أخبار

إعادة إدماج المساجين بالجزائر تجربة رائدة استقطبت الاهتمام الدولي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حظي برنامج إعادة إدماج المساجين في الجزائر باهتمام عربي ودولي كبير، ويتطلع القائمون عليه أن يتجاوزوا العراقيل والتحديات التيتعترض طريقهم وأهمها تغيير ثقافة المجتمع.

وزير العدل برفقة القائد العام للكشافة وعبد الغاني عميار

الجزائر: أطلقت الكشافة الإسلامية الجزائرية، بالتنسيق مع وزارة العدل بالجزائر، ما يمكن وصفه بالبرنامج الطموح لإعادة إدماج المساجين التي تقل أعمارهم عن 35 سنة، وهو البرنامج الذي يقول عنه عبد الغاني عميار إطار بالمديرية العامة لإدارة السجون إنه "استقطب اهتمام العديد من الدول الأجنبية على غرار المملكة المتحدة وفرنسا، وحقق جملة من النتائج الايجابية خلال السنة الماضية من خلال إعادة إدماج 450 مسجون من بينهم سبعة نساء"، في حين وصف القائد العام للكشافة، نور الدين بن براهم، التجربة بالجريئة والشجاعة لكنها "تحتاج إلى مزيد من الدعم من خلال تنسيق الجهود ما بين مختلف الشركاء"، على حد وصفه.

وحسب حديث عبد الغاني عميار لـ "إيلاف" فإن "التجربة انطلقت بعد إبرام اتفاقية شراكة وتعاون بين القيادة العامة للكشافة والمديرية العامة لإدارة السجون في 29 يوليو/تموز 2003، هذه الاتفاقية حددت مجالات العمل، وتم اختيار ثلاث مؤسسات للعمل والنشاط كمؤسسات نموذجية وتجريبية، وهي: وهران، الجزائر، وسطيف، ونظرًا للنتائج الايجابية التي حققت من خلال التجاوب الكبير من طرف المساجين الأحداث تم الاتفاق على تعميم هذه العملية على المستوى الوطني، ليستفيد منها جميع الأحداث، كما أضيفت أنشطة وبرامج خاصة بفئة النساء المحبوسات والشباب الأقل من 35 سنة، وذلك بهدف إحداث نوع من الاحتكاك والتواصل بين شباب وقادة الكشافة والأحداث والشباب المحبوسين".

وحسب السيد عميار فان "تعميم التجربة على المستوى الوطني، يعد مكسباً من المكاسب المهمة، من خلال تأهيل أكثر من 190 من القادة عن طريق ورشات تكوينية سنوية تمكنهم من تقوية قدراتهم القانونية والنفسية والطرق العلمية و"البيداغوجية" (علم وفن التعليم) للتعامل مع هذه الفئة، وهذه الورشات يشرف عليها قضاة ومدراء السجون وخبراء في هذا المجال، كما قامت الكشافة بالتنسيق مع المديرية العامة لإدارة السجون بتدشين 10 مراكز تقع خارج السجون مهمتها استقبال ومتابعة وتوجيه ومساعدة المساجين المفرج عنهم على الاندماج في المجتمع، من خلال إعادة تسجيلهم في الدراسة والتعليم وتوجيههم إلى مراكز التكوين المهني والتمهين من أجل إعلامهم بالآليات التي سخرتها الدولة في مجال التشغيل على غرار القرض المصغر وعقود ما قبل التشغيل والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والحرف والفنون التقليدية، وذلك بالتنسيق مع المصالح الخارجية التابعة لوزارة العدل".

عبد الغني عميار

وفيما يخص النتائج المحققة خلال السنة الماضية يقول عميار إنه "إضافة إلى إدماج 450 حدث وشاب في الحياة الاجتماعية منهم 07 نساء و32 حدث اقل من 18 سنة والبقية شباب، قمنا بتنظيم 7 مخيمات صيفية لفائدة الأحداث شارك فيها أكثر من 200 سجين استفادوا من برامج تربوية ورياضية وترفيهية الهدف منها تقوية قدراتهم الفكرية والبدنية وإبقائهم بصلة دائمة مع محيطهم الخارجي لتسهيل عملية إدماجهم في المجتمع، وهو الذي لاحظناه من خلال عدم عودة أي حدث إلى السجن من بين المشاركين في المخيمات الصيفية، بل إنهم انخرطوا في أفواج كشفية وأصبحوا فاعلين في المجتمع وايجابيين مع أسرهم ومحيطهم".

ويضيف عميار في هذا السياق أن من "نتائج هذا العمل عرض التجربة في عدة بلدان عربية وأوربية، وقد تم تنظيم ورشة دولية حول دور الحركة الكشفية والمجتمع المدني في إدماج المساجين بالجزائر هذه الورشة حضرتها 12 دولة عربية بالإضافة إلى فرنسا وبريطانيا".

ويشيد عميار عبد الغاني بالفضاءات والإمكانيات التي توفرها وزارة العدل في هذا المجال "هذه الظروف تساعدنا على تنظيم برامج متعددة ومتنوعة، وهذه النشاطات مكملة ومتممة للنشاطات التي ينظمها ويؤطرها موظفين مختصين على غرار المربيين المختصين في الشبيبة والتقنيين الساميين في الرياضة والأئمة والمرشدين الدينيين".

لكنه يقر بوجود عراقيل تواجه القائمين على المشروع، وأهمها "نظرة المجتمع لهذه الفئة، لأن البعض يرفض اندماج هؤلاء بشكل سلس، لذلك يجب العمل على إقناع المجتمع أيضا بضرورة تغيير هذه النظرة، وهو ما يعتبر عملا مزدوجا أي تجاه المحبوس وتجاه المجتمع أيضا".

هذا ولاقت تجربة إعادة إدماج المساجين بالجزائر صدى كبيرًا على المستوى العربي و الدولي، وهو ما أدى بالمركز البريطاني لدراسات السجون التابع لوزارة الخارجية البريطانية إلى تصنيف الكشافة وجمعية أولاد الحومى بالجزائر العاصمة من بين أحسن الجمعيات النشطة في السجون على المستوى الدولي، هذا الاعتراف تجسد في لقاء نظم بفرنسا وتم عرض عدة تجارب في خدمة وتنمية المجتمع فكان للجزائر نصيبها من خلال عرض هذه التجربة، وقد لاقت استحساناً ومتابعة 12 دولة أوروبية، وهو مكن الكشافة الفرنسية من إبرام بروتوكول تعاون مع الكشافة الإسلامية الجزائرية، من اجل تبادل التجارب وتكوين قادة كشفيين فرنسيين للعمل مع المساجين بفرنسا".

ورشة دولية حول موضوع ادماج المساجين

من جانبه، اعتبر القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية نور الدين بن براهم في حديثه لـ "إيلاف" أن "إدماج المساجين يحتاج إلى أدوات وإلى إبداع طرق جديدة تمكننا من إعطاء فرص أكبر للاندماج الاجتماعي والنفسي لهؤلاء الشباب، والمخيمات الصيفية تعتبر من الفضاءات التي يرغب فيها الشباب المحبوس وغير المحبوس، وخاصة أن فكرة الاحتباس كانت دائما إطارا مغلقا يدخله الإنسان ولا يخرج منه إلا بعد استعادة الحرية، لكن الإصلاح يمكننا الآن من إعطاء فرصة لفتح هذه الفضاءات بشكل مؤقت حتى نسمح لهؤلاء الشباب من خلال الحركة الكشفية بالاستمتاع بالوقت الذي يقضونه مع بعضهم البعض، وفي الوقت نفسه بالبرنامج الذي يعيشونه في هذا الفضاء الذي هو المخيم الصيفي الخاص بالمساجين الذين يقل سنهم تحت 30 سنة".

ويضيف قائلاً: "اعتقد أن العملية جريئة وشجاعة وفي الوقت ذاته لديها حصيلة ايجابية تمكننا من أن نلحظ بشكل واضح قبول المساجين للبرنامج الكشفي وتفاعل المساجين مع هذا البرنامج هذه الأنشطة تمكن المسجون من أن يستفيد من مجموعة كبيرة من القيم الاجتماعية والروحية تمكنه من أن يبني نفسه لعدم العودة مرة أخرى إلى الجريمة وفي الوقت تفسه تمكنه من أن يعيش ويقبل الآخرين في المجموعة التي يتواجد بها، ويقدم بذلك خدمة للمجتمع مثل تنظيف المقابر، وتنظيف الشواطئ والقيام بحملات بيئية"، لكنه بالمقابل يعتبر هذه التجربة بمثابة نموذج يجب أن يتطور ويرقى ويصبح له صفة الديمومة وليست الصفة الموسمية، لأنه عرف بعد ثماني سنوات مرحلة تأسيس وهو يحتاج الآن إلى ارتقاء في الوسائل".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف