الجزائريون يتخوفون من احتكار قطاع التلفاز
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رغم مصادقة مجلس الوزراء الجزائري على مشروع قانون جديد للإعلام، فإن رجال المهنة يبدون تخوفا من نية السلطة في فتح المجال للحريات الإعلامية، ويعتقد البعض أن السلطة لن تمنح تراخيص إلا لإنشاء قنوات موضوعاتية، في حين يتخوف البعض من تكرار تجربة الإعلام المكتوب الذي أصبح في قبضة رجال المال وليس أصحاب المهنة.
الجزائر: صادق مجلس الوزراء الجزائري أخيرا على مجموعة مشاريع قوانين من بينها قانون الإعلام الجديد. ورغم تشديد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في وقت سابق على " أن فتح المجال لإنشاء قنوات تلفزيونية خاصة لن يكون في عهده"، وهي القناعة التي أكدها في خطابه الأخير للجزائريين، من خلال حديثه عن فتح وسائل الإعلام العمومية أمام المعارضة كنوع من الانفتاح الإعلامي، لكن مشروع قانون الإعلام الذي صادق عليه مجلس الوزراء جاء مخالفا للتوقعات، وقد وصفه البعض بـ " المهم و التاريخي " لأنه يضع حدا لاستئثار السلطة بقطاع السمعي والبصري، و يمنح الفرصة للقطاع الخاص في إنشاء قنوات تلفزيونية وإذاعات خاصة .
ويقترح مشروع القانون الجديد إنشاء هيئة وطنية لأخلاقيات المهنة الصحافية دورها السهر على مدى تطبيق والتزام الوسائط الإعلامية للقواعد الأخلاقية، وسيتم منح التراخيص من طرف السلطات العمومية على أساس اتفاقية تبرم بين الشركة الجزائرية التابعة للقطاع الخاص ، والسلطة الضابطة للمجال السمعي البصري ، على أن يتم تعيين أعضاء الهيئة الوطنية لأخلاقيات المهنة من طرف رئيس الجمهورية ، وغرفتي البرلمان و عدد منهم يتم اقتراحهم من طرف الصحافيين.
ورغم مصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون، والذي سيتم إحالته على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه ، إلا أن رجال المهنة في الجزائر يبدون تخوفا من نية السلطة في فتح المجال للحريات الإعلامية، ويعتقد البعض أن السلطة لن تمنح تراخيص إلا لإنشاء قنوات موضوعاتية، في حين يتخوف البعض من تكرار تجربة الإعلام المكتوب، والذي أصبح في قبضة رجال المال وليس أصحاب المهنة.
في هذا الإطار يعتقد عبد العزيز غرمول المدير العام الأسبق لجريدة "الخبر الأسبوعي" المتوقفة عن الصدور ، في حديثه مع " إيلاف " أن " القرار في حد ذاته ايجابي ، لكن طريقة تطبيقه هي الجهة السلبية في الموضوع" ، لأن هذه الحكومة ــ حسب غرمول ــ " لم تعودنا لا على ديمقراطية و لا نزاهة و لا على اتخاذ قرارات جادة ، تدري ماذا سيحدث في مثل هذا النوع من القرارات ، ــ يتساءل غرمول ــ سيسمحون ربما بفتح قنوات موضوعاتية إذا صح التعبير ، سيسمحون بتبذير مال عام آخر لفتح قنوات داخل القناة الموجودة ، أما الانفتاح الحقيقي من خلال السماح لقوى سياسية أخرى أو قوى مالية لإنشاء قنوات تلفزيونية سياسية اجتماعية ثقافية بالمفهوم الحديث للقناة التلفزيونية ، فأعتقد أن هذا بعيد المنال مع هذه الحكومة".
ويشدد غرمول على أن " إنشاء قنوات فضائية خاصة بأتم معنى الكلمة لن يكون في ظل النظام الحالي"، و يضيف غرمول " أنا لا آخذ الأمر بجدية، لأنه عندما نتأمل ما حدث منذ مجيء بوتفليقة على رأس هذا البلد ، ومع المطالب المتكررة لفتح مجال السمعي البصري، إلا انه صرح أن ذلك لن يكون في عهده و قد طال هذا العهد، و بالتالي الآن الحكومة مطالبة بتلبية مطالب نخبوية لذر الرماد في العيون ليس إلا ، أما قنوات تلفزيونية حقيقية فعلينا أن ننتظرها بعد زوال هذا النظام".
ويؤكد غرمول أن " تجربة الإعلام المكتوب سوف تتكرر في المجال المرئي و المسموع " لأن رجال المهنة لا " يستطيعون ــ برأيه ــ برواتبهم الهزيلة أن ينشئوا قنوات تلفزيونية و سينشئها رجال المال و يتحكمون فيها وسيتم البيع و الشراء فيها على مستوى آخر غير المستوى المهني " ، و يضيف "الآن في الجزائر نحن من أكثر البلدان تبذيرا لورق الجرائد ، لدينا أكثر من ثمانين يومية ، اقل من 5 في المائة منها مملوكة للصحافيين بالمهنة ، أما الباقي كلها فهي لرجال المال و الأعمال، و هم يتاجرون بها مهنيا وماليا وأخلاقيا".
من جانبه يرى رئيس تحرير يومية المساء الحكومية عبد الرحمان شويعل في تصريح لـ " إيلاف " أنه "لا يمكن الحكم على هذه التجربة قبل انطلاقها " لأنها " تجربة حديثة وحينما تنطلق سيتم الحديث عنها في وقتها".
لكنه أبدى تخوفه في الوقت نفسه من قبضة أصحاب المال على وسائل الإعلام " هؤلاء سيسرون هذه القنوات و الإذاعات وفقا لأهوائهم و مصالحهم التجارية ، دون اعتبار المشاهد و التكفل بهمومه وانشغالاته".
وإنتقد شويعل قانون الإعلام الذي قال بشأنه إنه " قانون تثيره الأهواء لأنه يتضمن نقائص كثيرة و عليه مآخذ كبيرة " .
وحول تخوفه من منافسة القطاع الخاص للقطاع العام يقول " نحن لا نخشى المنافسة من طرف القطاع الخاص، بدليل أننا على الرغم من الموارد الضعيفة الخاصة بالقطاع العام ، إلا أننا تمكنا من الاستمرار ومواجهة القطاع الخاص، بدليل أننا في نهاية كل موسم لدينا أرباح و لدينا عدد معين من المبيعات".
أما حادة حزام مديرة و مسيرة جريدة الفجر فقد عبرت من خلال حديثها لـ " إيلاف " عن سعادتها بمصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون وقالت بالمناسبة " هذا أمر مفرح وهو أمر ايجابي، لأنه مطلب للأسرة الإعلامية، و مطلب للمجتمع خاصة خلال السنوات الأخيرة ، حيث وقفنا على أهمية وضرورة فتح مجال السمعي والبصري وقنوات فضائية ، لمواجهة الحملات الإعلامية المتكررة ضد الجزائر ، من خلال معالجة القضايا الخاصة في البلاد وفق نظرة لا تخدم المصالح الجزائرية بصفة عامة".
وحسب حزام فان هذا الأمر برز بشكل واضح خلال الأزمة الكروية الشهيرة بين الجزائر حيث " تعرضت الجزائر لحملة إعلامية منظمة من طرف الإعلام المصري"، و بعيدا عن دور وأهمية وسائل الإعلام الجزائرية في مواجهة الإعلام الأجنبي فان " الجزائر بحاجة إلى دور ايجابي لوسائل الإعلام بمختلف أشكالها على المستوى المحلي ، وهذا في إطار الإصلاحات التي تم الإعلان عنها ، كما أن لهذه الوسائل دورا مهما في مكافحة الإرهاب وبناء المجتمع الجزائري، ويأتي دور وسائل الإعلام المرئية كون نسبة كبيرة من الجزائريين لا يقرأون".
وتعقد حزام أن "إعلان مؤسسة الوطن عن إنشاء قناة فضائية ستكون تجربة ناجحة، لأن هذه المؤسسة ــ برأيها ــ احترافية، و ستعمل على تكوين صحافيين وتقنيين يرفعون التحدي، كما أنها تمتلك صحافيين ذوي كفاءة ، ولها شراكات مع مؤسسات إعلامية أجنبية من أميركا و فرنسا أيضا، و هناك الكثير من الإعلاميين الجزائريين متواجدون بفي لخارج ، هؤلاء حينما يجدون الظروف مناسبة للعمل أكيد فإنهم سيعودون إلى الجزائر".
وشددت حزام على ضرورة اللجوء إلى الرأسمال الوطني و تجنب الرأسمال الأجنبي الذي وصفته بـ " المشبوه " لتمويل هذه القنوات التلفزيونية ، كما أبدت تخوفها من " تكرار تجربة بعض الصحف الصفراء، هذه الصحف التي ترى بأنها تعمل على إفساد المجتمع وليس إصلاحه".
وإستبعدت حدة حزام أن " يكون هناك تحرير للجانب السياسي في القنوات التي ستمنح لها تراخيص"، و تستبعد ظهور قنوات بمستوى بعض القنوات الموجودة في دول الخليج ، لأن " السلطة ليست لها النية في فتح المجال السياسي في هذا المستوى من الحرية"، لكن أن" نبدأ بقنوات موضوعاتية على غرار تجربة تونس مثلا ثم تتطور هذه التجربة مرحليا ، و يتم تحرير القطاع مرحليا حينما تتوفر المعطيات مستقبلا " تضيف قائلة .
هذا وأعلنت عدة مؤسسات إعلامية ورجال أعمال في الجزائر عن استعدادهم لإنشاء قنوات فضائية على غرار مجموعتي الخبر والوطن، ومجموعة ربراب التابعة لرجل الاعمال يسعد ربراب، و كذلك رجل الأعمال مهري وحداد و غيرهم.