غموض يكتنف مستقبل تكوين الأحزاب في ليبيا بعد القذافي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تثير الخلافات بين قادة ليبيا الجدد مخاوف الكثيرين من دخول البلاد في نفق التوازنات السياسة الهشة التي تقلل فرص الوصول إلى الإستقرار المنشود بعد إسقاط حكم العقيد معمر القذافي.
رغم انشغال جدول أعمال مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، هذه الأيام، بعد لقائه قادة تركيا وفرنسا وبريطانيا في طرابلس الأسبوع الماضي، ومن ثم لقائه بالرئيس الأميركي، باراك أوباما، أول أمس في نيويورك، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن مسألة مضي ليبيا قدماً نحو الديمقراطية كانت حاضرة بقوة، دون أدنى شك، على أجند المحادثات بين عبد الجليل وأوباما، في الوقت الذي لم تُذكر فيه كثير من التفاصيل بشأن اللقاء الذي جمع بينهما.
ونقلت في هذا الشأن مجلة فورين بوليسي الأميركية عن الرئيس أوباما، قوله: "جميعنا يعلم ما هو المطلوب، بدءً من مرحلة انتقالية تكون محددة زمنياً، وقوانين جديدة ودستور يدعم سيادة القانون، وأحزاب سياسية، ومجتمع مدني قومي، وانتهاءً بانتخابات حرة ونزيهة، تقام لأول مرة في تاريخ ليبيا". وسبق لعبد الجليل أن أشار خلال شهر آذار/ مارس الماضي أنه لن يُسمَح لأي من أعضاء المجلس الوطني الانتقالي بالمشاركة في أي انتخابات مستقبلية، ما يعني أن قيادة البلاد الحالية لن تلعب أي دور رسمي من الناحية النظرية بمجرد تولي حكومة منتخبة زمام الأمور.
وهو ما يمهد لفتح الساحة السياسية أمام مشاركة شعبية. وأوضحت المجلة أن بعض الليبيين يتذكرون إحدى الانتخابات متعددة الأحزاب التي أجريت عام 1952، وهي الانتخابات التي أثارت حالة من الاضطرابات، أدت إلى انحلال القوة المعارضة الرئيسية في طرابلس، وما تلاه من حظر جميع الأحزاب السياسية. وقد أسفرت تلك الحملة القمعية عن تلاشي الآمال المتعلقة بتأصل الديمقراطية الفاعلة، وترك التأثيرات المالية والإقليمية والقبلية تحظى بأكبر سلطة في تشكيل الطريقة التي تدار بها ليبيا.
علماً أن المرحلة الانتقالية في البلاد تشهد حالة من التعقيد نتيجة الظلال الطويلة للنظام المشوش والمتناقض الخاص بالجماهيرية في عهد القذافي، الذي يدعي أنه حكم مباشر مستمد من الجماهير، لكنه ينطوي في حقيقة الأمر على ولاءات قبلية وإقليمية من خلال القوة والمال ومنع تأسيس قواعد سلطة دينية أو سياسية موازية.
كما سبق لنظام القذافي أن سحق الحركات الإسلامية المحلية، مثل الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية، وسبق له من قبل أيضاً أن قام باغتيال بعض من أبرز قادة المعارضة المنفيين في أوروبا وغيرها من الأماكن التي تبعد عن ذلك. وعلى مدار سنوات، لم تكن تتم التحولات الأيديولوجية الناقصة وغير المتوقعة للقذافي استجابةً لضغوط شعبية أو لمعارضة سياسية منظمة، وإنما لضمان بقاء نظامه مع مرور الوقت.
وعلى الصعيد الاقتصادي، مَهَّد عزم القذافي الاشتراكي خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي نحو مرحلة من التحرر في مطلع العقد الأول من القرن الحالي، كانت ذات مغزى بما فيه الكفاية لإحداث اشتباك داخلي بين الإصلاحيين الاقتصاديين، بقيادة نجله سيف الإسلام، والحرس القديم بقيادة رئيس الوزراء البغدادي علي المحمودي.
وباختصار، كما أوضحت المجلة الأميركية، رحل القذافي دون أن يترك ورائه أي إرث أيديولوجي ذا مغزى. لكنها أشارت إلى أن الحركات الشبابية التي لعبت دوراً محورياً في تنظيم التظاهرات الأخيرة من المحتمل أن تقوم بتشكيل أحزاب، رغم أنها قد تفتقر إلى الغراء الأيديولوجي الذي يعني بتوحيد صفوفهم في حقبة ما بعد القذافي.
ولفتت المجلة كذلك إلى أن الأحزاب السياسية وقواعدها الداعمة قد تُشَكَّل في الغالب تبعاً للمناطق. كما تثير الطائفية الإقليمية حالة من القلق، لأن الانتفاضة التي شهدتها البلاد هذا العام قد حدثت على مراحل. وقد يتم تشكيل حزب يكون ممثلاً عن مدن مثل سرت أو سبها أو بني وليد، حيث يوجد هناك قدراً من المعارضة الشعبية الحقيقية للمجلس الوطني الانتقالي. أما الأشخاص الذين مازالوا يرغبون في القتال دفاعاً عن القذافي، فسيتم إلحاق الهزيمة بهم عسكرياً عاجلاً أو آجلاً، لكن الخطاب الذي مازال يروج له القذافي قد يتم ترديد صداه بين الذين يكرهون إخضاعهم لإشراف سلطة انتقالية، تدين بوجودها إلى تدخل عسكري تقوده مجموعة من الدول الغربية.