آخر صيحات التغيير في الجزائر: مجلس شبابي أعلى ولكن ..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أعلنت حركة "أس.أو.أس الشباب الجزائري" التي تأسست حديثًا عن تأهبها لإنشاء مجلس أعلى للشباب كإطار مبتكر للتغيير في الجزائر، بيد أنّ فعاليات محلية تراها خطوة مبتورة ما لم يحصل نقاش واسع يقود إلى تلاحم عام. ويكشف الناطق باسم الحزب الحاكم في الجزائر لـ"إيلاف" عن مراجعة دستورية ستتم العام المقبل، مضيفا أنّ البرلمان الذي سينبثق من تشريعيات أيار/مايو 2012، هو من سيفصل بشأن تعديل دستوري سيستحدث منصب نائب رئيس الجمهورية.
يشير محمد حميان المتحدث باسم "حركة أس أو أس الشباب الجزائري" إلى أنّ المجلس الأعلى للشباب جاء ليرفع التحدي ويخلّص بلاده من ظواهر الاقصاء والتهميش والرشوة والمحسوبية واللاعدالة والآفات الاجتماعية والبيروقراطية والقائمة مخيفة بطولها، على حد تعبيره.
في مقابل تشديده على كون ناشطي مجلس الشباب ليسوا حاقدين على ولاّة الأمور، يوضح حميان أنّ العنوان الأكبر للمجلس هو عدم ترك من أثبت فشله في عديد المحطات، من تقرير مستقبل مواطنيه، وإصلاح ما أفسده أصحاب المصالح عن طريق أفكار شبابية شعبية محضة، وهو ما أيّده نائب الوزير الأول الجزائري نور الدين يزيد زرهوني، الذي نادى في تصريح مثير إلى "تسليم المشعل للشباب".
كما يركّز حميان على أنّ المجلس المذكور سيسمح بنقل الجزائر بكل شبابها نحو الأفضل وايجاد السبل والاستراتيجيات والخطط المستقبلية لإصلاح التعليم وإقرار مبدأ الأولويات في العمل والسكن، مع تنمية الاقتصاد المحلي الهش وإخراجه من هيمنة المحروقات.
ويسجل حميان أحد مؤسسي المجلس الأعلى للشباب أنّ الأخير يعمل على أن يكون تمثيليا لجميع الجزائريين، بمن فيهم أبناء الجالية في الخارج، بعيدًا عن أي جهوية أو حزازات. وعن الإضافة التي سيقدمها هذا المجلس، يؤكد حميان على اجتهاد الهيئة الوليدة لتحقيق الأفضل، وذاك يقتضي تظافر جهود كل أبناء الجزائر لرفع التحدي معًا وتحقيق مقولة "الرجل المناسب في المكان المناسب".
يبدي عرّاب المجلس الأعلى للشباب حماسة بنجاح في تغيير الأمور، قائلا: "ما يحفزنا هم آباؤنا وأجدادنا ومن ضحوا بالنفس والنفيس لطرد المحتل الفرنسي من الجزائر، ويقيننا أنّ هؤلاء لو كانوا أحياء ما كانوا ليرضوا بما آلت اليه أوضاع الوطن، لذا سنعمل اليد باليد ونثبت لصناع القرار، بأنّ الجزائر تحتضن شبابًا لا يمكن الاستهانة بكفاءاته والتشكيك في مؤهلاته أو التحجج بعدم قدرته على تسيير شؤون وطنه".
ويورد حميان أنّ آخر اجتماع لحركة "أس أو أس الشباب الجزائري"، تمّ فيه التوافق على ضرورة فتح مجال المشاركة لكل الفئات الشبابية وبمختلف انتماءاتها وأفكارها وتوجهاتها تحقيقا لمبدأ اعطاء الفرصة للجميع وفتح الأبواب للجميع، عدا دعاة العنف والتخريب.
مبادرة شاحبة؟
في تعليق منه على نشوء المجلس الأعلى للشباب، قلّل قاسة عيسي المتحدث باسم جبهة التحرير الجزائرية (الحزب الحاكم)، من تأثيرات توليفة كهذه في تغيير المشهد الحالي، ذاهبًا إلى حد اعتبار المبادرة "عديمة المعنى".
وردًا عما إذا كان التغيير في الجزائر سيأتي عن طريق ملايين شباب فايسبوك، جزم عيسي بانتفاء ذلك، متصورًا أنّ الربيع العربي الذي أتى في عز الشتاء، لم يأت عن طريق فايسبوك وحده، بل بفعل قوى مؤثرة ومنفذة، بينما في الجزائر باءت كل محاولات الشباب للتمرد على الوضع منذ كانون الثاني/يناير الماضي، بالفشل الذريع، رغم الرغبة الجامحة في نسخ النموذجين المصري والتونسي.
ويعتقد القيادي في حزب الغالبية أنّ التغيير في الجزائر عملية دائمة، وبدأتها بلاده منذ عشرين سنة ويجري استكماله الآن بإصلاح شامل وسلمي.
وتأكيدًا لما أسرّت به مراجع مطلّعة لـ"إيلاف"، أوعز قاسة عيسي أنّ الدستور الجزائري بثوبه الجديد، سيعرض على البرلمان للتصويت قبل طرحه لاستفتاء شعبي في بحر السنة المقبلة، لكن ذلك لن يتم إبان ولاية المجلس التشريعي الحالي، الذي تنتهي فترته في آيار/مايو 2012، بل سيكون من اختصاص المجلس الذي ينتجه الاقتراع البرلماني المزمع بعد عشرة أشهر من الآن.
رفض عيسي الجزم بشأن انتخاب أو تعيين "نائب رئيس الجمهورية" وهو منصب سيترسم بموجب المراجعة الدستورية، وقدّر الناطق باسم تشكيلة عبد العزيز بلخادم، أنّه إذا كان نائب الرئيس معيّنا فإنّ صلاحياته ستغدو محدودة، خلافا إذا ما جرى إقرار انتخابه، وقال عيسي إنّ كل الاحتمالات واردة وستحسم فيها لجنة خبراء مختصة.
إلى ذلك، ثمّن سعيد سعدي زعيم الحزب العلماني "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" مبادرة مجلس الشباب، ويراها مؤشرًا على أنّ التغيير سيحدث في الجزائر تمامًا كما حدث في تونس ومصر، بيد أنّه رفض خلط البعض بين السرعة والتسرّع، معتقدًا بضرورة التريث لمنح التغيير أقصى فرص النجاح.
ورأى سعدي أنّ التلاحم وتشاور كل الفعاليات كفيل بتحقيق التغيير، خصوصًا بعدما صمدت "المسيرات السبتية" التي دأبت تنسيقية التغيير على تنظيمها صباح كل سبت، على مدار الأشهر السبعةالمنقضية.
يتصور سعدي بحساسية الإكثار من المبادرات الخلاّقة، مصنّفا مجلس الشباب كإحدى آليات التقارب الحرّ والفعّال لإخراج الجزائر مما سماها "حقبة التعسف".
من جهته، يرى الخبير السياسي صالح موهوبي أنّ مبادرة المجلس الشبابي محتشمة، موقنا إنّ الجزائر لا يمكنها أن تتطورمن دون وجود إجماع وطني، وذاك يتطلب بحسبه فتح نقاش عام يمهّد إلى قيام مرحلة انتقالية تمتد إلى خمس سنوات.
يبدي موهوبي قناعة بحتمية توخي الجزائر لسياسة مختلفة، محذرًا من كون موطنوه "أذكياء" خلافًا لاعتقاد السلطات، ولعلّ مللهم من التدهور وسوء التسيير، يقف وراء تنظيمهم ما لا يقلّ عن تسعة آلاف احتجاج خلال أقل من عام، رغم إجهاد السلطات نفسها في شراء سلم اجتماعي، إلاّ أنّ الاستقرار لم يتوافر رغم إقرار رواتب مجزية وامتيازات لعديد الفئات الموصوفة بـ"الهشّة".
ويلفت موهوبي إلى أنّ السرايا في بلاده مدعوة لتطبيق الحكم الراشد إذا ما أرادت النأي عن خطر الانفجار، وسائر الأزمات المحتملة إذا ما استمر الوضع الحالي على منواله في بلد فقير يقوم اقتصاده على النفط المرشح للنفاذ خلال أقلّ من عشريتين.
مطالبات الكترونية بإسقاط الحكومة وحل البرلمان
ترتفع أصوات حزب "الكتروني فتي" في الجزائر خلال الفترة الأخيرة مطالبة بترحيل الفريق الحكومي الحالي وحل البرلمان بغرفتيه.
وأطلق الحزب إياه شعارًا "لا نبقى عاطلين ولا نموت مهاجرين سريين" في تأكيد من مؤسسي الحزب على معارضتهم لنمطية ارتضاها بعض مواطنيهم ممن آثروا الارتماء في أحضان البطالة المقنّعة أو ركوب زوارق الموت بحثا عن حلم "الإلدورادو الأوروبي".
ولاحظ أصحاب الحزب المذكور أنّ جزائر 2011 صارت تحت سيطرة المتنفذين وذوي السطوة، داعين عبر المواقع الاجتماعية إلى حل حكومة "الائتلاف الحاكم" لكونها تعتبر واجهة لـ"تحالف الفساد" في البلاد، وتأسيس دولة مدنية جزائرية لا عسكرية ولا دينية.
كما طالب هؤلاء بحلّ البرلمان الحالي، واستبداله بمجلس وطني تأسيسي لصياغة دستور الجمهورية الثانية، فضلاً عن تشبيب المناصب العليا لأجهزة الدولة، والإعلان عن نهاية دستور "الشرعية التاريخية" التي ظلّ حكام البلاد يتذرعون بها لتبرير بقائهم في الحكم منذ استقلال الجزائر في الخامس تموز/يوليو 1962.