انقسامات في النظام الليبي بسبب التعامل مع الأصوليين الإسلاميين

ظهرت خلال الأيام الأخيرة تصدعات في النظام الليبي في ما يخصّ التعامل مع الإسلاميين، هذا في وقت لا يتوقع دبلوماسيون أن يقدم القذافي على رفع الراية البيضاء بسهولة لكونه يملك خبرة طويلة في التعامل مع العقوبات والعزلة الدولية.

بدأت بوادر انقسامات تظهر داخل النظام الليبي، بعدما نأى عدد من مسؤوليه بأنفسهم عن خطط عائلة القذافي للتوصل الى تسوية مع جماعات الإسلامية لإنهاء النزاع.

وكان سيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي اعلن استعداد النظام للعمل مع أصوليين إسلاميين في تحالف ينهي القتال.

وقال سيف الاسلام في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في الأسبوع الماضي إنه يتحادث مع أحد القادة الإسلاميين في شرق ليبيا الذي تسيطر عليه المعارضة لإقامة تحالف ضد الليبراليين الليبيين.

لكن تصريحات سيف الاسلام اثارت خلافات على ما يبدو داخل قيادة النظام.واصدر رئيس الوزراء البغدادي المحمودي تحذيراً واضحًا من دلالات صعود متطرفين اسلاميين بعد تصريحات سيف الإسلام القذافي.

وقال المحمودي في تصريح لصحيفة الديلي تلغراف ان "لدى السيد سيف وجهة نظره، ولكن المهم هو ما يريده الشعب الليبي".واضاف "أن الحكومة الليبية متماسكة، ولها موقف رسمي واحد"، مشيرًا إلى أن للنظام هرمًا قياديًا يتخذ هذه المواقف.وقال المحمودي "إن النظام السياسي هو ما يمنحنا القدرة على التعامل مع هذا الوضع".

واكد المحمودي موقف العديد من مسؤولي النظام قائلاً إن عمليات حلف شمال الأطلسي (الناتو) "حرب لا يريدها أحد"، وذهب إلى أن المجلس الوطني الإنتقالي يعاني جراء ارتباطاته بالاصوليين الاسلاميين.وقال رئيس الوزراء الليبي "إن نصيحتنا للناتو هي أن تحالفه مع هذه الجماعات الاسلامية لن يخدم مصالحه".

يقود وزير الخارجية عبد العاطي العبيدي محاولات النظام لحشد تأييد دولي لفكرة عقد مؤتمر وطني بقيادة قبلية يحلّ محل المجلس الانتقالي. وناشد وزير الخارجية قبيلة العبيدي التي ينتمي اليها إنهاء حالة الجمود بين النظام والمجلس الانتقالي بوصفها اقوى القبائل في شرق ليبيا.

وغادر العبيدي يوم الخميس إلى اليونان لإجراء محادثات مع نظيره اليوناني سترافوس لامبرينيديس بهدف تشديد الضغط على بنغازي لقبول المحادثات التي اقترحتها طرابلس.وقال نائبه خالد كايم إن النتيجة التي تتمخض عنها أي محادثات لن تخضع لفيتو القذافي، بل سيقبل العقيد بالأهمية العليا لإعادة وحدة البلاد.

وقال كايم إن سيف الإسلام كان يشرح موقفه، وليس موقف الحكومة في طرابلس.وأضاف "أن موقف القيادة هو اجراء حوار واسع بين الليبيين".

لكن مراقبين يرون أن على الطرفين أن يتعاملا مع فريق ثالث قوي لا يُشاهدفي مراكز القيادة العسكرية لقوات النظام الليبي،لأن المتشددين في النظام الليبي يرفضون التحركات السياسية والدبلوماسية لإيجاد مخرج من الطريق المسدود.وفي مقدمة هؤلاء ولدا الزعيم الليبي معتصم وخميس، اللذان يقودان كتائب نخبوية مسؤولة عن حماية خط الجبهة من الاختراق.

ويعتقد دبلوماسيون أن مسؤولين مخضرمين في نظام القذافي مثل عبد القادر البغدادي وابراهيم احمد يشكلون اقطاب مجموعة ترى أن النظام قادر على الصمود في وجه حملة المعارضة وقصف الأطلسي.

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن دبلوماسي غربي في طرابلس قوله إن القذافي وأركان نظامه متمرسون في التعامل مع العقوبات والعزلة الدولية."وهم يعرفون كيف يستغلون الثغرات ويبقون بالدعاية والمرابطة.ومن الجنون الاعتقاد بأنهم سيرفعون الراية البيضاء ببساطة".

وتحدث ليبيون من أبناء الطبقة الوسطى بحذر خلال الرحلات التي تنظمها الحكومة للمراسلين الأجانب تحت رقابة شديدة معربين عن مخاوفهم من انزلاق ليبيا الى حرب لا نهاية لها من دون التوصل الى تسوية عن طريق المفاوضات.

وقال رجل اعمال في وسط ليبيا لصحيفة الديلي تلغراف إن الناس لا يريدون أن تجتاح المعارضة البلاد لأنهم يعتقدون ان مسلّحيها سيقتلون كل من أيد القذافي ذات يوم، بل هم "يريدون محادثات لإيجاد حل جديد يمكِّن ليبيا من الشروع بإعادة البناء من دون القذافي".

وقال الزعيم الإسلامي علي الصلابي الذي تفاوض مع مبعوثي سيف الإسلام أنه يتحادث مع نجل الزعيم الليبي حول شروط استسلام النظام.لكن الطرفين اعترفا بأن القذافي واعوانه كانوا على اتصال مع الاصوليين منذ اندلاع الانتفاضة.

وقال سيف الاسلام في حديثه لصحيفة نيويورك تايمز ان الليبراليين سيهربون أو يُقتلون. وكان سيف الاسلام نال قبل انتفاضة شباط/فبراير دعمًا غربياً لمشروع إعادة تأهيل آلاف الاسلاميين المتطرفين الذين أُطلق سراحهم من سجون القذافي.لكن محللين يقولون إن الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة المترتبطة بتنظيم القاعدة اعادت تنظيم نفسها في المناطق الشرقية الخاضغة لسيطرة المعارضة وتعمل الآن تحت واجهة جديدة.

وقال الخبير في الشؤون الليبية في مؤسسة كيليام للأبحاث في لندن نعمان بينوتمان إن الجماعة تعمل الآن باسم حركة التغيير الاسلامية الليبية.واضاف أن العديد من اعضاء وقادة هذه الجماعة الجديدة يقاتلون مع الثوار في إطار المجلس الانتقالي، ولكنه أشار إلى أن آخرين من رفاقهم السابقين ما زالوا في طرابلس، حيث تحالفوا علناً مع النظام.

وتسببت معارضة المفاوضات في اجهاض جهود السلام الدولية، سواء أكانت من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي. واتصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم الأربعاء بالمحمودي لينقل إليه إحباطه بسبب عدم تجاوب النظام مع مقترحات مبعوثه عبد الاله الخطيب.

وقال متحدث باسم بان كي مون إن الأمين العام أبلغ رئيس الوزراء الليبي قلقه من غياب التقدم في الجهود الرامية الى ايجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا عن طريق المفاوضات رغم جهود مبعوثه الخاص.