أخبار

الرعب والخوف من المجهول على الحدود بين شمال السودان وجنوبه

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

باريانغ:تروي اسر المشردين كيف فروا من بلدة جاو النائية على الحدود بين شمال السودان وجنوبه التي استهدفها قصف الجيش الشمالي ما اسفر عن تدمير سوقها وتشتت السكان المحليين الذين استبد بهم الرعب.

فقد بدأت الضربات الجوية للجيش السوداني بعد ايام من اندلاع قتال عنيف في جنوب كردفان في الخامس من حزيران/يونيو بين القوات المسلحة السودانية، اي جيش الشمال، والميليشيات المتحالفة مع الجنوب الذي بات على مشارف استقلاله عن الخرطوم.

وتقول تراب دنغ نادنغ وهي امرأة من جاو "قصفت طائرات الانتونوف المنطقة وقتلت ولدي"، وتروي كيف انها هرعت تركض مع من وجدته من اطفالها الاربعة المتبقين لتسير على الاقدام حتى بلدة باريانغ الرئيسية بالمنطقة، وهي المسافة التي قطعتها واطفالها على مدار يوم كامل.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة ان ثلاثة الاف و700 شخص فروا من جاو منذ الهجمات، وانتهى المطاف بالكثيرين منهم في باريانغ وبلدتي فارينغ والياب القريبتين.

ويقول من شهدوا القصف عيانا ان سوق جاو دمر تماما في الغارة الثانية للقصف الجوي، حيث فر من تبقى من سكان البلدة مع استمرار الهجمات القاتلة.

وكان الكثيرون من المقاتلين المتحالفين مع الجنوب في جنوب كردفان قد تجمعوا في بلدة جاو المشاطئة لبحيرة على الجانب الاخر من الحدود في ولاية الوحدة بجنوب السودان والتي اصبحت جبهة جديدة مرجحة للقتال بين الجيش الشعبي الجنوبي لتحرير السودان والقوات المسلحة الشمالية، وهما الجانبان اللذان خاضا قتالا مريرا خلال الحرب الاهلية السابقة.

ويقول جون مياكول امين بلدة باريانغ بلجنة جنوب السودان للاغاثة والمساعدة، وهي هيئة حكومية معنية بمساعدة المشردين "يمككنا سماع صوت القصف بين الحين والاخر".

كما شوهدت طائرات الشمال تحلق فوق بانيانغ وهي بلدة اخرى تبعد 15 كيلومترا شمل باريانغ.

وتقول اياك، وهي امرأة اخرى فرت من جاو قبل عشرة ايام "اخشى ان تلحقنا طائرات الانتونوف (الشمالية) هنا وتقصف باريانغ".

واياك شأنها شأن غيرها من الاسر اضطرت لترك دارها وما بها والهرب من القصف، وباتت هنا في باريانغ دون شيء حيث ليس امامها سوى استجداء المساعدة من سكان البلدة لسد رمقها وايجاد المأوى. غير ان سكان البلدة ليس لديهم هم انفسهم الكثير ليقدموه.

وقد اسفر اغلاق الطرق بين شمال السودان وجنوبه عن ارتفاع اسعار الغذاء ارتفاعا باهظا مع النقص الحاد للامدادات الاساسية في الاسابيع الاخيرة.

فقد تضاعف سعر الذرة العويجة (وهي نوع رخيص من الذرة) والذي يعتمد عليه السكان كغذاء يومي في بلدة بنتيو عاصمة الولاية، بحسب البرنامج العالمي للغذاء، كما ارتفعت اسعار الوقود ايضا ارتفاعا ضخما، وهو الامر المثير للعجب في منطقة تتقاطع بها انابيب النفط ذهابا وايابا بين الحقول النفطية للولاية.

وجاء انقطاع الامدادات الضرورية وتدفق اعداد اخرى من المشردين في خضم ما يعرف هنا ب"ايام الجوع" حيث تقتصد الاسر اكثر فيما تستهلكه من غذاء بسبب ضعف انتاج العام الماضي بينما لم يحن بعد موسم حصاد غلة هذا العام.

كما تشهد المنطقة موسم هطول الامطار ما يزيد ويلات اللاجئين الذين يصعب عليهم امضاء النهار والليل في العراء حتى اذا استطاعوا استجداء القوت اليومي من السكان.

وفي بناية خارج البلدة لجأت نحو 40 اسرة هربا من هطول الامطار التي تجعل الدروب غير ممكنة العبور الى البلدة.

ويخشى رئيس شرطة المقاطعة مابيك لانغ مادينغ ان يؤدي الافتقار الى المسكن الى تفشي الامراض مع عدم توافر الصرف الصحي ووسائل النظافة.

ويقول مادينغ "هؤلاء المشردون بحاجة ماسة للمساعدة".

وما يزيد من معاناة المشردين استمرار الصراع عبر الحدود ما اجبر بحسب الامم المتحدة اكثر من 70 الف نسمة على النزوح.

ويضيف مادينغ "لا ارى اي تقدم بين الاطراف المتحاربة في جنوب كردفان".

وما يشغل بال الجميع هنا هو ما اذا كانت قوات الشمال ستواصل قصفها بعد التاسع من تموز/يوليو، حينما يعلن الجنوب استقلاله رسميا عن الخرطوم.

وحتى الان فقد اظهر الجيش الشعبي الجنوبي ضبطا للنفس بعدم الرد على الهجمات، مع اصرار المسؤولين الجنوبيين انهم لن يسمحوا لاي فعل كان بتهديد الاستقلال الذي كافح الجنوب طويلا ومريرا من اجله. غير ان الامور قد تتغير.

فمادينغ يقول محذرا "اذا استمروا في قصف جاو (الواقعة في الجنوب) حتى بعد التاسع من تموز/يوليو، فاننا قطعا سنرد".

وتأمل بعض الاسر في باريانغ في العودة الى ما تركت من ديار ما ان يكف القصف.

وتقول اياك "حينما يكف القتال، ساستطيع العودة الى جاو لأرى ما اذا كان زوجي مازال حيا".

غير ان اخرين لم يعد يحدوهم هذا الامل بل تعين عليهم ان يبدأوا مرة اخرى من جديد.

فتراب تقول "ولدي الذي كان المعيل قتل. لن اعود ابدا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف