اليمين الشعبيّ يواصل استهداف الفرنسيين من أصول أجنبيّة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أعادت الانتقادات الشديدة التي وُجّهت إلى مرشحة البيئيين إلى الرئاسيات الفرنسية إيفا جولي، جراء تصريحات إعلامية لها حول احتفالات 14 يوليو العسكرية، إلى الأذهان النقاش الذي لم تمر عليه إلا أيام قليلة بخصوص ازدواجية الجنسية الفرنسية، إذ اتّهمت جولي بأنها تجهل تاريخ فرنسا لأنها تحمل جنسية بلدها الأصلي النروج.
باريس: إيفا جولي، هذه القاضية السابقة كان لها رأيها الخاص في الاحتفالات العسكرية لـ14 يوليو، فهي فضلت أن يكون استعراضا مدنيا في فرنسا وليس عسكريا، لأن للبدلات العسكرية رمزيتها الخاصة، حتى أن أحد المقربين منها اعتبر أن المشهد يوحي له وكأنه في بلد دكتاتوري، وهذا ليس من باب معاداة كل ما هو عسكري، وإنما كنوع من الاحترام للديمقراطية.
تصريح مرشحة البيئيين خلّف لها الكثير من الانتقادات،لأنها بحسب منتقديها، مست بأحد الثوابت التاريخية للجمهورية الفرنسية، لا سيما وأن المناسبة يعتبرها المسؤولون السياسيون فرصة لتكريم قوات بلادهم المنتشرة في عدد من المناطق في العالم للدفاع عن المصالح الفرنسية وقيم الجمهورية.
هذه الانتقادات لم تكن من الصف اليميني فقط وإنما أتت كذلك من قياديين في اليسار خصوصا الحزب الاشتراكي، حيث ردت سيغولين رويال بنوع من التهكم على قاضية التحقيق السابقة على "أنها تتمتع بكفاءات في محاربة الرشوة وليس ارتجال تصريحات لوسائل الإعلام".
أما فرانسوا هولاند، وإن كان لا يتفق مع تصريحات إيفا جولي، فهو رفض، في رسالة واضحة للوزير الأول الفرنسي، "تصنيف الفرنسيين في قسمين: قسم فرنسي الأصول والثاني من أصول أجنبية، مضيفا "أن كل هؤلاء فرنسيون يتمتعون بالحقوق نفسها وعليهم الواجبات نفسها".
وكان الوزير الأول الفرنسي فرانسوا فيون علق على تصريح مرشحة البيئيين من ساحل العاج، التي كان يتواجد فيها في زيارة رسمية، قائلا: "أعتقد أن هذه السيدة ليس لها ثقافة قديمة جدا عن التقاليد الفرنسية، التاريخ الفرنسي، والقيم الفرنسية".
تصريح فيون اعتبره المرشح الأوفر حظا في الفوز بالرئاسيات المقبلة، فرانسوا هولاند "بالجارح ليس فقط بحق إيفا جولي لوحدها، وإنما بحق جميع من تجنسوا أخيرا إن لم يكن بالنسبة إلى البعض الذين أصبحوا فرنسيين منذ مدة كذلك".
اليمين الشعبي يتحرك ضد الجنسية المزدوجة
كان مشروع نص حول الجنسية المزدوجة من توقيع النائب اليميني كلود كواسكان أثار جدلا في الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية، حيث تحدث عن أنه عندما تطلب الجنسية من طرف أشخاص ينحدرون من أباء أجانب ينبغي أن يتخلوا عن جنسية بلدهم الأصلي.
صاحب النص اعتبره وقتها مجرد "وثيقة عمل". ولم يستسغ غواسكان العدد الكبير من المهاجرين الذين يحصلون على الجنسية الفرنسية والذي يعد بالآلاف في السنة الواحدة، معلقا على ذلك العدد بكونه "ضخما جدا"، وأنه يتضايق من "أن يصوت شخص في بلدين".
وفي السياق نفسه تقريبا، سار المستشار الشخصي للرئيس الفرنسي هنري غينو الذي يطلق عليه "ريشة الرئيس"، لكونه الشخص الذي يكتب له خطبه، والذي تساءل "كيف يمكن أن يكون لدينا وفاء مزدوج، انتماء مزدوج، ومجموعة مزدوجة من الحقوق والواجبات، فالمسألة تحتاج إلى نقاش"،بحسب رأيه.
من جهتها، مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية التي تمثل اليمين المتطرف في فرنسا، طالبت في رسالة إلى النواب بدعم مشروع من هذا النوع، لأنها مسألة تسبب "مشكلا" بالنسبة لها، كما تعتقد أن "التنازل عن الجنسية الأولى لا يعني التخلي عن الثقافة العائلية"، بحسب تعبيرها.
المعارضة وصقور اليمين الحاكم ضد إلغاء الجنسية المزدوجة
إن كان التيار المتشدد في اليمين الحاكم المعروف باليمين الشعبي، حاول أن يدفع بهذا النقاش إلا أن صقور الاتحاد من أجل حركة شعبية نجد منهم من حاول إيجاد أعذار لوقف استمراريته، كما هو شأن وزير الداخلية السابق بريس أورتفو، الذي يرى أن إلغاء الجنسية المزدوجة "تقنيا يبقى جد صعب".
ومنهم من رفض الدخول فيه وعلى رأسهم الأمين العام للحزب فرانسوا كوبي معتبرا أنه "من غير ممكن بالمرة مراجعة الجنسية المزدوجة".
"هو نقاش ليس له أي معنى تاريخي، هو بكل بساطة خارج السياق"، يقول الناشط السياسي أكيل ملولي متحدثا لـ(إيلاف):"هذا يوحي بأننا ندور حول أنفسنا عوض أن نسير نحو الأمام وننفتح على العالم، فالانكماش على الذات غير مجدٍ"، معتبرا ذلك "مهينا للأجيال المنحدرة من المستعمرات القديمة علما أن آباءهم حاربوا من أجل فرنسا دفاعا عن قيم الجمهورية".
ويضيف النشاط السياسي المحسوب على المعارضة: " نقاش من هذا القبيل يظهر أنه ليس لنا ثقة في المنظومة التربوية وفي قيمنا الجمهورية.
ويضيف:في الواقع أعتقد أنه نقاش مغشوش لأجل إلهاء الرأي العام، النقاش الحقيقي هو السكن، العمل، صحة من يكبرونا سنا، تربية أبنائنا. ..هذا الحوار المغشوش له هدف وحيد تحديد كبش فداء للتغطية على غياب رؤية سياسية للحكومة الحالية"، على حدّ تعبيره.
ويعتبر أكيل أن الحكومة الفرنسية عملت على ما أسماه "بإرساء عنصرية الدولة"، موضحا "أنها عملية سياسية حقيقية توضع على المدى الطويل، انطلقت فيها بدءا بقانون 23 فبراير 2005 ثم أحدثت وزارة للهجرة والهوية الوطنية، تلاها نقاش حول الهوية الوطنية في 2009، وأخير النقاش حول العلمانية الذي استهدف الإسلام".
ويصل بحسب قراءته إلى كون "الهدف من هذه العملية التي فكر فيها بإمعان محيط ساركوزي، إحالة جزء من الساكنة على أصولها، وكأنها مسؤولة على جميع مشاكل البلد، في وقت تتطلع فيه إلى شيء واحد، كما جميع مواطني هذا البلد، العيش بكرامة وبانسجام وفي احترام متبادل".
كما يرى أن هذه النقاشات تعكس "فشل السياسة المعتمدة اليوم" في إيجاد حلول للمشاكل المطروحة، و"الوسيلة التي وجدتها الحكومة لإلهاء الشعب هي إطلاق نقاشات مشكوك فيها.
ويختم قائلا: "يمكن أن يحمل الشخص جنسيتين أو ثلاث دون أن نشكك في صدق علاقته ببلد الاستقبال وارتباطه الشرعي ببلده الأصلي".
ليخلص إلى أن "ما يوجه الرجال ليس فقط انتماءاتهم و إنما المبادئ و القيم".