وجبة ليبيّة لحشد الدعم المادي والمعنوي للمنكوبين

فكرة جميلة أعطت للفعل التضامني مع الشعب الليبي صبغة مخالفة عن المألوف، فكرة أشاد بها جميع من عاش لحظات تطبيقها وتمتع أولاً بجو النقاش الذي سادها، وثانيًا بالطعام الذي قدم بنكهة ليبية محضة. الأمر يتعلق بتحرك نظمته حركة 17 فبراير تضامنًَا مع الشعب الليبي، وذلك في حديقة باريسية.

نظمت حركة 17 فبراير تحركاً في حديقة لافلييت في باريس للمتعاطفين معها ومع القضية الليبية عمومًا، الغرض منها إطلاع الرأي العام الفرنسي بالوضع الصعب لليبيين، وجمع ما يمكن من مساعدات لبعثها إلى العائلات الليبية المتضررة.

تعرَف رئيسة الحركة صالحة الشتيوي، في تصريح لإيلاف، هذه الرحلة بكونها "نشاطًا ثقافيًا ببعد إنساني..."، الهدف منه، تقول الشتيوي، "التعريف بالثقافة الليبية والعمل على حشد الدعم الإنساني لليبيين".

وقالت هذه الناشطة الليبية إن "الحضور تشكل من جنسيات مختلفة، نجد جزائريين، مغاربة، وفرنسيين...، تقاسموا جميعًا الوجبة التي قدمت للضيوف، وتبادلوا النقاش والحوار حول الوضع الليبي".

مأكولات ليبية

قدم للضيوف خلال هذه الرحلة كسكسا على الطريقة الليبية، و"يتجلى تميز هذا النوع من المأكولات عن نظيره المغربي والجزائري والتونسي"، تفيد محدثتنا، "في مكونات المرق الذي يسقى به".

هذا، زيادة إلى أكلة أخرى تعرف "بالبطاطا المبطنة"، حيث "تفرغ البطاطس من الداخل وتحشى باللحم المفروم والبقدونس والثوم وبعض التوابل، ثم تغمس في البيض"، تتابع صالحة الشتيوي.

واستمتع الحضور بالأكلات المقدمة، كما أشادوا بالأجواء التي سادت هذه الرحلة، ما دعاهم إلى التعبير عن رغبتهم في أن تعاد مثل هذه الطلعات مستقبلاً، وهو ما تخطط له حركة 17 فبراير في الوقت الحالي.

أصل الفكرة

تولدت هذه الفكرة نتيجة التعب الذي عانته العناصر النشطة لحركة 17 فبراير نتيجة قيامها بجولات لجمع تبرعات عينية أو مادية، عبّرت عنها الشتيوي بقولها "تخيل أنك تقوم بجولة عبر حوالي ثلاثين صيدلية في يوم واحد...".

هكذا ارتأت الشتيوي أن تدخل في البداية مع جمعيات مغاربية أخرى في نشاط من هذا النوع، لأجل جمع تبرعات في أجواء مختلفة ومن دون اللجوء إلى الطريقة التقليدية في دق أبواب الصيدليات وكذا المنظمات الإنسانية التي تفضل، بحسب ما تفيد الشتيوي، أن تقوم بذلك بنفسها.

إستقرت الفكرة بعدما لم يتحمس لها شركاء "17 فبراير" من باقي الجمعيات المغاربية، وقررت الحركة ان تبادر بها بمفردها، وتترجمها بالشكل الذي يخدم أولاً أخيرًا قضية الإنسان الليبي في معاناته اليومية مع وضع يتعقد يومًا بعد يوم.

البادرة الأولى وليست الأخيرة

لم يسبق للحركة أن قامت بإرسال مساعدات إلى الشعب الليبي، "إنها البادرة الأولى من نوعها بالنسبة إليها"، تؤكد رئيستها، "وهي الآن في طور وضع الإجراءات اللازمة لأجل ذلك...".

عن نوعية هذه المساعدات، التي تعد الحركة لإرسالها للشعب الليبي، تقول صالحة الشتيوي، إنها عبارة عن "أحذية، وملابس وأدوية..."، مؤكدة أن هذه المساعدات تم تجميعها "بمجهود شخصي...".

تفكر الحركة في تطوير عملها مستقبلاً بهدف التعريف أكثر بالثقافة الليبية في شموليتها، وذلك بعرض أشكال أخرى من تجلياتها، لكن شريطة أن "تسمح الإمكانيات بذلك..."، تشير الشتيوي إلى الصعوبات المادية التي تعترض أنشطة من هذا النوع.

وكانت الحركة دعت في إعلان لها إلى "التعبئة الجماعية من أجل مساعدة ضحايا المنطقة المتاخمة لتونس..."، معتبرة أن "التفاتة بسيطة يمكن لها أن تخفف الكثير من معاناة سكان هذه الجهة".

وأشارت في الإعلان نفسه الى أن "هذه المنطقة كانت من المناطق الأولى التي انتفضت ضد القدافي، وعرفت خسائر بشرية ومادية مهمة، نظرًا إلى قربها من العاصمة طرابلس".

وأوضح هذا الإعلان، الذي وزع عبر رسائل إلكترونية على المتعاطفين مع الشعب الليبي لحثهم على المشاركة في الرحلة، "أن هذه المنطقة، وإن كان هجرها العديد من السكان، لايزال يقطنها العديد من الليبيين، وهم محرومون من الحاجيات الأساسية، بما فيها الماء الصالح للشرب".