عبد الصبور: الإعلام التقليدي يستقي 70% من محتواه من الإلكتروني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
القاهرة: قال صلاح عبد الصبور الأمين العام للإتحاد العربي للصحافة الإلكترونية إن الفضائيات والصحف الورقية تستقي 70% من المحتوى الخاص بها من الإعلام الإلكتروني، وأضاف في مقابلة مع "إيلاف" أن ضعف الإستثمارات في الإعلام الإلكتروني يرجع إلى عدم وجود إطار تشريعي ينظم عمله، بالإضافة إلى أن المستثمرين العرب ليسوا من فئة الشباب التي تعتبر الأكثر إستخداماً له، مشيراً إلى أنه كان صاحب الفضل في التمهيد ودعم الثوارت العربية، وأنه يمثل حالياً وسيلة الإعلام الوحيدة للسوريين والليبيين في ظل التعتيم على إنتفاضاتهم من قبل الأنظمة الحاكمة.
ونبه إلى أن الإعلام التقليدي ما زال يتمتع بشعبية كبيرة، لكن المستقبل للإلكتروني في ظل التقدم التكولوجي والتطور السريع في مجال الموبايل. وأكد عبد الصبور أن الصحافيين الإلكترونيين يمارسون عملهم في ظل ظروف صعبة، بسبب عدم إعتراف المؤسسات الرسمية أو النقابات المهنية بهم.
كيف ترى دور الإعلام الإلكتروني في التمهيد للثورات العربية ودعمها؟
لا يستطيع أحد إنكار فضل الإعلام الإلكتروني سواء شبكات التواصل الإجتماعي مثل فايسبوك أو توتير أو المواقع الإخبارية على الثورات العربية، وأنها كانت سبباً في التمهيد لها، والمساهمة في إطلاق شرارتها الأولى، ودعمها أثناء إشتعالها، لاسيما في ظل سيطرة الأنظمة العربية القمعية على وسائل الإعلام التقليدية مثل الصحافة الورقية أو الإذاعات أو التليفزيونات الأرضية أو المحطات الفضائية، حيث خلق الإعلام الإلكتروني نوعاً جديداً من القاريء، وهو القاريء الذي لا يكتفي بالتلقي فقط، بل أصبح متلقياً وناقداً ومتفاعلاً. وصار يصنع المحتوى بنفسه، بدون وصاية من أحد. في الماضي، كان القاريء أو المشاهد يقال عنه، أنه "المتلقي"، أي أنه لا حيلة له سوى تلقي ما يقدم له، وإذا حاول التفاعل أو الرد، يمر كلامه على الرقيب، فإذا كان قارئاً للصحف فهو بحاجة إلى كتابة مقالة وإرسالها عبر البريد إلى مقر الجريدة، ثم تمر على محرر صفحة بريد القراء فيحذف منها، أو يعيد صياغتها أو يرفض نشرها، إما لضيق المساحة أو لتجاوزها الخطوط الحمراء، وشيئاً فشيئاً مل القراء من الرقابة، ولم يعد أي منهم يتفاعل مع الصحف، والدليل على ذلك إختفاء صفحات القراء تماماً، باستثناء بريد المظالم، حتى تلك الصفحات شهداً تقلصداً حداً، وشارفت على الانقراض.
وفي حالة التليفزيون، إذا أراد المشاهد إجراء مداخلة يتصل بالكنترول وقد ينتظر لساعات طوال، وقد يقطع الخط عليه. كل هذه المتاعب تخلص منها القاريء أو المشاهد مع ظهور الإنترنت، وإزدهار الإعلام الإلكتروني، حيث صار بإمكانه أن يرد على أية مقالة أو خبر في الحال، ولايحجر أحد على رأيه ما دام لا يتجاوز الأعراف والتقاليد أو يشتم أحد، بسبب وضع المواقع الإخبارية ميثاق شرف للتعليقات، بل في أحيان كثيرة تنشر المواقع تعليقات القراء بدون رقابة عليها.
أما فايسبوك وتوتير، فإمكان أي إنسان أن يفعل ما يشاء. بالإضافة إلى أن شبكات التواصل الإجتماعي ساهمت في تجميع الشباب أو كل من لهم إتجاهات فكرية معينة ضمن فريق واحد من خلال ما يسمى بالجروبات أو المجموعات، والتواصل باستمرار، وتبادل المعلومات، وتحميل الفيديوهات، كل هذا في ثوان معدودة.
وكان للإعلام الإلكتروني الفضل في تحقيق الديمقراطية في العالم العربي، حيث لم يعد المواطن مجرد متلقي، بل متفاعل ومشارك بالرأي، وهنا شعر بأهمية حرية الرأي والتعبير، و تأكد أنها من ضروريات الحياة، فنزل للشارع في مظاهرات واسعة، مطالب بتحقيقها على أرض الواقع، ليتمكن من ممارستها فعلياً وليس إفتراضياً فقط، وهذا ما يفسر الشعارات أو الهتافات التي أعلنها الثوار في تونس أولاً ثم مصر "حرية.. حرية".
ما تفسيرك لنجاح الإعلام الإلكتروني في التمهيد ودعم ثورتي تونس ومصر، وعدم تأثيره بالقدر نفسه في الثورات التي إندلعت لاحقاً في ليبيا واليمن سوريا؟
الثورة نموذج لا يمكن إستنساخه في جميع البلدان، فكل ثورة لها ظروفها، وفي إعتقادي أن تأثير الإعلام الإلكتروني في الثورات العربية، لا يختلف من بلد لآخر، إلا بقدر إتاحة تلك الوسيلة الإعلامية في ذلك البلد، ومدى إستفادة الشعب منه قبل الثورة، فهناك شعوب عربية، لا تتعد إستفادتها من الإنترنت سوى الشات، ومشاهدة الأفلام الإباحية أو تحميل الأغاني، ولم تتطور إلى مرحلة التفاعل مع الأحداث في بلدانها أو إستخدامها في ممارسة الديمقراطية أو التعبير عن الرأي بطريقة غير تقليدية. كما أنني أختلف مع القول بأن الإعلام الإلكتروني كان أكثر تأثيراً في ثورتي تونس ومصر، بل أعتقد أنه أكثر تأثيراً في ثورتي سوريا وليبيا، لأنه في حالة في الثورتين الأوليين، كانت هناك القنوات الفضائية تعمل بحرية، وتنقل الحدث أولاً بأول، بالإضافة إلى تفاعلها مع الإعلام الإلكتروني سواء بالنقل منه، أو النقل إليه.
أما في حالة ثورتي سوريا وليبيا، فليس هناك وسيلة إلاعلامية توصل صوت المحتجين سوى المواقع الإلكترونية الإخبارية أو شبكات التواصل لإجتماعي في ظل الحظر الشديد المفروض على القنوات الفضائية، حيث يتم نقل وقائع التظاهرات من خلال تحميل الفيديوهات المصورة بإستخدام الموبايل على شبكة الإنترنت، وتقوم الفضائيات بإذاعاتها على شاشتها. ولم يعد هناك وسيلة لنقل الأخبار والمعلومات والتعبير عن الرأي في تلك البلدان سوى الإعلام الإلكتروني.
ما الذي يميز شبكات التواصل الاجتماعي عن المواقع الإخبارية، وما مدى مساهمة كل منهما في التغيير العربي؟
الإحترافية في العمل، أهم ما يميز الإعلام الإلكتروني عن شبكات التواصل الإجتماعي، ففي المواقع المحترمة مثل "إيلاف"، يتم ممارسة العمل الإعلامي بإحترافية أو مهنية شديدة، ولا مجال للتجاوز في المحتوى المنشور، حيث أن لها هيكلا إداريا وتحريريا، ولا يمر أي محتوى صحافي إلا بعد التأكد من صدقيته، وأنه لا يتضمن قذفا وسبا في حق أي إنسان، وأنه لا يتضمن ما يسيء إلى الأديان ولا يحض على الطائفية مثلاً.
بالإضافة إلى التنظيم في تدفق المواد والتنظيم في نشرها، فالجريدة الإلكترونية تحتوي على أبواب سياسية وفنية ورياضية وصحة ومدونات، و فيديوهات، والأخيرة يتم إجراء مونتاج لها، ووضع لوغو الموقع عليها، فضلاً على وضع أرشيف للموضوعات ذات الصلة، أو المواقع ذات الصلة، بالإضافة إلى أنها تحمل ميزة التواجد عبر شبكات التواصل الإجتماعي، لأن جميع أو الغالبية العظمي من المواقع الإخبارية لها صفحات على فايسبوك وتوتير.
كما أن 70% من محتوى الصحف الورقية والفضائيات يتم التحصل عليه من المواقع الإخبارية.
أما في الشبكات الاجتماعية فيغلب عليها العشوائية في تقديم المحتوى، وقد يعود ذلك إلى أن المهمة الأساسية لها هي التواصل الإجتماعي، وليس تقديم معلومات أو القيام بمهمة الإعلام.
وهذه العشوائية يتنج عنها الكثير من المشاكل فقد يتسبب شخص ما في تشوية صورة آخر، أو تشوية صورة مجموعة أو فئة من الناس، وقد ينشر فيديوهات تسييء للآخرين، لكنها مهمة في التواصل والحشد وتكوين الجماعات والتعبير عن الرأي بحرية، بل ورفع المظالم، حيث صار بإمكان أي شخص أو مجموعة تتعرض لظلم ما أن تطلق صفحة أو جروب على فاسبوك، وتتفاعل مع مشكلتها وتحاول تسليط الأضواء عليها.
أيهما الأكثر تأثيراً الإعلام التقليدي أم الإعلام الإلكتروني، وهل يطغى الأخير على الأول ويلغى وجوده؟
يقاس تأثير أي وسيط إعلامي بمدى جماهيريته، وحتى الآن ما زال الإعلام التقليدي هو الأكثر تأثيراً وذلك بنسبة 80%، لأنه يصل إلى نطاقات أوسع من البشر في المنطقة العربية، ويرجع ذلك إلى أن الغالبية ما زالت تعتمد في معلوماتها على التلفيزيون والصحف الورقية، فضلاً على أن المنطقة العربية ما زالت متأخرة في الإستفادة من الإنترنت، بسبب انتشار الأمية والفقر.
لكن المستقبل يقف في صف الإعلام الإلكتروني، فهو مؤثر بنسبة 20% بشكل مباشر في المرحلة الراهنة، لكنه مؤثر بشكل غير مباشر بنحو 70%، لأن الفضائيات والصحف الورقية تستقي 70% من معلوماتها أو محتواها من الإعلام الإلكتروني، فضلاً على أن شريحة الشباب الذين تترواح ما بين 16 و30 عاماً يشكلون 63% من مستخدمي الإنترنت، والشريحة أقل من 16 عاماً يشكلون 23% من المستخدمين، أي أن 86% من مستخدمي الإنترنت من الشباب والأطفال، وهؤلاء هم أصحاب المستقبل. كما أن الموبايل سوف يساهم في التعجيل بإكتساح الإعلام الإلكتروني للإعلام التقليدي، الذي سوف يكون كالإذاعة من التليفزيون حالياً، وذلك خلال أقل من عشرة أعوام، لاسيما أن العديد من شركات التليفون المحمول صارت تقدم محتوى الإنترنت، وصار بإمكان أي شخص تصفح المواقع الإخبارية أو الدخول إلى بريده الإلكتروني أو متابعة صفحته على فايسبوك أو توتير.
رغم تأثير الإعلام الإلكتروني إلا أنه مازال يعاني من قلة الإعلانات، لماذا برأيك؟
يرجع ذلك إلى أن المستثمرين العرب ليسوا من الشباب، ويعتبر الإعلام الإلكتروني وسيلة شبابية، فضلاً على أن عدم وجود إطار قانوني يحكم هذا الإعلام الجديد، يثير قلق المستثمرين بشكل عام، والمعلنين بشكل خاص، بالإضافة إلى أن المنطقة العربية ما زالت متأخرة في مجال التقنيات والبرمجيات، لكن مشكلة الإعلانات لم تعد قائمة في أمريكا على سبيل المثال، حيث تخطت قيمة الإعلانات في الإعلام الإلكتروني قيمة الإعلانات في المحطات التلفزيونية لأول مرة في العام الماضي 2010، و سوف يحدث ذلك في العالم العربي قريباً.
كيف تنظر إلى المشكلات التي توجه الصحافي الإلكتروني؟
نقطة في غاية الأهمية، لأن الصحافي الإلكتروني غير معترف به من قبل النقابات الصحافية بالعالم العربي، أو من قبل المؤسسات الرسمية في الدول، لذلك هو يعاني كثيراً في القيام بمهامه، لاسيما أن غالبية صناع القرار في المؤسسات الحكومية أو النقابات المهنية ليسوا من الشباب، فضلاً على أن عدم وجود إطار تشريعي ينظم عمل الإعلام الإلكتروني يصعب من إمكانية إنضمامهم تحت مظلة نقابات الصحافيين في الدول العربية، إنهم يعانون من فقدان الأمان الوظيفي، وغياب الدورات التدريبية، وقلة الكوادر التي تساهم في تنمية مهاراتهم، يعملون في ظروف صعبة، ورغم ذلك يحققون تقدماً رائعاً.
وهناك مجموعة من المقترحات من أجل تسهيل مهامهم، منها: تعديل قوانين النقابات الصحافية بما يسمح لهم بالإنضمام إليها، وتعريف من هو الصحافي الإلكتروني. وضع إطار تشريعي لعمل الإعلام الإلكتروني، وأعتقد أن السعودية من أولى الدول العربية التي تولي إهتماماً كبيراً بقضية الإعلام الإلكتروني، وعملت على وضع إطار قانوني ينظيم عمله.
التعليقات
الإعلام الإلكتروني
احمد -أصبح الإعلام الإلكتروني اليوم من أهم وسائل الإعلام على الإطلاق، إن لم تكن هي أهمهم، للأسف أصبحت الصحف الورقية والقنوات أسيرة لبعض الأفكار القديمة.. ولكن يبدو أن القادم سيكون أفضل في ظل فرض تلك الوسائل نفسها على الصحف والقنوات ووسائل الإعلام الأخرى التي لم تعد محل ثقة