إعلاميون: الصحافة الالكترونية تحتاج قوانين وضوابط
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
من المغرب، يرى إعلاميون أن الإعلام الإلكتروني في السنوات الأخيرة تفوق على نظيره التقليدي والشبكات الاجتماعية، إلى درجة جعلت البعض يتحدث اليوم عن ميلاد "سلطة خامسة" يبنيها هذا الإعلام على أنقاض السلطة الرابعة، التي كان يمثلها الإعلام التقليدي.
الرباط: أجمع إعلاميون من المغرب على أنّ الإعلام الالكتروني سبق نظيره التقليدي بأشواط، وشكل وقودًا للثورات في العالم العربي، ولو انّه مازال يحتاج قوننة.
وقال محمد سراج الضو، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية إنه في السنتين الأخيرتين، وخاصة في 2010، سجل مجال الإعلام الالكترونيّ عمومًا والمواقع الإخباريّة خصوصًا تحولا كبيرًا، ما اعتبره أمرًا إيجابيّا.
واعترف الضو بوجود نقص كبير في ما يخص قوننة مجال الإعلام الإلكترونيّ، مشيرًا إلى أن التعديلات المقترحة قي قانون الصحافة المعروض حاليًا على الحكومة المغربية تتضمن مجموعة من المقترحات من أجل تنظيم مجال الإعلام الإلكتروني.
المستقبل للاعلام الالكتروني
وأكد الإعلامي المغربي أحمد نجيم أن "سرعة الخبر والتفاعل الذي يتيحه الإعلام الإلكتروني مع القارئ، جعلته يتبوأ مراتب متقدمة في وقت وجيز"، مشيرًا إلى أن "تأثيره يتجاوز الإعلام التقليدي، لما ذكر، ويتجاوز تأثير الشبكات الاجتماعية نظرًا إلى مصداقية الخبر ومهنيته".
موضحًا أن "الإعلام الإلكتروني نجح حيث أخفق الإعلام التقليدي في تحريك الشعوب العربية"، مبرزًا أن "تجربة المغرب تؤكد هذا الأمر. فمنذ إعلان ميلاد حركة 20 فبراير، التي حركت المغرب ودفعت السلطات إلى التسريع من وثيقة الإصلاحات، شهد الإعلام الإلكتروني طفرة مهمة، تكاثرت معها المواقع الإخبارية، وازداد إقبال القراء".
وذكر نجيم أن المستقبل سيكون للإعلام الإلكتروني القادر على تجاوز الرقابة بكل أنواعها، سواء كانت رقابة الدولة أو رقابة المعلنين، مشيرًا إلى أنه "يمكن إنشاء موقع في أية دولة ديموقراطية، كما يمكن الحصول على إعلانات ليست بالضرورة محلية".
من جانبه، قال الإعلامي علي أنوزلا إن "الإعلام الإلكتروني فتح آفاقًا واسعة أمام مستخدميه، وهو في طريقه نحو تغيير تصورنا للصحافة التقليدية، فهذا الإعلام أعطى للمواطن الفرصة للمشاركة في صناعة الحدث وبثه والتعليق عليه، وانهى حقبة المتلقي السلبي الذي كان يستهلك ما ينتجه الإعلام التقليدي، ومعه أنهى الكثير من النظريات التي كانت تعتمد على قوة الإعلام في صناعة الرأي العام وتوجيهه والتحكم فيه".
وأكد أنوزلا أن "أحد أسباب الثورات العربية عائد أصلاً إلى سقوط احتكار الدولة لسلطة الإعلام الرسمي المسمّى ظلمًا (إعلامًا عموميًا). والنموذج التونسي هنا مثال صارخ. ففي الوقت الذي فقدت فيه السلطة سيطرتها على الإعلام الرسمي، بدأت تفقد سلطتها على الشارع الذي انتفض ضدها.
فلولا هذا الإعلام لما عرف العالم بأحداث (سيدي بوزيد)"، مشيرًا إلى أنه "بفضل تلك الصور الباهتة المهربة عبر (الموبايلات) وصلتنا صرخة سكان تلك القرية المنسية والمهمشة، بل ونجحت تلك الصور، رغم ضعفها في كسر احتكار السلطة لـ"الحقيقة"، التي كانت تسوّقها عبر إعلامها الرسمي.
الشيء نفسه يتكرر اليوم مع تجربة الثورة السورية، التي يلعب فيها "الإعلام الشعبي" دور المحرك والمحرّض، فمن يصدّق اليوم الرواية الرسمية لما يجري في مدن وقرى سوريا؟".
أضاف "اليوم نحن أمام مفترق طرق كبير في عالمنا العربي، إما أن تعي السلطات أن زمن التحكم في الإعلام وصناعة الرأي العام المعلب قد انتهى، وإما فإنها هي التي ستنتهي كما انتهت أنظمة زين العابدين بنعلي، وحسني مبارك، والبقية آتية لاريب فيها..".
وأوضح أنوزلا أن "هناك اليوم أكثر من 20 مليون مواطن عربي عضو في الموقع الاجتماعي فايسبوك، ومثل هذا العدد تقريبًا في موقع "تويتر"، يتبادلون يوميًا آلاف المعلومات والصور والفيديوهات. وشكلوا أكبر سوق عربية افتراضية مشتركة لتبادل المعلومات عجزت الأنظمة، رغم كل إمكانيتها، عن تحقيقها. ولا أتصور أن هذا المدّ سينتهي، فمع التقدم اليومي الذي يشهده مجال الإعلام الإلكتروني الشعبي منه والمهني، سيدرك المواطن صاحب السلطة الافتراضية اليوم بأن لوحة مفاتيح حاسوبه الخاص يمكن أن تتحول إلى مفاتيح لتغيير واقعه اليومي".
قوننة الإعلام الالكتروني "المهني"
واتفق أنوزلا مع الضو حول ضرورة قوننة الإعلام الالكتروني لأن الاستخدام السيء قد يشكل كارثة على المجتمع. أضاف "أتحدث هنا عن الإعلام الإلكتروني المهني، أما ما يسمى بـ"الإعلام الإلكتروني الشعبي"، أو "صحافة المواطن"، فهذه يصعب تقنينها بسبب التطور المتسارع الذي تعرفه تقنيات التواصل الحديث التي تفتح المجال أمام الجميع ليصبح شاهدًا على عصره.
وتابع "أقصد بالإعلام الإلكتروني المهني، هو ذلك الإعلام الذي يتوخى المصداقية، لأن هذه هي كلمة السر عند الإعلاميين المحترفين. لأن من فقد المصداقية فقد معيار عضويته ضمن نادي الإعلام المهني".
وأضاف "يجب التفريق هنا بين قوننة الإعلام الجديد، وضبطه والحدّ من حريته، كما تسعى إلى ذلك الكثير من الأنظمة الشمولية. فالقانون لا يعنى دائمًا المنع، وإنما الترخيص المشروط المبني على نوع من التعاقد يتفق عليه دخل المجتمع. وللوصول إلى مثل هذا التعاقد لا بدّ من وجود حرية وديمقراطية لفتح نقاش حر ومسؤول يشارك فيه الجميع، ويلتزم فيه الجميع برأي الغالبية. ولا أعتقد أننا في الدول العربية مؤهلون في الفترة الحالية لمثل هذا التمرين".
سلطة خامسة
وردًا على سؤال لـ "إيلاف" حول ما إذا كان الإعلام الإلكتروني أعاد إلى السلطة الرابعة مكانتها وتأثيرها، قال أنوزلا "بالعكس، فالحديث يجري اليوم عن ميلاد "سلطة خامسة"، يبنيها الإعلام الإلكتروني على أنقاض السلطة الرابعة، التي كان يمثلها الإعلام التقليدي.
فهذه السلطة الأخيرة انتهت حتى في الدول المتقدمة إلى سلطة محتكرة لأصحاب المال والسلطة من خلال التحكم في موارد تمويل وسائل الإعلام التقليدية، أو من خلال التحكم في خط تحريرها". وأبرز أنه "في عالمنا العربي، لم تشكل وسائل الإعلام التقليدية قط سلطة رابعة، لأنها كانت ومازالت فيغالبية الدول سلطة تابعة، وليست سلطة رابعة، من خلال احتكار الحكومات العربية في الإعلام الرسمي، وتحكمها في سوق الإعلانات لتوجيه الإعلام الخاص.
أما تجارب الصحافة المستقلة، التي لم توجد إلا في المغرب، فقد رأينا كيف انتهت تحت مقصلة إعدام السلطة". وأضاف "اليوم نحن نشهد ميلاد سلطة جديدة أسمّيها (السلطة الخامسة)، وهي التي قادت الانتفاضات العربية في تونس، ومصر، واليمن، والبحرين، وتقودها في دول أخرى، مثل ليبيا، وسوريا، ودول الخليج العربي، والمغرب، والجزائر... وقوة هذه السلطة تتنامى يومًا بعد يوم، ويجب التسليم بها لترويضها من خلال تقنين وسائلها، قبل أن تتحول إلى وحش كاسر يصعب التحكم في ردود فعله المفاجئة"، على حدّ تعبيره.