أخبار

المياه هي العامل المحدد لتنمية مصر ودول الحوض

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

نفى المسؤول السابق عن ملف المياه مع دول حوض النيل في وزارة الموارد المائية والري في مصر عبدالفتاح مطاوع نائب رئيس المركز القومي لبحوث المياه حاليًا في حواره مع "إيلاف" وجود أي أزمة أو مشكلة حول حصة مصر من مياه النيل، مستبعدًا وجود مشكلة أصلاً أو أخطار حول حصتها.

نهر النيل عابرًا وسط العاصمة المصرية القاهرة

أشرف السعيد من القاهرة: نفى المسؤول السابق عن ملف المياه مع دول حوض النيل في وزارة الموارد المائية والري في مصر، والذي تولاه قبل عشر سنوات وحتى شهر أبريل/نيسان الماضي- د.عبدالفتاح مطاوع نائب رئيس المركز القومي لبحوث المياه حاليًا في حواره مع "إيلاف" وجود أي أزمة أو مشكلة حول حصة مصر من مياه النيل، مستبعدًا وجود مشكلة أصلاً أو ما يمسّ بلاده من أخطار لحصتها من مياه نهر النيل، بل إنه أعطى صورة وردية للموقف المائي الراهن لمصر وللمستقبل.

وأكد أن جزءًا من المشكلة هو ان حصة مصر من مياه نهر النيل ثابتة في مقابل زيادة سكانية، وأن زيادة الحصة المائية لمصر تتوقف على حدوث إستقرار وأمن دول منابع النيل، وخاصة جنوب السودان، لإستقطاب الفواقد الموجودة في جنوب السودان، والتي من الممكن أن توفر لمصر نحو تسعة مليارات مكعب من المياه سنويًا.

ووصف د.مطاوع علاقة بلاده بشمال السودان وجنوبه إزاء ملف المياه بالإيجابية، معربًا عن أمله في إستئناف العمل بقناة جونجلي في جنوب السودان خلال الفترة المقبلة، التي ستوفر لمصر والسودان في مرحلتيها الأولى والثانية من التشغيل نحو 7مليارات مكعب من المياه مناصفة بين البلدين. وأعلن أن حصة المواطن المصري حاليًا من المياه تبلغ تقريبا 700 متر مكعب سنويًا، وإعتبر أن العلاقة بين مصر ودول حوض نهر النيل بمثابة شهر عسل -على حد قوله- في الفترة من 1999 وحتى عام 2007.

وأرجع د.مطاوع التأزيم بين مصر وبعض دول حوض النيل في الفترة الأخيرة إلى إستخدام حصة مصر من جانب بعض السياسيين في دول حوض النيل مادة للإبتزاز السياسي أو للإستهلاك السياسي المحلي، وأن المشهد الحالي من التأزيم هو كلاكيت ثالث مرة، حيث سبق إستخدام هذه الورقة في عهدي عبدالناصر والسادات وأيضًا خلال عهد النظام السابق.

وعزا الضجيج الإعلامي الحاصل حول موضوع المياه في الفترة الاخيرة إلى أطراف خارجية وأخرى محلية أرادت أن تصنع لنفسها دورًا عن طريق إفتعال أزمة أو مشكلة، وأصلا لا توجد مشكلة، إضافة إلى دور بعض الوزراء في مصر أو في دول حوض النيل ممن يهوون الشهرة أو الظهور الإعلامي في التصعيد، ومؤكدا ان أطراف خارجية كثيرة لعبت دورا في تصعيد موضوع ملف المياه وحصة مصر من نهر النيل منذ الستينات وحتى الآن، بداية من الغرب أو الإتحاد السوفيتي سابقًا وكل القوى تلعب من أجل توصيل رسالة إلى مصر، مفادها إيهامها وشعبها أنه لا توجد مياه في الغد، وهذا غير حقيقي.

وشدد د.مطاوع على أن مصر خاضت حروبًا عدة من أجل بناء السد العالي بهدف إستقرار وتأمين الحصول على حصتها السنوية من مياه نهر النيل، ومتسائلاً "لماذا نصنع لأنفسنا مشكلة أو نفتعل أزمة دون وجودها في الأصل؟، ومشيرا إلى أن الإتفاقية الإطارية هي إعلان مبادئ للتعاون والتشاور في ما بين دول حوض النيل عند تنفيذ مشروعات مائية تعود بالنفع على دول حوض النيل الموقعة عليها، وهي إتفاقية غير ملزمة لمصر، إلا إذا وقعت عليها، ومشددا على أن بلاده ليست ضد التنمية في دول حوض النيل.

وبيّن مطاوع أن مفتاح وحل المشاكل لمصر ولدول حوض النيل هي التنمية وأن المياه هي العامل المحدد لهذه التنمية، ولافتا إلى أن مصر قامت بالمشاركة بتمويل وبناء سد "أوين" لتوليد الطاقة في أوغندا في الأربعينيات قبل بناء السد العالي في مصر، ومشددا على أن سد الألفية العظيم المزمع إنشاؤه في أثيوبيا مازال محل دراسة الجدوى، مقللاً من آثاره السلبية على مصر. وقال د.مطاوع إن بلاده تحفظت في حال ملء هذا السد بالمياه في سنوات منخفضة الإيراد المائي في نهر النيل، فمن الممكن التأثير بعض الشيء على الكهرباء الناتجة من السد العالي، مشيرًا إلى أن سعة السد التخزينية للمياه تبلغ نحو 16مليار متر مكعب من المياه، وداعيا إلى ضرورة تقوية ودعم علاقات مصر على الأصعدة والمحاور كافة مع دول حوض النيل.

وقد تطرق الحوار مع د.عبدالفتاح مطاوع إلى قضايا محلية وخارجية عدة تتعلق بملف المياه وتوقعاته وتصوراته للمستقبل وإليكم ماجاء فيه

95 %من موارد مصرالمائية من نهر النيل
**ما هي قراءتكم للمشهد المائي حاليًا في مصر بمعطياته الراهنة؟
-الموقف المائي في مصر يتلخص في وجود حصة من مياه النيل هي تقريبًا أساس الموارد المائية في مصر، بمعنى أن 95 % من هذه الموارد من مياه نهر النيل، ومصر لها حصة تبلغ نحو 55.5 مليار متر مكعب سنويا، بينما تبلغ حصة السودان نحو 18.5 مليار متر مكعب، طبقا لإتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان، للإنتفاع الكامل من مياه النيل، وهناك 10مليار متر مكعب من المياه تتبخر من بحيرة ناصر سنويًا، وهذا يعني أنه في المتوسط أن إيراد نهر النيل يبلغ نحو 84 مليار متر مكعب، وهناك جزء ثان من الموارد المائية يتمثل في جزء متجدد، وآخر غير غير متجدد، مثل المياه الجوفية وهو أحد المصادر الرئيسة للموارد المائية في مصر، ولكي نستطيع توفير إحتياجاتنا تكون هناك برامج أخرى لإعادة إستخدام المياه "تدوير" مثل مياه الصرف الزراعي في الري مرة أخرى.

حصة ثابتة وزيادة سكانية
**يتوقع الخبراء حدوث أزمة مائية في مصر عام 2015. ماتعليقكم؟
-نظرًا إلى أن مصر تعتمد أساسا على مياه نهر النيل، فجزء من المشكلة يعود إلى أن حصة مصر ثابتة من مياه نهر النيل مع زيادة في عدد السكان، ونحن دائما نتحدث عن المياه، ولكن هناك متغيرًا كبيرًا جدا، وهو التغيرات الديموغرافية أو السكان في مصر، ونرى أن عدد سكان مصر في أوائل القرن التاسع عشر عندما تولى محمد علي حكم مصر كان عدد السكان يبلغ نحو 4مليون. أما اليوم فنحن اليوم نتحدث تقريبًا عن 83 أو 84 مليون نسمة، وبالتالي زاد عدد السكان خلال مائتي عام 21 مرة، و مصر كانت أيام زمان كانت تستخدم 48 مليار متر مكعب من المياه.

وبعد إنشاء السد العالي أصبح حجم الإستخدام نحو 55.5 مليار متر مكعب، فهذا المتغير الكبير لا أحد يلتفت إليه، فنحن نرى دائما المياه، ولا ننظر إلى عامل زيادة السكان، ونحن لا نقول إن زيادة السكان مشكلة، ولكنها ثروة، وبناء عليه لا بد من إعادة هيكلة إستخداماتنا للمياه في مصر من أجل سد حاجاتنا وتوفير مياه الشرب وإستخدامات الزراعة والصناعة، والحادث الآن هو أن مصر نظرًا إلى أن العامل المحدد للتنمية هو المياه وفرص زيادة الحصة المائية لمصر متوقفة على حدوث إستقرار وأمن دول منابع نهر النيل، وخاصة جنوب السودان، لذلك لا بد من ضمان العنصرين المهمين الإستقرار والأمن لكي ننفذ مشروعات إستقطاب الفواقد الموجودة في جنوب السودان، التي من الممكن أن توفر لمصر نحو 18 مليار متر مكعب من المياه مناصفة بين البلدين، لكل منهما تسعة مليارات.

وبالتالي فمن الممكن إضافة نحو 9 مليار متر مكعب إلى حصة مصر الحالية، شريطة وجود أمن وإستقرار في هذه الدول لأنه كانت هناك حرب أهلية بين شمال السودان وجنوبه إستمرت في الفترة منذ عام 1983 وحتى عام 2005، وكانت من أطول الحروب الأهلية التي شهدتها المنطقة، الشيء الثاني أن مصر لكي تحل مشكلتها فإنها تستورد بقية غذائها من القمح وغيره من الخارج، وبناء عليه، إذن لابد أن تكون للمجتمع المصري القدرة على إنتاج صناعات تكون القيمة المضافة لها عالية نتيجة إستخدام وحدة المياه التي منها من الممكن إستخدام إستيراد بقية غذائنا.

مواقف إيجابية
**من المقرر الإعلان عن قيام الدولة الوليدة في جنوب السودان في شهر يوليو/تموز المقبل من هذا العام، وبالتالي إنضم إلى دول حوض النيل دولة جديدة. فماهي إنعكاسات ذلك على الموقف المائي لمصر؟.
-هناك إتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان الموحد اليوم، وفي حال وجود دولتين ما زالت الإتفاقية قائمة لأن الإتفاقيات الدولية يتم توارثها، وأرى أن العلاقة بين مصر من ناحية وشمال السودان وجنوبه من ناحية أخرى في موضوع المياه يمكن القول إنها مواقف إيجابية، فمثلا في زيارة رئيس وزراء مصر د.عصام شرف الأخيرة إلى السودان عندما التقى الرئيس عمر البشير وأيضا بسلفا كير رئيس حكومة جنوب السودان، أكد المسؤولان السودانيان أنهما يؤيدان موقف مصر في موضوع المياه ولا توجد مشكلة.

إستقرار وتوفير الأمن في الجنوب
**ماذا عن قناة جونجلي في جنوب السودان التي كان قد تم البدء فيها قبل سنوات ثم توقف العمل نتيجة للحرب الأهلية بين الشمال والجنوب السودانيين وإنسحاب الشركة الفرنسية المنفذة للمشروع؟، وهل يمكن إستئناف العمل فيها مرة أخرى خلال الفترة المقبلة؟.
- بدأت مصر والسودان في أعمال الحفر بقناة جونجلي عن طريق شركة فرنسية عام 1978، وكان المفروض أن طول القناة يبلغ نحو 360 كيلو متر، وتم حفر نحو 280 كيلو متر تقريبا من القناة، وذلك في الفترة من عام 1978 وحتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1983، وتبقى حوالي 80 كيلو متر.

ونظرا إلى بداية نشوب الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في السودان في نوفمبر 1983، وحدث أن بعض الخبراء الفرنسيين لقوا مصرعهم نتيجة هذه الحرب هناك فتوقف العمل منذ هذا الوقت، ولكي نستطيع إستئناف العمل في هذه القناة مرة أخرى لابد من وجود إستقرار وتوافر الأمن في جنوب السودان، ونأمل أن يتحقق هذا، والحكومة المصرية تساعد حكومة الجنوب السوداني على أساس أنها تستقر في العديد من المشروعات التنموية، وقناة جونجلي في مرحلتها الأولى ستوفر نحو 4 مليار متر مكعب من المياه مناصفة بين مصر والسودان وفي المرحلة الثانية ستضيف القناة نحو ثلاثة مليارات أخرى مناصفة أيضا، وهذا يعني إجمالا أن مصر والسودان سيضاف إلى حصتيهما من المياه نحو 3.5 مليار متر مكعب.

إعادة هيكلة الإقتصاد المصري
**مع الزيادة السكانية في مصر ستتقلص حصة الفرد من المياه. ماالسبيل للحفاظ على هذه الحصة؟، وهل توجد ثقافة ترشيد الإستهلاك لدى المصريين؟
-بالنسبة إلى حصة الفرد، فبالتأكيد أنها تتناقص نتيجة الزيادة السكانية، ولو قسمنا حصة مصر من مياه نهر النيل، وهي 55.5مليار متر مكعب على 85 مليون فرد، ستكون حصة الفرد سنويًا تقريبًا 700 متر مكعب من المياه، بينما إحتياجات الفرد من المياه سنويا لكي ينتج غذاءه 1000 متر مكعب لو أن هذا المجتمع زراعي فقط، وبالتالي أن المياه الموجودة لدينا لو أننا مجتمع زراعي فقط تكفي لنحو 55.5 مليون مصري فقط.

وبناء عليه فإن الفارق بين عدد سكان مصر الحالي و85 مليون أو عندما يكونون 120 أو 140 مليون نسمة في عام 2050، وهذا يعني أن جزءًا كبيرًا من غذاء شعب مصر لابد من إستيراده من الخارج، لذا فإننا لابد من النظر في كمية المياه الموجودة لدينا اليوم وأي تدبير موارد مائية جديدة أرى أن توجه إلى مجال الصناعة، وأن نعمل في صناعات القيمة المضافة العالية، ولكي ننتج طن واحد من الأسمنت نحتاج مترًا مكعبًا من المياه فقط، وأيضًا لكي ننتج كيلو واحدًا من القمح نحتاج مترا مكعبا من المياه ، وعلينا أن نرى ثمن هذا، ولذلك علينا إعادة هيكلة الإقتصاد المصري بما يتواءم مع محدودية المياه الموجودة.

أما بالنسبة إلى المزارع وثقافة ترشيد إستخدام المياه في الزراعة فأرى أن الفلاح المصري من أمهر المزارعين في العالم وهو في حدود إمكاناته وخبرته من أفضل المزارعين كفاءة في مجال الري، وهذا على عكس مايشاع بأن الفلاح المصري مسرف في إستخدام المياه، إنما أتحدث في حدود إمكاناته الموجودة، ونحن نرى أنه من الممكن تطوير هذه الإمكانات، وفي فترة الثمانينات كان هناك مشروع كبير لتطوير الري في مصر، وتم عمل تحديث للمشاكل التي تؤدي إلى قلة كفاءة إستخدام المياه، وأعتقد أن هناك مشروعًا قوميا حاليًا لتطوير الري في مصر، وأحد أهدافه هو رفع كفاءة نظام الري.

شهر عسل بين مصر ودول حوض النيل
** توليتم مسؤولية قطاع مياه النيل ودول حوض النيل في وزارة الموارد المائية والري في مصر منذ عشر سنوات وحتى شهر أبريل الماضي في عهد وزير الري السابق د.محمود أبوزيد. ماهي طبيعة دوركم في هذا الملف المهم؟ وماذا عن مسؤوليتكم التفاوضية مع دول حوض النيل خلال الفترة الماضية؟ وماردكم على الإتهامات الموجهة إلى المسؤولين عن هذا الملف بوجود نوع من التراخي في التعاطي مع هذا الملف؟

-طبعا عشر سنوات فترة زمنية طويلة، ويمكن تقسيمها إلى مراحل، ففي بدايات السنوات العشر، وعلى وجه التحديد منذ عام 1999 وحتى عام 2007 من الممكن القول عن هذه الفترة إنها كانت فترة شهر العسل في العلاقات بين مصر ودول حوض نهر النيل، ولم تكن هناك مشاكل، ولم يسمع أحد عن وجود مشاكل موجودة بين مصر وهذه الدول، وكان هناك تعاون في ما بين الدول العشر لحوض نهر النيل، والمشكلة الموجودة في دول حوض نهر النيل ليست مشكلة ندرة موارد مائية، بل إدارتها، فالموارد المائية الموجودة في دول حوض النيل العشر، منها هطول الأمطار عليها بنحو سبعة آلاف متر مكعب سنويا، والأجزاء في هذه الدول داخل دول حوض النيل التي تهطل عليها الأمطار حوالي 1660 مليار متر مكعب من المياه، ونحن نتحدث عن كميات ضخمة من المياه موجودة، وإنما المشكلة في إدارة تلك الموارد.

ويصل عند أسوان نحو 84 مليار متر مكعب من المياه، وهذا الفارق لم يضيع هباء منثورًا، حيث هناك جزء منه في البحيرات يتم إستخدامها في صيد الأسماك، فمثلا بحيرة فيكتوريا، وهي ثاني أكبر بحيرة مياهها عذبة على مستوى العالم، وهي تقع بين تنزانيا وكينيا وأوغندا، وتقدر مساحتها بأنها أكبر 11 مرة من مساحة بحيرة ناصر، وهي حوالي 67 ألف كيلو متر مربع، والمفروض أن جزءا من المياه يستخدم في صيد الأسماك، وجزءا آخر يستخدم في الغابات، وجزءا ثالثا يتجه إلى المراعي الطبيعية، حيث يوجد في أثيوبيا 120 مليون رأس ماشية وأغنام ،وجزء من هذه المياه يستخدم، وهو الفارق بين الـ84 مليار متر مكعب من المياه التي تصل عند أسوان، وهو مانطلق عليها بـ"المياه الزرقاء"، وهناك فارق بين المياه الخضراء وجزء منها يتجه نحو الأسماك، وجزء آخر يتجه نحو المراعي الطبيعية وغيره يتجه نحو الزراعات المطرية، وهذا أساس المياه الموجودة ، والمياه الموجودة كثيرة، ولكن الفكرة هي عملية إدارة لهذه الموارد المائية.

إبتزاز سياسي وإستهلاك محلي
**ولكن يبقى السؤال مالذي أفسد شهر العسل في العلاقات بين مصر ودول حوض نهر النيل بعد عام 2007؟
- للآسف الشديد حدث لموضوع مياه دول حوض نهر النيل تسييس بداية منذ الستينيات والمشهد الذي نراه حاليا هو كلاكيت ثالث مرة، حيث يتم إستخدام المياه كمادة للإبتزازالسياسي بين الدول، وقد يتصور الناس أنها ورقة ضغط، حيث إن بعض السياسيين في دول حوض نهر النيل توهموا أن المياه من الممكن إستخدامها مادة للإبتزاز السياسي، وقد سبق إستخدام المياه في الستينيات على هذه الصورة في عهد عبدالناصر عندما أرادت مصر بناء السد العالي، وكان هناك موقف مناهض من الغرب وعرقلة تمويله.

كما إستخدمت في السبعينيات في أثناء عهد السادات في مصر ومنجستو في أثيوبيا، ثم أعيد إستخدام المياه كذلك في الفترة الأخيرة ، وهذه إحدى مشاكل المياه أنه يتم إستخدامها كمادة للإبتزاز السياسي أو للإستهلاك السياسي المحلي، وهناك من الناس من يهوى الشهرة أو الظهور الإعلامي، سواء من وزرائنا في مصر أو من الوزراء الموجودين في دول حوض نهر النيل، وهذه أحد الأسباب التي تقف وراء هذا الضجيج الإعلامي الحادث في ما يتعلق بموضوع المياه، والفترة التي تلت ذلك أو بعض الوزراء أو المسؤولين، سواء من أطراف خارجية أو محلية، وأرادت أن تصنع لنفسها دورًا عن طريق إفتعال مشكلة أو أزمة، وأصلا لا توجد مشكلة.

أطراف خارجية والعبث بملف المياه
**متى نشأت تحديدا مشكلة المياه بين مصر ودول حوض نهر النيل ؟ ومادور إسرائيل في تصعيد هذه الأزمة؟ وماذا عن دور قطر في تمويل بناء سد الألفية العظيم او النهضة بأثيوبيا؟
-أطراف كثيرة خارجية لعبت في موضوع المياه بداية منذ الستينيات سواء الغرب أو الإتحاد السوفيتي سابقا، ولك أن تتوقع وعلى طاولة المفاوضات بين مصر ودول حوض نهر النيل كيف تم إستخدام هذا الملف مادة للإبتزاز السياسي بين الدول، من الممكن أن تكون هناك أطراف كثيرة لاعبة فيه، والذين كانوا يريدون توصيله إلى مصر هو إيهام الناس أنه لا توجد مياه غدًا، وهذا غير حقيقي، وهو مثل الطعم الذي يستخدم في الصيد الذي يتناوله هو حر فيه.

وللآسف الشديد أن هناك ناسًا كثيرين تصوروا أنه لن يكون هناك مياه، ولكن الواقع يقول غير ذلك، فمثلا دول هضبة البحيرات الإستوائية المتشاطئة على بحيرة فيكتوريا المفروض أن هناك إتفاقيات بين مصر وهذه الدول في عام 1929، و1949 و1953عندما كانت هذه الدول مستعمرة، وهناك دول بين مصر وهذه الدول في عام 1993 لما كانت هذه الدول مستقلة، وهذه الإتفاقيات تنص على أن كمية معينة تخرج سنويا من بحيرة فيكتوريا بإتجاه النيل الأبيض، وهذه الكمية تتغير من عام إلى آخر بناء على الأمطار التي تهطل، والمناسيب في بحيرة فيكتوريا.

وخلال السنوات العشر الماضية قامت أوغندا بصرف 70مليار متر مكعب من المياه زيادة عن المنصوص عليه في الإتفاقيات بين مصر وبينهم لكي تولد بها كهرباء فجزء من هذه المياه يضيع في المستنقعات الموجودة في جنوب السودان، وجزء آخر يتجه نحو السد العالي، ولو لم يكن هذا السد موجودا، كنا تأثرنا وقلنا لا، لأن المفروض أن هذه المياه تتجه نحو البحر، وإنما السد العالي أصبح هناك متغير جديد لابد من إستيعابه، حيث دخلت مصر أكثر من حرب بسبب السد العالي، حيث تأميم قناة السويس ثم العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وحروب 1967 والإستزاف و1973 لكي نحرر الأراضي المحتلة في سيناء، وكل هذا لكي تحصل على إستقرار وأمن للحصول على حصة المياه السنوية، وأرى أن المياه لم تتأثر، بل يمكن أن تصرف إيراد نهر النيل زاد في الخمسين عام الماضية عن 84 مليار متر مكعب، والناس تتحدث عن وجود مشكلة في مياه نهر النيل، وأصلا لا توجد مشكلة على أرض الواقع لأننا نتحدث في إطار بيانات وأرقام، وليس فتاوي شيوخ الفضائيات.

لا مشكلة في حصة مصر
** وماذا عن الإتهامات الموجهة إلى الوزير السابق د.محمود أبو زيد؟
- لماذا أنت لا تسأله عنها، وأعود وأؤكد أن ملف المياه بين مصر ودول حوض النيل تم إستخدامه مادة للإبتزاز السياسي وللإستهلاك السياسي المحلي، وعليك بسؤال كل طرف، وأتحدث من واقع بيانات وأرقام تؤكد أن المياه تزيد ولا تقل ولا توجد مشكلة في حصة مصر، ولماذا نريد إفتعال مشكلة؟، وفي ظل هذا الضجيج حصة مصر من مياه نهر النيل لم تتاثر، وفي ظل أحداث ثورة 25 يناير توقفت الإتصالات والمواصلات وغيره، إلا مياه نهر النيل التي تسري في مجرى النهر، ولماذا نصر على وجود مشكلة في المياه، في حين أنه لا توجد ؟ ولماذا نصنع لأنفسنا مشكلة؟.

إعلان مبادئ للتشاور والتعاون
**ماذا عن الإتفاقية الإطارية التي وقعها بعض دول حوض النيل في مايو/ايار من العام الماضي في عنتيبي في أوغندا ولم توقع عليها مصر والسودان والكونغو حتى الآن؟
-توقيع الإتفاقية الإطارية هو إعلان مبادئ للتعاون في ما بين الدول الموقعة عليها، وعندما بدأنا مبادرة حوض نهر النيل كان هناك إتفاق على أن كل القرارات التي يتم إتخاذها، سواء في المفوضية الجديدة عندما تنشئ أو أثناء العمل في مبادرة حوض نهر النيل بتوافق جميع الأطراف، ولكن بعض دول حوض النيل إستعجلت وقررت التوقيع، وهم أحرار في ذلك، وهذا لا يلزم مصر بأي شيء، لأن هذه الإتفاقية غير ملزمة لنا، إلا إذا وقعت مصر عليها، فلاتوجد مشكلة، ولا يوجد بند بهذه الإتفاقية بمسألة إعادة تقسيم المياه.

ثلاثة أبعاد
**هناك تباين وتضارب بين موقفي وزيري الري في مصر السابقين تجاه الإتفاقية الإطارية حيث يقلل الوزير السابق د.محمود أبوزيد من شأن هذه الإتفاقية تماما، وفي المقابل يؤكد الوزير السابق د.محمد نصرالدين علام على وجود أزمة مائية كبرى ستواجه مصر مستقبلاً. ماتعليقكم؟
-هناك فرق بين شيئين، وهما أولا: هناك أزمة في مياه النيل نتيجة التغيرات السكانية التي حدثت في مصر وهذا وضع ليس له علاقة بعلاقة مصر بدول حوض النيل. أما موضوع الأزمة التي تتحدث عنها الناس لها ثلاثة جوانب، وهي جانب فني وآخر سياسي وثالث قانوني. وقد شرحت في السابق الجانب الفني، وبينّت أن المياه تزيد، فمثلاً نتحدث الآن واليوم بحيرة ناصر تخزن فيها نحو 110 مليار متر مكعب من المياه، ولو لم تنزل نقطة مياه في دول المنابع لمدة عام ونصف عام، فلدينا مخزوننا من المياه، ويكون لديك الوقت للتفكير، ولا أحد يلوي ذراعنا.

ومن الناحية القانونية لا يوجد أي إلزام لمصر من ناحية توقيع الدول على هذه الإتفاقية ولو إننا لا نوافق على ذلك ولو لم تتحقق مطالبنا داخل هذا الإطار القانوني والمؤسسي لن نوقع عليه، وبالتالي لا يوجد أي إلزام لمصر وموقفنا القانوني جيد جدا لأنه توجد إتفاقيات وقواعد للقانون الدولي ، حيث توجد إتفاقيات موجودة مابين أميركا وكندا منذ زمن إحتلال بريطانيا للبلدين ومازالوا يحترمون هذه الإتفاقيات حتى الآن.

وكان من الأولى للولايات المتحدة الأميركية هي التي تقول لا، وتلغي هذه الإتفاقيات، لكن هناك قواعد موجودة، ويجب أن تحترم، ومن لم يحترمها فلن يحظى بإحترام في العالم. أما الجانب الثالث فهو سياسي، وهناك أطراف خارجية أو محلية من يحاول اللعب في هذا الملف كمادة للإبتزاز السياسي أو للإستهلاك السياسي المحلي.

المفاوض المصري ووجهة النظر الرسمية
**يتحفظ بعض المراقبين على دور الحكومة المصرية في هذا الملف وبأنها تركت مسألة التفاوض في الإتفاقية الإطارية لوزارة الري فقط. هل شاركت وزارات أخرى مثل الخارجية وغيرها في المفاوضات مع دول حوض النيل؟
- كل الأطراف شاركت في المفاوضات، وتم عقد أربعين إجتماع تقريبا طيلة فترة المفاوضات مع دول حوض نهر النيل، وتوصيات اللجان المشاركة في هذه المفاوضات كان يتم رفعها إلى اللجنة العليا لمياه النيل برئاسة رئيس الوزراء وعضوية اللاعبين الرئيسيين من الوزراء، وبناء عليه فالمفاوض المصري ليس هو مفاوض الري فقط، وإنما المفاوض المصري يحمل وجهة النظر الرسمية، ممثلة من كل الجهات الموجودة من داخل مصر، التي لها علاقة بهذا الملف، ففكرة أن وزارة الري لم تنفرد بهذا الملف، بل شاركها وزرارات سيادية أخرى.

توقيعات وتحفظات
**ماذا حدث في الإجتماع الأخير لوزراء الري والمياه في دول حوض النيل الذي شهدته شرم الشيخ؟
-قالوا إنهم سيوقعون على الإتفاقية، ونحن في مصر أبدينا تحفظاتنا، وقلنا لهم إن هذا قراركم، لكننا ملتزمون وفي إطار قواعد القانون الدولي لسنا طرفا معكم في هذا الإطار، إلا لو تم وضع الإعتبارات المصرية والسودانية داخل هذا الإطار، وهو عبارة عن مجموعة مبادئ للتعاون والتشاور عند تنفيذ مشروعات مائية تعود بالنفع على دول الحوض، ونحن لسنا ضد التنمية في دول حوض نهر النيل، وهذا إعلان للمبادئ للتعاون مابين الدول عند دراسة أو تنفيذ مشروعات تعود بالنفع على دول حوض النيل، ومفتاح المشاكل وحلها سواء في دول حوض نهر النيل أو داخل مصر هي التنمية.

وتعتبر دول حوض النيل ان المساقط المائية لديها فرصة لتوليد الطاقة، ولا توجد لمصر مشكلة في ذلك، وقد سبق لمصر المشاركة في بناء "سد أوين" في زمن الأربعينيات في أوغندا على مخرج بحيرة فيكتوريا، وشاركنا وقامت مصر بتمويل هذا السد لتوليد الطاقة، وكان ذلك قبل بناء السد العالي في مصر، ومعظم السدود التي تنوي أوغندا بنائها لتوليد الطاقة درسناها في مصر، ولم نجد فيها أي تأثير على المياه الجارية في النيل، حيث تقوم هذه السدود بتخزين المياه اليوم، ثم تخرج ثانية بهدف توليد الطاقة.

تسييس الملف وزيادة ملف النيل
**مارؤيتكم لما أعلنته أثيوبيا عن بناء 33 سدا إلى جانب سد الألفية العظيم أو النهضة أو الحدود الأثيوبي، كما أكدتم من قبل أن حصة مصر ستزيد من المياه بعكس ماهو شائع لأنه سيقلل من تبخر المياه الواصلة إلى مصر والسودان؟

-بالنسبة إلى موضوع الـ 33 سدًا التي أعلنت أثيوبيا بناءها كان في فترة الستينات، حيث كانت توجد مرحلة من مراحل تسييس الملف، وخلال هذه الفترة قام مكتب الإستصلاح الأميركي بدرس نحو33 مشروعا -آنذاك- جزء منها للزراعة وأخرى لتوليد الطاقة، فمعظم السدود الإثيوبية المعلن عنها تم دراستها في فترة الستينيات بوساطة مكتب الإستصلاح الاميركي، وفي السبعينيات بوساطة المكاتب الإستشارية للإتحاد السوفيتي سابقا، وفي التسعينيات عن طريق الشركات الفرنسية والهولندية، وأخيرا بوساطة مكاتب إستشارية كندية ونرويجية، وتحت مظلة البنك الدولي أو إشرافه.

أما سد الألفية العظيم المقترح هو أحد السدود الذي تم دراسته أكثر من مرة، وما زال يدرس للآن، وأن مايتردد بوجود معدات موجودة للبدء في بناء هذا السد، وكنت قد شاركت في مؤتمرعقد في أثيوبيا مع مطلع شهر أبريل الماضي، ونظمته الهيئة الدولية لتوليد الطاقة الكهرومائية، وعقد في أديس أبابا وإفتتحه رئيس الحكومة السيد ميليس زيناوي، وعرض رئيس هيئة الطاقة الإثيوبية مجموعة من الشرائح، وما زال هذا السد تحت الدراسة، ونحن في مصر نتحدث عن سد مازال تحت الدراسة، ولم تظهر نتائجها النهائية بعد، ونتحدث كما لو كأنه واقع على الأرض.

وبداية علينا أن نرى ما الذي إنتهت إليه هذه الدراسة عن هذا السد؟ ولا نستطيع الحكم مسبقا، ولكن الدراسات التي قمنا بها لبعض هذه السدود داخل المكتب النيل الشرقي، وهو المكتب الفني للتعاون مابين دول حوض النيل الشرقي "مصر والسودان وأثيوبيا" وهي دراسات ماقبل الجدوى موجودة وقمنا بدراستها وواضح فيها أنه سيتم زيادة إيراد مياه النيل نتيجة أن البخر في أثيوبيا أقل من البخر في أسوان، حيث درجته عالية جدا، وهم لديهم في أثيوبيا أمطار مع البخار، لذا فإن الفقد في المياه أقل، حيث يتم تعويضه بمياه الأمطار، وهذه قواعد علمية، ولو تخيلت أن المناخ الموجود في أثيوبيا مثل المناخ في مصر، فستكون هناك مشكلة فإن المياه لن تزيد لأننا نتحدث على أطول نهر في العالم، يمر بمناطق مناخية متعددة منها مناطق إستوائية، وأخرى شبه إستوائية ومناطق جافة مثل مصر.

ونحن لا نريد أن نتصور تصورات خاطئة عن الأوضاع المائية، فمثلا دولة مثل أوغندا فيها 180 يوم تهطل الأمطار من 360 يوم، ونحن لا نريد أن نخلق لأنفسنا مشاكل، ولكن كان لمصر تحفظات على سد "الألفية العظيم "الأثيوبي عند إمتلائه مياه وبفرض لو ثبت جدواه لأنهم مازالوا يدرسوا مرحلة جدواه، وكل الفكرة أنه أثناء ملء السد بالمياه لو كانت سنين عالية الإيراد المائي فلا توجد مشكلة على مصر، ولكن المشكلة لو أنه تم ملؤه في سنوات منخفضة الإيراد المائي، فهذا من الممكن أن يؤثر بعض الشيء على الكهرباء الناتجة من السد العالي.

ولكن بعد ملء السد سيفرغ المياه الموجودة فيه، إذن لا توجد مشكلة لأنه سيستخدمه في توليد الطاقة الكهرومائية، فضلا عن أن سعة هذا السد تبلغ نحو 16 مليار متر مكعب، منها ثلاثة مليارات سعة ميتة و13 مليار متر مكعب سعة حية، فلو تم ملء هذا السد اليوم على ثلاث أو أربع سنوات سيتم تفريغ هذه المياه كل عام وملئها.

العالم والطاقة
**أكد د.مسعد مندور أستاذ الجغرافيا المناخية في جامعة المنصورة أن مصر تتمتع بإرتفاع معدلات الإشعاع طوال العام بها يسمح بإستخدامه في شتى المجالات وخاصة تحويله لطاقة كهربائية يمكن ان تضع مصر في مصاف الدول المنتجة والمصدرة للطاقة الكهربائية، وبالتالي يمكن سد عجز الطاقة لدى دول حوض النيل. مامنظوركم لهذه الفكرة؟
-العالم كله في حاجة إلى الطاقة، وأي مصدر للطاقة شيء طيب، وتتوقف المسألة على نتائج التجربة والتكلفة وعوامل أخرى.

معلومات دراسات ماقبل الجدوى
**في حوار أجريته أخيرًا مع د.نادر نورالدين أستاذ الموارد المائية والأراضي في جامعة القاهرة أكد أن سد الألفية سيحجز نحو 17 مليار متر مكعب في بداية تشغيله ستزيد إلى 37 مليار متر مكعب، مما يؤثر على حصتي مصر والسودان. ماتعليقكم؟
- لا. المعلومات الموجودة في إطار دراسات ماقبل الجدوى لدى مصر وموجودة لدى السودان، وكنا نتبادلها في فترة شهر العسل في العلاقات بين مصر ودول حوض النيل، وتوضح هذه البيانات أن سعة هذا السد هي 16 مليار متر مكعب، منهم 3 مليار متر مكعب من المياه سعة ميتة، و13مليار متر مكعب سعة حية، وليست مرحلة أولى، بل كل سعته. أما البيانات الأخرى ليس لديّ فكرة عنها.

دراسات ونتائج
**من المعروف أن شريان نهر النيل يمتد من جنوب خط الإستواء وحتى البحر المتوسط ويهدر جزء من مياهه بالبحر المتوسط وإقترح البعض إمكانية الإستفادة من هذه المياه مرة أخرى. ماذا عن إمكانية تنفيذ ذلك عمليا؟
- لابد من إجراء دراسات ونتائج عن هذا التصور، وأي طريقة لإعادة إستخدام المياه أو تدويرها بتكلفة مناسبة لا يوجد مانع لذلك لأن العامل المحدد الرئيس للتنمية في مصر هو المياه.

السياسيون وتقسيم نسبة الـ4%
**أوضح د.محمد إبراهيم منصور مدير مركز الدراسات المستقبلية في مجلس الوزراء المصري في حوار أجريته معه أن دول حوض النيل تستخدم فقط نسبة 4%من الموارد المائية لنهر النيل، وأن نسبة 96% مهدرة. كيف ترون ذلك ؟
- نسبة الـ4%مياه زرقاء حيث إن هناك 1660 مليار متر مكعب من المياه يستخدمونه في صيد الأسماك، وجزء منه يقومون بإستخدامه لزراعة الموز والكاسافا، وهناك نسبة الـ96% مياه خضراء، وإستفادت دول الحوض منها، والفكرة لدينا أن هذه المياه مهدورة، لكنها لم تهدر بعد، وجزء من المشكلة التي صنعها السياسيين أنهم جاءوا بتركيز شديد يريدون تقسيم نسبة الـ4%ويتركون نسبة الـ96% ولو يريدون التقسيم الصحيح فلابد من وضع كل الموارد المائية وتقسيمها بين دول حوض النيل وهذا مايحدث في كل أنهار العالم.

لامساس بحصة مصر
** في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وبعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل طلب رئيس وزرائها آنذاك مناحم بيجين توصيل نسبة من المياه المهدرة بحصة مصر إلى صحراء إسرائيل، وقوبل الطلب بالرفض بعد عودة السادات إلى خبراء وزارة الري المصرية حينئذ، وهناك من يؤكد أن إسرائيل تناور بورقة دول حوض النيل للضغط على مصر لتوصيل مياه النيل إليها.ماتعليقكم؟
- الفكرة أنه لا توجد مشكلة على حصة مصر من مياه النيل من واقع الأرقام والبيانات، ولايوجد مايمس حصة مصر من مياه النيل حتى هذه اللحظة، وهل هناك مصادر تؤكد أن مناحم بيجين طلب من السادات توصيل المياه المهدرة من حصة مصر إلى إسرائيل؟، وهل نحن نبحث عن حل لمشكلتنا أم حل لمشكلة الآخرين؟.

إستهلاك محلي
**لكن هناك إتجاها داخل وزارة الري المصرية يحاول الرضوخ لضغوط إسرائيل بتوصيل مياه النيل إليها، ويتردد أنكم ممن يؤيد هذه الفكرة، كما ذكرت روزاليوسف، في أحد أعدادها خلال شهر أبريل الماضي. ماتعليقكم ؟
-ملف المياه تم تسييسه بغرض الإبتزاز بين الدول وبعضها والإستهلاك السياسي المحلي، ومايتردد هو للإستهلاك المحلي وهو أنه ناس عايزه تعمل فيلم بالأونطة.

**أعلنت بعض المصادر أخيرًا أنه تم الإتفاق بين مصر والسودان وأثيوبيا لتكوين لجنة فنية لدراسة وضع سد الألفية الأثيوبي قريبا. هل يعني ذلك إمكانية حلحلة الموقف وبدء مفاوضات جديدة؟
-المؤشرات الأخيرة تؤكد وجود تقارب بين مصر ودول حوض النيل، والدبلوماسية الشعبية لعبت دورا جيدا، فضلا عن زيارة رئيس الوزراء إلى أثيوبيا كلها مؤشرات إيجابية.

أعظم الإنجازات في تاريخ مصر
** هل أثرت ثورة 25 يناير على ملف المياه مع دول حوض النيل إيجابا؟
- الثورة المصرية من أعظم الإنجازات في تاريخ مصر، وأثناء سفري إلى الخارج خلال أشهر فبراير ومارس وأبريل الماضية لاحظت أن صورة مصر في العالم تغيرت إلى الإتجاه الإيجابي، وأرى أن هناك تقديرًا وإحترامًا لمصر.

دراسة المشاكل وطرح الحلول
** بوصفكم نائب رئيس المركز القومي لبحوث المياه بمصر. ماهو دوره في وضع الخطط والدراسات المستقبلية للمياه ؟
-المركز القومي لبحوث المياه هو الجهاز البحثي الذي يساعد وزارة الموارد المائية والري في دراسة المشاكل وطرح الحلول المختلفة لها، وتترأسه الدكتورة شادن عبدالجواد، وأرى أن دور المركز كبير جدا في هذه المرحلة.

دعم علاقات مصر بدول حوض النيل
**أخيرًا ماهو تصوركم المستقبلي وتوقعاتكم بالنسبة إلى ملف حصة مصر من مياه نهر النيل وعلاقتها ببقية دول حوض النيل؟ وما التدابير المطلوبة من جانب مصر؟
- من الناحية الإستراتيجية أرى ضرورة أن تكون علاقة مصر مع دول حوض النيل قوية جدا، وأن ندعم هذا الإتجاه، ولو أننا دعمنا هذا الإتجاه سنحل جزءا من مشاكلنا ومشاكل دول حوض النيل، وهذا جزء أساسي من إستراتيجية مصر للتعاون مع دول حوض النيل، ثانيًا وهو الخاص بإستخدامات الموارد المائية داخل مصر، وأعتقد أن هذا يتطلب إعادة النظر في أشياء كثيرة من خلال برامج ري، تتطلب إستكمالها ودعمها وتدبير مواردها المالية اللازمة، مثل المشروع القومي لتطوير الري في الأراضي القديمة، كذلك في الأراضي الجديدة، وهناك عمل كثير مطلوب، ولابد من القيام به لأن العامل المحدد للتنمية في مصر هو المياه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف