"المال السياسي" يثير الجدل في تونس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تونس: ما زال الجدل والنقاش قائما في تونس حول ما سمي " بالمال السياسي " أو تمويل الأحزاب السياسية لا سيما في أوساط الأحزاب السياسية الناشئة بعد ثورة 14 يناير- كانون الثاني التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي.
واللافت للنظر أن هذا الجدل والنقاش يتواصل رغم مرور نحو شهر على مصادقة الهيئة التونسية العليا لحماية الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي على مشروع القانون المنظم للأحزاب السياسية والمحدد لمصادر تمويلها.
وينص مشروع القانون، الذي ينتظر مصادقة الحكومة المؤقتة عليه، على أن تكون موارد الأحزاب بشكل خاص من اشتراكات الأعضاء، على ألا تتجاوز قيمة الاشتراك الواحد سنويا مائتين وأربعين دينارا ومن العائدات الناتجة عن ممتلكاته ونشاطاته، بحيث يمكن للحزب أن يحصل على قروض لا يجب أن تتجاوز مائة ألف دينار.
ويحظر المشروع على الأحزاب السياسية في المقابل تلقي تمويل مباشر أو غير مباشر صادر عن أى جهة اجنبية، او مجهول المصدر ومساعدات وتبرعات وهبات صادرة عن الجهات غير الحكومية، باستثناء التمويل الصادر عن الدولة، كما يمنع عليها تلقي مساعدات وهبات وتوصيات صادرة عن أشخاص طبيعيين تتجاوز قيمتها السنوية عشرة الاف دينار بالنسبة لكل متبرع، ويتجاوز مجموعها الموارد السنوية الناتجة عن الاشتراكات.
وفي الوقت الذي ترى فيه بعض الاحزاب، مثل حزب حركة النهضة الاسلامية وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أن مشروع القانون سابق لاوانه في هذه المرحلة الانتقالية وكان يمكن إرجاؤه الى ما بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي فى الثالث والعشرين من شهر اكتوبر المقبل ، وكذلك الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يتحفظ خاصة على منع التمويل الناتج عن مساهمات وتبرعات وهبات صادرة عن الجهات غير الحكومية، إلا أن الغالبية المؤيدة له وخاصة الناشئة بعد الثورة ما زالت تبدي الخشية والريبة ازاء ما سمي " بالمال السياسي "، وخاصة مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي المقبل.
وفي هذا الصدد ، يقول محمد الكيلاني رئيس الحزب الاشتراكي اليساري إن المال السياسي معضلة الانتقال الديمقراطي الان لانه بصدد إيجاد خلل في التوازن الطبيعي الذي نشأ في إطار النضال ضد الاستبداد والديكتاتورية ، وقد افسد بعد هذا الخلل الحياة السياسية ، حيث اشاع حالة من انتقال مناضلين إلى الحزب الذي يغدق اكثر.
ورأى فى تصريحات صحافية أن هذه الحالة لا تنبئ بخير ، معربا عن الامل في ان تصادق الحكومة المؤقتة على مشروع قانون الاحزاب في اقرب وقت للحد من هذه الظاهرة ، وان يكون للمجلس الوطني التاسيسي المنتظر انتخابه موقف صارم في هذا الباب.
بدوره ، تقدم المنصف المرزوقي زعيم حزب المؤتمر من اجل الجمهورية بثلاثة مطالب أساسية، أولها كشف الأحزاب السياسية عن مصادر تمويلها للرأي العام لضمان مصداقيتها، وثانيها الكف فورا عن الإشهار ( الدعاية ) السياسي الذي وصفه ب"المشبوه "، وثالثها فتح ملف قضائي حول الاحزاب التي تضخ اموالا وصفها بالمشبوهة.
أما شكري بلعيد المنسق العام لحزب حركة الديمقراطيين، فيذهب الى القول إن ثورة 14 يناير قد سرقها الاثرياء من ذوي المال الفاسد والمشبوه، متهما رجال أعمال لهم صلات بالطرابلسية (عائلة زوجة الرئيس السابق ليلى الطرابلسي )، بالسعي لضخ المال في عدد من الاحزاب التي قال عنها انها كانت لوقت قريب عاجزة عن تسديد حتي إيجار محلات اداراتها، فتحولت بين عشية وضحاها الى بضائع تتصدر المنابر الاعلامية مغدقة في سبيل ذلك الاموال الطائلة.
وأوضح في تصريحات أن ما تمارسه غالبية الاحزاب السياسية اليوم هو اشهار وليس الدعاية الحزبية التي تقوم على رؤى وبرامج وافكار واضحة، معتبرا أن القيام بحملات دعائية عبر التلفزيون وموجات الاذاعة عوضا عن التعريف بنشاطات الحزب ومناضليه " هو اعتداء على الديمقراطية والتعددية السياسية وكذلك اعتداء على الصحافة والاعلام ".
ويتساءل المراقبون عما إذا كان القرار الذي اعلنه كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والقاضي بمنع الإشهار السياسي اعتبارا من يوم 12 سبتمبر الحالي و"مدونة السلوك الانتخابي" التي اصدرتها ، سيتوقف مع هذه الظاهرة ويضع حدا لمخاوف هذه الأحزاب، أم سيكون ذلك مجرد ذر رماد فى العيون ومسكنا لهذه المخاوف.