تل أبيب تعد إجراءات استباقية للتعاطي مع تعديلات كامب ديفيد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كشف الخبير المصري الدكتور طارق فهمي عن اعتزام القاهرة إجراء تعديلات على بنود اتفاقية كامب ديفيد، مشيراً في حديث خاص لـ "ايلاف" الى ترتيبات اتخذتها الدولة العبرية للتعاطي مع التعديلات المرتقبة، واكد ان عدم ترسيم الحدود الاقتصادية بين مصر واسرائيل، سيخلق صداماً بين الجانبين في المستقبل المنظور.
القاهرة: اعربت اسرائيل عن بالغ قلقها من احتمالات اقدام القاهرة على تعديل بعض بنود اتفاقية كامب ديفيد، وزاد من تلك الهواجس قرار الخارجية المصرية بإعادة فتح معبر رفح البري بين مصر والأراضي الفلسطينية بشكل دائم.
ووفقاً لما نقلته القناة الاسرائيلية السابعة عن موقع فلسطيني محسوب على حركة حماس "فلسطين انفو"، شكلت الخارجية المصرية لجنة تضم عدداً من الدبلوماسيين والقضاة لفحص بعض البنود غير المفعلة في اتفاقية كامب ديفيد، إضافة إلى تعديل بعض البنود الأخرى في الاتفاقية، بذريعة أنها غير مفيدة لمصر والعالم العربي، وزعمت قناة التلفاز الإسرائيلية ان وزير الخارجية المصري نبيل العربي، يشرف بنفسه على عمل اللجنة، بعد توليه منصب امين عام جامعة الدول العربية.
إعادة النظر في بنود الإتفاقية
"ايلاف" ناقشت تلك التطورات مع الدكتور طارق فهمي استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، رئيس وحدة اسرائيل في المركز القومي لدراسات الشرق الاوسط، إذ اشار في حديث خاص لـ "إيلاف"، الى ان مصر تعتزم فعلاً اعادة النظر في بعض بنود اتفاقية كامب ديفيد، على اعتبار ان الاتفاقية هى النواة التي تم بموجبها ابرام اتفاق السلام مع اسرائيل، ولعل اقدام مصر على هذه التعديلات كان سبباً مباشراً في تعزيز هواجس الدولة العربية، فترك لديها انطباعاً بإقبال القاهرة على منعطف جديد، يقضي بتعديل سياستها الخارجية حيال تل أبيب.
الى ذلك، رأى الدكتور فهمي في حديثه لـ "إيلاف" ان مصر مقبلة على تحول مفصلي في علاقتها السياسية بالدولة العبرية، خاصة انه طرأت تحفظات على عديد من بنود اتفاقية كامب ديفيد، سواء ما يتعلق منها بالجانب السياسي او العسكري وحتى الاقتصادي، نافياً ان تكون هناك نية للتخلي عن الاتفاقية كلية، سيما ان ذلك يعني احتمالات دخول الطرفين في دائرة المواجهة المسلحة.
كما ناقش الدكتور فهمي في حواره المسهب مع "ايلاف" العديد من النقاط والزوايا الخاصة بالعلاقات المصرية الاسرائيلية، وما ينطوي عليها من آراء زعمت وجود بنود او بروتوكولات سرية ملحقة باتفاقية كامب ديفيد.
بادئ ذي بدء، ما الداعي لاعتزام مصر تعديل بنود اتفاقية كامب ديفيد المبرمة مع اسرائيل في هذا التوقيت؟
رياح ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير، حملت روحاً جديدة ساقت القاهرة الى ضرورة التخلي عن سياسات قديمة، لا تنطوي على فائدة لمصر، وانما تصبّ في مصلحة الدولة العبرية فقط، وكان من اللازم إعادة النظر فيها، ولعل ذلك هو ما يجري حالياً داخل اروقة الخارجية المصرية، ويشرف عليه بالفعل وزير الخارجية امين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي.
عمرو موسى والالتزام بكامب ديفيد
لكن عمرو موسى أعلن أنه لن يمسّ باتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل حال فوزه بمقعد الرئاسة، الأمر الذي يوشي بتضارب في المواقف حيال الاتفاقية وتعديل بنودها؟
هناك اتفاق ضمني بين من يعتزمون الترشح إلى رئاسة الجمهورية في مصر حول عدم المساس باتفاقية كامب ديفيد، ومن بين المتفقين عمرو موسى وحمدين الصباحي، إلا أن الدكتور محمد البرادعي لم يشارك في هذا الاتفاق.
لكن ينبغي التفرقة بين المساس بالاتفاقية بشكل عام وبين تعديل بعض بنودها، فالمجلس العسكري المصري أعلن صراحة، التزامه بكل الاتفاقيات الدولية، التي أبرمها النظام السابق، ومن بين هذه الاتفاقيات اتفاقية كامب ديفيد. على الرغم من ذلك تخشى إسرائيل امكانية ولادة اتفاقية كامب ديفيد بديلة، بعد إجراء انتخابات الرئاسة المرتقبة في شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل، الأمر الذي ينعكس عليها سلباً، خاصة في ما يتعلق بأمنها القومي.
ما البنود المتوقع إدراجها في قائمة التعديلات المصرية على اتفاقية كامب ديفيد؟
إسرائيل تحسست النوايا المصرية بعد قرار القاهرة فتح معبر رفح بشكل دائم بين سيناء والأراضي الفلسطينية، وتعتبر إسرائيل تلك الخطوة مؤشراً على اعتزام مصر إعادة النظر في قضايا وإشكاليات أخرى، ومنها اتفاق ممر صلاح الدين، واتفاقية "الكويز" الاقتصادية، واتفاق تصدير الغاز المصري لإسرائيل، إضافة إلى اتفاق المرحلة الثالثة في التعاون الاقتصادي بين البلدين. فرغم أن إعادة النظر في تلك الاتفاقات ما زالت قيد البحث، إلا أن إسرائيل تعكف بحذر بالغ على صياغة استراتيجية جديدة، تمكنها من التعاطي مع تلك التطورات، اذا خرجت الى حيز التنفيذ.
على ذكر الاستراتيجيات الإسرائيلية، هل وضعت إسرائيل استراتيجيات معينة لمجابهة التعديلات المصرية، التي قد تطرأ على اتفاقية كامب ديفيد؟
بالفعل دار العديد من حلقات النقاش والبحث في تل أبيب، لتدارس مرحلة ما بعد زوال نظام مبارك، ومدى تأثير ذلك على الدولة العبرية سياسياً واقتصادياً، ولعب جنرالات وساسة إسرائيل وخبراؤها الاقتصاديون دوراً بارزاً في صياغة خطوات استباقية، يمكنها ردع القاهرة قبل الإقدام على اية خطوة من شأنها المساس باتفاقية كامب ديفيد، وربما كانت أولى خطواتها الاستباقية شروعها في طرح ملف تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل على قنوات التحكيم الدولي، ومن غير المستبعد ايضاً التلويح بالقضايا التي تصفها تل أبيب بـ "القضايا المسكوت عنها"، ومنها ممتلكات اليهود المصريين، الذين هاجروا الى اسرائيل، وربما الى دول اخرى، خاصة في اوروبا والولايات المتحدة، وقضية تهريب الاسلحة الى قطاع غزة عن طريق الأنفاق.
تصورات اسرائيل حيال التعديلات
لكن ما التصورات الإسرائيلية حيال إمكانية إقدام مصر على التعديلات التي يدور الحديث عنها؟
قادة الدولة العبرية، وفي مقدمهم الخبير الأمني "جيورا ايلند"، و"يعقوب عميدور" على قناعة بأن مصر لن تلغي اتفاقية كامب ديفيد المبرمة مع إسرائيل بشكل تام، إذ إن ذلك يعني دخول البلدين في دائرة المواجهة المسلحة، غير أن تل ابيب تعتقد بإمكانية تعديل بعض بنود الاتفاقية، خاصة بعد قرارها فتح معبر رفح بصورة مستديمة أمام حركة الفلسطينيين.
كما ان اسرائيل لا تستبعد احتمالات تعديل بنود الاتفاقية الخاصة بالمنطقة "ج"، وما يتعلق منها بنشر قوات متعددة الجنسيات في شبه جزيرة سيناء، والمنطقة "د" داخل الاراضي الفلسطينية، وسيكون اول اختبار لتلك التعديلات - وفقاً لظن اسرائيل - في ممر "صلاح الدين"، حيث تعتقد اسرائيل بامكانية مطالبة المصريين بزيادة عدد القوات العاملة فيه من 750 الى 3000 جندي.
غير ان اسرائيل لن ترفض هذا الطلب في ظل الظروف الجديدة، التي تفرض على مصر حماية اراضيها والدفاع عن حدودها، فلم تعارض اسرائيل المجلس العسكري المصري، عندما قرر بعد ايام من ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير، زيادة عدد القوات على حدوده مع اسرائيل.
اذا كان ذلك هو الحال عند تعديل البنود السياسية والاستراتيجية في الاتفاقية، فما وضعية البنود الاقتصادية في كامب ديفيد؟
تنظر اسرائيل بعين الريبة الى اي تعديل يطرأ على البنود الخاصة باتفاقياتها الاقتصادية مع مصر، ولعل اتفاقية "الكويز" تحتل صدارة هذه الاتفاقيات، إذ تعتبر الدولة العبرية المساس بها خطاً أحمر، فعند تعديل اي من تلك البنود ستشنّ اسرائيل حرباً اقتصادية على مصر، وستطالب بتعويضات ضخمة عند اغلاق المصانع الاسرائيلية على اراضيها.
إذ تشير المعطيات الاسرائيلية الى ان حجم مصانع تل ابيب العاملة في اطار اتفاقية الكويز بين مصر والاردن والولايات المتحدة واسرائيل يربو على 180 مصنعاً، الامر الذي يكبّد اسرائيل خسائر فادحة، ولذلك تنظر الدولة العبرية الى هذا الملف بعين الخطورة.
بعيداً عن اتفاقية "الكويز"، ماذا عن بنود كامب ديفيد، المتعلقة بتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل؟
تنطوي تلك الاشكالية على تفاصيل بالغة التعقيد والخطورة، فبعد قرار مصر وقف تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، ورهنها استئناف ضخه بزيادة اسعاره، بما يتماشى مع سعر السوق العالمية، عكفت اسرائيل على البحث عن بديل في سواحلها الشمالية، غير أن عمليات بحثها المعروفة بـ "البديل" تواجهها مشكلة كبيرة، وهي ظهور مؤشرات تؤكد احتمالات ملكية مصر آبار الغاز الإسرائيلية، خاصة ان القاهرة لم توقّع مع تل ابيب على اتفاق ترسيم الحدود الاقتصادية.
فلم توقع اسرائيل هذه الاتفاقية سوى مع قبرص فقط، واستبعدت منها مصر وسوريا ولبنان، الامر الذي قد يحدو بالقاهرة الى اعادة النظر في بنود اتفاقية تصدير الغاز إلى اسرائيل، وربما تضطر الدولة العبرية الى توقيع اتفاق حول الحدود الاقتصادية مع مصر، إضافة الى لبنان وسوريا، لتحديد تبعية المنطقة التي تستخرج منها اسرائيل بدائلها عن الغاز المصري.
الموقف الاميركي إزاء الترتيبات الجديدة
ما توقعاتك للموقف الاميركي إزاء تعديل بعض بنود اتفاقية كامب ديفيد، خاصة ان واشنطن هي الراعي لإبرامها؟
الولايات المتحدة لا يمكنها تحجيم أي حراك مصري على هذا الصعيد، شريطة ألا يتعارض ذلك مع الحفاظ على أمن إسرائيل القومي، ومصالحها الاستراتيجية العليا، غير أنه من غير المستبعد أن تمارس الادارة الاميركية ضغوطاً على القاهرة، للحيلولة دون ما يوصف بالـ "تعديل الجذري" في بنود الاتفاقية، ولكن واشنطن ستستبق تلك الخطوة بإعداد حزمة اقتراحات على الجانبين المصري والاسرائيلي، يمكن عن طريقها التوصل الى تفاهمات مشتركة، تزيل الخلافات التي قد تنجم من قرار التعديل. بعيداً عن ذلك ترغب الولايات المتحدة في الثبات على الوضع الراهن.
يشاع أن هناك بنودًا غير معلنة لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، ما تعليقك؟
غير صحيح، لا توجد أية بنود سرية في اتفاقية كامب ديفيد بين مصر والدولة العبرية، وإنما توجد بروتوكولات ملحقة بالاتفاقية، لكنه مع ذلك لم يتم التوقيع عليها بين الجانبين في أجواء سرية، وإنما هي معلنة ومعروفة للجميع.
أخيراً، هل يتوقع إجراء تعديلات على اتفاق السلام بين الأردن وإسرائيل على غرار التعديلات المصرية المتوقعة؟
اتفاق السلام المبرم بين الأردن وإسرائيل، المعروف باتفاق "وادي عربة"، يختلف جملة وتفصيلاً عن اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، ولذلك لا يمكن المقارنة بين الاتفاقيتين، إذ إن القضايا المتفق عليها بين عمّان وتل أبيب محسومة، ولا يجوز إعادة النظر فيها.
التعليقات
رئيسٌ لايستحقونه
عدنان فارس -انور السادات هو رئيسُ شعبٍ مسالمٍ يتوق للحرية والتطور.. السادات رئيسٌ نالَ ثقة شعبه والعالم... وهكذا رئيس لايستحقه رعاع الارهاب والتخلف والكراهية... اعداء السلام قتلوا السادات رجل السلام.. ولكن دول وانصار السلام في العالم لن يسمحوا لقتلة السادات أن يمروا!