الإنترنت كسر حواجز الخوف أمام شباب "الربيع العربي"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دبي: كسر الانترنت ومعه شبكات التواصل الاجتماعي خلال ستة أشهر من "الربيع العربي" حواجز الخوف وضوابط الإعلام الرسمي الموجه أمام الشباب المطالبين بالتغيير، اذ سمح لهم بالتواصل وبتصدير أخبار وصور الثورة، إلا أن هذه الفورة في المعلومات تواجه تحدي المصداقية وتصاعد العنف.
كما إن الإعلام التواصلي بدا بحاجة للتحالف مع الإعلام التقليدي، ليبلغ تأثيره الأكبر، فيما فجّرت مدونة "مثلية دمشق" المزيفة المخاوف من اختلاط الحقيقي بالمزور في هذا الفضاء المفتوح.
وقال الناشط اليمني هاشم الصوفي "عندما وجّهت أول دعوة إلى التظاهر عبر فايسبوك لم يكن لدى الناشطين ادنى فكرة عن عدد الذين قد يتجاوبون، وعندما دقت ساعة الحقيقة، كانت النتيجة مبهرة: مئات من الشباب تجمهروا في ساحة جامعة صنعاء قبل ساعات من موعد التجمع".
وبرز دور الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي منذ أن أضرم الشاب التونسي محمد البوعزيزي النار في جسده في 17 كانون الاول/ديسمبر. وانتشرت بسرعة عبر الانترنت انباء احتراق هذا الشاب البسيط والغاضب، وانطلقت حركة احتجاجية أطاحت حتى الآن بنظامي الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك.
وقال الصوفي، الذي يشارك في ادارة اللجنة الاعلامية لـ"شباب التغيير"، ان المعارضين للرئيس اليمني علي عبدالله صالح "كانوا ينتظرون التوجيهات عبر فايسبوك، كما إن شعارات كل مرحلة بعد مرحلة كانت ترتسم ملامحها عبر هذا التواصل".
وقال زياد ماجد الأستاذ في جامعة باريس الاميركية لوكالة الأنباء الفرنسية ان الشبكات الاجتماعية "اوجدت ساحات تواصل سياسي واجتماعي، هي في الاساس معطلة في معظم الدول العربية بسبب الاستبداد".
واضاف ان هذه الوسائل "ساهمت في خلق لغة سياسية جديدة، ليس فقط مصطلحات وكلام، بل افلام وصور توصل الفكرة السياسية وتخلق كمّ اكبر من الانفعالات، التي تولد التضامن، ومن ثم يخلق التحرك المشترك".
من جهتها، قالت ناشطة بحرينية ان الحركة الاحتجاجية التي شهدتها البحرين في شباط/فبراير واذار/مارس "انطلقت في الواقع عبر موقع فايسبوك". لكن هذه الناشطة تقول ان "الانترنت ليس قادرًا على أن يحلّ بشكل كامل مكان الاعلام التقليدي، فالتلفزيون يبقى في الواقع الاداة الاقوى".
واضافت بأن "الثورة في البحرين لم تلق التعاطف من قبل القنوات الفضائية العربية الرئيسة" كما كان الوضع بالنسبة إلى تونس ومصر وحتى سوريا.
وغالبًا ما تستخدم القنوات الفضائية صورًا وأخبارًا تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما موقع "يوتيوب"، لكن دون امكانية في غالب الاحيان للتدقيق في المصداقية، وفي ظل تعذر الحصول على المعلومات من مصدر محايد او ارسال مراسلين.
واذ اعتبر ان "التحالف" بين الاعلامين الحديث يمكن أن يخلق التاثير الاكبر، اقرّ زياد ماجد بوجود "مشكلة مصداقية بسبب الهوية الافتراضية التي تحمل امكانية التزوير والتخضيم"، داعيًا الاعلام التقليدي الذي بذل جهد اضافي إلى التدقيق في المعلومات.
لكن التلاعب قد يأتي من الانظمة نفسها، فبعد ستة اشهر من المظاهرات، فهم بحسب ماجد جزء من الانظمة، "لاسيما النظام السوري"، "اهمية التشكيك في مصداقية وسائل الاعلام التواصلي" فتم "تسريب افلام مزورة من قبل الانظمة لنسف مصداقية المنظومة برمتها".
كما ان بعض عمليات التعذيب كانت تتم للحصول على كلمات السر الخاصة بناشطي الانترنت، ما يعكس بحسب الاكاديمي اللبناني "هوس الانظمة بفايسبوك". وقال ناشط الانترنت السوري المقيم في الولايات المتحدة محمد العبدالله ان الانترنت "هو السلاح الوحيد في وجه الحكومة... وهنا لا بد ان اقول ان موقع يوتيوب قد هزم الحكومة السورية".
واضاف "ان ما يفاجئني بشكل خاص هو مستوى المهنية في استخدام الناس لهذه الوسائل لتحديد تاريخ الصور من خلال اظهار الصفحة الاولى من جريدة اليوم... قد لا يعرف كثيرون ان فايسبوك ويوتيوب كانا محظورين لسنوات في سوريا، وسمح بهما قبل اسبوعين من بدء الثورة".
وكشف طالب اميركي مقيم في اسكتلندا الاحد انه صاحب مدوّنة انتحل فيها شخصية شابة سورية مثلية بعنوان "فتاة مثلية في دمشق" تدافع عن الديموقراطية في سوريا، وحققت نجاحًا كبيرًا حول العالم، ما شكل صفعة للناشطين، الذين يخشون من ارتداد ذلك على نظرائهم الحقيقيين.
وعن هذا يقول ماجد "انها كارثة بكل معنى الكلمة"، الا انه ذكر أن المدونة المزورة انطلقت قبل بدء التظاهرات في سوريا.
والتحدي الكبير الآخر الذي تواجهه الثورة عبر الانترنت هو تصاعد العنف وتحول "الربيع العربي" من ثورة سلمية توصل الى نتائج سريعة نسبيًا، الى عملية دامية، مؤلمة وطويلة، كما هي الحال في اليمن وسوريا وليبيا، فضلاً عن ملاحقة الناشطين على الانترنت.
وقال هاشم الصوفي "بصراحة، نحن الآن في مرحلة اخرى، وتراجع دور الانترنت في الثورة" بسبب تصاعد العنف. واضاف "كانت ثورتنا في اليمن سلمية، وحولت الى نزاع مسلح مع القبائل، لكننا سنعمل بكل جهد لنؤكد أن ثورة الشباب السلمية لا يمكن تهميشها". وقال ماجد "كان للإعلام التواصلي دور كبير في بداية الاحداث، والآن تراجع الدور، وأصبح وراءنا ما عدا في سوريا".