أخبار

حديبي: الحكومة الجزائرية هدفها شراء السلم دون مراعاة اقتصادية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كشف النائب في البرلمان الجزائري محمد حديبي أن "مجموعة من النواب تقدموا بطلب لإنشاء لجان تحقيق في قضايا الفساد وأسباب خروج الشباب إلى الشارع للاحتجاج في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، والتحقيق في واقع الحريات بمختلف أشكالها في الجزائر"، غير أن مكتب البرلمان رفض الطلب المتعلق بلجنة قضايا الفساد.

النائب محمد حديبي

بودهان ياسين من الجزائر: كشف النائب في البرلمان الجزائري محمد حديبي أن "مجموعة من النواب تقدموا بطلب لإنشاء لجان تحقيق في قضايا الفساد وأسباب خروج الشباب إلى الشارع للاحتجاج في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، والتحقيق في واقع الحريات بمختلف أشكالها في الجزائر"، غير أن مكتب البرلمان رفض الطلب المتعلق بلجنة قضايا الفساد.

في المقابل تم إنشاء لجنة من طرف أحزاب التحالف الرئاسي للتحقيق في انتفاضة الشباب وعدم الرد عن اللجنة الأولى، في حين ينتظر هؤلاء الفصل في طلبهم المتعلق بلجنة التحقيق في واقع الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر.

وحسب حديث حديبي لـ "إيلاف"، فإن مجموعة من نواب المجلس الشعبي الوطني تقدمت بطلب في وقت سابق لإنشاء لجنة تحقيق في انتشار مظاهر الفساد في الإدارة الجزائرية، إلا أن هذه اللجنة تم رفضها بحجة أن الموضوع لم يتم تحديده بدقة، لأن القانون ينص على ضرورة تحديد عينة حول الموضوع".

حول أسباب طلب تشكيل هذه اللجنة يقول حديبي "السلطة فشلت فشلاً ذريعًا في عملية التسيير، ما يحدث الآن في الجزائر هو تبذير للمال العام من دون إحداث إقلاع اقتصادي، هناك خبراء يقولون إن ثلث الأغلفة المالية المخصصة لمختلف البرامج التنموية تذهب في عمليات الفساد بكل أشكاله انطلاقًا من الرشوة وعدم اختيار المشاريع ذات المردودية وصولاً إلى اختيار مكاتب دراسات غير مؤهلة أو غش في عمليات الانجاز".

يشير النائب في هذا السياق إلى موضوع الخصخصة، الذي قال في شأنه إنه "ملف في غاية الأهمية وتفوح منه روائح فساد كبيرة"، ويؤكد حديبي أن "هناك شكاوى عديدة من طرف عمال المؤسسات التي تم خصخصتها لشركاء أجانب وجزائريين". ويشير في هذا الشأن إلى "نحن لسنا ضد موضوع الخصخصة، لكنها يجب أن تخضع لقوانين صارمة تكون في مصلحة الجزائر، وليس ضدها".

لكن الشيء الملاحظ أخيرًا يضيف قائلاً هو أن "المؤسسات التي يتم خصخصتها مباشرة بعد الانتهاء من عملية بيعها، سواء مع الشركاء الأجانب أو الشركاء الجزائريين، يحدث لها تراجع كبير جدًا في سقف الإنتاج يصل إلى نحو 40 % بعد اقل من عام من بيعها، هذا بدون النظر في كيفية استفادة هؤلاء من عملية خصخصة هذه الشركات، سواء ما يتعلق بدفتر الشروط أو القيمة الفعلية للمؤسسة التي تم بيعها، وفي الغالب مؤسسات عملاقة يتم بيعها بالدينار الرمزي".

ويكشف حديبي أن "الكثير من المؤسسات التي خُصخصت أعلن عمالها الإضراب عن العمل"، بسبب "عدم احترم أرباب العمل القوانين المعمول بها لأن غالبية هؤلاء يمتلكون علاقات قوية في دوائر السلطة"، وإلا كيف نفسر، يضيف حديبي، "عدم رد السلطات العليا على رسائل لعمال تفيد بوجود تجاوزات قانونية من طرف أرباب العمل في حقهم، رغم ذلك لا أحد يتحرك لإيقاف هذه التجاوزات، هناك أمر غير طبيعي، وحتى المتعاملون الأجانب لا يحترمون القانون الجزائري، هناك عمال من شركة عمومية تم خصخصتها لشريك أجنبي، مدير هذه المؤسسة أصبح يتحدى حتى العدالة الجزائرية، وحتى وصل الأمر بأحدهم إلى نزع العلم الجزائري، رمز السيادة، في مؤسسة عمومية جزائرية تم بيعها.

ورغم مطالبات لعمال منذ عامين بإرجاع العلم إلى مكانه، إلا انه رفض ذلك، وهناك حكم قضائي في حق احد المدراء، لكن هذا القرار لم ينفذ، وهذه نعتبرها اهانة ما بعدها اهانة للجزائر". وكشف النائب في هذا السياق أن مجموعة من النواب تقوم بجمع معلومات حول التجاوزات المتعلقة بعملية الخصخصة.

وشدد حديبي على أن "النواب ليسوا ضد الشراكة مع الدول الأجنبية، لكن يجب فتح نقاش سياسي لتحديد معالم التوجه الاقتصادي للبلاد، لأن الجزائر الآن لا تمتلك أية خطة اقتصادية لا على المدى البعيد ولا القصير، وما يحدث الآن أن هذا البلديستورد كل شيء، فالجزائر تستورد ما بين الأغذية والصناعة الصيدلانية ما يقرب من 10 مليار دولار، وما يقرب من 11.5 مليار دولار فاتورة استيراد الخدمات من الخارج، معظمها دراسات تقنية واستشارات، وهذا من اجل تطوير المؤسسات الجزائرية ومن أجل أن يكون الإنتاج الوطني منافسًا للإنتاج الأجنبي، وخلق مصادر أخرى للدخل خارج قطاع المحروقات".

لكن هل يعقل، يتساءل النائب، أن "ندفع 11.5 مليار دولار، مقابل أن نصل إلى فاتورة تصدير لا تتجاوز 1.7 مليار دولار"، لذلك، يقول حديبي، انه "لا بد للحكومة أن تقف في عملية رهن الجزائر إلى دول أجنبية، و يجب على هذه الحكومة الفاشلة أن تستقيل، وتعتذر للشعب الجزائري".

يؤكد حديبي أن "الحكومة أصبح هدفها شراء السلم المدني، من دون مراعاة الموازين الاقتصادية، اليوم العجز يساوي 25 % من الميزانية، رغم أن العتبة الدولية يجب أن لا تتجاوز 15 %، وهو ما يعني أن أية دولة تتجاوز نسبة العجز فيها 25% يجب أن تتجه إلى صندوق النقد الدولي، لكن الحكومة لجأت إلى حل آخر عن طريق اللجوء إلى صندوق ضبط الإيرادات، وهو صندوق مخصص للأجيال المقبلة، ولا يحق للحكومة أن تتجه لهذا الصندوق، لكنها قامت بذلك من أجل تغطية عجزها وأخطائها، التضخم وصلت نسبته إلى أكثر من 4 %، لأن الجزائر لا تنتج شيئًا خارج قطاع المحروقات، تم إلغاء الضريبة على النشاط الصناعي، والنشاط الزراعي، كما إن التهرب الضريبي وصل إلى 200 مليار دج، والاقتصاد قائم على هذه المرتكزات، إذا كيف تستطيع الحكومة تعويض نسبة 25 % التي هي نسبة العجز".

غياب الإستراتيجية الاقتصادية والتنموية أثر بشكل كبير على الوضع الاجتماعي للجزائريين، حسب السيد حديبي، الذي يكشف في هذا السياق عن "وجود تفكك في البنيان الاجتماعي من خلال اضطرابات اجتماعية، بروز ظاهرة الهجرة غير الشرعية ووجود بقايا إرهاب رغم برنامج المصالحة، وزيادة نسبة التفكك الأسري.

وتشير الإحصائيات إلى تسجيل 150 ألف حالة طلاق من مجموعة 320 ألف حالة زواج أي النصف، وهو مؤشر خطر، في المقابل نجد أن الحكومة تقول إن كل شيء على ما يرام".

كل هذه الأوضاع تسببت في ثورة الشباب خلال شهر يناير الماضي، و"لولا رحمة الله عز وجل" يقول النائب و"حكمة الناس الذين عايشوا الأزمة الدموية، والذين رفضوا أن تتكرر هذه التجربة القاسية على المجتمع الجزائري لذهبت البلاد إلى مستقبل مظلم، الشعب فكر في مستقبل البلاد، لكن الحكومة لا تفكر في الشيء نفسه، الشعب يريد أن يكون التغيير في هدوء، لذلك يجب على الحكومة أن تعي ذلك جيدًا، لكنها أغلقت الأبواب، وقالت إن كل ما في الأمر أن هؤلاء الشباب انتفضوا لزيادة أسعار الزيت والسكر وفقط".

في هذا الصدد، كشف النائب عن تقديم مجموعة من النواب بطلب التحقيق حول أسباب خروج الشباب إلى الشارع ، غير "أننا تفاجئنا ـ يقول ـ مع افتتاح الدورة الربيعية قيام مجموعة أخرى من النواب تنتمي إلى أحزاب التحالف الرئاسي بإيداع طلب لتكوين لجنة تحقيق في الموضوع نفسه. وخلصت اللجنة في تقريرها النهائي إلى أن أسباب انتفاضة الشباب هي بسبب ارتفاع أسعار الزيت والسكر فقط، ونحن نعتبر هذا الإجراء من حيث الشكل مرفوض قانونيًا، لأننا قمنا نحن في وقت سابق بشهرين بإيداع طلب تشكيل لجنة تحقيق في الموضوع عينه، ومن المفروض أن تتم دراسة المقترح الأول مع إضافة تعديلات، إذا رأى نواب آخرون ذلك.

لكن ما حدث أنه تم رفض اللجنة الأولى، وجرى اعتماد اللجنة الثانية، وحينما أحرجناهم تحججوا بكون الطلب الأول تندرج فيه نقاط أخرى تتعلق بجوانب أمنية وقضائية، غير أن وزير الداخلية صرح أخيرًا بأن هذه التحقيقات كانت ظرفية، وبذلك سقطت المبررات التي قدمها مكتب البرلمان"، وهذا ما نعتبره، يقول النائب، "محاولة لتعطيل دور البرلمان في أداء مهامه، فخلال أربع سنوات لم يتمكن هذا الجهاز من إنشاء أية لجنة تحقيق، وهذا نعتبره اهانة للشعب الجزائري أن يتم حصر كل مطالبه في قضية السكر والزيت فقط".

وحسب حديبي، فان هذه رسالة قوية "من أحزاب التحالف التي قامت بدور آخر، لأن هذه اللجنة نعتبرها لجنة تبيض لصورة الحكومة التي فشلت في التسيير من خلال غلق العملية السياسية والإعلامية، ودفع الشعب إلى الاستقالة من الحياة السياسية".

وحول واقع الحريات السياسية والإعلامية، يقول حديبي، "الشيء غير المفهوم الآن هو أن هناك رفع لحالة الطوارئ، إلا أن ممارسات السلطة لا تعكس هذا الإعلان، فحظر المسيرات في العاصمة لا يزال متواصلاً، وغلق الأبواب أمام إنشاء أحزاب سياسية مازال مستمرًا، وحتى تأسيس جمعيات ذات طابع ثقافي أو اجتماعي في أحيان كثيرة غير مسموح به، لذلك فالحديث عن انفتاح سياسي مجرد كلام للاستغلال الإعلامي فقط، فالسلطة لا تزال تعامل الناس على أساس التصنيف السياسي والإيديولوجي".

لذلك قام النواب بإيداع طلب تشكيل لجنة تحقيق لبحث واقع الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر، والطلب مضى عليه حوالي 27 نائب من مختلف التشكيلات السياسية. ويؤكد حديبي "قمنا بإيداع هذا الطلب لأننا نعتقد أن ممارسات حالة الطوارئ لا تزال تمارس، وخاصة في قضية الرقابة التي تمارس على المواطنين، هناك تشديد في هذه العملية، الأمر الذي يزعج كثيرًا المواطنين.

ونحن نعتقد أن هناك وسائل حديثة لممارسة دور الرقابة دون إحراج المواطنين، وحتى قضية منع المسيرات فهو أمر من ناحية حقوق الإنسان أمر مرفوض، لأن لكل فرد الحق في التعبير عن رأيه بكل ديمقراطية وحرية، وحتى قضية الرقابة تمارس على الأحزاب السياسية من خلال فرض سياسة إعلامية خاصة على الأحزاب المعارضة، وأحيانا تمارس هذه الرقابة خلال تغطية وسائل الإعلام العمومية لأنشطة هذه الأحزاب، من الذي أعطاهم الحق في ممارسة عملية التزوير، لأن الرقابة الإعلامية هي تزوير للرأي العام في نقل الحقائق، ونحن الآن نعيش آثار التزوير بكل أشكاله التنمية متوقفة.

واعتبر أن الفساد استشرى في مؤسسات الدولة، وحتى العمل السياسي قامت الدولة بمصادرته من خلال صناعة معارضة، الآن إذا كنت تريد أن تصبح معارضًا، فما عليك سوى التوجه إلى السلطة وممارسة دور المعارضة. أما إذا اتجهت إلى الشعب ومارست المعارضة، فان كل الأبواب ستغلق أمامك، وتحاصر حصارًا شديدًا، أو يخلق لك حركة تصحيحية داخل الحزب و يفجره".

يحمّل النائب المجلس الشعبي الوطني الجهاز التنفيذي مسؤولية هذا الوضع، لأنه "من يمتلك سلطة القرار"، في حين يتساءل "لماذا يتم تشويه البرلمان، ولماذا وسائل الإعلام تركز على السلطة التشريعية، ولا تركز على السلطة التنفيذية ولا السلطة القضائية، لماذا يقتصر الحديث عن زيادة الأجور التي مست العديد من القطاعات عن أجرة النائب فقط، ولا يتحدث أي شخص عن أجرة الوزراء، ولماذا يتم التحدث عن اغتصاب مجموعة من النواب للنساء، في حين لا يتم الحديث عن اغتصاب الوزراء للأراضي والعقارات والبنوك، ناهيك عن الحديث في الجانب الأخلاقي، لأن هناك إرادة سياسية من السلطة لتشويه كل مؤسسة لها علاقة مباشرة بالشعب، وعملية تشويه البرلمان هي محاولة لإقناع الشعب بأنك يا شعب أنت غير راشد، وقاصر، لا تحسن اختيار ممثليك، والذين قمت باختيارهم يتقاضون 30 مليون دينار، ولا يستطيعون فعل أي شيء".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف