مرتزقة أجانب يتحدثون عن الأيام الأخيرة لنظام القذافي

ساورت الشكوك ماريو خبير المدفعية كرواتي الأصل من البوسنة بأنه يخوض معركة خاسرة منذ البداية. وقال ماريو طالباً عدم نشر اسمه الكامل إن رجاله كانوا في الغالب من جنوب ليبيا وتشاد وبعضهم من بلدان تقع جنوب ليبيا.

وكان نظام القذافي تعاقد مع ماريو العسكري المخضرم من حروب يوغسلافيا السابقة لمساعدته في محاربة قوات المعارضة ولاحقًا التصدي لعمليات حلف شمالي الأطلسي.

وتحدث هذا المحارب القديم لمجلة تايم قائلا "إن الانضباط كان سيئاً وكانوا من الغباء بحيث لم يتعلموا أي شيء. ولكن الأمور كانت على ما يرام قبل أن تبدأ الضربات الجوية. فالطرف الآخر كان سيئًا بالقدر نفسه، إن لم يكن أسوأ. وكان بمقدور القذافي أن يسحق الثوار لولا تدخل الغرب".

وتابع ماريو أن أكثر من 30 في المئة من رجاله فروا أو انتقلوا إلى جانب الثوار بحلول بداية تموز/يوليو. وأن "المعدات العسكرية لم تعد تؤدي الدور الذي كانت تؤديه وتعين علينا استخدام التمويه وتفادي الفضاءات المفتوحة".

وبعيدا عن الجبهة عمل انعدام الثقة والخروقات في قلب النظام على تقويض سيطرة القذافي، بحسب ماريو (41 عاما) قائلا "إن الحياة في مجمع القذافي ومخابئه كانت سورياليةـ حفلات ونساء وكحول ومخدرات. وأخذني احد أقارب القذافي إلى إحدى فيلاته حيث قدموا لي كل ما اشتهيه. وسمعتُ قصصًا عن إطلاق النار على أشخاص للتسلية وإجبارهم على لعبة الروليت الروسية (بتوجيه مسدس في حجراته الست طلقة واحدة إلى الصدغ والضغط على الزناد) فيما كان المتفرجون يراهنون على النتيجة، كما في الأفلام".

واسهم التوتر بين اثنين من أبناء القذافي في الإحساس بأن قضية القذافي ميئوس منها. وقال ماريو الذي كان يتحدث أثناء توجهه إلى الحدود الليبية مع النيجر قادما من سبها "أن اشتباكا مسلحاً كاد يقع ذات مرة بين رجال محمد ورجال سيف الإسلام. وشاهدتُ مجموعة تستجوب أخرى تحت تهديد السلاح ثم وصل مزيد من أفراد المجموعة الأخرى مدججين بالسلاح، وحدثت مواجهة استمرت عدة دقائق تراشق خلالها الجانبان بالشتائم".

وقال ماريو انه كان يحترم ويحب سيف الإسلام القذافي الذي أقام لنفسه في عام 2009 حفلة باذخة بمناسبة عيد ميلاده السابع والثلاثين على شواطئ جمهورية الجبل الأسود اليوغسلافية سابقا، ثم أصبحت في الآونة الأخيرة منتجعاً لأصحاب الملايين الأوروبيين.

وتعود العلاقات بين عائلة القذافي ويوغسلافيا السابقة إلى أيام الزعيم جوزيف بروز تيتو الذي كان حليف القذافي. وقال ماريو إن القذافي تعاقد مع العديد من المقاتلين اليوغسلاف السابقين، الذين كان غالبيتهم من الصرب، لمساعدته في القتال ضد قوات الأطلسي والمعارضة.

ولكن هؤلاء المستشارين والقادة العسكريين الأجانب غادروا طرابلس الواحد تلو الآخر، وانضم إليهم بعض المسؤولين الكبار، بحسب ماريو.

وتابع ماريو قائلا انه لاحظ أن الكثير من الليبيين كانوا يتظاهرون بالولاء للقذافي بدافع الخوف وكانوا يبحثون عن فرصة للانقلاب عليه. وأضاف "أن العديد من الضباط اعترفوا لي بأنه فرصهم معدومة في مواجهة حلف الأطلسي، وقال لي احدهم انه على اتصال بجماعة بنغازي" التي اتخذتها المعارضة مقرا لها.

غادر ماريو طرابلس قبل 12 يوماً بعدما تلقى تحذيرًا من احد رفاقه. وقال "إن صديقا جاء بي إلى هذا المكان قال لي قبل أسبوعين أن أُغادر طرابلس لأن الوضع سيتغير بسرعة وان صفقات عُقدت".

وانتبه ماريو إلى أن المرتزقة القادمين من جنوب إفريقيا بدؤوا يغادرون فقرر ماريو ومرتزق آخر الفرار من طرابلس. وقال إنه حاول الاتصال بسيف الإسلام ولكنه لم يفلح. ثم "اتصل سيف الإسلام برفيقي لاحقا ليسأل إن كنا نحتاج إلى شيء ويقول أنهم سيستردون ليبيا كلها".

عسكري آخر وهو جنرال متقاعد في الجيش اليوغسلافي السابق ومستشار قديم للقذافي قرر البقاء فترة أطول وغادر طرابلس في 21 آب/أغسطس. وتحدث الجنرال الذي طلب عدم ذكر اسمه لمجلة تايم خلال رحلته من ليبيا إلى تونس قائلا إن الفوضى عمت طرابلس التي كانت قوات المعارضة تجتاحها وقتذاك. وأضاف "أن النظام كله قد انهار وكنتُ أعرف أن الانهيار قادم. لم اكلم القذافي منذ أربعة أسابيع. كان لا يسمع".

شعر الجنرال السابق مثله مثل ماريو بأن النظام آيل للسقوط. وقال "إن كل شيء كان يبدو طبيعيًا حتى الآونة الأخيرة. لكننا كنا نشعر بانفراط العقد وراء الكواليس".

ووصف الجنرال السابق الذي عاش في طرابلس، وكان يملك شركة هناك القذافي بـ"الأحمق" وقارنه بالزعيم الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش الذي خاض مواجهة مع حلف شمالي الأطلسي خلال حرب 1999 في كوسوفو وتوفي في زنزانة سجن المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في لاهاي. وقال الجنرال السابق "أن المرء لا يقاتل حلف الأطلسي ويكون مجنونا عنيدا مثل ميلوشيفيتش".