كيف حصلت مؤسسة مقاولات على حقوق الدوري السعودي؟

حمل توضيح وزارة الإعلام السعودية اليوم حول حقوق نقل الدوري السعودي غموضاً أكثر مما يراد به تفسير اللغط المصاحب لفوز مؤسسة الخبير الرياضي للمقاولات بعقد البث. إيلاف بما لديها من معلومات تكشف الكثير من خفايا هذا العقد، الذي سيثير المزيد من الجدل في الشارع الرياضي السعودي.

الرياض: تحدث مصدر وثيق الصلة في وزارة الإعلام السعودية بخصوص العقد الذي فازت به مؤسسة الخبير الرياضي للمقاولات لنقل مباريات الدوري السعودي، وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن المؤسسة التي فازت بالعقد لم يرفع عرضها من اللجنة التي درست العقود، مؤكداً أن شركتي "أصيلا" و"در ألفا" هما اللتان حققتا أفضل الشروط للفوزبالعقد الذي منحه العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز للقناة الرياضية السعودية.

وقال المصدر عينه إن العقدين وفرا أفضل المعطيات لنقل جيد ويتماشى مع المنحة الملكية للشباب السعودي لمشاهدة دوريهم مجاناً بعد سنوات من الاحتكار، حيث استقطبت شركة "أصيلا" مجموعة "ميديا برو" الاسبانية، فيما استقطبت شركة "در ألفا" مجموعة "ألفا كام" البلجيكية.

لكن المفاجأة، بحسب المصدر، أن الشركتين استبعدتا في اللحظات الأخيرة قبل أن تفوز به مؤسسة الخبير الرياضي التي يظهر في واجهتها دائماً المستثمر في مجالات عدة،ومنها المجال الرياضي أحمد المقيرن، وأكد أن شركة الخبير الرياضي نفسها بعد فوزها بالعطاء، عادت لتتعاقد مع شركة "ألفا كام البلجيكية" التي كانت مقدمة أصلاً من شركة "در ألفا" السعودية.

ما يلفت النظر أن وزير الإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجه نشر تصريحاً رسمياً يعلن من خلاله اطلاق 4 قنوات رياضية متخصصة، وجاء في ثنايا التصريح الذي نشرته الصحف السعودية في 11 اغسطس/آب الحالي إن "شركة الخبير الرياضي ستستعين بشركة اندي مول الرياضية البريطانية (ENDEMOL SPORT)، وهي شركة لديها خبرة طويلة في النقل الرياضي، وتقوم الآن بنقل الدور الهولندي بما معدله ثلاثمائة مباراة خلال الموسم".

لكن مجرى الأمور لايتماشى تماماًمعكلام وزير الإعلام، حيث إن مؤسسة الخبير الرياضي نفسها اضافة إلىاتفاقها مع "إندي مول" تعاقدت مع مجموعة "الفا كام" البلجيكية التي أحضرتها أصلاً شركة "در ألفا".

هذا ما يفتح باب الأسئلة حول قانونية هذا التصرف من مؤسسة الخبير الرياضي، وكيف فازت بالعطاء على حساب شركة أخرى هي التي تقدمت موكلة من "الفا كام" البلجيكية؟، وكيف قبل عرض الخبير الرياضي وفاز بالعطاء رغم أنه قدم باسم "إندي مول"؟.

يقضي عقد نقل المسابقات السعودية بأن تقسم المباريات على فئتين، الأولى تخص جل مباريات الدوري وكأس الملك وكأس ولي العهد، فيما تختص الفئة الثانية بنقل مباريات دوري الدرجة الاولى والثانية وبعض مباريات درجتي الشباب والناشئين، إضافة إلى المتبقى من مباريات الدرجة الممتازة.

ومن خلال موقع وزارة التجارة والصناعة السعودية تظهر بيانات مؤسسة الخبير الرياضي على أن نشاطها "مقاولات عامة للمباني وصيانة ونظافة وتشغيل المنشئات الرياضية والترفيهية"، ومن دون ان يكون لها تصريح إعلامي يخوّلها بممارسة النشاط الإعلامي وشراء حقوق البث، وهو أمر يتوافر مثلاً في شركة "أصيلا" التي تظهر بيانات وزارة التجارة أنها تتخصص في الانتاج الاعلامي الصوتي والمرئي بموجب ترخيص مرقم من وزارة الإعلام.

لكن بموجب أنظمة الدولة، تستطيع مؤسسة الخبير الرياضي خلال أيام عدة تحويل نشاطها إلى مزاولة الانتاج الإعلامي، بيد أنها حتى تاريخ نشر هذا الموضوع ما زالت مسجلة كمؤسسة مقاولات عامة، وهذا ما يعني أن المؤسسة استطاعت الحصول على حقوق المسابقات السعودية، وهي غير مسجلة رسمياً في وزارة التجارة بنشاط إعلامي.

"إيلاف" توجهت بالسؤال إلى المتحدث الرسمي لوزارة الإعلام السعودية عبدالرحمن الهزاع، الذي أكد أن "مؤسسة الخبير الرياضي" كانت من ضمن العروض، ونفى أن تكون المؤسسة غير مدرجة ضمن الملفات، لكنه اعتذر عن الإجابة عن باقي الأسئلة لأنه في اجتماع، وحاولت "إيلاف" الوصول إليه مرة أخرى، لكنه لم يجب عن الاتصال.

لكن الوزارة أصدرت اليوم الأربعاء بياناً مطولاً، أكدت خلاله على نظامية فوز مؤسسة الخبير الرياضي بالعطاء، وقال بيان الوزارة المذيل باسم عبدالرحمن الهزاع "إن الشركة وإن كان مسمّاها شركة (الخبير الرياضي للتشغيل) إلا أن من أغراضها التي وردت في عقد تأسيسها ما يتعلق بتنظيم المباريات والأنشطة الرياضية والدعاية والإعلان والإنتاج التلفزيوني والإعلامي والرقمي وشراء حقوق هذه الأنواع من البث، موضحاً أنكل هذه الأنشطة تصبّ في مصلحة النقل التلفزيوني، وتؤكد أن اختيارها تم بناء على أسس وقواعد نظامية".

وأشار المتحدث الرسمي باسم وزارة الثقافة والإعلام إلى أن "عملية الاختيار جاءت بعد دراسة متكاملة من لجنة متخصصة قامت بالنظر فيكل العروض وتقويمها في النواحي الفنية والمالية، وشارك في هذه اللجنة أعضاء لهم الخبرة الهندسية والرياضية والمالية، وبعدما اتخذت اللجنة توصياتها تم رفعها إلى اللجنة التنفيذية العليا المكونة من وكلاء الوزارة والوكلاء المساعدين، والذين اطلعوا على كل تفاصيل العروض، وأوصوا بما قررته اللجنة المتخصصة باختيار "شركة الخبير الرياضي" للقيام بنقل الدوري السعودي".

وتحدث مصدر في شركة "در ألفا" لـ"إيلاف" أن الشركة ظلمت كثيراً من خلال خسارتها العقد، وبين أن شركته وضعت كل الخطط ووفرت كل الدراسات مع مجموعة "ألفا كام" البلجيكية، لكن مؤسسة الخبير الرياضي بعد فوزها تعاقدت مع المجموعة البلجيكية التي أحضرناها، رغم أنها تقدمت بعرض من شركة انجليزية.

وأوضح المصدر أنهم في شركتهم كانوا متيقنين من فوزهم نظراً إلى أن المبلغ المطروح كان جيداً، إضافة إلى كفاءة الشركة البلجيكية المشغلة، فضلاً عن أن المنافس الأبرز، وهي شركة "أصيلا"، تتولى تشغيل قناة منافسة، وهي قناة "لاين سبورت" المملوكة لرجل الأعمال عبدالرحمن الحلافي، وقال إن المجموعة البلجيكية لديها خبرة في نقل بعض مباريات الدوري السعودي في حقبة احتكار شركة راديو وتلفزيون العرب (ART) للمسابقات في المملكة.

وفي سؤال حول مدى قانونية أن تتجه المجموعة البلجيكية إلى مؤسسة الخبير الرياضي رغم أن "در ألفا" هي من أحضرتها، قال المصدر "إن الشركة البلجيكية اتفقت معنا ودياً بعدما خاطبتهم مؤسسة الخبير الرياضي إثر فوزها بالعطاء"، وبيّن "هم غير ملزمين بالبقاء مكتوفي الأيدي، ويحق لهم البحث عن مصلحتهم التي وفرتها لهم الخبير الرياضي".

تواصلت "إيلاف" مع فهد السعوي صاحب شركة "أصيلا" المذيع المعروف بعلاقته الإعلامية مع الداعية السعودي الشهير سلمان العودة، لكنه فضّل عدم التعليق على الموضوع، وأكد أنه لا يريد الحديث حول الأمر معتبراً أنه انتهى بالنسبة إليه.

وكان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيزأصدر أمراً ملكياً في يوليو/تموز الماضي، يمنح من خلاله حقوق البث للقناة الرياضية السعودية الرسمية، وبناء عليه خصصت وزارة المالية عشرات الملايين ثمناً لتشغيل الدوري.

وبعودة القناة الرياضية إلى نقل مباريات الدوري السعودي تنتهي فترة احتكار دامت 5 سنوات، متنقلاً من شركة راديو وتلفزيون العرب إلى الجزيرة الرياضية التي لم تقدم عرضاً جديداً بعد انتهاء حقوقها مع نهاية الموسم الماضي.

وبلغ مجموع مادفع في الدوري السعودي أكثر من 500 مليون ريال خلال الأعوام الخمسة، في حين لم تتضح الصورة بعد حول ما إذا كانت القناة الرياضية ستبيع بعض الحقوق لقنوات أخرى، خصوصاً قناة "لاين سبورت" السعودي وأبوظبي الإماراتية وغيرها.

لكن الإشارات الأولية توحي بأن القناة الرياضية ستحتكر بثّ المباريات في الموسم الاول على الأقل، ذلك لأنها غالباً تخسر المشاهد لمصلحة القنوات الأخرى سابقاً، لأسباب عديدة، ومن اهمها جودة المعلقين والمحللين الفنيين والبرامج المصاحبة للبث المباشر.

إضافة إلى ذل،ك فإن القناة الرياضية أعلنت عن إطلاق 4 قنوات رياضية أخرى، لتنضم إلى اثنتين أخريين قائمتين.