اعتقال راتكو ملاديتش: نهاية الطريق لمجرم حرب آخر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد 16 عاماً على اختفاء القائد العسكري السابق لصرب البوسنة راتكو ملاديتش دخلت 12 عربة من قوات الشرطة والأجهزة الأمنية قرية لازاريفو فجر الخميس لتنهي بهدوء واحدة من اطول المطاردات للقبض على مطلوب في العالم.
وانتهت العملية بسرعة وهدوء حتى أن سكان هذه القرية الواقعة شمال صربيا ظلوا نائمين طيلة الليل على النقيض من العنف الذي رافق نهاية الهارب الآخر الذي كان على رأس قائمة المطلوبين في العالم، إسامة بن لادن.
وكما في حالة بن لادن فان الجنرال الصربي البوسني (69 عامًا) بدا أكبر من سنوات عمره بسبب طول الاختفاء. ويُعتقد أنه كان ايضا يعاني من مشاكل في الكلى. وقال مسؤول صربي إن ملاديتش بالكاد يستطيع المشي، وهو في حالة صحية خطيرة. وقال مسؤول آخر إنه يبدو اكبر بكثير مما كان متوقعاً. ونقلت صحيفة الغارديان عن راسم لياييتش وزير التنسيق مع المحكمة الجزائية الدولية في لاهاي ان ملاديتش بدا شيخا هرما لدى القبض عليه. وما كان أحد ليتعرف عليه لو مر به. "كان شاحبا، ربما لأنه نادرًا ما كان يبارح البيت، ولعل هذا من اسباب عدم لفت الانتباه اليه".
وقال الوزير لياييتش إن مسدسين كانا بحوزة ملاديتش، لكنه لم يقاوم اعتقاله "وكان متعاونا".
نفذت عملية الاعتقال قوة من الشرطة المدنية رافقها ضباط من جهاز الأمن الداخلي ومكتب الادعاء العام الصربي لجرائم الحرب الذي كان المسؤول عن مطاردة ملاديتش.
وكان القائد العسكري السابق لصرب بالبوسنة تحت المراقبة في قرية لازاريفو منذ شهرين على الأقل، بحسب مصادر صربية رسمية. إذ كانت السلطات تراقب شيخا يدعى ميلوراد كوماديتش يشبه إلى حد كبير الجنرال المتهم بقتل نحو 8 آلاف شاب وطفل مسلم في سريبرنتسة. فهو يمشي بعرج خفيف وله طول ملاديتش وملامح وجهه وعيناه الزرقاوان. وما عدا الأسم المستعار، الذي جاء هو أيضا مشابهاً عن عمد ربما للاسم الحقيقي بحيث يستطيع رجل عجوز أن يتذكره دون صعوبة، فان ملاديتش لم يحاول التنكر أو انتحال شخصية أخرى.
وكان قائد ملاديتش السياسي في حرب البوسنة رادوفان كاراديتش اعتُقل قبل عامين على حافلة في بلغراد. وانتحل كاراديتش شخصية خبير في الطب البديل باسم دراغان دابيتش، واطلق لحية طويلة وعقص شعره في عقدة. ولكن جنراله الذي شارك معه في ارتكاب ابشع جرائم حرب في اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، لم يكلف نفسه مثل هذا العناء. فهو لم يطلق لحيته ولا صبغ شعره. وكان يختبئ على مسافة قريبة من منزل قريبه برانكو. وكان برانكو واحدا من عدة اقارب يعيشون في القرية، وتردد أن منزله تعرض للتفتيش عدة مرات من قبل.
تقع قرية لازاريفو في السهول المفتوحة لمقاطعة فيوفودينا قرب الحدود الرومانية والمجرية، وهي منطقة معروفة منذ زمن طويل بتنوعها العرقي والقومي.
وانتقلت عشيرة ملاديتش مع موجة من صرب البوسنة الذين هاجروا الى المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية. لذا كانت القرية مكانا مريحا لاختفاء الجنرال العجوز. وتعبيراً عن مشاعر البعض من اهل القرية رفع أحدهم يافطة تقول "راتكو ـ بطل".
ويبدو ان حملة البحث عن ملاديتش التي استمرت 16 عاما لم تنته بسبب خطأ ارتكبه، بل لأن الوقت والتطورات السياسية عملت ضده بلا هوادة. وتساقطت الحواجز السياسية والمادية التي كانت تحميه واحاط نفسه بها حاجزا إثر آخر تاركة اياه مكشوفا. فان القوميين المتطرفين في جهاز الأمن الصربي الذين سهروا على حمايته طيلة هذه الفترة شاخوا وتعبوا، وآخرين تعرضوا للاعتقال أو تقاعدوا ليحل محلهم جيل جديد من الصرب الذين تسلموا مسؤولياتهم مع مجئ الرئيس بوريس تاديتش، للتركيز على تحديث صربيا وتحقيق عضويتها في الاتحاد الاوروبي.
ولكن قبل إن يحدث ذلك كان ملاديتش يعيش حياة مترفة بالنسبة لرجل مطارد. فهو توارى عن الأنظار عام 1995 حين وصلت قوات حلف شمالي الأطلسي الى البوسنة تمهيدا للتوقيع على اتفاقية دايتون التي انهت الحرب. ولم تصدر عن القوات الأطلسية في المناطق الصربية من البوسنة محاولات جادة للبحث عن ملاديتش ومجرمي الحرب الآخرين. وفي المناسبات القليلة التي طرقوا فيها باب الشخص المطلوب كان وصولهم الى العنوان الصحيح يأتي بعد هروبه بناء على معلومات مسربة من دول أطلسية في احيان كثيرة.
ونقلت صحيفة الغارديان عن ريتشارد ديكر مدير برنامج العدالة الدولية في منظمة مراقبة حقوق الانسان "هيومن رايتس ووتش" ان حلف الأطلسي كان مقصرا في تنفيذ التزاماته لاعتقال مجرمي الحرب الذين صدرت قرارات اتهام بحقهم. واضاف ان ذلك "كان تاريخا مخزيا". ولكن ذلك تغير بعد عام 1997 حين بدأت القوات الخاصة البريطانية والاميركية بقيادة ضابط صاعد يدعى ديفيد بترايوس تكثف ملاحقتها للمطلوبين. وتمكن ملاديتش وكاراديتش من الافلات رغم ذلك بمساعدة شبكة من طرق التمويه والفرار وفرها اعوان في حكومة سلوبودان ميلوشيفيتش في صربيا. وفي النهاية لم يعد البقاء في البوسنة ممكنا وانتقل ملاديتش وكاراديتش الى صربيا بمساعدة اصدقاء في بلغراد.
وفي زمن ميلوشيفيتش كان ملاديتش بطلا بنظر الضباط الصرب الذين عمل معهم في الجيش الوطني اليوغسلافي. وعاش سنوات في ثكنة عسكرية يتنقل بحرية في انحاء بلغراد حيث شوهد في ملعب يشاهد مباراة كروية دولية عام 2000 وفي تشييع اخيه بعد عام. وكانت تحرسه عصابة من 50 مسلحا.
ولكن ملاديتش عاد إلى الاختفاء بعد سقوط ميلوشيفيتش في انتفاضة شعبية في تشرين الأول/اكتوبر 2000 ومجئ رئيس وزراء منتخب شعبيا تعهد بقيادة صربيا صوب الغرب. وتعهد رئيس الوزراء زوران جينجيتش في عام 2003 باعتقال الجنرال السابق في اطار مساعيه للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ولكنه قُتل بعد ايام برصاصة قناص له ارتباطات بالجريمة المنظمة والشرطة السرية الصربية. واستؤنفت مطاردة ملاديتش نظريا في زمن فويسلاف كوستونيتسا خلف جينجيتش ولكنها كانت مطاردة نصف جادة في احسن الأحوال.
وعادت المطاردة جدية بانتخاب بوريس تاديتش في عام 2008 وتوجه صربيا نحو الغرب بقوة أكبر من ذي قبل. واصبحت ايام الحرية معدودة على ملاديتش بعد عملية اعادة التنظيم التي اجراها تاديتش في أجهزة الأمن وتطهيرها من العناصر الفاسدة والمتعاطفة مع الجنرال الهارب. واعلن مدير جهاز الأمن الداخلي في البرلمان ان القبض على مجرمي الحرب هو اولوية الجهاز العليا. وتلقى الجهاز مساعدة ضباط ارسلتهم وكالة المخابرات المركزية الاميركية والاستخبارات البريطانية الخارجية الى بلغراد لملاحقة مجرمي الحرب. واعترف بوجودهم وزير الخارجية الصربي فوك يريميتش في عام 2009 .
حين اعلن تاديتش القاء القبض على ملاديتش قال ان التحقيقات لم تنته والهدف التالي هو قائد صرب كرواتيا السابق غوران هاديتش وكذلك شبكة من ساعدوا ملاديتش على الافلات طيلة هذه السنين ، والذين من الجائز ان يكون بينهم مسؤولون حكوميون.
يرى مراقبون أن اعتقال ضابط عجوز في قرية ناعسة ربما أدخل صربيا في حقبة جديدة بوصفها دولة اوروبية حديثة.
التعليقات
الموت لاميركا
Jan -عاشت صربيا الى الابدوالخزي والعار والموت لـ(اميركا) وحلف الشيطان الاطلسي
عار اوروبا
جميل -يجب ان نتذكر في هذا اليوم ضحايا هذا المجرم الذي عرض مدينة ساراييفو المسلمه الى قصف مدفعي استمر لاكثر من اربع سنوات ونصف حصد فيها ارواح الالاف من البشر الابرياء بدون تمييز بين صغير او كبير فقط كان ذنبهم الوحيد انهم من المسلمين ثم توج اجرامه بقتل اكثر من ثمانية الاف رجل وصبي اعزل في ليلة واحده بعد ان حاصرهم عندما كانوا يحاولون النجات بارواحهم من ايدي القتله الصرب ثم اعتدى هو وجنوده على نسائهم وبناتهم. ان قصص التجاوزات الوحشيه التي ارتكبت من قبل هذا الوحش البشري بحق النساء والاطفال المسلمين الذي حول البوسنه الى تجمع للوحوش البشريه الاوروبيه التي كانت لا تتورع عن ارتكاب اشنع الفضائع الجنسيه مع نساء واطفال المسلمين الواقعين في اسره تبقى لطخه سوداء الى الابد في جبين اوروبا التي تدعي التحضر والانسانيه . لقد حصلت كل هذه الوحشيه بعلم تام من الحكومات الاوربيه وموافقتها وامين عام الامم المتحده في ذلك الوقت الى ان تم ايصال المسلمين الى حاله من الضعف والتشتت بحيث لن تقوم لهم قائمه مره اخرى في اوروبا ثم عندئذ تدخلوا بحجة نصرة البوسنيين وفرضوا شروطهم المجحفه بتقسيم البوسنه الى جمهريتين صغيرتين للصرب من جهه والكروات والمسلمين من جهه اخرى الى ان تحين الفرصه لهم لكي يتم الحاق جمهورية الصرب بصربيا وجمهورية الكروات والمسلمين بكرواتيا وبذلك يصفون المسلمين نهائيا من اوروبا. نستذكر كل هذا طالبين من الله العلي القدير الرحمه لضحايا هذا الوحش البشري ونتذكر بكل اسف وقوف بعض الحكام العرب المدعين للثوريه من امثال المقبور صدام حسين مع الصرب ضد مسلمي البوسنه. ان تسليم هذا المجرم من قبل صربيا الى المحكمه الدوليه بعد ان قضى كل هذه السنوات الاخيره عائشا براحه وبحبوحه في قريته وبعد ان اقترب من اواخر عمره ما هي الا مسرحيه كريهه لتاهيل صربيا للدخول في الاتحاد الاوروبي ولا تغير شيئا من الصفحه السوداء في تاريخ اوروبا. ان من واجبنا الاخلاقي والديني والانساني ان لا ندع ذكرى الضحايا من النسيان ونظل نطالب باحقاق الحق ومعاقبة المجرمين وتعويض الضحايا .