الإعلام الالكتروني يحتاج إرساء الديمقراطية ليكون سلطة رابعة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أجمع خبراء ومتخصصون من فرنسا تحدثوا مع إيلاف على أنه من العسير على وسائل الإعلام الإلكتروني والمواقع الاجتماعية، في هذا الاستثناء العربي، أن تعوّض وسائل الإعلام التقليدية. فالأصحّ أن النمطين يكملان بعضهما بعضًا، مشددين على تلازم واضح بين الديمقراطية وازدهار السلطة الرابعة.
يأتي تقويم أداء الإعلام الالكتروني متزامنًا مع حراك سياسي يشهده العالم العربي. وسجلت الصحافة الإلكترونية حضورًا متميزًا قبل الثورات العربية وأثنائها،إلى جانب المواقع الاجتماعية، التي حضر فيها الجانب الذاتي للمواطن العربي، في حين صاحب الإعلام الإلكتروني العربي هذه التطورات، وفي مقدمته "إيلاف"، بالمواكبة المهنية والتحليل العلمي على لسان العديد من المتخصصين.
ويرى متخصصون أنه لا يمكن للإعلام الإلكتروني ولا للمواقع الاجتماعية، في هذا الاستثناء العربي، أن تعوّض وسائل الإعلام التقليدية، وإنما "تعتبر مكملاً لها"، بحسب قول رئيس المدرسة العليا للصحافة في باريس غيوم جوبان.
وبحسب جوبان، يتميز كلّ من الإعلام الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعيّ بسرعتهما في نقل المعلومة وقربهما من المواطن.
لكن جوبان لا يخفي أن الإعلام الإلكتروني "وظف أحيانًا لتشويه المعلومة ونشر الشائعة"، وبالتالي يصل إلى نقطة أساسية، مفادها أنه "لا شيء يمكن أن يعوّض صحافيًا مصحوبًا بكاميرا في بنغازي في ليبيا أو درعا في سوريا"، في إيحاء إلى دور الصحافي الشاهد، وهو على عين المكان في نقل الحقيقة إلى العموم.
الإعلام الإلكتروني لم يرتق بعد إلى سلطة رابعة
من الممكن للإعلام التقليدي أن يشتغل بشكل مهني على الأقل في تمرير المعلومة للمتلقي من دون أن يمارس عليه أي نوع من الرقابة، إلا أن مناخ الحريات السائد في الكثير من البلدان العربية، أفرز صحافة مهادنة تتجنب إغضاب الحاكم، وفي حالات أخرى تسعى إلى التقرب منه، وتتحول إلى بوق للنظام، لا يربطها بهموم المواطن إلا "الخير والإحسان".
وظهور الصحافة الإلكترونية، ومعها المواقع الاجتماعية تحديدًا، منح متنفسًا جديدًا لتحريك المعلومة، كما يقول جيل لوردي الناطق الرسمي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" في حديث خصّ به إيلاف.
واعتبر أن الانترنت "كان الوسيلة الوحيدة لترويج المعلومة في العديد من الأنظمة العربية، كمصر والسعودية وتونس".
ويضيف لوردي أن "النظام التونسي أدرك خطورة الانترنت عليه، وقام بقمع العديد من الصحافيين الإلكترونيين والمدونيين.. فالإعلام الإلكتروني في تونس مثلاً لم يكتف دوره بترويج المعلومة فقط، وإنما ساهم كذلك في التعبئة، واستخدم بالتالي كأداة إعلامية وسياسية في الوقت نفسه.
ويعتبر المتحدث باسم "مراسلون بلا حدود" أن الصحافة الإلكترونية في البلدان العربية خصوصًا، لم ترتق بعد إلى مستوى السلطة الرابعة، حتى تحتل بذلك المكان الطبيعي للصحافة في أي دولة تحترم حرية التعبير، وتعوّض بالتالي إخفاق الصحافة التقليدية في قيامها بدور كهذا، وذلك "لكوننا لا يمكن أن نتحدث عن سلطة رابعة حقيقية إلا عند قيام أنظمة ديمقراطية"، على حدّ تعبيره.
ويضيف لوردي في السياق نفسه: "إنه من المبكر أن نتحدث عن سلطة رابعة، هناك مرحلة انتقالية تعيشها بعض الدول كمصر و تونس، ونحن ننتظر ما سينجم منها"، إلا أنه أقرّ بوجود ما أسماه "سلطة معلومات" تدفع في اتجاه التغيير بحكم ترويج الأخبار التي لا تراعي إلا مصلحة المواطنين والوطن.
من جانبه، فضّل المدوّن المغربي المعروف محمد الراجي أن يتحدث عن نوع من "الصلح الذي حصل بفعل الإعلام الإلكتروني بين السياسية والمواطن مُعيدًا للصحافة مكانتها".
واستبعد أن يكون اعتلى عرش السلطة الرابعة، ودليله في ذلك أن "فتح الصحافة لملفات الفساد لا تواكبها المتابعة من طرف القضاء".
ويرى المدوّن المغربي، الذي سبق أن زجّ به في السجن، بسبب كتاباته، أن "الإعلام الإلكتروني يشرّع أبواب السجون أكثر من باقي وسائل الإعلام الأخرى في وجه الصحافيين الإلكترونيين، ليس لأن الخطوط الحمراء تختلط أمامهم، بل لأن القضاء يتردد في متابعة صحافي يعمل لفائدة مؤسسة إعلامية لديها محاموها، وهو ما لا ينطبق على الصحافيين الإلكترونيين العزّل"، على حدّ توصيفته.
أما، على مستوى التأطير التشريعي لهذا القطاع في البلدان العربية، فأعرب الناطق الرسمي باسم "مراسلون بلا حدود"، عن تثمينه المبدئي للمسألة، لكن بطريقة مفتوحة تحترم حرية التعبير، مبرزًا أن هذه القوانين يجب أن يسهر على إخراجها إلى الوجود أناس لهم دراية بالميدان، حتى لا تستغل في تصريف قرارات سياسية ضد حرية الصحافة.
أي مستقبل للإعلام الإلكتروني في العالم العربي؟
يراهن العديد من المراقبين على الدور المستقبلي الذي يمكن أن تلعبه الصحافة الإلكترونية في العالم العربي، بل إن دورها سيكون "مصيريًا في السنوات المقبلة"، بحسب قراءة كريم بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية، "نظرًا إلى اعتبارات بنيوية، وأخرى سياسية، لأن الشباب انخرطوا أكثر في النقاش السياسي، ومستعدون لاستعمال الانترنت للتزود بالمعلومة وتبادل الرسائل ومتابعة التعبئة".
وأضاف بيطار متحدثًا عن مستقبل الإعلام الإلكتروني العربي لـ"إيلاف"، "يجب كذلك اتحاد الحيطة، لأنه ستظهر مجموعة من المواقع لها أهداف خفية، والانترنت سيكون ساحة معركة لجبهات متناقضة".
ليخلص إلى أن الأجيال العربية الجديدة، يتحتم عليها أن "تتعلم كيف تفرق بين الصحيح والخاطئ، وتأثير التعليقات، وحقيقة الشائعات، كما ينصح "بتنويع مصادر الخبر للوصول إلى رؤية متوازنة"، منبّهًا إلى ضرورة الاحتياط مما أسماها عملية "التوجيه العمدي للمتلقي".