجهزة رصد بحرية توضح التعديات، بحيث يقومون بإغلاقها ومن ثم معاقبة صاحبها. وتتراوح العقوبات بين إغلاق المنشأة والغرامات المالية، وكلها تخضع لنظام مكافحة التلوث.
أما بما يتعلق بالسفن ودورها الأساسي في تلوث البحر، فتوجهت إيلاف إلى مستشار تطوير الأعمال والتسويق في إحدى شركات السفن البحرية الدكتور خالد الغامدي، الذي أكد أن المشكلة ليست حصرية في بحر جدة. إذ يتم إخراج الفضلات من السفن وسط البحر، والتيتضررت بسببهاكل البحار في العالم، على الرغم من أن العادة جرت أن تفرغ السفن فضلاتها في أماكن مخصصة وفي موانئ معينة.
وأضاف الغامدي أن الدول بشكل عام تضع رقابة وعقوبات صارمة لردع هذه المخالفات لأنها تخطت تلك المرحلة ووصلت إلى مرحلة تحميل وضخّ المياه داخل السفينة وتتبعها عملية ضخها خارجياً حتى ترتفع السفينة إلى الأعلى، فكل تلك العمليات تسبب مشكلة كبيرة بدءًا من تصريف فضلات الأكل والشرب وصولاُ إلى تصريف الوقود المحترق خارجها. وقال إنها تسبب تلوثًا مهولاً على المدى البعيد في البحار، وتتأثر الأسماك بشكل كبير، وتنتقل إلى أماكن أخرى بفعل المد والجزر.
وعن الحلول للحدّ من استمرار ملاك تلك السفن في تدمير البيئة البحرية وتهديد الثروات السمكية، قال: "الحلول كثيرة، لكن قبلها يجب أن تكون هناك رقابة من إدارة الموانىء في كل منطقة ساحلية ورئاسة الأرصاد وحماية البيئة". وعن قيمة تلك الغرامات التي تفرض على من يخالف الأنظمة، أوضح الغامدي أنها تتراوح على حسب كمية الضرر الذي يلحق جراء هذا الاستهتار وتختلف من دولة إلى أخرى.
وحول مصير الثروات السميكة في ظل هذا التلوث البحري، أشار عضو لجنة الصيادين ولجنة البيئة في غرفة جدة للتجارة وعضو جمعية الصيادين في منطقة مكة فؤاد بخاري إلى أن الإهمال الحاصل في شواطئ البحر الأحمر ما هو إلا كارثة حقيقية، وليس مجرد مبالغات.
وقال في حديثه "لإيلاف" إن البحر الأحمر بات منطقة موبوءة بالفعل، مبيناً أن السبب وراء ما حصل هو نتيجة الفساد الإداري في الجهات الحكومية على حد وصفه، مطالبًا بإيقاف مياه الصرف الصحي، التي تصبّ في داخل البحر الأحمر، جازماً بأن مجموع خسائر الصيادين تجاوزت 90% جراء إهمال أمانة جدة والرئاسة للأرصاد وحماية البيئة.
هذا وسبق أن صرّح رئيس البلدي في جدة الدكتور طارق بن علي فدعق في يوليو/تموز 2009 بأن موضوع التلوث البحري محل اهتمام المجلس من خلال تكليف جهة معينة لقياس نسبة التلوث في كورنيش جدة، إضافة إلى أن المجلس في صدد إعداد ملف لدراسة وضع حقوق للمخالفات لتقليص مياه الصرف الصحي التي تصبّ في البحر، مؤكداً أنه ومنذ هذه اللحظة أصبحت هناك تحركات للنظر في قضية التلوث البحري، والتلوث بشكل عام في مدينة جدة. وأشار إلى أن هذا الموضوع لن يمر مرور الكرام، بل ستكون هناك وقفات جادة من قبل المجلس.
بالعودة إلى البروتوكول الخاص بحماية البيئة البحرية من الأنشطة البرية، الذي وقعت عليه الإقليمية للمحافظة على البحر الأحمر وخليج عدن عام 1982، يتضح أن أحد أهم البنود التابعة للتعاون الإقليمي بين الأطراف الموقعة تتعلق بحماية البيئة البحرية والساحلية، والسيطرة على التلوث البحري والمساعدات العلمية والفنية والإدارة البيئية، وتطوير المعايير التنموية.
الجدير بالذكر أن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة طلبت اليوم 15 مايو/أيار 2011 من عدد من الجهات الحكومية بتسمية ضابط الاتصال ومن ينوب عنه في الحالات الطارئة تنفيذاً لأهداف الخطة الوطنية لمكافحة تلوث البيئة البحرية بالزيوت والمواد الضارة الأخرى في الحالات الطارئة التي وافق عليها مجلس الوزراء. حيث تعتزمالأرصاد إصدار دليل ضابط الاتصال الثالث لعامي 2012 - 2013 لكل المنشآت والشركات التابعة لتلك الجهات على كل من الساحل الغربي والشرقي.
هذا ويذكر أن الجهات التي خاطبتها الأرصاد هي الهيئة الملكية في الجبيل وينبع، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ونائب وزير الداخلية للشؤون الأمنية كحرس الحدود، والدفاع المدني، وهيئة الأركان العامة القوات البحرية، ووزارة النقل المؤسسة العامة للموانئ، ووزارة البترول والثروة المعدنية، ووزير المياه والكهرباء للبثّ في ما يتعلق بمحطات التحلية - محطات الكهرباء في السعودية.