أخبار

القس فينسينزو يشيع الأمان بين الجنود المشاركين في العملية الليبية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

على متن حاملة الطائرات غاريبالدي: تنطلق المقاتلات من طراز هاريير-2 تاركة وراءها حاملة الطائرات غاريبالدي فيما يتابع القس فينسينزو كاياتسو الطائرات التي تختفي في السماء لتباشر طلعاتها فوق ليبيا.

والقس فينسينزو يرافق منذ تشرين الاول/اكتوبر حاملة الطائرات الرئيسية بين قوات حلف شمال الاطلسي التي تفرض حصارها على ليبيا، حيث يقدم دعما روحيا ومعنويا للجنود الذين يكنون له معزة خاصة. ويقول القس الذي اثر ترك ابرشيته في جنوب ايطاليا ليقيم القداس وسط عادم الطائرات "انه عالم اخر هنا، يحمل لحظات طيبة احيانا واوقاتا اخرى يشعر فيها الجنود بالاحباط او الحنين لبلادهم".

ويقول ضابط حديث العمر "انه يمنحنا واحة من الهدوء نحن في امس الحاجة اليها"، بينما تنطلق مروحية اخرى متجاوزة مدرج الحاملة الذي يبلغ طوله 174 مترا ومحدثة صوتا اشبه بالرعد وزلزلة على سطح غاريبالدي.

وتتخلل الحياة اليومية هنا اصوات صفارات الانذار التي تصم الاذان ووميض الاضواء التحذيرية المتقطعة فضلا عن الملاحين الذين ينتقلون على عجل بين سلم واخر وبين ممرات متشعبة وضيقة وحجرات تحكم مكتظة بالبشر.

ولكن ما لا تجده على سطح غاريبالدي هو التراشق السياسي حول كلفة وحكمة القرار المتخذ لمباشرة العملية الليبية، فيما لا تتوقف الرادارات عن مسح سطح البحر ترقبا لاي قطع بحرية مجهولة. وفي الوقت نفسه، تواصل المروحيات والمقاتلات الحركة انطلاقا وهبوطا من وعلى سطح الحاملة بهدف حماية المدنيين الليبيين.

ويقول احد الطيارين وقد بدت عليه امارات التعب بعد خروجه من قمرة القيادة الصغيرة ليتهاوى على احد الكراسي في حجرة الطعام "عدت لتوي من احدى المهام. سنقوم بمراجعة سير العمليات اليوم قبل ان نأخذ قسطا من الراحة".

ورغم ان تفاصيل تلك الطلعات تظل طي الكتمان، الا ان احد المسؤولين بمركز القيادة قال دون الكشف عن اسمه ان الطلعة كانت ناجحة، ودون ان يؤكد ما تردد من ان المقاتلة اطلقت احد صواريخها.

وقد جاء رد فعل الحلف الاطلسي باستعراض قدراته الميدانية مع تبدي المخاوف خلال الايام الاخيرة بين اروقة الحلف الذي يضم 28 بلدا، بعد الانتقاد اللاذع الذي وجهه وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس لخفض المعدات والذخيرة الحيوية للعمليات.

وصرح اللفتنانت جنرال شارل بوشار قائد عملية الحلف في ليبيا للصحافيين خلال زيارة تفقدية للسفينة "نركز الان على توافر المرونة لدى القوات ما يمكننا من سهولة تحريك ما لدينا من قدرات بين الحين والاخر لضرب الاهداف الليبية".

وفي المياه المتوسطية شمال خليج سرت تواصل السفينة غاريبالدي القيام بعمليات الاستطلاع وطلعات القصف بينما يشرح طاقمها للصحافيين كيفية قيامهم بتفتيش السفن المشتبه بها فضلا عن عمليات الانقاذ. وكانت سفن الاطلسي التي تباشر الحظر قد رصدت ما يربو على 1250 قطعة بحرية خلال مهمتها قبالة ليبيا.

وقد صعد الجنود على متن 85 منها بينما منع ثماني منها من الوصول الى ليبيا او مغادرة المياه الليبية الى المياه الدولية وذلك للحيلولة دون وقوع الشحنات من قبيل النفط في ايدي جهات مناوئة للعملية الاطلسية. ومع احتشاد الصحافيين على السطح العلوي للناقلة تعامل البحارة مع فرقاطة "معادية" حيث جرى انزال الجنود من مروحية من طراز سي كينغ بينما اعترض احد الزوارق السريعة الفرقاطة ذاتها.

ويقول ماركو توماسيتي قبطان السفينة غاريبالدي ان العمل الذي يباشره جنوده ترك اثرا مباشرا ليس على خفض تدفق الاسلحة فحسب بل ايضا على دعم المهام الانسانية التي تستهدف الوصول الى المدنيين الليبيين العالقين بين طرفي الصراع.

وقال توماسيتي "كان ميناء مصراتة بالاخص محاصرا، اما الان فقد بات مفتوحا ما مكن المساعدات الانسانية من الوصول الى السكان". غير ان الامر لا يخلو من صعوبات بالطبع. فاللفتنانت دافي ديكروف من البحرية الملكية الهولندية يقول ان مهمة تأمين وصول عمال الاغاثة والسفن التجارية غدت اكثر صعوبة بسبب الالغام البحرية وغيرها من العبوات الناسفة بدائية الصنع.

وتابع ديكروف ان "العبوات الناسفة البحرية تشكل تهديدا متناميا اذ تسعى القوات الموالية للقذافي لاستخدامها لاستهداف زوارقنا التي تعمل على ايصال المساعدات الانسانية الى مصراتة". ورغم قول ديكروف ان كاسحات الالغام انهت لتوها تأمين ميناء مصراتة، الا انها لم تتمكن من الوصول الى منطقة حاجز الامواج بسبب القصف "ما يعني ان بعض الالغام ربما تتواجد في المياه القريبة من الشاطئ".

وتابع "تلك العبوات الناسفة البدائية زهيدة الكلفة وسهلة الاستخدام". غير ان توماسيتي اعرب عن ثقته بقدرة الحلف على التعامل مع التحديات التي يفرضها الصراع في ليبيا رغم تحذيرات مسؤولين كبار بالحلف من تأخر اوروبا في توفير الاعتمادات العسكرية المطلوبة.

ويقول قبطان غاريبالدي "لدينا ما يكفي من الزوارق والطائرات -- ونرصد بالكامل حركة السفن من ليبيا واليها. لا احد يعرف تماما الى متى ستستمر تلك المهمة ولكننا مستعدون لمواصلتها لامد طويل".

ومع مغيب الشمس جلس الجنود لالتهام الارز والمعكرونة والحلوى الايطالية التي يتم تحضيرها في احد المطابخ الاربعة بالسفينة العملاقة، قبل ان يركنوا الى مقاعدهم لمشاهدة احد الافلام او يعمدوا للترويح عن انفسهم بلعبة على الطاولة او بممارسة الرياضة في صالة الالعاب.

ويقول القس فينسينزو ان وقت الفجر يوفر فرصة سانحة على متن غاريبالدي حيث يسود الهدوء ويكف ضجيج الطائرات لبرهة من الوقت وينطلق البعض للركض بطول مدرج الحاملة تحت اشعة الشمس المبكرة.

ويضيف "عندها اتفقد اركان السفينة لسؤال افراد الطاقم الاصغر سنا عن حالهم، اذ ما اسهل ان يشعر المرء بأنه كقطرة في بحر وسط هذه السفينة العملاقة. ولكنهم يعرفون اين يجدونني!". ويقول "اقدم النصح في غرفة من الغرف المشتركة، او اتلقى الاعترافات في قمرتي".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف