فلتعارض بريطانيا الدولة الفلسطينية... وهذه هي الأسباب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تدعو صحيفة "تايمز" البريطانية ذات النفوذ في افتتاحيتها حكومة ديفيد كاميرون للوقوف الى جانب الولايات المتحدة في استخدامها المحتم لحق النقض (الفيتو) في حال تبنت الأمم المتحدة مشروع إعلان الدولة الفلسطينية... وتورد الداعي لموقف كهذا.
لندن: أبدى رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، شجاعة تُذكر في ما يتعلق بالسياسة الخارجية وفقا لافتتاحية "تايمز" الثلاثاء. فقد قرر، بدون اي مكاسب انتخابية يمكن له ان يحققها في الوقت الحالي، التدخل العسكري في ليبيا لأن الوقوف جانبا كان يعني أن نشهد فيها كارثة إنسانية مؤكدة.
ولذا فإن كاميرون يستحق أن يُحفظ له هذا الفضل. ولكن، مع ذلك، فعليه الآن أن يتحلى بالشجاعة في مجال السياسة الخارجية أيضا ولكن في اتجاهين آخرين.. مع أن أيا منهما لن يرضي حلفاءه اللليبراليين الديمقراطيين على الأرجح.
الأول يتعلق بموقف هؤلاء الحلفاء الداعي للقرب من اوروبا والمنباين مع بقية التيار العام داخل حزب المحافظين وبقية الكتل السياسية والرأي العام القائل إن على بريطانيا استرداد نواح سيادية من بروكسل بدلا من تقديم المزيد لها.
على أن الأمر المُلح حقا يتعلق بالشرق الأوسط. فالحكومة البريطانية تؤيد قيام الدولة الفلسطينية من حيث المبدأ. ولكن، فإن على كاميرون أن يوضح بجلاء أن التفاوض حول حل الدولتين المطروح بشكله الحالي لن يأتي بنوع الثمار المرجوة في حال فُرض على أحد الطرفين كنتيجة مسبّقة. ولذا يتعين عل بريطانيا أن تقف في صف الولايات المتحدة في معارضتها لأي اعتراف من الامم المتحدة بالسلطة الفلسطينية باعتبارها حكومة دولة ذات سيادة.
هذا القرار لن يجد شعبية كبيرة حتى داخل وزرة الخارجية البريطانية وعناصر الحكومة الائتلافية، لكن على رئيس الوزراء أن يتجاوز هذه الاعتراضات. فوزارة الخارجية تراجعت عن موقفها حين كان يتعين عليها ان تكون واضحة. وصحيح أن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي معقد. لكن الصحيح ايضا هو أن المسألة يمكن ان تُحل فقط بالمفاوضات المباشرة وعلى بريطانيا أن تؤكد على هذا. أما في ما يتعلق بالليبراليين الديمقراطيين فالتاريخ يشهد بأن مصداقيتهم قليلة عندما يتعلق الأمر بذلك الصراع.
وثمة تشوّش يشوب المباحثات داخل الأمم المتحدة حول سعي السلطة الفلسطينية الى الاعتراف الرسمي بالدولة. لكن الأرجح لها ان تتخذ المسار التالي:
- أن تصوت الجمعية العامة على المشروع وتعتمده.
- أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لوقف تنفيذه.
وعلى الحكومة البريطانية - من أجل الانحياز للمعقولية على حساب التردد - أن تقف الى الجانب الأميركي، ليس من أجل التضامن مع إسرائيل وحسب وإنما لأن الاقتراع السابق لأوانه لصالح قيام الدولة الفلسطينية سيقف حجر عثرة آخر أمام تسوية سلمية عادلة وشاملة.
ويجب الإقرار بأن رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، ظل يعمل بدأب على إقامة البنية التحية للدولة الجديدة. وفي الجهة المقابلة فقد فعل نظيره الاسراذيلي بنيامين نتنياهو كل ما في وسعه من أجل عرقلة مفاوضات السلام واختار الاستفزاز بإصراره على المضي قدما في بناء مستوطنات الضفة الغربية. ومع ذلك فإن إدارة الرئيس باراك اوباما محقة في نوع التحرك الذي اختارته.
ولا شك في أن اوباما عانى سياسيا في الداخل بسبب تحديه نتنياهو ودعوته العلنية لإقامة الدولتين بالحدود التي كانت قائمة قبل حرب 1967. وهو يعترف بحقيقة بسيطة تتعلق بالدبلوماسية والجغرافيا، وهي أن لإسرائيل مخاوف مشروعة إزاء مسألة أمنها يجب التفاوض حولها بشكل مباشر بين الأطراف المعنية. وإذا فُرضت على إسرائيل تسوية تقوم على دولة فلسطينية بموجب أمر دولي فسيزعزع هذا الثقة ويؤدي الى تأجيل حلول السلام في المنطقة.
هذه هي الحجة التي يجب أن تطرحها الحكومة البريطانية في الأمم المتحدة قبل اتخاذها القرار الاسبوع الحالي. وفي الوقت نفسه فإن عليها أن توضح بجلاء عدم رضائها عن الدبلوماسية الإسرائيلية. فمن حق أصدقاء إسرائيل - بمن وما فيهم صحيفة "تايمز" - أن يشعروا بالنفور من الأسلوب الذي يعالج به نتيناهو الأمور.
على أن السبب في أن هذا الصراع عاجز حاليا عن بلوغ نهاية له لا يتعلق بأن هناك العديد من الحكومات الأجنبية التي تغمس يديها فيه. ولذا فإن السبيل الفضلى بالنسبة لبريطانيا هي أن تصر على المساعدة في خلق الظروف الملائمة لقيام الدولة الفلسطينية.
ويشمل هذا الأمر تقديم المساعدات الى السلطة الفلسطينية بحيث يستطيع اقتصادها النهوض على قدميه وأن يرفع على أكتافه الجتمع المدني المتقدم والمزدهر. لكنه يعني، قبل كل شيء، دعم السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وليس الانحياز الأعمى لطرف دون الآخر.