الفلسطينيون يسابقون الزمن لتحقيق حلم الدولة وإسرائيل تتأهب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يواصل الفلسطينيون سعيهم وحراكهم على مختلف الأصعدة لا سيما الديبلوماسية منها استعدادا للتوجه إلى الأمم المتحدة في أيلول / سبتمبر القادم لحشد اعتراف دولي بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وذلك بعد توقف المفاوضات، فيما تواصل إسرائيل سعيها لإفشال هذا التوجه بالتصعيد الميداني تارة وبالمواجهة الديبلوماسية تارة أخرى.
يسابق الفلسطينيون الزمن للوصول إلى جلسة الأمم المتحدة التي ستعقد في أيلول القادم بجاهزية متقدمة، سعيا لنزع الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعدما توقفت كل السبل أمام استئناف المفاوضات المباشرة مع الجانب الإسرائيلي.
وبحسب مراقبون ومتابعون فإن الحراك الديبلوماسي والنجاحات العديدة التي تحققت على صعيد الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية يتطلب بذل المزيد من الجهود وتوحيد الصفوف وتجييش الشعب لصالح إنجاح هذا التوجه في ظل ما تقوم به إسرائيل على الأرض وما تهدد بالقيام به في حال واصل الفلسطينيون سعيهم بالتوجه إلى الأمم المتحدة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عبد المجيد السويلم في لقاء خاص مع "إيلاف": "إن القيادة تتمتع بجدية وحماسة على هذا الصعيد، لافتا إلى أن هذه الحماسة ليست متوفرة بنفس الجدية عند بقية الفصائل حيث لا يلاحظ أي حراك فصائلي نحو تحشيد الجهود وتجييش الأعضاء والأنصار إلى حركة شعبية عارمة".
وأوضح السويلم، أن القيادة لديها رؤية واضحة نحو هذا التوجه وتعمل جاهدة على تحقيقها ولكن في المقابل فإن الشعب الفلسطيني بمجموعه ليس لديه الفكرة الكاملة والواضحة عن الأهداف الضرورية التي يمكن من خلالها أن يكون مدركا تماما لكل الخطوات الساعية للوصول إلى استحقاق أيلول بالشكل السليم.
وأكد أن الحراك السلمي الشعبي الديمقراطي لا يتناقض مع توجهات القيادة الفلسطينية.
وشدد السويلم، على أهمية وضرورة إدراك ما الذي يمكن أن يحصل في الأمم المتحدة، منوها إلى أن الاعتراف الذي سيجنيه الفلسطينيون هو بمثابة التمهيد لعملية الاستقلال الوطني.
وقال: "إن هذا التمهيد لعملية الاستقلال يقطع بدوره الطريق على السياسات والإجراءات التي خلقتها إسرائيل على الأرض، ويحدد الخارطة التي تقبل بها الشرعية الدولية بالحدود، ويؤكد أن القدس ليست خارج المفاوضات".
وأضاف: "أن الوصول لمثل هذه القرارات في الأمم المتحدة من شأنه أن يساعد الفلسطينيين كثيرا في نضالهم من أجل الاستقلال الوطني ويسهم في حشر السياسة الإسرائيلية".
الفلسطينيون ماضون نحو الأمم المتحدة
وكان المراقب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور قد أكد أن الفلسطينيين عاقدو العزم على التوجه إلى الأمم المتحدة الشهر القادم لنيل الاعتراف بدولتهم، منوها إلى أنه ليس هناك ثمة ما يثنيهم عن هذا القرار الذي تجري التحضيرات له منذ عامين من خلال بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية.
وقال منصور في حديث لصحيفة (معاريف الإسرائيلية): "إن التوجه إلى الأمم المتحدة ليس خطوة أحادية الجانب بل يأتي للحصول على الشرعية الدولية، متهما بالمقابل حكومة نتانياهو بالإقدام على خطوات أحادية ومنها النشاط الاستيطاني الإسرائيلي".
وفيما يتعلق بالفيتو الأميركي المرجح فرضه على الطلب الفلسطيني بشأن الدولة لدى طرحه على مجلس الأمن الدولي قال منصور: "إن لدى الفلسطينيين خيارات أخرى رافضاً الكشف عنها، مستبعداً في الوقت ذاته حل السلطة الفلسطينية ذاتيا، واستبعد نشوء مظاهر من العنف الفلسطيني عقب الذهاب إلى الأمم المتحدة".
وأضاف: "أن الجيش الإسرائيلي هو الذي يمارس العنف بحق المتظاهرين الفلسطينيين وليس بالعكس، منوها إلى أن نزول مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الشوارع قد يدفع الحكومة الإسرائيلية للتجاوب مع مطالبهم بإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتيْن".
وكان الرئيس محمود عباس تحدث عن الدوافع الحقيقية وراء قرار القيادة الفلسطينية التوجه إلى الأمم المتحدة في أيلول القادم لطلب الإعتراف بالدولة، حيث استعرض في مقال خص به صحيفة "الوطن" السعودية هذه المعطيات.
وقال الرئيس عباس: "إن القيادة ما كانت لتلجأ الى تلك الخطوة لولا اصطدامها بعدة حقائق، في المقدمة منها وصول المفاوضات الثنائية الى طريق مسدود، وعدم وجود أية إشارات إيجابية بوجود رغبة اسرائيلية بالعودة إلى المفاوضات الجادة للوصول إلى حل عادل ودائم للنزاع، إضافة إلى عجز القوى الدولية الراعية لعملية السلام عن اقناع اسرائيل بتنفيذ ما عليها من التزامات ووقف سياساتها الاستيطانية".
تحضيرات متباينة
بدوره، قال الإعلامي أمين أبو وردة والمتتبع للحراك السياسي على هذا الصعيد في اتصال هاتفي مع "إيلاف": "إن التحضيرات الفلسطينية الإعلامية لاستحقاق أيلول متواضعة وتقتصر الآن على إطلاق صفحة على الانترنت من قبل نشطاء من حركة فتح تهتم بنشر التصريحات الصادرة عن الشخصيات والقيادات الفلسطينية وكل ما يتعلق بالحراك الرسمي على هذا الصعيد".
وأكد وجود غياب للحراك الجماهيري الفاعل، مشددا على ضرورة تعزيز دور الآلة الإعلامية وتحشيد كافة الجهود التي تصب في خدمة هذا التوجه والتواصل مع كافة القطاعات.
وأشار أبو وردة إلى أن المتتبع للإعلام الإسرائيلي يلاحظ أن وسائل الإعلام الاسرائيلية متجندة وتعطي انطباعات أن هناك حرب قادمة وتركز على تلك المناسبة بشكل تحريضي وتعطيه سيناريوهات مخيفة من خلال طرح انطباعات متعددة منها أن الفلسطينيين سيخرجون بأعداد ضخمة لاقتحام المستوطنات والعودة للتهديدات في العمق الإسرائيلي ومحاولة إظهار أن أيلول القادم سيكون بداية انتفاضة ثالثة.
من ناحيته، أكد نصر أبو جيش، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، في لقاء خاص مع " إيلاف"، أن هذا الحراك يعد بمثابة معركة حاسمة للفلسطينيين، مشددا على ضرورة تهيئة المجتمع والعمل لإنجاز هذا الاستحقاق بالشكل الصحيح.
ودعا أبو جيش إلى ضرورة الاستمرار في الحراك الديبلوماسي والتوجه إلى الأمم المتحدة والوصول إلى مجلس الأمن الدولي، لافتا إلى ضرورة رفع الوصية الأميريكية عن ملف المفاوضات ووضعه في مجلس الأمن.
وأوضح أهمية التحرك جنبا إلى جنب مع الأصدقاء والأحرار في العالم من أجل الوصول الى هيئة الأمم المتحدة والحصول على الإعتراف بدولة فلسطينية، مشددا على ضرورة التحرك الشعبي المساند للقيادة.
وقال أبو جيش: "يجب علينا أن لا ننجر وراء الاستفزازات الإسرائيلية الرامية إلى حرفنا عن الهدف المنشود، كما يتوجب علينا أن ننهي ملف المصالحة وأن نعيد للشعب وحدته الجغرافية والديموغرافية".
إسرائيل تصعد لإحباط الجهود الفلسطينية
بدوره، أكد النائب في المجلس التشريعي قيس عبد الكريم أبو ليلى، وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن القرارات الإسرائيلية الأخيرة بشأن توسيع المستوطنات في كل من القدس ونابلس، تأتي في سياق محاولاتها مسابقة الزمن لفرض أمر واقع على الأرض من جهة، ولإحباط التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة من جهه أخرى.
وقال أبو ليلى، في بيان صحافي حصلت "إيلاف" على نسخة منه: "إن الحكومة الإسرائيلية بوزرائها تعمل وفق أجندة معدة مسبقا، لمصادرة المزيد من الأراضي لتوسيع عدد من المستوطنات المقامة على الأراض الفلسطينية".
وأضاف: "أن السلطات الاسرائيلية تعمل على كافة الأصعدة لإحباط التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة، حيث تقوم بعمليات توسع استيطاني وعمليات قمع وتنكيل ومداهمات وتفتيش، فيما تحاول على الصعيد السياسي احباط الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية من خلال ارسال وزرائها لكافة دول العام، لحضهم على عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية".
من جهته، قال سامر سمارو، مدير عام وزارة الأسرى في محافظة نابلس في لقاء مع "إيلاف": "إن إسرائيل عملت على التصعيد من إجراءاتها ضد الأسرى في الآونة الأخيرة لاسيما وأن معاملة الأسرى لا تخضع لأية اتفاقيات دولية، وفي ظل الضغط الداخلي الإسرائيلي على رئيس وزرائهم للإفراج عن الجندي الإسرائيلي المحتجز في غزة جلعاد شاليط".
وأوضح أن مثل هذا التصعيد يأتي في إطار إرضاء الشارع الإسرائيلي، ويترافق هذا التصعيد الذي يتمثل في العديد من الجوانب وسحب الامتيازات الخاصة بالأسرى مع نية الفلسطينيين التوجه للأمم المتحدة في أيلول القادم.
وعلى صعيد الانتهاكات الإسرائيلية والتصعيد المستمر أكد غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية في اتصال هاتفي مع "إيلاف"، أن الأزمة التي تعاني منها إسرائيل على الصعيد الداخلي تم تصديرها للخارج وترحيلها حيث أقدمت السلطات الإسرائيلية على تنفيذ مخططات توسيع العديد من المستوطنات مستهدفة بذلك الأرض الفلسطينية في شتى المواقع لاسيما في القدس المحتلة ونابلس.
وقال دغلس: "إن إسرائيل تعمل على إطلاق رسائل سياسية للفلسطينيين والعالم من وراء هذه الخطوات التصعيدية لثنيهم عن الذهاب إلى الأمم المتحدة في أيلول القادم، منوها إلى أن عدم التزام اسرائيل بوقف الاستيطان كان السبب الرئيس في توقف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية الأمر الذي دفع الفلسطينيين للتوجه إلى الأمم المتحدة".
ودعا العالم إلى تحمل مسؤولياته، مطالبا الفصائل الفلسطينية بضرورة قراءة ما يحدث جيدا والالتفاف حول توجهات الرئيس محمود عباس وتوحيد الجهود وخلق مبادرات مناهضة للتصعيد الإسرائيلي.
حراك إسرائيلي مضاد
وفي المقابل تسعى إسرائيل إلى صد الحراك الفلسطيني بكافة الوسائل والسبل الميدانية والعسكرية وكذلك السياسية، وأبرز الحملات ما أقدم عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا، حيث بعث رسائل إلى أربعين دولة في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا، طالب فيها رؤساء هذه الدول بالتصويت ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر المقبل.
وجاء في هذه الرسائل التي تشابه مضمونها الأساسي حسب الإدعاء الإسرائيلي بأن "اعترافاً أحادي الجانب بدولة فلسطينية من شأنه إلحاق أضرار بعملية السلام".
ونقلت الصحيفة عن نتنياهو قوله في الرسائل إنه "مع إقتراب إنعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر أطلب منكم معارضة الإعلان من جانب واحد لإقامة دولة فلسطينية".
وقالت الصحيفة إن وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان ونائبه داني أيالون ومسؤولون كبار في الوزارة يعملون في الموضوع من خلال إتصالات هاتفية كثيرة ولقاءات مع مسؤولين في دول وأعضاء برلمانات وسفراء ومبلوري رأي عام في العديد من الدول.
وذكر مسؤولون سياسيون إسرائيليون أن الحديث يدور عن نشاط دبلوماسي يشمل العالم بأسره.
وفي سياق ذي صلة، وبحسب ما نشر موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية فقد طلب المستوى العسكري الاسرائيلي من المستوى السياسي اتخاذ العديد من الخطوات التي من شأنها التوضيح للجانب الفلسطيني "الثمن" الذي سيدفعه جراء التوجه للأمم المتحدة.
وأضاف الموقع: "أن تقديرات الجيش الاسرائيلي لهذه الخطوات والتي تندرج تحت "فحص توجهات الجانب الفلسطيني"، سيتم تنفيذها وفقا لسير الأمور حتى العشرين من الشهر القادم، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ بعض الخطوات من ضمنها عدم تسليم جثامين الشهداء والإفراج عن أسرى، لأن ذلك حسب الجيش يساهم في إمكانية اندلاع أحداث عنيفة، كذلك ضرورة بقاء كافة الحواجز العسكرية التي لازالت قائمة في الضفة الغربية.