أخبار

خطاب زعيمة اليمين الفرنسي للتسويق السياسي فقط

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا إلى جانب والدها

صدر أخيرًا كتاب بعنوان مارين لوبان من توقيع الصحافية الفرنسية كارولين فورست وزميلتها أفياميطا فوني، حاولتا فيه الإجابة عن مجموعة من الأسئلة حول اليمين المتطرف في فرنسا، ممثلاً في الجبهة الوطنية، من خلال زعيمتها الحديثة العهد برئاسته، مارين لوبان.

انكبت كل من الصحافية الفرنسية كارولين فورست وزميلتها افياميطا فوني على التحري لشهور حول حقيقة، مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، هذه الشخصية السياسية الفرنسية، التي حلت مكان أبيها على رأس الجبهة الوطنية، "لأنها أصبحت تقود حزبًا يسمّم الحياة السياسية الفرنسية"، وفقًا لما تقول فورست في حوار خاص لإيلاف.

يتحدث الكتاب، الذي يحمل اسم مارين لوبان نفسها، عند علاقة الأخيرة بأبيها القائد التاريخي للجبهة، جون ماري لوبان، ونشأتها التي تفسر جزءًا من حقيقة تفكيرها وسلوكها إزاء المواقف الصعبة.

وإن كانت تضع مسافة بينها وبين بعض المواقف الاستفزازية، التي عرف بها أبوها حول النازية والمهاجرين، فهي تعي أنه لا يمكن لحزب بهذا النوع من المواقف أن يتقدم في علاقته بالفرنسيين، وتسلم له في يوم من الأيام مفاتيح الحكم في فرنسا.

القطيعة الشكلية مع الأب
الكتاب يتحدث عن قطيعة فكرية وسياسية شكلية لمارين لوبان مع أبيها جون ماري لوبان، لأنها لم يسبق أن أدانت تصريحاته، ولا يمكن أن نتحدث عن كونها "اغتالت أبيها سياسيًا"، فهي ترتبط به "بعقد أخلاقي"، بحسب فورست، علمًا أنها تنفي ما يوصف به أبوها من طرف الصحافة والمثقفين.

"وسائل الإعلام تصف لوبان الأب بالرجل العنيف العنصري... إلا أن ابنته تقول عكس ذلك"، مجسدة فكرة "كل فتاة بأبيها معجبة"، وتتحلل في خضم هذا الإعجاب من كل الصفات النقدية التي توجه إليه إعلاميًا.

فهذه المحامية عانت صورة أبيها في الأوساط الفرنسية التي ترفض العنصرية وجر المجتمع إلى صراعات طائفية، بناء على الأصل أو اللون أو غيره، إلا أنها استطاعت أن تنتصر على الخوف الذي ظل يسكنها، بعدما برزت كمحامية، وهي لا تزال في خطواتها الأولى.

مارين لوبان الخطيبة التي تخفي الكثير وراء ابتسامتها
لا يمكن لشخص أن يختار مهنة المحاماة، إن لم يتفوق في فن الخطابة، وهو سلاح لا مناص منه بالنسبة إلى السياسيين، زيادة على أفكارهم، وهو ما أهّل لوبان إلى أن تتفوق في الخطابات التلفزيونية في مناسبات كثيرة، وتنال إعجاب قواعد الجبهة الوطنية، وبالتالي تنتزع وبدعم من أبيها كذلك قيادة اليمين المتطرف من بين يدي الساعد الأيمن لوالدها غولنيش.

الخطر، بحسب ملاحظين، أن فصيل يعرف باليمين الشعبي ضمن الحزب الحاكم، انفتحت شهيته على التحالف مع اليمين المتطرف، وأصبح يدعو إلى ذلك علنًا من خلال أحد نوابه في الجمعية الوطنية، وإن كان مجرد صيحة في واد نظرًا إلى عدم استعداد قيادات الاتحاد من أجل حركة شعبية للدخول في مغامرة سياسية من هذا النوع.

وهذا يوضح نجاح مارين لوبان في مغازلة حتى كبار الناخبين، من دون أن نغفل، كما يشير الكتاب إلى ذلك، التحالف الرمزي للجبهة مع أقصى اليمين المتطرف، بإدماجها وفق منهجية "حالة بحالة للعناصر البارزة فيه"، وجعله "مختبر أفكار"، لأن مارين لوبان تعي أنه لا يخدمها تحالف واضح معه، لكونه يسير ضد الصورة الظاهرية التي تحاول جاهدة أن تصبغها على الجبهة الوطنية.

تتميز مارين لوبان بكونها قادرة على أن "تخفي العنف الذي تحمله من خلف بسمة لا تتقن رسمها على سجيتها فوق شفتيها". فهي "ابتسامة باردة، مصطنعة، لإخفاء خوفها من أن يظهر عليها تطرفها"، وهي من النوع "الذي يتملكه غضب بركاني، إن لم تحصل على ما تريد، وقد يظهر عليها يومًا ما". وفقا لما يذكره الكتاب.

مارين لوبان والعلمانية
الكتاب يوضح كذلك أن الجبهة الوطنية لا يجمعها مع العلمانية إلا الخير والإحسان، فهي معروفة بميلها إلى تيار ديني متشدد، ولها كنسيتها التي يرتادها قياديوها وقواعدها في العاصمة الفرنسية، وما يثير الاستغراب هو حديث مارين لوبان عن العلمانية.

فزعيمة اليمين المتطرف لوحظ عليها أنها "تتكلم من دون توقف عن العلمانية" في مهاجمة صريحة للمسلمين، خصوصًا عندما اتهمتهم بالاحتلال النازي، لأن ضيق فضاءات المساجد تدفع بهم للصلاة في الشوارع، إلا "أن أباها لم يتحدث عن ذلك يومًا".

السبب في ذلك أن الجبهة الوطنية "خلقت لأجل أن تكون ملاذًا لمن يحنّون إلى نظام بقانون رباني، بل أكثر من ذلك، إلى نظام الماريشال بيثان، واللذين يجمعها العداء الكلي لقانون 1905 الذي أسس إلى علمانية الجمهورية الفرنسية".

العلمانية بالنسبة إلى مارين لوبان تعني بالدرجة الأولى محاربة كل الرموز التي تمت للإسلام من دون أن يلزم هذا الكاثوليكيين، فهي تكيل بمكيالين في هذا الباب، ودفاعها المستميت عن العلمانية يبقى جزئيًا، والهدف منه هو توجيه ضربات للمسلمين في فرنسا.

فورست: الجبهة الوطنية حزب انتهازي

الصحافية الفرنسية كارولين فورست

تشرح الصحافية كارولين فورست دواعي إنجاز هذا الكتاب بكون مارلين لوبان "أصبحت تقود حزبًا يسمم الحياة السياسية الفرنسية منذ زمن طويل، والذي يبدو أنه عاد إلى القمة في استطلاعات الرأي".

وتقول فورست: "تسعى مارين لوبان إلى أن تغير صورة الحزب في عيون الآخرين لمغازلة الناخبين،وتؤكد أنه لم يعد حزبًا معاديًا للأجانب. وهذا يدحضه تحقيقنا، فالأصوليون لايزالون هنا، وكان يجب إنجاز كتاب بعد شهور من التقصي لبرهنة ذلك".

تعتبر هذه الصحافية الجبهة الوطنية "حزبًا انتهازيًا يغذّي المخاوف والغضب. وتقول: "في الأمس كان يدافع عن الليبرالية بدون حدود، اليوم بعد الأزمة المالية، فهو يهاجم الليبراليين المتشددين من دون أن يعترف أنه كان يومًا من ضمنهم".

وأضافت فورست في تصريح لـ"إيلاف" "لكن الذي لا يتغير نهائيًا عند الجبهة الوطنية، هي طرقه في خلطه للأشياء، ورأسماله هو أنه يسعى إلى رمي كل مشاكل فرنسا على ظهر الهجرة".

لا ترى فورست أي فرق بين مارين لوبان وأبيها، "فرغم أنها في بعض الحالات تجد صعوبة في تحمل الانزلاقات الكلامية لأبيها، فهي مرتبطة به بعقد أخلاقي، إنه قدوتها، وهو الرجل الذي يلهمها فيكل ما تقوم به، لا تشكك نهائيًا في مصداقية عمله السياسي، فهي تشعر أنها أكثر فاعلية في طريقة أبيها لقول الأشياء حتى تتفادى الأداء المتواضع".

وتقول فورست عن الجبهة الوطنية إنها "مقاولة سياسية، وهي حزب يشتغل كمقاولة عائلية صغيرة".

واستطردت في السياق نفسه لتوضحأن "مجموعة لوبان هي من تتحكم في كل شيء، على طريقة يتوارث فيها الحكم أفراد الأسرة الواحدة، تاركة هامشًا ضيقًا للديمقراطية الداخلية، بهدف أن تظل يدها موضوعة على الحزب والمناصب والولايات التي ترافقها".

وعن رد فعل الجبهة بعد هذا الكتاب، تقول كارولين فزرست، "إنهم في حالة غضب شديد، توعدونا بمقاضاتنا، كما كل غير المتسامحين... لا يتحملون النقد، سيما عند إثارة خفاياهم، جميع المتطرفين يردون بالطريقة نفسها، هذا يعني أننا قمنا بعمل جيد".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الصحافية الفرنسية
antoine -

خارج الموضوع

الصحافية الفرنسية
antoine -

خارج الموضوع