الإعلام الإلكتروني بات السلطة الأولى بعدما نجح في تحريك الشعوب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أجمع مثقفون عراقيون على أن الإعلام الالكتروني لم يعد سلطة رابعة، بل أصبح سلطة خامسة، حيث كان له التأثير الكبير الذي أطاح بأنظمة عربية، وهو نجاح لم يستطع الإعلام التقليدي تحقيقه. ووسط الحديث عن تألق النجاح الالكتروني، أعرب المثقفون عن خشيتهم من تعرضه لمصاعب من قبل الأنظمة.
أكد مثقفون عراقيون أن الاعلام الالكتروني أصبح السلطة الاولى، وليس السلطة الرابعة، كما هو متعارف عليه في الاشارة الى الصحافة، مشيرين الى ما احدثه هذا الاعلام من تغييرات في المنطقة العربية وتأثيرات في الشعوب العربية، التي ارتضته سلاحًا لها للتعبير عن ذواتها والانطلاق نحو فضاءات اوسع من الحرية، بعدما أوجد فيها دافعًا معنوياً للحركة الايجابية وجامعًا لها من دون ان تكون هنالك عيون تراقب أو مخبرين يلاحقون.
وقال مثقفون على اختلاف توجهاتهم في أحاديث خاصة لـ "إيلاف" إن اهم مميزات الاعلام الالكتروني هو قدرته على الدخول فيكل المناطق، حتى المحظورة منها، حيث لا تحده حدود، ولا تمنعه موانع من الوصول الى الناس، محذرين من ان الانظمة ستنتبه الى خطورة هذا الاعلام، وتحاول العمل على قوننته.
وقد حاولت "إيلاف" أن تطرح اسئلة محددة للاجابة عنها، لتكون معيارها الاجتهادي في رسم صورة واضحة لهذه الثمرات التي اصبحت تتدلى من شجرة التكنولوجيا ومتاحة للجميع في تناولها والاستمتاع بمنظرها وظلالها الكثيفة. وقد إلتقت السياسي جمعة العطواني، والخبير الإعلامي طه جزاع، والكاتب والاعلامي عبد الخالق كيطان والاعلامي اسماعيل زاير، وكانت الاسئلة هي:
- بماذا يتميّز الإعلام الإلكتروني، من حيث التأثيرعن الإعلام التقليدي؟ وعن الشبكات الاجتماعية؟
-ما نقاط الالتقاء والتباعد والاختلاف بين الإعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية؟
- هل نجح الاعلام الالكتروني حيث أخفق الإعلام التقليدي في تحريك الشعوب العربية؟
- ما هو مستقبل الإعلام الالكتروني في ضوء التغيّرات التي تحققت في العالم العربي؟
- من الملاحظ في الآونة الاخيرة اتجاه إلى قوننة الإعلام الالكتروني. هل أصبح الإعلام الالكتروني على مشارف عصر جديد انطلاقًًا من هذا المعيار؟
- هل أعاد الاعلام الالكتروني للسلطة الرابعة مكانتها وتأثيرها بعد عقود كان الصوت السائد الوحيد فيها هو صوت الإعلام الرسمي (نتحدث بالطبع عن العالم العربي).
جمعة العطواني: المستقبل هو للاعلام الالكتروني
فالاعلام الاكتروني لا يشبه بالتأكيد الاعلام التقليدي، الذي نقصد به الصحف الورقية او التلفزيونات المحلية، فهو اسرع واكثر معلومة ويتجدد طوال الوقت، وتأثيره يأتي منه، حيث انه يواكب الحدث اولا بأول، ولا يجعلك تنتظر الى يوم غد، ويتميز بشكله المنضبط، حيث ان القائمين عليه يمتلكون قدرة التوجه والتميز على عكس الشبكات الاجتماعية، التي تكون مفتوحة للجميع، وبامكان أي كان ان يكتب ما يشاء.
وحول نقاط الالتقاء بين الإعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية، رأى العطواني انهما يعملان بسرعة، ولا تحدهما حدود، وان لهما تأثيرا كبيرًا، ويلعبان دورا فاعلا في الحياة على مختلف صعدها، فيما تكون نقاط الاختلاف ان الاعلام الالكتروني اكثر انضباطا وتبويبًا من الشبكات الاجتماعية، التي فضاءاتها مفتوحة، وبامكان أي شخص ان يكتب رأيه وافكاره.
وقال "لاشك ان الاعلام الالكتروني نجح نجاحًا كبيرًا في تحريك الشعوب العربية، وما نشاهده الان هو نتاج هذا التأثير والنجاح، الذي قاد الى اسقاط انظمة من خلال الشباب الذي وجدوا فيه متنفسًا للحرية والبحث عن اساليب جديدة للتعبير من خلال التفاعل في ما بينهم، وأدى دوره كاملاً، في حين ان الصحف تحت سيطرة هذه الانظمة، ولا يمكن ان تكون قادرة على تحريك الشعب، لانها لا تريد له ذلك، فهي صحف النظام، ولا يمكنها الا ان تكون في جانب التغيير".
الى ذلك، اكد العطواني ان المستقبل هو للاعلام الالكتروني، فلا يمكن لاحد السيطرة عليه، وفرض رقابة كالتي تفرضها الحكومات على الصحف، فهو فضاء مفتوح متجدد، وستكون له تأثيرات اكبر من التأثيرات الحالية، وعلى الاصعدة كافة، لا اعتقد ان حدودًا ستحده، وسيكون تأثيره مباشرا. واضاف" اعتقد ان الانظمة العربية ستفعل ذلك بعدما شعرت بخطورته عليها، وربما يكون التقنين جيدا اذا ما تم تنظيمه على اسس اخلاقية".
وختم قائلاً "انا لا اسمّي الاعلام الالكتروني سلطة رابعة او تابعًا للسلطة الرابعة، التي هي في المتعارف عليه الصحافة، بل إنه السلطة الاولى، حيث كان له من التأثير الكبير الذي اطاح بأنظمة، وهو ما لا يستطع إنجازهالاعلام التقليدي، لذلك فإننا إذا ما افترضنا أنه ضمن السلطة الرابعة، فمن المؤكد أنه أعاد إليها مكانتها وتأثيرها بعدما كانت الحزبية الواحدة تسيطر على المشهد بشكل عام.
الدكتور طه جزاع: الاعلام سائر في قضية التغيير الى ما لانهاية
ايضًا هذا الاعلام، بما انه تجاوز كل الحدود المصطنعة او غير المصطنعة، فإن ايصاله الى أي انسان في اية بقعة في العالم هو ايصال سهل عبر الوسائل المتاحة، مثل ثورة الاتصالات والانترنت والفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي مثل فايسبوك وتويتر وغيرهما، ايضًا له قوة تأثيرية، وسبق ان قلت هذا في محاضرة في احد المنتديات الثقافية انه الان يقوم مقام ما كانت تفعله الاحزاب في الاربعينيات والخمسينيات والستينيات عندما كانت تحشد الناس، الان الناس تحشد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت، الذي هو ثمرة من ثمرات الاعلام الالكتروني، الذي هو ثمرة من ثمرات ثورة الاتصالات والمعرفة بدوره".
كما اعتبر جزاع ان الشبكات الاجتماعية الالكترونية من معطيات الانترنت، والان نستطيع ان نفرّق بين مواقع اعلامية على النت ومواقع تواصل اجتماعي، المواقع الاعلامية احيانا تكون ايضًا مقيدة بسياسات الجهة الاعلامية التي تصدرها او الحزبية او جهة تابعة للدولة، بمعنى مقيدة بسياسة وايديولوجيا معينة، فيما مواقع التواصل الاجتماعي تمتاز بأن حريتها أوسع وموضوعاتها اشمل، المشاركات فيها تكون واسعة وقادرة على التعبئة والتحريض باتجاه موضوع من الموضوعات المحددة.
وحول دور الاعلام الالكتروني، قال "بالتأكيد تأثير الاعلام الالكتروني اوسع من الاعلام التقليدي الذي ان كنت تقصد به الصحف التي كانت تصدر والتلفزيونات المحلية الارضية، وليست الفضائية، فبالتأكيد الاعلام الالكتروني والفضائيات تأثيرها اقوى، واحيانا هناك بعض الفضائيات الان تقود تغييرات كبرى في بعض البلدان، بناء على سياسات، سواء كانت خاطئة او صحيحة، فالاعلام الالكتروني بشقيه، مواقع التواصل الاجتماعية او المواقع الاعلامية، لهما تأثير بالغ، والنتيجة هو ما نشهده الان في المنطقة العربية من تغييرات اجتماعية وسياسية وعلى كل الصعد".
من جهة أخرى، اعتبر ان الاعلام سائر في قضية التغيير الى ما لانهاية، بمعنى ان ما حدث في بعض البلدان العربية كان جزءًا من فعل الاعلام الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي. وحتى اذا صار هذا التغيير فإن هذه المواقع ستستمر في احداث تغيرات أخرى وقد يمتد التأثير من الصعيد السياسي الى الاصعدة الثقافية او الفنية او الاقتصادية، أي انه ثورة متصلة قائمة على اساس التغيير المستمر، وبذلك نرجع الى مقولة هيروقليطس عندما قال "انك لا تعبر النهر مرتين لان مياه جديدة ستجري من حولك ابدا"، والتغيير قائم الى ما لا نهاية.
كما رأى جزاع أن قوننة الاعلام الالكتروني اكذوبة، لكن من الضرورة ان تجد هناك قواعد اخلاقية قانونية ادبية تحمي الناس من الاساءة، وتحمي المؤسسات من الاساءة التي قد تصدر من هذه المواقع الرسمية المعلنة، أي بمعنى أن جهة الاصدار معروفة، اما هناك مواقع خصوصًا مواقع التواصل الاجتماعي، التي لايمكن ان تفرض عليها قيودا محددة لان اساسًا ليس هنالك من يمتلك هذه المواقع، أي انها مشاعة لكل من يساهم، ومن ضمنها فايسبوك، الذي بامكانك ان تنشر أي رأي فيهولا احد يحاسبك عليه، اما ان توجد قوانين للاعلام الالكتروني، فهي ضرورة اخلاقية وقانونية واجتماعية.
وختم قائلا "الاعلام الالكتروني ما عاد سلطة رابعة، بل انه سلطة خامسة، السلطة الرابعة نفهمها على انها الصحافة. اما هذا بشكله الجديد وبآلياته الجديدة وبادواته وباسلوبه وبنتائجه وافعاله، فانا لا اعتقده سلطة رابعة، بل إنه سلطة السلطات".
عبد الخالق كيطان: الاعلام الالكتروني قادر على الاستمرار من دون ان يلغي غيره
ومع سقوط هذا النظام على سبيل المثال، استطاع الاعلام الالكتروني ان يغزو المجتمع بطريقة غير مسبوقة، الامرنفسه في سوريا التي حاولت على مدى عقدين من الزمان ان تناور مع موضوع الاعلام الالكتروني، ولكنها في النتيجة رضخت، حتى شبكة فايسبوك، التي كانت ممنوعة في زمن حافظ الاسد، دخلت في زمن بشار الاسد بقوة الى سوريا، وكما ترى الدعوات إلى التظاهر انطلقت من شبكة فايسبوك تحديدًا، الآن لا مجال لاي حاكم ان يمنع هذه التقنيات الحديثة ومن ان يحظى بخدمتها المواطن العادي لاننا لسنا في جزر معزولة، وحتى القنوات الفضائية اذا ما لاحظت تعتمد بشكل كبير على ما تحصل عليه من اشرطة فيديو منقولة عبر الموبايل ومحولة عبر البلوتوث الى شبكة الانترنت، وتبث باعتبارها فيلمًا تلفزيونيًا فيه سبق صحافي".
كذلك، رأى كيطان ان المنفعة بين الاعلام الالكتروني والتقليدي متبادلة، يعني لو انك صاحب موقع الكتروني او مجلة الكترونية، فأنت بحاجة دائمة الى مدوّنين الى حد ما نستطيع ان نسميهم "سريين"، لان المدوّن السري يستطيع ان ينقل لك ما تعجز انت عن الوصول اليه، وتعرف ان تأسيس موقع على الانترنت لا يحتاج الا جهد شخص واحد، ولكن مواقع التواصل الاجتماعي تحتاج جهود المئات والالاف كي تنضج فكرة تقديم الصورة الحديثة والواقعية والجديدة التي تحمل لحظتها الانية.
الى ذلك، قال انه "تعلمنا من خلال الصحافة الورقية والاذاعة والتلفزيون إنه لا توجد وسيلة اعلامية تلغي ما سبق، كل وسيلة تأتي، وهي تحمل معها تقنياتها المختلفة، اعتقد ان مستقبل الاعلام الالكتروني سيتطور، ونحن الان نسمع ونقرأ عن نيويورك تايمز، وقد بدأت بإنزال نسخة الكترونية يومية مقابل ثمن، واعتقد ان الصحف الكبرى ستلجأ الى هذا الموضوع، وستطور مواقعها من دون ان يمنع ذلك من ان تستمر مطبوعاتها الورقية او اصداراتها التلفزيونية او الاذاعية بالصدور".
ورأى انه في العالم المتحضر لا توجد من شروط، اللهم الا شروط اخلاقية، كأن يمنع الاحداث دون سنّ 18 سنة من الاطلاع على مواقع معينة، وهذا موجود فيمعظم دول العالم. اما الموجود في دول العالم الثالث او الشرق الاوسط فهناك محاولة للتضييق على الاعلام الالكتروني جادة وحثيثة، وهي محاولة قديمة، اذ كان الاعلام الرسمي بشكل عام مسيطرًا عليه من قبل نظم دكتاتورية منذ اكثر من 60 عامًا، المحاولة الجريئة الان تتمثل في كسر احتكار المعلومة من قبل السلطة، الانترنت يوفر هذا الكسر، ولذلك السلطات تتخوف من ان يحدث مثل هذا الكسر.
وختم قائل إن "هذا الاعلام استطاع ان يقدم مجاميع جديدة من المهتمين بالاعلام يفكرون بطريقة مختلفة تمامًا عن ما كان سائدا سابقا، هناك الان نظرة الى ما يسمون بديناصورات الاعلام العربية التي كانت تمسك بالاعلام العربي، الان هناك ثورة ضد هذا الموضوع، وانطلقت هذه الثورة من الاعلام الالكتروني، ولكن هل سيأتي اليوم الذي نكتفي فيه بالاعلام الالكتروني، ونمتنع عن شراء الجريدة او مشاهدة التلفاز؟، لا اعتقد هذا، فلكل اعلام مواصفاته ـ فالاعلام الالكتروني الذي استطاع ان يخلخل انظمة ثابتة في السلطات العربية قادر على الاستمرار من دون ان يلغي غيره، لكن الشيء المؤكد ان الاعلام الورقي والتلفزيوني والاذاعي عليه ان يغير جلده الان، وآليات تعامله، وان يقترب اكثر من الحداثة في التعامل مع الموضوع المطروح على الساحة".
إسماعيل زاير:الاعلام الالتكروني نجح لكنه سيواجه مصاعب
واعتبر أن الصحف الالكترونية لها دور مختلف ايجابي لانها اكثر انضباطا واكثر تحديدا لمهماتها، بحيث تستطيع ان تذهب اليها وتحصل على غرضك المطلوب، وهذا مكسب كبير خلال السنوات المقبلة، وسوف يكون المستقبل للاعلام الالكتروني".
واعتبر ان الالتقاء بين الإعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية هو انهما يتميزان بالمرونة، وفيها فسحة ممتازة للمنوعات والقضايا الانسانية والاجتماعية التي لا تستوعبها الصحف، نحن في جريدة (الصباح الجديد) احيانا نلغي عددًا من الاخبار بسبب عدم وجود مكان، فنعمل على تدويرها واعادة صياغتها وتركيبها، في المواقع الاجتماعية او الاخبارية المساحة مفتوحة، وبالامكان استيعاب طاقة خمس جرائد، وتستطيع ان تجدد طوال اليوم، وهذا شيء ايجابي للغاية.
وراى ان الاعلام الالتكروني نجح نجاحًا كبيرًا، ولكن انا اتوقع انه سيواجه مصاعب، لان مثل أي سلاح جديد يأخذ الاخرين بالمفاجأة، ثم يبدؤون بالتحضير والتصدي له، انا اعتقد المرحلة المقبلة ستكون مرحلة فرض مجموعة من التشريعات لتقييد فتح المواقع، ولكن في المستقبل سيكون لا حد له، خصوصًا انك تستطيع ان تفتح ايميلك الشخصي من أي بلد، ولا تضطر إلى ان تكون في العراق او غيره.
وختم قائلا "وسوف تزداد القوننة لسبب بسيط، وهو انه سيكون اكثر خطورة، ورأينا.. في ما يتعلق بتونس ومصر كيف لعب الاعلام الاكتروني دورا خطرا، الان انت لا تحتاج ان تذهب للتدريب في مكان ما نائي، بل ان تفتح الموقع الالكتروني، وتستخرج الوثائق، وتشاهد وتسمع وتوفر الكثير من الجه .
مع الاضافة الممتازة للاعلام الالكتروني، لم يعد هنالك شيء اسمه السلطة الرابعة، الاعلام الان بدأ شيئا فشيئا يأخذ مكان السلطة الاولى، الحقيقة هي هذه، الان نلاحظ ذلك من اشهر من خلال ثورتي تونس ومصر، ان الدول والمخابرات والاجهزة ليست مشغولة بملاحقة افراد مشبوهين في الشارع، بل ملاحقة مدونين وهي ملاحقة وهم، لا يستطيعون السيطرة عليه، لذلك انا في تقديري ان ننتبه الى القيمة العالية للاعلام الالكتروني في العالم، نحن قد لانكون السلطة الاولى مثلما هو مطروح، ولكن العالم بدأ يتحدث عن ان الاعلام لم يعد السلطة الرابعة، بل السلطة الاولى".