منظمة ايباك آلة الضغط الهائلة لدعم إسرائيل

واشنطن: عندما اعتلى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو المنصة ليلقي خطابا امام الكونغرس الاميركي الثلاثاء كان ثلثا النواب الاميركيين في القاعة استمعوا اليه في الليلة السابقة امام ايباك اقوى لوبي اميركي مؤيد لاسرائيل.

كما استضافت ايباك ايضا في مؤتمرها الرئيس الاميركي باراك اوباما، الذي يستمر بالدفع من اجل استئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، وبدت هذه المنظمة طوال سنوات طويلة قادرة على الضغط على الرؤساء الاميركيين في حال اعتبروا انهم يحملون خطة سلام لا يرونها مناسبة لاسرائيل.

وتعتبر ايباك من دون منازع اللوبي الاكثر تأثيرا في الولايات المتحدة في مجال السياسة الخارجية، وربما تفوق قوتها قوة جماعات الضغط المحلية التقليدية مثل التي تدافع عن حمل السلاح وعن المتقاعدين او غيرها.

وعندما اتجه ممثلوها هذا الاسبوع الى مبنى الكونغرس التقوا مع كل اعضاء مجلس الشيوخ المئة وتقريبا مع جميع اعضاء مجلس النواب، الذين يبلغ عددهم 435 نائبا.

وقال ارون ديفيد ميلر، الذي كان يشغل منصب مستشار للعديد من وزراء الخارجية الاميركيين، وهو الان مدير مركز ودروو ويلسون الدولي لوكالة فرانس برس، ان ايباك "دون ادنى شك هي اكثر قوى الضغط قوة وفعالية في واشنطن".

وتلقى اوباما انتقادات كثيرة في مؤتمر ايباك السنوي لاقتراحه ان تشكل حدود عام 1967 مع تبادل للاراضي أساسًا لمفاوضات السلام.

ودعم العديد من اعضاء ايباك نتانياهو عندما انتقد الرئيس الاميركي على موقفه خلال زيارته الاخيرة للبيت الابيض.

وتحدث المدير العام لايباك هاورد كور عن الخلاف، مشيرا الى ان على القادة "ان يعملوا على حل اي خلافات تحدث بينهم بعيدا عن الاضواء، وعندما يزداد التوتر، على القادة ان يعملوا معًا لسد الثغرات بين بعضهم بعضًا".

وتأسست ايباك في الستينات من القرن الماضي، في الوقت الذي لم يكن فيه بقاء دولة اسرائيل مضمونا، وعملت على مدار العقود اللاحقة على تعزيز الفكرة القائلة ان القيم الاميركية والاسرائيلية موحدة ومتشابهة، وعلى تامين دعم يقدر بمئات مليارات الدولارات لاسرائيل التي تقدم على انها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط.

وعملت ايباك مع الغالبية العظمى من النواب الاميركيين على الوقوف إلى جانب اسرائيل علنًا والتعهد بالدعم الاميركي لحفظ امنها.

وسجلت ايباك هذا الاسبوع رقمًا قياسيًا عندما استضافت اكثر من عشرة الاف مندوب في مركز مؤتمرات شاسع، الامر الذي سخر منه البعض بالقول انها قدمت اكبر وجبة كاشير (حلال على الطريقة اليهودية) في التاريخ.

وتجمع ايباك ملايين الدولارات سنويا، وتضغط على الكونغرس، لسنّ تشريعات مؤيدة لاسرائيل كتشديد العقوبات على ايران.

ويشرح ميلر "لدينا جماعات ضغط من اجل السجائر والاسلحة والمسنين"، معتبرًا ان ايباك "تسوّق لمنتج جيد جدا" في اشارة الى اسرائيل.

بينما يعتقد زعيم الغالبية الجمهورية في الكونغرس اريك كانتور، وهو اقدم عضو يهودي في تاريخ الكونغرس، ان المنتج له قيمة عاطفية ايضًا، مشيرا الى التراث المشترك عندما قال امام ايباك ان الاميركيين يتعاطفون مع اسرائيل على "مستوى عاطفي".

واشاد رئيس الغالبية الديموقراطية في المجلس بيقظة ايباك عندما قال لممثيلها ان "نشاطكم الدؤوب جعلكم قوة لا مثيل لها ليس فقط في هذه المدينة، بل فيكل انحاء البلاد والعالم". ولكن السؤال يبقى: هل اصبحت ايباك قوية جدا؟.

ويعترف شخص كان مقربًا من المنظمة لاكثر من عشرين عامًا بتاثيرها قائلاً "ان كنت صانع قرار، وان كنت تريد ان يعاد انتخابك، وهو ليس بالامر المفاجئ، فانه من الاسهل ان تعرف ماذا يريد ناخبوك بدلاً من الوقوف ضدهم".

وحققت ايباك نجاحًا غير عادي في حشد الاصوات اليهودية، وبينما لا تشارك مباشرة في الحملات الانتخابية، الا ان اعضاءها الكثيرين يفعلون ذلك.

في عام 2007 نشر البروفسور جون ميرشهايمر من جامعة شيكاغو بالتعاون مع البروفسور ستيفن والت من جامعة هارفرد كتابا بعنوان"اللوبي الاسرائيلي وسياسة الولايات المتحدة الخارجية" اثار جدلا كبيرا.

وصوّر الكتاب ايباك وكانها "تضيق الخناق على الكونغرس الاميركي" من خلال قدرتها على مكافاة النواب والمرشحين، الذين يدعمون اجندتها، وتعاقب الذين يعارضونها.

وارتكزت انتقادات الكتاب على انه يعزز النظرة الاسطورية عن اللوبي اليهودي الذي يسيطر على كل شيء.

وقال ميلر ان "فكرة ان ايباك بطريقة ما هي منظمة شائنة تحتجز السياسة الخارجية الاميركية كرهينة هي خاطئة تماما". الا ان ايباك لا تحظى بدعم ورضى جميع الذين يدعمون اسرائيل.

فهانا بلاك، وهي طالبة جامعية يهودية تبلغ من العمر 17 عاما، قالت وهي تتظاهر امام المؤتمر ان ايباك ليست سوى منظمة يمينية، تريد ما هو الافضل لإسرائيل، وليس بالضرورة ما هو الافضل لعملية السلام.

الا ان جوش بلوك، الذي شغل لمدة تسع سنوات منصب المتحدث باسم ايباك حتى استقال في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وصف الفكرة القائلة حول قيام ايباك بتقديم جدول اعمال متشدد بانها "هراء" مشيرا الى جاذبية اللجنة الواسعة لدى الحزبين.

اما بالنسبة إلى المنتقدين فقال شخص مقرب من ايباك طلب عدم الكشف عن اسمه "ان لم يكن لديك اعداء فهذا يعني انك لا تقوم باي شيء مهم".