اللاجئون العراقيون في الاردن ينتظرون نهاية رحلتهم الطويلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عمان: لم يكن احمد عبدالله يتصور البتة أنه سيصمد كل هذه الفترة الزمنية في الاردن بعيدا عن بلده بعد ان تحول الهروب الموقت من العراق بسبب العنف الطائفي وماتلاه من احداث في انتظار تحسن الوضع الامني الى نمط عيش امتد لسبعة اعوام.
ويقول عبد الله (44 عاما) وهو طبيب واب لطفلين "عندما غادرنا بلدنا تركنا منازلنا كما هي. لم نأخذ شيئا سوى اوراقنا الثبوتية وبعض المال، كنا نعتقد اننا سنعود خلال اشهر لم نكن ندرك ان الرحلة ستطول".
وتأقلم عبدالله في العيش في عمان بعيدا عن مدينته بغداد واهله واصدقائه وبيته الذي ولد فيه، لكن ما لا يزعجه هو انه على الرغم من مرور ثمان سنوات على الحرب، لايزال العراق يشهد اعمال عنف شبه يومية.
ويضيف عبد الله، الذي يعمل في احدى العيادات في عمان وهو يتمشى مع زوجته وطفليه في منطقة الغاردنز وسط عمان حيث تقيم جالية عراقية كبيرة "لقد سئمنا من هذا الحال والانتظار واصبحنا نخشى ان يطول هذا الامر عقودا".
وبحسب عبد الله الذي تقدم بطلب هجرة لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قبل ثلاث سنوات فان "بلدا غنيا كالعراق يوجد على بحيرة من النفط يجب الا يعيش سكانه في مثل هذه الظروف مع مهجرين مشتتين لاجئين في بقاع الارض".
ومعاناة العراقيين مستمرة منذ لاكثر من 30 عاما.
وكانوا عانوا من حرب امتدت ثماني سنوات مع ايران (1980-1988)، وحرب 1991 اثر غزو الكويت وحظر دولي امتد 12 عاما وحياة ضنكة في ظل نظام صدام حسين. واعقب ذلك الاجتياح الاميركي-البريطاني في العام 2003، وسنوات متلاحقة من العنف الطائفي وغيره.
وكان الاردن وسوريا، الملاذ آلامن بالنسبة لمئات الالاف من العراقيين الهاربين من اعمال العنف التي بدات العام 2004 وبلغت ذروتها في عامي 2006 و 2007.
ويؤكد علي جاسم (51 عاما) الذي قتل شقيقه الضابط في الجيش العراقي المنحل في عام 2006 على يد مسلحين مجهولين في منطقة السيدية (غرب بغداد) ماحدا به الى الفرار هو وابناءه الثلاث الى الاردن، أنه كان "مجبرا على ترك العراق".
ويقول جاسم وهو ايضا عسكري سابق فضل عدم الحديث عن ماضيه "بعد مقتل شقيقي خفت ان يأتي دوري لذلك قررت ان نحزم امتعتنا ونأتي الى عمان فأنا لااريد ان اعيش وسط الخوف كما انني لا اريد ان يعيش ابنائي وسط الفوضى والعنف واراقة الدماء".
ويضيف جاسم الذي تعتمد عائلته في حياتها اليومية على المساعدات من المنظمات الدولية والاقرباء لانه عاطل عن العمل "لقد ذقنا مرارة الحرب وويلاتها ونريد ان نرتاح هنا ونعيش حياة طبيعية مثل باقي البشر الى ان يحين موعد العودة".
اما زكي سعيد، الموظف الستيني الذي نقل زوجته واطفاله الاربعة الى عمان عام 2005 على أمل ان يتحسن الوضع الامني في بغداد، فأنه لازال يعيش في بغداد ويواظب على عمله في احدى الوزارات.
ويقول سعيد، الذي قتل مسلحون مجهولون شقيقه المحامي في بغداد انه "طالما بقي الوضع الامني على ماهو عليه سأبقي عائلتي في عمان، لن اجازف باحضارهم الى بغداد ابدا".
واضاف سعيد الذي حضر الى عمان قبل ايام لقضاء عيد الفطر مع عائلته انه "بالاضافة الى الوضع الامني، لازالت بغداد تفتقر الى الكهرباء والماء والخدمات ناهيك عن الازدحامات ونقاط التفتيش"، مشيرا الى ان "الوضع سيكون صعبا على عائلتي لو عادت آلان".
ويؤكد يحيى الكبيسي الباحث العراقي الزائر في المركز الفرنسي للشرق الادنى، ان "معظم اللاجئين موجودون هنا لسببين : الاول سياسي فالكثير منهم يعتقد ان وجودهم في العراق قد يعرضهم للخطر بسبب ارتباطاتهم بحزب البعث او الاجهزة الامنية القديمة اوالدولة العراقية السابقة".
واضاف "اما القسم آلاخر فهم موجودون بسبب طبيعة الاوضاع داخل العراق بمعنى انه ليس هناك مانع سياسي او امني يمنع عودتهم، لكنهم يعتقدون ان البنية التحتية والخدمات في العراق لا تقدم لهم مستوى العيش الذي يريدونه بخلاف الدول التي يلجاون اليها القادرة على توفير هذا المستوى".
واوضح الكبيسي انه "لهذا يجب علينا ان نصنف طبيعة اللاجئين العراقيين خارج العراق لكي نتحدث عن مستقبل عودتهم، فاللاجؤون لاسباب سياسية وامنية عودتهم مرتبطة بالوصول الى نوع من المصالحة الوطنية ونوع من التوازن داخل السلطة"، مشيرا الى ان "هذا لن يتحقق على المدى القصير او المتوسط، نحن نحتاج الى مدة اكبر خاصة في ظل الصراع القائم على السلطة".
وتابع "اما الصنف الثاني، انا اعتقد ان هؤلاء اذا استطاعوا الاستمرار بايجاد موارد لهم فانهم لن يعودوا الى العراق قريبا وبالتالي فان وجود هؤلاء مرتبط بطبيعة وضع الخدمات في العراق الذي نعرف جميعا انها لن تصلح على الاقل الى امد 5 او 7 سنوات قادمة".
اما وصال العزاوي مديرة المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الذي يتخذ من عمان مقرا له ان فترى من جانبها، بان "ضبابية الوضع السياسي في العراق والتدهور الامني وارتفاع نسب الاغتيالات لازال يشكل هاجسا مرعبا لمن يفكر بالعودة الى العراق".
واوضحت ان "البعض اتخذ قراره بالهجرة بدون عودة الى استراليا وكندا واميركا واوروبا"، مؤكدة بان "هذه خسارة كبيرة للعراق لان الكثير من هؤلاء هم من خيرة العقول والكفاءات ويمثلون ثروة لا تعوض".
من جانبه، يرى المحلل السياسي العراقي حيدر سعيد ان "جالية عراقية ستبقى لامد طويل في الاردن"، مشيرا الى انه "صار للكثير تقاليدهم وانفكت علاقتهم بالعراق كعودة الى الداخل".
واضاف ان "الكثير منهم ليسوا مع العودة بسبب نوعية الحياة وليس بسبب الاوضاع الامنية والسياسية"، مشيرا الى ان "الاوضاع الامنية ليست كل شيء فهناك المدارس والمستشفيات واشياء اخرى".
وتؤكد مفوضية اللاجئين ان لا ارقام لديها حول اعداد اللاجئين العراقيين في الخارج بعد ان اعلنت العام 2008 ان حوالى مليونين منهم يعيشون خصوصا في سوريا والاردن.
وبحسب المفوضية فان "هناك 196 الف عراقي مسجلين كلاجئين لدى المفوضية، خصوصا في سوريا والاردن ولبنان".
وقال السفير العراقي في عمان جواد هادي عباس في حزيران/يونيو الماضي ان "عددهم في الاردن لايتجاوز 190 او 195 الفا، لكن المشكلة نحن لا نملك احصائية ولا الامم المتحدة ولا الجهات الاردنية المختصة".