إقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة يعمق شعور تل أبيب بالحصار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بعد أسبوع من إجبار دبلوماسيي إسرائيل على الخروج من تركيا ومصر، وهما الحليفان الأبرز إقليمياً لتل أبيب على مدار سنوات، ومواجهتها في ذات الوقت تصويتاً في الأمم المتحدة قد يؤول في النهاية إلى الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية، أكدت اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن إسرائيل تواجه شعوراً عميقاً بالحصار.
وفي هذا السياق، مضت الصحيفة تشير إلى تلك الصور المتلفزة التي تم بثها لمتظاهرين مصريين وهم يقتحمون مقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة يوم الجمعة الماضي، بالإضافة إلى تلك التقارير الإعلامية المثيرة التي تحدثت بعد ذلك عن التهديد الذي واجهه ستة من رجال الأمن الإسرائيليين بعد محاصرتهم بداخل المقر عدة ساعات، وقالت إنها جاءت لتعيد لأذهان كثير من الإسرائيليين السيناريوهات الموحشة الخاصة باحتمالية إقدام الغوغاء العرب على القتل عمداً دون وجه حق.
وما زاد من شعور إسرائيل بالعزلة تلك العلامات التي تظهر اعتمادها المطلق على الولايات المتحدة لحل الأزمة في السفارة، حيث تم تحرير حراس الأمن، الذين تجمعوا في غرفة آمنة، على يد قوات كوماندوز مصرية، تحت وطأة ضغوط قوية من واشنطن.
ورأت الصحيفة أن التحديات التي تواجهها إسرائيل الآن على عدة جبهات قد أشعلت مناقشة حول ما إن كانت تصرفات وسياسات إسرائيل هي التي تسببت في حدوث تلك الورطة التي تعاني منها الآن، أم أن قوى إقليمية أكبر هي التي تقف وراء ذلك.
وتابعت الصحيفة بلفتها إلى أن السبب المباشر الذي أدى إلى انفجار الأوضاع في مصر، وبالتالي إلى نقل السفير الإسرائيلي وجميع المعاونين له تقريباً إلى إسرائيل على متن طائرة بهذا الشكل السريع، هو ذلك الحادث الذي راح ضحيته خمسة مصريين على الحدود الشهر الماضي، حين كانت تقوم قوات إسرائيلية بمطاردة رجال مسلحين تسللوا عن طريق مصر وقاموا بتنفيذ عملية هجومية في جنوب إسرائيل.
لكن جذور المشاعر المناوئة لإسرائيل، التي كانت تخضع لهيمنة محكمة أثناء فترة حكم الرئيس السابق مبارك، قد تعمقت واشتعلت نتيجة السياسات التي تنتهجها إسرائيل تجاه الفلسطينيين، الذين يحظون بتعاطف كبير بين المصريين وبجميع أنحاء العالم العربي. وهو ما رصده غيديون ليفي، كاتب عمود في صحيفة هآرتس الإسرائيلية اليومية الليبرالية، بعد أن أرجع قدراً كبيراً من الغضب المصري الشعبي إلى الحرب التي شنتها إسرائيل ضد حماس في قطاع غزة نهاية 2008 ومطلع 2009.
وقد تسببت الصور المتلفزة التي تم بثها لتلك الحرب العدوانية، التي قُتِل فيها حوالي 1400 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، في حدوث حالة من الغضب بجميع أنحاء العالم العربي. كما لفتت الصحيفة إلى أن حرب غزة أدت أيضاً إلى حدوث تمزق في العلاقات مع تركيا، الذي أدان رئيس وزرائها أردوغان بشدة تلك الهجمات الإسرائيلية.
كما تدهورت العلاقات أكثر، بعد الهجوم الشرس الذي قامت به إسرائيل العام الماضي على سفينة تحمل العلم التركي كانت تقود قافلة مساعدات هدفها كسر الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة. وأوضحت الصحيفة أن رفض إسرائيل الاعتذار على مقتل 9 أشخاص خلال الاشتباكات التي وقعت على متن السفينة أدى إلى اتخاذ تركيا قراراً بتخفيض العلاقات وطرد السفير الإسرائيلي وكبار المسؤولين الدبلوماسيين، الذين غادروا الأراضي التركية بالفعل خلال الأسبوع الماضي.
من جانبه، قال شلومو أفينيري، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس: "اندمجت التطورات الحاصلة في مصر وتركيا مع الأفعال الإسرائيلية، ما أدى لحدوث أزمة في العلاقات مع كلتا الدولتين". وعن الوضع في مصر، أضاف شلومو: "المجلس العسكري الذي يحكم البلاد حالياً بالفعل، لكن بشرعية مريبة للغاية، يتسم بالضعف ويتغاضى عما يفعله الشارع". وبالنسبة لتركيا، قال شلومو إن البلاد مع أردوغان تسعى لتأكيد الهيمنة الإقليمية، في أعقاب ما وصفها بـ "سياسة الهيمنة العثمانية الجديدة"، التي تُرجِمت إلى ذلك الموقف الذي يتسم بالمواجهة مع إسرائيل.
وفي محاولة من جانبه لتهدئة المخاوف العامة من حقيقة تآكل المكانة الدبلوماسية لإسرائيل، أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في خطاب متلفز أول أمس أن التحديات التي تواجهها بلاده ترتبط بتغييرات عميقة تشهدها المنطقة وتحظي بجذور أعمق من تلك الأفعال التي تقوم بها إسرائيل تجاه تركيا أو مصر أو الفلسطينيين.
كما أكد وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أن الاضطرابات التي تجتاح الشرق الأوسط حالياً لا تحظي بأي تأثير يذكر على الوضعية الخاصة بجهود السلام بين إسرائيل وفلسطين. لكن الصحيفة رأت أن الاحتمالية التي تواجه بموجبها إسرائيل إمكانية الاعتراف بأغلبية الأصوات في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية هذا الشهر قد عمَّقت من الشعور بأن إسرائيل تواجه بالفعل عاصفة دبلوماسية. وختمت واشنطن بوست بلفتها إلى أجواء الحذر التي اُستُقبِل بها الربيع العربي في إسرائيل، حيث كانت ولا تزال هناك مخاوف من أن يَطلِق العنان لقوة تنقلب على الدولة اليهودية.