تركيا تسعى لارساء نفوذها في ليبيا

بنغازي: ارتأت تركيا الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار في ليبيا والسعي الى ارساء نفوذها في هذا البلد، لتطوي صفحة دبلوماسية مترنحة منذ اندلاع الازمة.

وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الاحد في اطار زيارته لبنغازي معقل الثوار الليبيين ان "ليبيا وتركيا تتقاسمان تاريخا مشتركا ومستقبلا مشتركا".

ولمح داود اوغلو الذي كان يرافقه مسؤولون في شركات نفطية وجوية تركية الى الماضي العثماني لليبيا والى الروابط الاقتصادية الهامة بين البلدين التي تأثرت اليوم بالنزاع الدائر.

وقد كرر الوزير التركي هذه الرسالة في المساء عندما توجه الى مئات الاشخاص احتشدوا لاستقباله في ساحة الحرية في بنغازي.

وجال داود اوغلو محاطا بحراسه على الباعة المتجولين يرافقه ليبيون متحمسون على وقع هتافات "تركيا، ليبيا" وبالانكليزية "ليبيا فري، قذافي غو اواي" (ليبيا حرة، القذافي ارحل).

وبعد لقائه رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل اعلن داود اوغلو للمرة الاولى ان المجلس الوطني الانتقالي هو "الممثل الشرعي للشعب الليبي".

وعلق مراد يتكين رئيس تحرير صحيفة دايلي نيوز التركية على ذلك بقوله "انه اعتراف دبلوماسي حتى وان لم يكن رسميا" لان لا سفير تركيا في بنغازي.

واضاف لوكالة فرانس برس "انها اشارة واضحة الى ان السياسة التركية قد تغيرت بعد ان تلكأت بعض الشيء".

وكانت تركيا اعلنت السبت انها ستستدعي نهائيا سفيرها في طرابلس الذي غادر المدينة في اذار /مارس بسبب المعارك، وانها تبنت عقوبات ضد هذا البلد.

والسبت ايضا، نشرت الجريدة الرسمية مرسوما جمهوريا وقعه الرئيس عبدالله غول يضمن بموجبه القانون التركي العقوبات التي قررتها الامم المتحدة في شباط/فبراير بحق النظام الليبي والقذافي وعائلته والقريبين منه.

وتستهدف العقوبات المصرف الليبي الخارجي الذي يمتلك 62,37% من حصص البنك التركي الليبي "ايه تي بنك". وقد وضع الاخير تحت وصاية صندوق التأمينات على ودائع الادخار.

وتبنت تركيا، البلد المسلم الوحيد العضو في حلف شمال الاطلسي والتي تعد قوة اقليمية هامة، موقفها متشددا في شكل تدريجي ازاء النظام الليبي.

وكانت عارضت في البداية فرض عقوبات وانتقدت الضربات الجوية الغربية، ثم عرضت بدون نجاح وساطتها مع "خارطة طريق" بقيت حبرا على ورق.

وفي مطلع ايار/مايو دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في نهاية المطاف القذافي للتنحي ومغادرة البلاد بعد ان ربطته بالزعيم الليبي علاقات طيبة قبل الازمة.

ورأى مراد يتكين في الموقف التركي المتردد ازاء ليبيا تفسيرات اقتصادية وسياسية.

فقبل الازمة كان عشرات الاف الاتراك يعملون في ليبيا وخصوصا في قطاع البناء في مشاريع تقدر ب15 مليار دولار (11 مليار يورو). وقد غادر اكثر من 17 الف تركي ليبيا اواخر شباط/فبراير تاركين خلفهم ورشا ضخمة.

لكن "العامل السياسي يبقى الاهم" في نظر يتكين.

ولفت الى ان "تركيا لا تريد مواجهة دول تربطها بها علاقات تاريخية".

واضاف ان الحزب الاسلامي المحافظ الحاكم، حزب العدالة والتنمية، كان يخشى اغضاب الراي العام من خلال اتخاذ "مبادرات ضد بلد مسلم قبل الانتخابات" التشريعية التي جرت في 12 حزيران/يونيو وفاز بها.

واستطرد "رأينا عواقب الحرب في العراق.. لدينا في تركيا قول مأثور: +من احرق لسانه بحليب ساخن يخاف حتى الزبادي (اللبن)".