الحكيم يحذر من مساواة الوزير الناجح مع الفاشل خلال التقييم الجاري

قال رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم إن المحاصصة السيئة حوّلت المناصب إلى ملكيات لأحزاب تمنع أية فرصة لتصحيح المسارات والانحرافات وأكد دعم نهج الحكومة الحالي في المكاشفة عما تحقق خلال مهلة المائة يوم محذرا من اختلاط المحاسبة لتساوي بين الوزير الناجح والاخر الفاشل... فيما قال ناشطو الاحتجاجات الشعبية انهم سيخرجون في تظاهرات غدا الجمعة لإسقاط ما أسموها بالحلول الترقيعية وحيث دعت منظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية السلطات العراقية إلى احترام عمل الصحافيين خلال هذه التظاهرات.

أكد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم دعمه لاعتماد الحكومة مبدأ المصارحة والمكاشفة في نهاية مهلة المائة يوم للإصلاح التي حددها رئيس الوزراء نوري المالكي مبينا انها تمثل روح الديمقراطية.

وأشار الى ضرورة عدم تجزئة قضية المصارحة والمكاشفة مع الشعب بحيث تختلط فيها الأمور وتساوي بين الوزير الناجح والاخر الفاشل محذرا ان ذلك سيثير اشكالية كبيرة وفجوة واسعة بين المواطنين والمسؤولين. وأشار الحكيم في كلمة خلال الملتقى الثقافي الاسبوعي للمجلس الاعلى الى ان مبدأ المصارحة والمكاشفة هو المنهج الذي يجب اعتماده لتعزيز الثقة بين المواطن والمسؤول.

وشدد الحكيم على ضرورة تعزيز مبدأ استمرار فكرة المائة يوم ومصارحة الشعب بعد انتهاء كل فترة عما أنجزته الحكومة خلالها مبينا بان ذلك سيوفر اربعة تقارير في العام الواحد... وقال " كلما تعزز مبدأ المصارحة والمكاشفة بين المسؤول والمواطن كلما ازدادت الثقة بينهما وقطع الطريق امام الانتهازيين واصحاب النوايا السيئة للعبث بمقدرات الشعب".

وأكد اهمية ان تكون المسؤولية تضامنية بين الجميع وان لا تستحوذ جهة ما على النجاحات وتكون الاخرى في خانة الاخفاقات واخرين يتنصلون من المسؤولية. وشدد على دعمه للشراكة الحقيقية بين القوى السياسية والتي يضطلع فيها الجميع بمسؤولياتهم في تحمل تبعات المشروع الوطني والتلكؤات التي تحصل فيه.

وانتقد "المحاصصة السيئة التي حوّلت المواقع الى ملكيات للاحزاب والتي تريد منع اية فرصة لتصحيح المسارات والانحرافات" كما قال. موضحا ان المجلس الاعلى ليس مع المحاصصة التي تفرط بمصالح الشعب وانما مع الشراكة الحقيقية التي تعمل على تعزيز سلطة المسؤول والتي تقف بوجه الترهل وايقاف هدر المال العام وازالة الفوارق بين المسؤول والمواطن والحد من نيل عدد محدود من المسؤولين لامتيازات ورواتب عالية على حساب الشعب المحروم. ودعا الى العودة الى السياقات الاصولية كما في الدول المتقدمة في عدد الوزارات التي لا تتجاوز العشرين وزارة خدمة للناس.

واكد الحكيم ضرورة اتخاذ الاجراءات الصارمة والواضحة على ضوء نتائج تقييمات اداء المسؤولين في الحكومة بانتهاء المائة يوم. وأضاف ان الاختلاف في الرؤى بين الفرقاء السياسيين لابد ان يكون بعيدا عن ملفي الخدمات والأمن مشددا على ضرورة العمل وفق مبدأ اليد الواحدة والشراكة الحقيقية.

ونبه الى انه متى ما قدمت الخدمات مدعومة بالأمن يحق للسياسيين ان يختلفوا داعيا الحكومة بدءا من رئيسها المالكي الى نوابه ووزرائه الى تقديم التقارير عن عملهم وشرحها بإسهاب لممثلي الشعب في مجلس النواب مطالبا النواب بأن يدققوا ويسألوا عن الانجازات والاخفاقات منوها بدور وسائل الاعلام في شرح تلك الانجازات والاخفاقات الى الرأي العام ليبقى القرار للشعب "فهو صاحبه اولا واخيرا" كما أشار.

ضرورة إبعاد السياسيين خلافاتهم عن ملفي الخدمات والأمن

وأشار الحكيم الى التقرير الحكومي الاخير الذي كشف عن سقوط 443 عراقيا بين قتيل وجريح واعتقال 187 ارهابيا خلال الشهر الماضي مستنتجا "ان المبادرة ما زالت بيد الارهاب وبفاعلية ما ادى الى ازهاق تلك الارواح بكواتم الصوت والعبوات الناسفة واللاصقة.

وطالب السياسيين بإبعاد خلافاتهم عن الملف الأمني والعمل من اجل وقف استمرار نزيف الدم العراقي. وانتقد مسلسل هروب السجناء والارهابيين والذي وضع العراق في مقدمة البلدان التي تعاني هروب السجناء معتبرا ذلك ظاهرة خطرة تصيب سمعة الدولة والحكومة بالضرر مستشهدا بهروب أربعة آلاف سجين منذ عام 2003 بحسب ماذكرته منظمة الإصلاح الاجتماعي العراقية وكذلك تقارير وزارة العدل التي تؤكد وجود تواطؤ بين افراد الأمن والسجناء... مشددا على ان هذا يمثل فسادا يتطلب جهدا لمعالجته.

حجم التحولات العربية لا تسمح الا بالإصلاحات الحقيقية

وشدد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في الاخير على ان حجم التحولات الجارية في المنطقة العربية لا تسمح للحكام الذين يريدون الاستمرار الا برفع لواء الإصلاحات الحقيقية التي تؤدي الى تحقيق طموحات الشعوب.

وأشار الى ضرورة ابعاد العناصر السيئة والمستغلة والمستثرية بطرق غير مشروعة على حساب الشعب "لان هذا من شأنه ان يعيد الكرامة والعزة والانتصار للشعوب خاصة وان قطار التغيير ماض ومن دون توقف رغم استخدام القوة المفرطة والبطش الذي يخلف ردود فعل طبيعية لدى الثوار الذين عليهم الصبر والوقوف بثبات من اجل تحقيق طموحات شعوبهم". واكد دعم هذه الشعوب في مطاليبها المشروعة ومساندتها وقال "ان النصر قادم لا محالة ما دام الثائرون ماضين في طريق الله ومستعينين به".

ناشطو الاحتجاجات يؤكدون التظاهر غدا "لإسقاط الحلول الترقيعية"

قال ناشطون عراقيون انهم سيخرجون غدا الجمعة في تظاهرات احتجاج تهدف كما أشاروا الى "إسقاط الحلول الترقيعية" بعد انتهاء مهلة المائة يوم رافعين شعار "جمعة القرار والرحيل".

وقال "شباب نصب الحرية" ان العراقيين انتظروا بفارغ الصبر وعد المائة يوم وانتظروا رئيس الوزراء "واذا به يتحول الى مقدم برامج لندوات تلفزيونية هي جزء من خطة تخدير الشعب ندوات للأسف وان كان بثها للناس خطوة ايجابية الا انها افرزت جهلا مهنيا لدى الرئيس وطاقمه". ومن جهتها قالت قيادة عمليات بغداد انها لن تفرض حظرا على التجول في العاصمة عشية التحشيد للخروج بتظاهرات احتجاج غدا.

وأضاف الناشطون في بيان تلقته "إيلاف" ان العراقيين انتظروا وعد المائة يوم لتوفير الخدمات وللكهرباء وتأمين الأمن والقضاء على العصابات الخارجة على القانون والمليشيات "واذا بهم يتحولون الى فريسة لكواتم الصوت وللمفخخات وللاكاذيب واعادة الخطاب التحريضي من خلال وسائل الاعلام ومحاولة الصاق التهم بالمحتجين الذين يحاولون ان يؤسسوا لثقافة جديدة في تاريخ العراقيين ووعيهم وهي ثقافة الاحتجاج السلمي ونبذ العنف فالطريق الوحيد هو التظاهرات التي اسقطت ومنذ يوم 25 شباط نظرية المندسين والمشاغبين".

وقالوا "انتظرنا المائة يوم واذا بنا امام حلول ترقيعية تعود عليها ساسة العراق الذين ابتلي بهم الشعب العراقي هذه الحلول هي الاوراق التي يلعب بها رئيس لم يضع لنا خطة تناسب موارد العراق او حجم احتياجاته لكنه يلجأ الى مجلس النواب للحصول على سندات خزينة في ظل أسعار مرتفعة جدا لبرميل النفط مقارنة مع الميزانية الافتراضية التي اقترحتها الحكومة وهذا أحد اوجه جهل الحكومة الفني في واحد من اهم القطاعات وهو قطاع الكهرباء ففي الوقت الذي فضحت جلسة مناقشة المالكي لوزرائه جهله وجهل المتحدثين والصامتين ايضا حينما أشار الى المحطات التي تعمل بالديزل المحظور استخدامه عالميا في البلدان الاخرى لإضراره بالبيئة والانسان وبتكلفة ملايين الدولارات هذه المحطات ب160 ميكاواط في حين ان التقديرات الاولية لحاجة العراق الفعلية من الكهرباء في الوضع الحالي المزري هي 15 الف واط".

وأشاروا الى ان الحكومة لا تمتلك ولو الحد الادنى من الكفاءات المهنية "فكل وزير هو في نهاية الامر يعمل لتياره وحزبه ونفسه وهذا ما تجسد في مناقشتهم قضايا اخرى منها قضية المياه وعدم التطرق إلى الكوارث الحقيقية التي تعانيها الثروة المائية وتلوثها والتصحر الذي يهدد ارض العراق كلها وكل هذا فضح خواء هؤلاء" بحسب قولهم. وأضافوا ان لقاء المالكي بشيوخ العشائر ودعمه لتشكيل مجلس وطني للعشائر فانه يعيد العراق بذلك "الى مجتمع ما قبل الدولة وهذا امر خطر يتناقض و مدنية الدولة وقوانينها ودستورها".

وقالوا "اما العودة الى اتهامنا بالوقوف خلف الارهابيين والدفاع عن المتورطين بدم العراقيين فإن سياسة التخوين هذه تندرج ضمن الحرب النفسية التي تشنها الحكومة على أي صوت ينادي بحرية الرأي واطلاق سراح الابرياء وتقديم المعتقلين الى المحاكمة ووقف الانتهاكات التي تتم باسم الدستور وتحت قبته ولكن كل ذلك لن يزيدنا الا قوة ويقينا اننا سننتصر حتى وان طالت معركة الحرية التي نخوضها بشراسة مع نظام يثبت كل يوم انه يسير على خطى البعث المقبور في تصفية الواقفين بوجه فساده وظلمه وكذبه.. نحن العزل الا من كرامة الوطن التي لن نفرط بها ولو على دم شباب نصب الحرية الذين سينتظرون اخوتهم يوم 10 حزيران في جمعة القرار بعزيمة عراق يوم 25 شباط".

مراسلون بلا حدود تدعو المالكي لضمان حرية تغطية التظاهرات

ومن جهتها دعت منظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية السلطات العراقية الى احترام عمل الصحافيين خلال تظاهرات يوم الغد الجمعة. وقالت المنظمة المعنية بالدفاع عن حرية الصحافة في رسالة الى المالكي انها علمت بتنظيم تظاهرات كبيرة يوم الجمعة المقبل في أنحاء العراق كافة للمطالبة بضمان الخدمات العامة (الكهرباء والماء...) والحقوق والحريات الأساسية بالإضافة إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين ومحاربة الفساد في البلاد.

وأشار جان فرنسوا جوليار الامين العام للمنظمة في الرسالة التي تلقت "ايلاف" نصها الى انه بالنظر إلى الانتهاكات الأخيرة التي يتعرّض لها الصحافيون فإن المنظمة تذكر بأنه يحق للصحافيين مراقبة المتظاهرين وقوات الأمن وتصويرهم حيث يجب على السلطات أن يسهّلوا عملهم أو على الأقل ألا يعرقلوه بأي شكل من الأشكال. وطالب المالكي بحظر مصادرة المعدات واحتجازها واعتقال الصحافيين وحذرت من ان من شأن أي عمل يقوم به رجال الشرطة لعرقلة عمل الصحافيين سيشكل عائقاً لحرية التعبير. واكد جوليار اهمية أن تكون حرية الصحافة محور المسار الديمقراطي الذي يضطلع به العراق وقالت "وسنبقى متيقّظين لنضمن احترام الحق في الإعلام".

وقالت القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي امس ان مهلة المائة يوم للإصلاح قد انتهت وأضاع معها المالكي "اكبر فرصة لمحاربة الفساد الامر الذي اعطى المفسدين فسحة للشعور بانهم في مأمن وتحت حماية ستغريهم بفساد اكبر ابتداء من التزوير الى عقد الصفقات المشبوهة والإضرار بحياة الناس الى الفشل في انجاز المشاريع بشكل يدفع العراقيين الى يأس اكبر من المستقبل".

وأشار مستشار القائمة هاني عاشور في تصريح صحافي إلى ان مهلة المائة يوم التي وعد المالكي بإصلاح الاوضاع خلالها قد انتهت من دون ان تمس المفسدين بأي عقوبات رادعة أوجبها الشرع الاسلامي والقانون والمعايير الاخلاقية رغم كثرة ملفات الفساد التي تم فتحها خلال تلك الفترة إضافة الى آلاف ملفات الفساد الموجودة لدى هيئة النزاهة وصدرت قرارات منها بحق المفسدين.

ومنذ الاثنين الماضي تنقل قناة العراقية الرسمية مباشرة جلسات لمجلس الوزراء يقدم خلالها كل وزير جردا بما حققته وزارته خلال المائة يوم المنصرمة وذلك بشكل لم يألفه العراقيون من قبل. وكانت بغداد وعدد اخر من المحافظات العراقية شهدت تظاهرات تطالب الحكومة بالعمل على تحسين مستوى الخدمات ومحاربة الفساد وايجاد فرص عمل لعدد كبير من العاطلين.

ومن اجل احتواء التظاهرات وعد المالكي في 27 شباط الماضي بالعمل على الاستجابة لمطالب المتظاهرين خلال مئة يوم انتهت الثلاثاء حيث هدد المالكي وزراءه بالطرد في حالة فشلهم في الاستجابة لهذه المطالب.